span style=\"color: rgb(255, 0, 0);\"span style=\"font-size: medium;\"حياة عدن /قراءة د. خالد محمد غازي* span style=\"font-size: medium;\" أيام حزينة جدا وعصيبة يعيشها اليمن الشقيق؛ بسبب عناد الرئيس علي عبدالله صالح، ورفضه التخلي عن كرسي الحكم، والاستجابة لثورة شباب اليمن، الذين حملوا أرواحهم على أكفهم مطالبين بالخلاص, باحثين عن شعاع أمل للحرية والديمقراطية. إلى أن وصلت الثورة إلى الدم والحرب الاهلية. (1) رغم جهود دول مجلس التعاون الخليجي لتسوية الأزمة حقنا للدماء منذ أول خروج واعتصام في ساحة التغيير، إلا ان الرئيس صالح يصر على شرعيته، وشرعية حزبه ونظامه، وحقهم في البقاء، ولا يعنيه من خرج من ربقة سلطته المطلقة. بل ويهدد ويتوعد ويؤكد أن وجوده الخيار والضمان الوحيد لاستقرار اليمن. ورغم أن المبادرة الخليجية ضمنت له خروجًا مشرفًا من السلطة، وضمنت له عدم المساءلة الا أنه يماطل في الخروج والأزمة في تصعيد مستمر ."صالح" يراوغ، متخذا من المبادرة الخليجية ذريعة، فتارة يكلف نائبه - الذي لا يملك القرار النهائي - أن يوقع عليها، وتارة أخرى يطلب تعديل بعض بنودها، وثالثة يرفضها. وفي الوقت ذاته يطلق نيران طائراته ودباباته وبنادقه في تجاه المحتجين. متوقعا أنه بقبضته العسكرية سيحطم إرادة الشعب العفوية إلى أن اعلن انه لن يوقع على المبادرة الخليجية، ولا على أي مبادرة ستوصل من يعارضه إلى سدة الحكم، وانه يفوض نائبه للتباحث حولها وحول آليات تنفيذها . والمبادرة الخليجية - للخروج من الازمة - تكونت من خمسة مبادئ أساسية وعشر خطوات تنفيذية؛ حيث تعتمد على "أن يؤدي الحل الذي سيفضي عن هذا الاتفاق، إلى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره، وأن يلبي الاتفاق طموحات الشعب اليمني في التغيير والإصلاح، وأن يتم انتقال السلطة بطريقة سلسة وآمنة تجنب اليمن الانزلاق للفوضى والعنف ضمن توافق وطني، وأن تلتزم جميع الأطراف بإزالة عناصر التوتر سياسيا وامنيا، وأن تلتزم كل الأطراف بوقف كل أشكال الانتقام والمتابعة والملاحقة من خلال ضمانات وتعهدات تُعطى لهذا الغرض". وتدعو المبادرة، إلى أن "يعلن رئيس الجمهورية نقل صلاحياته إلى نائب رئيس الجمهورية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة ولها الحق في تشكيل اللجان والمجالس المختصة؛ لتسيير الأمور سياسيا وأمنيا واقتصاديا، ووضع دستور وإجراء الانتخابات".. وقد رفضت المبادرة الاولى من قبل الرئيس اليمني وتم تنظيم مبادرة جديدة بنفس المبادئ الأساسية الخمسة التي تضمنتها المبادرة السابقة، لكن الجديد فيها هو الخطوات التنفيذية التي أصبحت مكونة من عشرة بنود مختلفة وبديلة عن السابقة التي كانت تتضمن بندين فقط. (2) المبادئ الاساسية التي تضمنتها المبادرة الجديدة؛ هي: أولا: أن يؤدي الحل الذي سيفضي عن هذا الاتفاق إلى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره. ثانيا: أن يلبي الاتفاق طموحات الشعب اليمني في التغيير والإصلاح. ثالثا: أن يتم انتقال السلطة بطريقة سلسة وآمنة تجنب اليمن الانزلاق للفوضى والعنف ضمن توافق وطني. رابعا: أن تلتزم جميع الأطراف بإزالة عناصر التوتر سياسيا وامنيا. خامسا: أن تلتزم جميع الأطراف بوقف كل أشكال الانتقام والمتابعة والملاحقة من خلال ضمانات وتعهدات تعطي لهذا الغرض. كما تضمنت الخطوات التنفيذية؛ أنه: اولا: منذ اليوم الأول للاتفاق يكلف رئيس الجمهورية المعارضة بتشكيل حكومة وفاق وطني بنسبة 50% لكل طرف على أن تشكل الحكومة خلال مدة لا تزيد على السبعة أيام من تاريخ التكليف. ثانيا: تبدأ الحكومة