يتمتع بالصبر الطويل والذكاء الهائل ، ويعمل ويتخصص في عملية التفكيك السياسي ، ويقرأ الأمور والمتغيرات والأحداث من جميع النواحي النفسية والسياسية ، ويختار الأوقات والظروف المناسبة سياسياً وعسكرياً ، خرج عن صمته هذا المرة سريعاً ووضع النقاط على الحروف وأنهى حالة من الجدال في الشارع السياسي ، رافقه مقتل علي عبدالله صالح وما صاحب تلك العملية من أحداث ووقائع وجدل واسع في دخول أسرة " صالح " إلى عدن وما حدث من انقسام في الشارع الجنوبي بين مؤيد ومعارض وبين قبول ورفض . فقد حسم تصريح الهادي أمام سفراء الدول كثيراً من المعتقدات التي تراود الكثير من المحللين والمتابعين والعديد من السياسيين في الشأن السياسي اليمن . فقد كشف ذلك اللقاء الكثير من الضبابية التي كانت تخيم على السماء السياسية ومصير بقايا من الركام والأكوام العائلية العفاشية التي كانت تمني النفس بحقبة سلطوية جديدة وكرسي شرعي على ضفاف روائح إعفاء رئاسي أصدره هادي في توقيت زمني اختاره وأحسن التحرك فيه من خلال طيّ صفحة وحقبة زمانية عصفت بالوطن شماله وجنوبه وكانت بمثابة حقبة سوداء عانت منها الجنوب قبل الشمال . كشف هادي أمام كبار الدول المحظور باللغات وفتح الشفرات وحل الطلاسم وتفكيك التعقيدات كعادته . نهاية لكل التكهنات وكل الترويج وكل الاحتمالات أرداها هادي صفحة طيّ فصولها ومحتواها وربيع سنينها وبقايا ركام وأكوام نسلها وحرثها .
لم يعد هناك مكان لبقايا صالح وعائلة وأكوام وركام بقية في حكومة هادي وشرعيته. كشف هادي المحظور وتجاوز الخطوط الدولية والأطماع المؤتمرية للعائلة التي تنمي النفس بمقعد وكرسي وسلطة وحكم ونظام من أروقة وفنادق الرياض المهبط الشرعي للحكومة الشرعية . رسم لها نهايات الإنسانية والأعراف التربوية والقيم الدينية والأخلاق الإسلامية والثوابت الوطنية إلى هنا وتطوى صفحة صالح وتكون من الماضي ولا مكان لكل الأكوام وركام صالح في قاموس وحكومة وشرعية هادي حيث "انكشف المحظور وحصحص هادي بقوله جملةً وتفصيلاً في تقرير ومصير أقارب وأبناء صالح بأنها " صفحة إنسانية أخلاقية دينية وطنية " وليس أكثر من ذلك ولم تصل الى المشاركة السياسية وكفى ..
ضربة معلم
يحسن الظروف ويختار أفضل توقيت زمني ومكاني ويختار المكان والحدث السياسي ويصطاد بمهارات الصياد الماهر الذي يحسن اصطياد فريسته وأماكن تواجدها . لم يجعل من التسرع أحد أبوابه أو التهور فصول حكاياته . كأن هادي يترقب ما تفضي عنه أحداث صنعاء ومتغيرات الصراع ومفاجأة الالتهاب السياسي وبراكين والزلازل العسكرية والسياسية. لم يتخذ من مصير صالح قرارات للانتقام أو للثوران الشعبي ضده ولم ينفّر مؤتمر صالح ورجاله وأمر باستقبال عائلة " صالح ومؤتمره وإيهامهم بالحضن الدافئ الشرعي وتحقيق أحلام الاستنساخ المؤتمري الشرعي ، كل ذلك وأكثر حتى حان الوقت لضرب ضربة فكانت ضربة معلم حيث عمل على :
* امتصاص غضب الشارع الشمالي المؤتمري .
* اكتساب تأييد منقطع النظير من الأوساط السياسية والمؤتمرية وعاما الشعب .
* عدم الدخول في مكايدات أو مماحكات سياسية أو حزبية أو نزاعات ورثية مؤتمرية أو تصديع العلاقة التحالفية ، وبذلك أخرج نفسه من عنق الزجاجة السياسية المؤتمرية وحافة الهاوية الشمالية وكان بمثابة المنقذ لهم ويكسب رضى الشارع الجنوبي قبل الشمالي في إقصاء أقارب صالح وطيّ صفحاتهم . وكانت بمثابة الضربة التي قسمت أحلام الرجوع العائلي إلى سترة الحكم من شرفة الشرعية " ضربه معلم يا هادي " ..
رسائل هادي إلى الحزم والعزم
كان هادي أكثر وضوحاً من أي وقت مضى ، وكان أكثر نضجاً سياسياً من أي حدث . وضع هادي التحالف أمام فخ القرارات التي أراد بها إنهاء أي تجاوزات من قبل التحالف قد تقفز على إقحام أقارب صالح في العملية السياسية من أي باب من الأبواب السياسية ، حيث أراد هادي إرسال رسائل إلى أشقاء النصر وشركاء التحرير أن لا مكان ولا مجال لاختراق القرارات الدولية التي تقصي أقارب صالح من أي عملية سياسية وقد نادت أصوات عديدة في الفترة الماضية بعد مقتل صالح على رفع العقوبات الدولية والإقامة الجبرية على نجل صالح وأقاربه بحجة عملية الحسم ولكن لم تجد إذن صاغية ولم تؤتي ثمارها ولم تجني محصولها ، واليوم هادي يرسل رسائل إلى الحزم والعزم المتمثل بالتحالف العربي من أهمها لا تجاوز ولا مجال للقفز فوق القرارات الدولية من أجل أقارب صالح .
هادي يعصف بلقاء الإصلاح بالمحمدين
كان أكثر ذكاءً من تحركاتهم وأطماعهم وقنديل أوهامهم وأحلام تمددهم . سعى الإخوان إلى استغلال الأحداث والمتغيرات الأخيرة التي عصفت بالشمال ، وأراد أن يكون في أزها صورة وأجمل وجه من هادي ، وأراد تقديم نفسه على أنه أداة الحسم والورقة الوحيدة والسبيل الأوحد لعملية الحل السياسي والعسكري والقوة التي لا منازع لها أو منافس .
أثمر كل ذلك بلقاء ولي العهد السعودي والإماراتي المحمدين بقيادات التجمع اليمني للإصلاح وكان من أهم بنود الاجتماع الإطاحة بهادي بطريقة أكثر نعومة وبثوب دولي وغطاء تحالفي . لكن هادي أحسن وأتقن اللعبة وبادر بنسف ذلك اللقاء من خلال كبح زرع أقارب صالح في سلطة حكومة الشرعية وأنهى ذلك بطيّ صفحة صالح وأقاربه واختصاره وانحصاره بالإنسانية والوطنية وأخلاق الإسلام .
وساعده في ذلك عمليات الحسم التي تقوم بها القوات الجنوبية والانتصارات المتتالية للمقاومة الجنوبية في الساحل الغربي وجبهات بيحان وبذلك يكون هادي كبح ونسف لقاء المحمدين الإخواني.