سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحوثيون .. من أين جاءوا وكيف كانت بدايات النشأة والتكوين ؟ وكيف دخل صالح على الخط ب"400" ألف ريال ؟ ومن الذي استدرج التدخل السعودي المدمر وغطاء طهران ؟
الحوثيون إلى أين ؟ ومن أين جاءوا وكيف كانت بدايات النشأة والتكوين ؟ وما علاقة انبثاق وانطلاق الحركة الحوثية بجماعة الشباب المؤمن التي مثلت مرجعية فكرية وحركة ثقافية تجديدية في الفكر الزيدي؟ كيف دخلت إيران على خط الاتصال مع الحوثيين ثم انتقلت لتلعب دور الداعم والغطاء الإقليمي؟ وكيف انجرت السعودية إلى حلبة المواجهة وتورطت في معركة خاسرة ومهينة للجيش السعودي ؟
ما هي المئآلات المرتقبة والمتوقعة بالنسبة للحوثيين ؟ وماذا عن تحالفاتهم وتمددهم في صنعاء وغيرها من المحافظات ودورهم الراهن ؟
أربعون كتابا و مائة بحث و رسالة
أثيرت الأسئلة الآنفة في إطار وعلى هامش الفعالية المشتركة و " الدردشة" التي نظمها منتدى الجاوي الثقافي بصنعاء بالتنسيق مع صحيفة الأمناء وكان ضيف الفعالية والمتحدث فيها هو الأستاذ : محمد يحي عزان المؤسس الأبرز لحركة الشباب المؤمن علاوة على أنه المفكر والمرجع والمؤلف لأهم الاصدارات الخاصة بالتجديد الفكري والسياسي للزيدية .
ألف محمد يحي عزان 40 كتابا مطبوعا وما يزيد عن 100 بحث ورسالة مطبوعة أو منسوخة على هيئة ملازم ، وقد ترجمت بعض مؤلفاته الى الانجليزية والفرنسية منذ بدأ مشوار التأليف عام 1990م وكانت با كورة انتاجه مجموعة رسائل وكتب زيد بن علي .
عزان من مواليد محافظة صعدة مديرية رازح عام 1967م وتعلم القراءة والكتابة في الكتاتيب –المعلامة– حيث حفظ القران الكريم وتعلم الكتابة على اللوح .
عام 1974م التحق بالمدرسة التي كانت عبارة عن صندقة من زنك وحينها كانت المدرسة تعاني من شحة الكتب والمدرسين .
بعدها التحق بالمدارس الدينية ابتداء من رازح ، وفي تلك المدارس تعلم المذهب الزيدي بأصوله التقليدية علاوة على النحو والصرف والمواعظ التهذيبية والسلوكية .
هاجس الهجرة :
يقول عزان أنه في مرحلة متقدمة من الدراسة شعر وبعض زملائه أن ما لدى مشائخ الزيدية الذي تتلمذ علي ايديهم قد استنفذ ، وبدأ وبعض رفاقه ، خاصة الشهيد عبدالكريم جدبان يفكرون بالهجرة للاستفادة والاستزادة من العلم في مضمار انشغاله .
ويستدرك أنه قبل التفكير بالهجرة كانوا قد بحثوا عن بعض علماء الزيدية ودخلوا معهم في سجالات وحوارات ، وفي وقت مبكر نشبت بينهم وبين بعض العلماء بوادر الصراع الفكري والمذهبي المبكر ، مشيرا إلي أن ستة من علماء الزيدية كانوا في حينها من المقموعين في صعدة ذاتها .
ولاحظ أن مدار النشاط لجماعات الزيدية وخاصة الشباب كان ينحصر في الحلقات الضيقة ، مشيرا إلى أنه في حين كانت تدور في تلك الحلقات مناقشات ساخنة فإن الاحتدام أو الإختلاف والسجال في الحلقات الزيدية سرعان ما انتقل الى ساحات المساجد حيث نشب الصراع مع السلفيين .
السلفيون جرًّونا الي الصراع :
كانت المواجهات مع السلفيين في المساجد من الأسباب الدافعة والقوية للشباب المؤمن لكي يتعلموا المزيد ، ويكتسبوا المزيد من أسباب القوة والقدرة على مجابهة تلك الجماعات التي استثارت الهوية الزيدية في قلبها .
وفي حين قال الأستاذ محمد يحي عزان أن الإعلان عن قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م أفسح المجال لظهور الزيدية إلى العلن بعد حصار طويل وملاحقات ، فقد أوضح أن المواجهات مع السلفيين وجماعاتهم التى زرعت في خاصرة صعدة كانت سببا دافعا أيضا لتطوير جماعة الشباب المؤمن فكريا وسياسيا .