المشكلة على توفير الأجواء المناسبة لتحقيق الوفاق الوطني وإزالة عناصر التوتر سياسيا وامنيا. ثالثا: في اليوم التاسع والعشرين من بداية الاتفاق يقر مجلس النواب - بمن فيهم المعارضة - القوانين التي تمنح الحصانة ضد الملاحقة القانونية والقضائية للرئيس ومن عملوا معه خلال فترة حكمه. رابعا: في اليوم الثلاثين من بداية الاتفاق وبعد إقرار مجلس النواب - بمن فيهم المعارضة - لقانون الضمانات، يقدم الرئيس استقالته إلى مجلس النواب ويصبح نائب الرئيس هو الرئيس الشرعي بالإنابة بعد مصادقة مجلس النواب على استقالة الرئيس. خامسا: يدعو الرئيس بالإنابة إلى انتخابات رئاسية في غضون ستين يوما بموجب الدستور. سادسا: يشكل الرئيس الجديد - هنا المقصود المنتخب- لجنة دستورية للإشراف على إعداد دستور جديد. سابعا: في أعقاب اكتمال الدستور الجديد، يتم عرضه على استفتاء شعبي. ثامنا: في حالة إجازة الدستور في الاستفتاء يتم وضع جدول زمني لانتخابات برلمانية جديدة بموجب أحكام الدستور الجديد. تاسعا: في أعقاب الانتخابات يطلب الرئيس من رئيس الحزب الفائز بأكبر عدد من الأصوات تشكيل الحكومة. عاشرا: تكون دول مجلس التعاون والولايات المتحدةالأمريكية والاتحاد الأوربي شهودا على تنفيذ هذا الاتفاق. ورغم كل هذا، إلا أن "صالح" رفض هذه المبادرة أيضا، ودخل باليمن الى منعطف خطير جدا، وهو ما قد يدخل اليمن في منعطف يكون سببا في مواجهات داخلية اوسع . ودخل الرئيس اليمني في خلافات مع بعض دول الخليج، ثم عاد إلى اليمن بعد فترة علاجه في السعودية ، ويبدو انه يميل الى الانتقام من معارضيه. (3) إن المتابع جيدا للمسلسل الزمني للثورة اليمنية، يجد أنها حتى الثامن عشر من مارس الماضي، لم يكن المنضمون للثورة قد اتضحت هوياتهم والجهات التي قدموا منها، وكان الانضمام مقتصراً على الناشطين من الشباب والطلاب بمختلف توجهاتهم الحزبية والفكرية، إضافة إلى الكثير من المواطنين الذين ألهبهم الحماس الثوري المتقد في مصر وتونس؛ فاندفعوا إلى الشوارع في اليمن مطالبين بتغيير النظام ورحيل أركانه.أما الشخصيات ذات التأثير التحولي، فلم تكن قد أعلنت مواقفها الواضحة من الثورة، وإن كانت في الحقيقة راضية بالتطور الثوري وتراقبه عن كثب. إلى أن جاءت "جمعة الكرامة"، وقدم الثوار دماء ستة وخمسين شهيدا في ساحة "التغيير"، أمام جامعة "صنعاء" في أعنف عملية قتل للمدنيين السلميين؛ ليفجر ثورة حقيقية ويعلن عن مرحلة جديدة للثورة اتسمت بالصراحة في تأييد الثورة دون خوف . فبعد يومين على "جمعة الكرامة" أعلنت شخصيات قيادية رفيعة في السلطة استقالاتها وتأييدها وانضمامها للثورة السلمية، مستهجنة أسلوب العنف الذي يمارس بحق الشباب المتظاهرين سلمياً. وكانت أشهر تلك الاستقالات وأولها: استقالة اللواء علي محسن الأحمر قائد المنطقة الشمالية الغربية وقائد الفرقة الأولى مدرع يوم الاثنين الحادي والعشرين من مارس، ومن بعده تلاحقت الاستقالات من مختلف قطاعات الدولة العسكرية والمدنية والدبلوماسية ومن شتى المواقع الوظيفية؛ كالوزراء والنواب وأعضاء في مجلس الشورى ورؤساء تحرير صحف وشيوخ قبائل ومنظمات المجتمع المدني وغيرها. وأصبح هذا اليوم مشهوداً في مسيرة الثورة باليمن لما أحدثه من شروخ بشكل غير متوقع، ولما فجره من حماس وعزيمة في نفوس الثوار وصفوف الثوريين؛ مما أعطى الثورة دفعاً نحو الأمام وزخماً غير مسبوق. هذه الأحداث التي شكلت منعطفاً جديداً كشفت عن أطراف متعددة العمل الثوري، وتشكل أضلاعه الأربعة، وأصبح من السهل تمييز القوى المؤيدة للثورة عن المعادية لها بعد عملية الفرز الواضحة