معتقلات سابقات يروين ما تعرضن له وشاهدنه في سجون صنعاء: معلمة تاريخ قالت إن ثلاثة “ضباط” ملثمين تناوبوا على اغتصابها في سجن حوثي سري عندما تم إطلاق سراح معلمة التاريخ، تُركت بأحد الشوارع، ورفضت عائلتها رؤيتها خوفاً من العار سُجِنت في مدرسة مهجورة في شارع تعز، وكان هناك حوالي 120 امرأة محتجزة في نفس هذه المدرسة الحوثي سلطان زابن، أخرج بعض “الفتيات الجميلات” من المدرسة لاغتصابهن في بعض الليالي الحوثيون يهدفون إلى إذلال المعتقلات باغتصابهن واتهامهن بممارسة الدعارة تم استخدام فيلتين على الأقل في شارع تعز لاحتجاز نساء، إضافة إلى شقق سكنية ومستشفيين وخمس مدارس معتقلة سابقة وثّقت 33 حالة اغتصاب، وحالات عجز حدثت للنساء بسبب التعذيب في سجون الحوثي ما زالت هناك فتيات في سجون الحوثي. عندما أحاول النوم، أسمع أصواتهن. سمعتهن يتوسلن: “سميرة، أخرجينا” تشير التقديرات إلى أن مليشيا الحوثي تحتجز ما بين 200 و350 سيدة في منطقة صنعاء وحدها في البداية جاؤوا للقياديات في المعارضة، ثم للمتظاهرات، والآن لأي امرأة تتحدث ضدهم الحوثيون يطلقون سراح المعتقلات بعد تعهدهن بوقف أنشطتهن، وبعد تسجيل اعترافات قسرية لهن بممارسة البغاء والتجسس كان اعتقال النساء، أو الإساءة إليهن، أمراً تحظره التقاليد القبلية اليمنية وتعتبره محرماً، لكن الحوثي انتهك تلك التقاليد “اسوشيتد برس”- ترجمة: عبدالله قائد- ترجمة خاصة ب “الشارع”: القاهرة – كانت زميلات سميرة الحوري تختفي واحدة تلو الأخرى، وما أن تأتي لتسأل عنهن لدى عائلاتهن، ترد عليها كل أسرة بنفس الرد المُشفر: “مسافرة!”، حتى ظهرت بعض النساء من جديد، غير أنه بدا عليهن الانكسار ورفضن الإفصاح عن المكان الذي كنّ فيه منذ أشهر. وسرعان ما اكتشفت الحوري الأمر! اختطفها 12 ضابطاً من المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على شمال اليمن من منزلها
سميرة الحوري في العاصمة صنعاء فجراً. أخذوها إلى قبو مدرسة اتخذوا منها سجناً، زنازينها القذرة مليئة بالمُعتقلات الإناث، ضربها المحققون ضرباً وحشياً، صعقوها بالكهرباء. وكتعذيب نفسي لها، حددوا موعداً لإعدامها ليتراجعوا عنه في اللحظة الأخيرة. أصبحت النساء اللواتي يُقدمن على المعارضة، أو اللواتي يلتحقن بالمجال العام، أهدافاً لحملة قمع متصاعدة يشنها الحوثيون ضدهن. وصف نشطاء ومعتقلون سابقون لوكالة “اسوشيتد برس” شبكة من مراكز الاحتجاز السرية، حيث تعرضوا فيها للتعذيب والاغتصاب في بعض الأحيان. بينها شارع تعز، وهو شارع رئيسي في صنعاء، أشار إليه العديد منهم، حيث جرى إخفاؤهم داخل فلل خاصة، فضلاً عن المدرسة التي اُعتقلت فيها الحوري بنفس الشارع. الحوري، البالغة من العمر 33 عاماً، والتي قضت ثلاثة أشهر في المعتقل، حتى اعترفت أمام الكاميرا بتهم مُلفقة بالدعارة، وهي إهانة خطيرة في اليمن، البلد المُحافظ، تحدثت قائلة: “تعرضت الكثيرات لما هو أسوأ مني”! كانت التقاليد والحماية القبلية العريقة في السابق تقي النساء من الاحتجاز والإيذاء، غير أن هذا النوع من التجريم تلاشى تحت وطأة الحرب. وفي حين يلقى الرجال حتفهم في المعارك، أو ينتهي مصيرهم في السجون في أتون صراع يزحف حالياً في عامه السادس، حملت المرأة اليمنية على عاتقها أدواراً سياسية أكثر. ففي كثير من الحالات، تقوم النساء بتنظيم احتجاجات، أو قيادة حركات اجتماعية/ سياسية، أو العمل في المنظمات الدولية، أو مناصرة مبادرات السلام، وجميعها أعمال ينظر إليها الحوثيون بشكل متزايد باعتبارها خطراً عليهم. قالت رشا جرهوم، وهي مؤسسة لمبادرة مسار السلام، وتمارس ضغوطاً من أجل إشراك المرأة في محادثات السلام بين الحوثيين والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً: “هذا هو أحلك عهد للمرأة اليمنية”! “لقد كان من العيب أن تقوم حتى شرطة المرور بإيقاف امرأة!”