وقال عزان : أن السلفيين هم الذين دفعونا لخوض الصراع معهم ، مشيرا إلى أنه قبل الاحتكاك بهم لم يكن الشباب المؤمن يعرفون الكثير عن الشافعية والزيدية ولا يعرفون عن الزيدية أكتر من أنهم أتباع الإمام زيد بن علي ، وأن الانتماء للإمام زيد بن علي يعني فيما يعني شرعية التمسك بمبدأ الخروج على الحاكم علاوة على أن المذهب الزيدي منفتح على غيره من المذاهب الأخرى .
وأشار إلى أن السلفيين كانوا سببا في جر الشباب المؤمن إلى الصراع لأنهم كانوا يركزون بل ويحرضون على إثارة بعض القضايا الاشكالية وتقصدوا تشكيك الناس في معتقداتهم وشعائرهم المستقرة ، واعتبروا الكثير من تلك المعتقدات بدعة وقالوا بأن الزيدية ليست علي شيء ، وأن المذهب الزيدي مبني على هيام وليس له أصل شرعي ، ولذلك نشب الصراع مع السلفيين ، لكن الشباب المؤمن استنفذ مرحلة التعصب في مرحلة متقدمة .
واستدرك عزان أنه قبل الوحدة كان هنالك قمع شديد جدا لكل الشباب الذين يحاولون إحياء حركة زيدية شبابية متجددة .
وأضاف عزان أنه بعد الثورة الإيرانية عام 1779 كان الانفتاح عبر منابر واذاعات الجمهورية الاسلامية الإيرانية ومعه بدأ الزيود يشعرون بالحاجة إلى حليف مع أن الولاء لأهل البيت كان معتدلا جدا عند الزيدية ، منوها إلى أن الزيدية عموما يتعاملون مع الائمة جميعا بأن نصوصهم ليست مقدسة أو معصومة ومن الجائز الإختلاف معهم وعلى العكس من ذلك حال الجعفرية الاثني عشرية .
وأوضح أن أئمة الزيدية لا يعتبرون الشخص المختلف معهم كافرا وهو في نظرهم ليس ملزما باتباع ما يقول الإمام زيد مشيرا إلى أنه كان تطرق إلى هذا الأمر عام 1990م في كتاب بعنوان " المقال في الضم والارسال ".
وقبل استعراضه لتجربة فتحهم للمدارس تحدث عزان عن بدايات الانفتاح على إيران مشيرا إلى أن الزيارة الأولى التى قام بها إلى إيران كانت مع زميله في تأسيس الشباب المؤمن الدكتور : عبدالكريم جدبان الذي كان عضوا فاعلا في مؤتمر الحوار الوطني الشامل عن مكون " أنصار الله " واستشهد في عملية اغتيال غادرة قبل أن يختتم مؤتمر الحوار أعماله ، وكانت تلك الزيارة في عام 1988م.
وأوضح أن الزيارة كانت سرية ، وخلالها تمكن وصديقه جدبان من مقابلة الكبار من العلماء في إيران بما فيهم رئيس الجمهورية حينها علي خامنئي– المرشد الحالي - والإمام الخميني ، كما شاركا في احتفالات الثورة الإسلامية ، مؤكدا أن الرحلة كانت سرية للغاية ، ولم تعرف عنها السلطات في صنعاء .
الشباب المؤمن والحق :
يستطرد الأستاذ محمد عزان قائلا أنه بعد الوحدة توجه مع زملائه إلى التشكيل والإشهار عن مؤسستين هما الشباب المؤمن كاتجاه فكري تجديدي للفكر الزيدي وحزب الحق كجناح سياسي .
وأشار إلى أن الفكرة في البداية كانت تتمحور حول إعلان مسمى " الشباب الزيدي " غير أن محافظ صعدة يومها يحيى الشامي أشار عليهم بأن ذلك قد يثير تحفظات الآخرين بل واعترض على المسمى من أساسه مما دفعهم إلى تغيير الاسم وإعلانهم عن " الشباب المؤمن ".
نقطة الانطلاق نحو الحوثية :
أشار عزان إلى أنه في العام 1990م ، أجرى الإشهار عن الشباب المؤمن كحركة فكرية وكان قوام الهيئة التأسيسية يتشكل من ثمانية ، أربعة من صعدة وأربعة من صنعاء ، وبعد ذلك جرى التوسع من قبل الشباب ومن قبل حزب الحق الذى كان له حضور مشهود حتى أنه خاض المنافسة في انتخابات عام 1993م بترشيحه لشخصين هما الشهيد الراحل والمؤسس للحركة الحوثية حسين بدر الدين الحوثي وعبدالله عيضة الرزامي .