التي أبانت عنها "جمعة الكرامة" في صنعاء. القوة الأولى تتمثل في المؤسسة العسكرية المنشقة عن النظام ويتزعمها اللواء علي محسن الأحمر، ومن لحق به من قادة عسكريين وضباط وجنود؛ سواء في الجيش أو الأمن الذين أعلنوا انضمامهم للثورة. والقوة الثانية هي عدد من القبائل بمختلف انتمائها لحاشد أو بكيل أو مذحج وغيرها، والتي أعلنت استعدادها لحماية الثورة في الميادين والساحات. القوة الثالثة هي الأحزاب السياسية ممثلة بأحزاب المعارضة (اللقاء المشترك) والأحزاب الجديدة التي انضمت للثورة، إضافة الى المؤسسات والهيئات والشخصيات السياسية التي تمارس العمل السياسي . القوة الرابعة هي الشباب في الساحات والجموع العريضة من الشعب الذين لا ينتمون للقبيلة أو الأحزاب. هذه القوى الاربع أعطت الثورة اليمنية المزيد من الاتساع في الشارع، وبدأت تتنقل الثورة من مدينة الى الاخرى، ومن زقاق الى آخر.. الكل يطالب بالخلاص. ومن خلال ذلك نجد أن نظام "صالح " حاول اتباع نظام الفزاعة مع الشعب لتخويفه ، والتأكيد أن تركه للسلطة سيعطي الفرصة لهجمة القبلية عىي المدينة، وتاره اخرى يستخدم الاسلاميين كفزاعة لهم، والتأكيد على انهم سيستولون على السلطة. وثالثة بأن تنظيم القاعدة لليمن بالمرصاد، الا ان الثورة اكدت ان القبلية مع الثورة ، رغم انهم لم يسلموا من الاتهامات والتخوين من قبل النظام وأطراف في الثورة على حد سواء. ومن المهم هنا التأكيد على أن القبيلة تعني مختلف القبائل التي باركت قيام الثورة وأعلنت مساندتها لها سواء كانت من حاشد أو بكيل أو غيرها. فمنذ انطلاق الثورة في فبراير مطلع هذا العام سارعت كثير من القبائل - عبر شيوخها - إلى الانضمام للثورة والانخراط فيها، بل إن قبيلة "همدان"، كان أول شهيد في ساحة التغيير بصنعاء من أفرادها. وهذا ليس غريباً عن موقف القبائل اليمنية؛ فقد عُرف عنها تاريخها الوطني منذ عقود، فقد اصطفت خلف الإمام يحيى لمقاتلة الأتراك ثم التحقت بالحركة الوطنية لمناهضة حكم يحيى ؛ ومن بعده خليفته أحمد وسجلت مواقف بطولية في أكثر من مناسبة. وقد أثبتت القبيلة انها أكثر التزاماً بالنظام والمدنية والسلام، وأنها هي الأخرى تتوق نحو دولة مدنية يسودها القانون. أما الإسلاميون، فدورهم مشرف في الثورة، ومن خلال المناقشات والتعهدات تأكد الجميع انهم سيتركون الامر للصندوق الانتخابي؛ فهو الاجدر على كل شيء ؛ فمنذ ان انطلقت الثورة الشبابية ، وكلما اقترب موعد التغيير أو أوشك تعالت بعض الأحداث هنا أو هناك معربة عن تخوفها من حكم الإسلاميين ووصلوهم إلى السلطة. كثيرون يرون أن الإسلاميين - ونعني بهم هنا التجمع اليمني للإصلاح - هم الحزب الأكثر تنظيماً وحضوراً وانتشاراً، وأن سقوط حزب المؤتمر الشعبي العام سيتيح المجال لصعود الإصلاح؛ فيستحوذ على الحكم بحكم أكثرية اعضائه وتجربته السياسية ووراثته لشخصيات كانت في المؤتمر بعد سقوطه. من هنا بدأت المخاوف تسري لدى البعض من الإصلاحيين ومشروعهم؛ فتوجهت السهام إليهم بالتشويه المتعمد لفكرهم؛ فوصفوا بالأصوليين والمتحجرين وشوهت شخصياتهم اعلاميا وتم النيل منها، وقُدم الاصلاح كحزب منغلق مشدود نحو الماضي تنعدم فيه الرؤية المدنية الحديثة، ولا يجيد سوى سياسة الإقصاء والإلغاء. أما عن المخاوف من تنظيم القاعدة، فاليمنيون قادرون على حماية بلادهم من أي ارهاب طالما تحققت الارادة لذلك . على اية حال مصير اليمن هذه الايام مجهول وخروجه من محنته لن يكون بالأمر السهل . * رئيس تحرير وكالة الصحافة العربية بالقاهرة. [email protected] span style=\"color: rgb(0, 0, 255);\"* الشبيبة العمانية