. “لقد هبطت من على وجه الأرض!” وجدت وكالة “اسوشيتد برس” أن الاعتقالات الممنهجة، والسجون المليئة بالتعذيب، كانت بمثابة مساع أساسية من مساعي الحرب التي يقوم بها الجانبان، وهما الحوثيون المدعومون من إيران، والتحالف الذي تقوده السعودية في محاولة للإطاحة بهم. ومع ذلك، يقول مراقبون إن حملة الترهيب ضد النساء تنفرد بها المناطق التي يسيطر عليها المتمردون. ووفقاً لجماعات حقوقية متعددة، تتراوح أعداد النساء المحتجزات حالياً بين 200 و350 امرأة في محافظة صنعاء وحدها. وتقول المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر إن هذا الرقم من المرجح أن يكون أقل من العدد الفعلي. وبالنسبة للمحافظات الأخرى فإن التحديد أصعب. تقدر نورا الجروي، رئيسة تحالف النساء من أجل السلام في اليمن، إن أكثر من 100 امرأة محتجزات في محافظة ذمار، جنوب العاصمة، وهي نقطة عبور رئيسية من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة إلى الأراضي التي يديرها الحوثيون. الجروي، التي تدير مجموعة دعم غير رسمية في القاهرة للنساء المفرج عنهن من المعتقلات الحوثية، قامت بتوثيق 33 حالة اغتصاب، و8 حالات لنساء أصابهن وهن التعذيب. التقت وكالة “اسوشيتد برس” بست محتجزات سابقات تمكنَّ من الفرار إلى القاهرة قبل أن توقف جائحة كوفيد-19 الرحلات الجوية وتنجم عن اغلاق الحدود، حيث تؤيد رواياتهن تقريراً صدر مؤخراً عن لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة، والذي قال إن الانتهاكات الجنسية قد ترقى إلى جرائم حرب. تعرضت امرأة، وهي معلمة تاريخ سابقة، واشترطت عدم الكشف عن هويتها حماية لعائلتها في اليمن، للقمع خلال الاحتجاجات التي وقعت في ديسمبر 2017. جرى اقتيادها إلى فيلا في مكان ما من ضواحي صنعاء، على الرغم من أنها لم تكن تعرف أين موقع المكان، وكل ما كانت تسمعه أثناء الليل هو نباح الكلاب، حتى أذان الصلاة لم يكن يصل إلى مسامعها! قالت: “كنت بعيدة جداً، كما لو أنني قد هبطت من على وجه الأرض”. وبيَنت بالقول إن نحو 40 امرأة كنّ أسيرات في الفيلا. قام المحققون بتعذيبها، ومزّقوا أظافر قدميها في إحدى المرات. في أكثر من مرة، طلب منها ثلاثة ضباط ملثمين أن تصلي، قائلين لها إنهم سيطهرونها من الخطيئة. لقد تناوبوا على اغتصابها، وكانت حارسات المعتقل قد أمسكن بها. نفى وزير حقوق الإنسان لدى الحوثيين الاتهامات الموجهة لهم بالتعذيب، ووجود سجون سرية للنساء. وقالت رضية عبد الله، وهي واحدة من الوزيرتين (في حكومة) الحوثيين، في مقابلة أجريت معها: “إن وُجد هذا، فإننا سنعالج هذه المشكلة”. واعترفت بأن العديد من النساء قد ألقي القبض عليهن في عملية تمشيط لمكافحة البغاء، شملت مؤخراً مقاهي وشقق وتجمعات نسائية، وقد اُتهمن ب “بإفساد المجتمع وخدمة (العدو)”، في إشارة إلى التحالف الذي تقوده السعودية. تم تشكيل لجنة برلمانية، في الخريف الماضي، للتحقيق في تقارير الاحتجاز غير القانوني التي تم اكتشافها، وأفرجت عن عشرات المحتجزين الذكور في الأسابيع الأولى من عملها. وأفادت أنها تعتزم متابعة قضايا المرأة أيضاً، لكن مذكرة داخلية حصلت عليها وكالة “اسوشيتد برس” في 16 فبراير، تشكو من أن وزارة الداخلية ضغطت على اللجنة لإنهاء تحقيقاتها. حملة قمع واسعة ووقعت أول عملية تجميع كبيرة للنساء في أواخر عام 2017، بعد أن قتل الحوثيون حليفهم في الحرب، الرئيس السابق علي عبد الله صالح، حيث احتجز المتمردون عشرات النساء اللواتي احتشدن في الساحات العامة، وهتفن من أجل إعادة جثمان صالح. وقد اتسع النطاق منذ ذلك الحين، بحسب ما قالته الجروي: “في البداية جاؤوا للقياديات في المعارضة، ثم للمتظاهرات، والآن لأي امرأة تتحدث ضدهم.” وأخبرت امرأة وكالة “اسوشيتد