وفيما خص دوره تحدث عزان بأنه كرس جل اهتمامه في تنمية وتطوير مؤسسة الشباب المؤمن كمؤسسة بحثية انشغلت في مبتدأ الأمر بقضيتين الأولى : تتعلق بالإمامة والثانية : متصلة بمحاولة الانفتاح على الآخر الفكري والسياسي إلى أقصى حد .
في الأثناء _ حسب عزان _ قام الشباب المؤمن بافتتاح المدارس وعملوا على تحديث أساليب التدريس والامتحانات وأدخلوا العديد من المواد والأساليب الجديدة : الرسم ، فنون الخطابة ، والمواد المتصلة بتحديث المذهب الزيدي ، وفي هذه المرحلة كانت المدارس تشهد الكثير من اللقاءات والحوارات ، وكان جل القائمين عليها وفي مقدمتهم عزان يحاولون إقناع الشباب بضرورة أن يألفوا من يخالفهم الرأي ، وقد تسببت هذه المسألة في إثارة مشكلة مع الجماعة الزيدية التقليدية .
وعن مشوار المدارس والتدريس يقول أن البداية كانت في مدرسة التحق بها 35 طالب في الدورة الأولى، وفي الدورة الثانية وصل عدد الطلاب الملتحقين بالمدرسة 400 طالب ، ثم توسعت العملية على نحو لا يصدق.
في البدء - حسب عزان – كان أقصى ما نحتاج اليه هو كيس فول أو كيس فاصوليا ، وعندما توسع العمل أًصبح الأهالي يلحقون أولادهم بالدراسة مع كل ما يحتاجون إليه .
دخول صالح على الخط :
يضيف عزان أنه بعد أربع سنوات نشب الصراع مع المدرسة الزيدية التقليدية ، وكان الاختلاف في البداية حول أسلوب تقديم المذهب ، حيث كان أصحاب المدرسة التقليدية يريدون التركيز على العلاقات الفاصلة بين الزيدية وبين الآخرين ، ومع ذلك نشب الاختلاف حول المسائل الاجتهادية وكان من شأن الاختلاف والصراع أن يقوي من عود الشباب ، وفي عام 1997م بلغ الصراع ذروته ووصل خبره إلى الرئيس السابق : على عبدالله صالح بقدر كبير من التهويل والتخويف والايحاء بأن لهؤلاء – أي الشباب المؤمن – علاقة بإيران .
وأوضح عزان أن ذلك حدث رغم أن الشباب كان يتعمدون دعوة الجهات الرسمية لزيارة المدارس والاطلاع عن كثب على ما يدور فيها بقصد تعريفهم عن أنفسهم والتأثير عليهم إن أمكن .
صالح يتدخل ب 400 ألف ريال شهريا :-
وأشار عزان إلى أن التهويل من شأن حجم الشباب المؤمن واتهامهم بالعلاقة مع الخارج لفت انتباه الرئيس السابق بقوة ، ومن غير المستبعد أنه استمزج الأمر واندفع لاستدعائهم لمقابلته – كان عزان حاضرا فيها – حيث شرحوا له فيها بأن مرجعيتهم وطنية وكان ذلك بحضور العديد من الشخصيات الرسمية منها الراحل يحيى المتوكل القيادي البارز في المؤتمر الشعبي العام ووزير الداخلية الأسبق .
وألمح إلى أن الخلاف بين مدرسة الشباب المؤمن والمدرسة التقليدية الزيدية كان يدور بالدرجة الأولى حول كيفية تقديم المذهب ، ولم يكن خلافا بالعقيدة .
واستطرد أنه في وقت لاحق أو بعد مضي عشر سنوات سافر مرة ثانية إلى إيران – 1998م تقريبا – مشيرا إلى أن الإيرانيين كانوا يومذاك لا يرغبون بالوقوف إلى جانبهم ، وخاصة المؤسسة السياسية الإيرانية التى كانت تتطلع إلى إقامة علاقات سياسية مع الجهات الرسمية وعلاقات شعبية واسعة ، ومنوها إلى أن مؤسسة " الشباب المؤمن " كانت تبادلهم نفس الحذر وتتفهم موقفهم .
وتطرق إلى أن العلاقات مع إيران كانت تنحصر في تنظيم الدورات التثقيفية والسياسية لأن هاجس الشباب كان يتركز في تنمية النشاط الفكري.