برس” إنها سُحبت من سيارتها الأجرة في مكان للاحتجاج، وتعرضت للضرب والاعتقال. كما جرى حبس واحد من مناصري السلام، يعمل لدى منظمة إنسانية مقرها لندن، في مركز شرطة صنعاء لأسابيع. تذكرت مُعلمة كمبيوتر، تبلغ من العمر 48 عاماً، كيف اقتحم 18 مسلحاً منزلها وضربوا كل من كان بداخله، وداسوا على وجهها، وصرخوا بالشتائم الجنسية عليها. لم يكن لها أي صلة بالسياسة، سوى أنها نشرت مقطع فيديو على فيسبوك تشكو فيه من أن رواتب الحكومة لم تُدفع منذ أشهر. هربت هي وأطفالها إلى مصر بعد فترة وجيزة. قالت الحوري إنها عندما رفضت طلب مسؤول حوثي بالحديث عن نشطاء آخرين، تم اختطافها في يوليو 2019، على يد 12 ضابطاً ملثما ببنادق كلاشنيكوف، “كما لو أنني كنت أسامة بن لادن!” سُجنت في دار الهلال، وهي مدرسة مهجورة في شارع تعز. أما زميلتها المُعتقلة، برديس السياغي، الشاعرة البارزة التي وزعت أبيات شعرية عن القمع الحوثي، فأحصت حوالي 120 امرأة محتجزة هناك، بينهن “معلمات في المدارس، وناشطات في حقوق الإنسان، ومراهقات”. قالت إن ضباطاً ضربوا برأسها على طاولة بقوة، لدرجة أنها احتاجت لعملية جراحية لعينها، لترى بشكل سليم عند إطلاق سراحها بعد أشهر. وقالت الحوري والسياغي إن مدير قسم المباحث الجنائية في صنعاء سلطان زابن أجرى استجوابات في المدرسة. وقالتا إنه، في بعض الليالي، قام زابن بانتزاع “الفتيات الصغيرات الجميلات” من المدرسة لاغتصابهن. عرَفت لجنة خبراء الأممالمتحدة زابن بأنه يدير موقع احتجاز لم يكشف عنه، حيث تعرضت النساء للاغتصاب والتعذيب. ووفقاً للجروي ومعتقلات سابقات، استخدمت اثنتين من الفلل على الأقل في شارع تعز لاحتجاز النساء، إلى جانب مواقع أخرى حول العاصمة، بما في ذلك شقق صودرت من سياسيين منفيين، ومستشفيين، وخمس مدارس. “اخرجونا!” عندما تم إطلاق سراح معلمة التاريخ في مارس 2018، أًلقى بجسدها المنهك على قارعة الطريق تحت جسر عبور، رفضت عائلتها رؤيتها بسبب العار. حيث قالت، لأنني كنت بنظرهم “قد خرجت للاحتجاج، لذلك كنت أستحق ما حدث لي!”. وتقول المحتجزات السابقات إن الحوثيين يهدفون إلى إذلالهن بالاغتصاب والادعاء بأنهن يمارسن الدعارة. قالت فاطمة أبو الأسرار، وهي باحثة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن، “إنه لامعان في الترهيب!”. في المجتمع الأبوي اليمني، غالباً ما يتم نبذ النساء اللواتي تعرضن للاعتداء الجنسي، بل وأحياناً يتم قتلهن على أيدي أقاربهن حفاظاً على “شرف” العائلة. ولا يطلق سراح النساء إلا بعد أن يتعهدن بالتوقف عن الاحتجاج أو النشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وبعد أن يجري تصويرهن في اعترافات لهنّ بممارسة الدعارة والتجسس. وقالت السياغي: “قالوا لي: إذا غادرت صنعاء، سنقتلك، وإذا نشرت معلومات، سنقتلك، وإذا تحدثت ضدنا، سنقتلك”. وفي القاهرة، تساعد النساء بعضهن البعض على التكيف والمضي قدماً. يجتمعن مع أطفالهن على وجبة عشاء مطبوخ في المنزل، ويتذكرن مدينتهن قبل الحرب، عندما كن يلقين الشعر ويدخنَ (الشيشة) في المقاهي الصاخبة، التي أغلق الحوثيون الكثير منها لمنع الرجال والنساء من الاختلاط. ولا تزال العديد منهن يتلقين تهديدات من قبل الحوثيين، كما لا تستطيع أي واحدة منهن أن تشاهد عائلتها في صنعاء مرة أخرى. تجاهد الحوري الأرق، وهي تعرف أن الحوثيين سيبثون اعترافاتها قريباً، غير أنها مقتنعة بأن سرد قصتها تستحق المخاطرة. قالت: “لا تزال هناك فتيات في السجن”، حينما أحاول النوم أسمع أصواتهن، أسمعهن يتوسلن: “سميرة.. أخرجونا!” —————————- *نُشِرَ هذا التقرير، يوم (29 أبريل 2020)، في صحيفة “ديلي ميل” البريطانية نقلاً عن وكالة “اسوشيتد برس”، تحت عنوان: “المتمردون الحوثيون استهدفوا النساء اللواتي عارضنهم بالإيذاء البدني”.