حسين الحوثي والإنعطافة الحركية :
في السياق تحدث الأستاذ عزان عن زميله وصديقه الشهيد حسين بدر الدين الحوثي الذي كان في أواخر تسعينيات القرن الماضي عاد من السودان بعد استكمال دراسته الجامعية وكانت خبرته مع الانتخابات البرلمانية عام 1997م غير ساره ، وتحدث أنه كان شفافا في تعبيره عن ممارسات السلطة لتزييف إرادة الناس والكذب عليهم وكيف أنه منذ العام 2000م انشغل بفكرة التأسيس لجماعة شبابية شديدة ( جهادية إلى حد ما ) في ضوء قناعته بأن الإنفتاح الواسع على الآخرين ليس كافيا لوحده ، كما تحفظ على المبالغة في الانفتاح وتغليب الرهان على الإجتهاد الفكري والإنصراف إلى مراجعة قضية الإمامة والمطرفية ، وغير ذلك من الإجتهادات .
يقول عزان أن هذه النقاط كانت سببا في الإفتراق بين المؤسسين المجتهدين ل " الشباب المؤمن " مشيرا إلى أنها لم تكن سببا في القطيعة بين الطرفين .
لاحظ عزان بأن الراحل حسين الحوثي بعد خروجه بخيبة أمل من انتخابات 1997م وتعبيره عن سخطه المعلن تجاه النهج التحايلي والإقصائي للسلطة في صنعاء توجه بحزم وحسم إلى تجسيد وتنفيذ فكرته في التأهيل الميداني لشباب شديدي البأس في مسألة الإعتقادوالإنتماء والإتباع لقائد كاريزمي .
اعتبارا من 2002م – حسب عزان – بدأ مشروع حسين الحوثي يتجسد ويتنفذ في الميدان ، وبدأ الافتراق مع مشروع " الشباب المؤمن " يأخذ مداه من غير أن يعلن أو تعلم به السلطات التى استمرت في المزج والخلط بين الطرفين في ملاحقتها وقمعها للجميع .
السلطة أشعلت الحرب ووحدت الجميع :
فيما كان النقاش يدور حول أهمية استمرار نهج ونشاط مؤسسة الشباب المؤمن بل وحول المطالبة بإلغاء مشروعه لحساب تغليب التوجه الحركي القوي الذي تبناه الراحل حسين الحوثي ، وحول نمط التدريس والدراسة كانت للسلطة في صنعاء قراءة أخرى واعتمدت أسلوبا آخر في التعامل مع الجميع وهو أسلوب التعاطي مع ما كل تلك الإعتمالات بالحرب دونما تفريق أو تميز .
ويقول عزان أنه في عام 2004م شنت السلطة حربها على الجميع ، وبعد أن كان عزان قد اعتقل أواخر القرن الماضي ومطلع 2000م اعتقل مرة ثانية , وبعد أن كان الإختلاف في إطار الشباب المؤمن وجماعة الحوثي يدور حول الإجتهادات والأساليب السلوكية والتربوية صاروا جميعا في مرمى سهام السلطة ، واعتقل عزان بعد 20 يوما من اندلاع الحرب الأولى وهو عائد من بيروت .
ويقول عزان أن السلطة لم تشأ ولم ترد التفريق بين الشباب المؤمن وحركة حسين الحوثي .
ويضيف أن الحدث بل مبتدأ الحرب كان في عزله خميس بنمران وهي عبارة عن قرية لا يزيد قوام سكانها عن 20 بيت ، ويومها لم يكن جميع سكان القرية من المؤيدين للأخ حسين بدر الدين الحوثي ، إلا أن السياسات والأساليب التى انتهجتها السلطة في صنعاء مع الشهيد الراحل حسين بدر الدين الحوثي منذ لحظة تسليمه لنفسه حقنا للدماء وهو جريح حرب واقترافها لجريمة قتله في سبتمبر 2004 وسياساتها وأساليبها الحربية والتنكيلية بأبناء خميس مران وغيرها من القرى في المناطق كانت سببا رئيسيا في إحراق صعدة سهلا وجبلا ، وفي استدراج التدخل السعودي المدمر ، واستدعاء الغطاء الإيراني الذي لم يكن في وارد التدخل والحضور أبداَ .
كل تلك السياسات والأساليب كانت من الأسباب الرئيسة الدافعة لوصول أناس كانوا يحلمون بتوفر شروط العيش الآمن والكريم في قراهم ومناطقهم ولم يدر بخلدهم كما لم يندرج في تخطيطاتهم أمر الوصول إلى مدينة صعدة ، ناهيكم عن عمرانوصنعاء وكبريات المحافظات اليمنية .