من كان في قلبه مثال ذرة من شك في انتصار ثورة الشعب السلمية فعليه متابعة أي وسيلة إعلامية تابعة لنظام علي صالح، ليرى السقوط المهني والأخلاقي كأبرز مؤشر على قرب النهاية المخزية لنظام تجرد من كافة مسئولياته ومارس أبشع الجرائم بحق الشعب والوطن، وهي ممارسات تقترفها في العادة عصابات الجريمة بينما تعف عن ارتكابها الأنظمة الحاكمة مهما بلغ بها الفساد والطغيان والاستبداد، لتأتي الأبواق المأجورة والناعقة بكل سوء بما تتصور أنه سيجمل الممارسات القبيحة لعصابة الحكم المنفلتة من كل إسار سوى ما يخدم مصالحها و يعبر عن أحقادها الدفينة التي تنطوي عليها أنفسهم الأمارة بالسوء. من يتابع ما تبثه قنوات الدجل ومواقع السفه وصحف الفتنة التابعة لعصابة صالح يلحظ أي مستوى وصل إليه الإسفاف والابتذال والجرأة على التضليل لدرجة الوقاحة، و إلا ماذا يعني أن يأتي بعض الناعقين عبر تلك الوسائل ليقول أن دماء الثوار التي تسفك في شوارع الحرية وميادين الكرامة ليست سوى أصباغ، و أن الشهداء الذين يقدمون أرواحهم قربانا للخلاص من كابوس الحكم الفاسد مجرد جثث جيء بها من ثلاجات الموتى لاستدرار العطف وكسب التأييد، كما لم يفت أولئك الأفاقين ومحترفي شهادة الزور أن يتهموا شباب الثورة بقتل إخوانهم، ومثل هذا الدجل لم يكن حكرا على حفنة المرتزقة في وسائل إعلام العصابة الآثمة بل وصل الأمر إلى الحد الذي يصرح به زعيمهم الذي قال بصفاقة لا يحسد عليها أن المشترك يدفع بالشباب إلى المحرقة، متناسيا أنه هو من أوقد نيران تلكم المحارق بوصفه ضليعا في إشعال الحرائق ولديه خبرة تتجاوز ثلث قرن من الرقص على ألسنة اللهب في كرسي طالما وصفه بأنه من نار، وطالما تغنى بمجده وهو يحكم راقصا على رؤوس الثعابين. الخطاب المتهالك لعصابة صالح ونظامه غير الصالح يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن ثورة الشعب في طريقها نحو النصر المنشود، وما تلك المحاولات البائسة لأركان حكمه سوى رقصة الموت الأخيرة، مهما تفنن المصدر المسئول في إخفاء ملامح الهزيمة عن وجه النظام المحتقن بتجاعيد نهايته المحتومة، ومهما حاولت أبواقه العاملة بالأجر اليومي المهين أن تنفض عن ولي نعمتها غبار السقوط المرتقب في أية لحظة، وما الذي يمكن تلك الوسائل التي أكل عليها الدهر وشرب أن تفعل بعدما تجاوزها الشعب ولفظها وهو ينتصر لثورته المباركة وشهدائها الابرار؟ ومن ذا الذي لا يزال بمقدوره أن يصدق شاشات اللوزي التي تتحدث خارج الزمن، ومثلها منشورات الشاطر والرعوي والحبيشي ومن على شاكلتهم؟ يحسب لهذه الثورة أنها قدمت الشعب اليمني للعالم أفضل تقديم، إذ ظهر أمام الجميع في أبهى صورة، بينما تمكنت الثورة ذاتها من كشف عورة العصابة المغتصبة للسلطة وتعريتها أمام نفسها وعلى الملأ، حين بدا أفرادها فاقدي القدرة على المواجهة، ومجردين من شرف الخصومة حين راحوا يمارسون ما تتورع عن اقترافه عصابات الموساد بحق مخالفيها، وفي الدماء التي سالت- ولا تزال تسيل- في أرحب و صنعاء ونهم وأبين وتعز ما يشي بنزوع تلك العصابة نحو الإجرام بشكل لا يمكن تصوره، و في موازاة الجرائم البشعة التي تقترفها عصابة صالح وبلاطجته في أكثر من منطقة تتواصل جرائم إعلامه الذي أدمن الدجل واستمرأ التضليل بتلك الطريقة التي تبعث على الغثيان وتثير في النفس السوية المزيد من الاشمئزاز، وخصوصا حين يمارس الدجالون دجلهم وهم يدركون أنهم يكذبون وأن من يشاهدهم على يقين أنهم يقومون بدورهم لا بما يملي عليهم ضميرهم ولكن بما يتوافق وثمن ضمائرهم التي اعتادوا على المتاجرة بها في أسواق النخاسة بأبخس الأثمان، وكم يدعو حال هؤلاء للرثاء وهم يحاولون اعتساف الحقيقة ولي عنقها بما يتواءم ومصلحة سادتهم الذين يدفعون لهم من المال المدنس ما يكفي لإذلالهم وجعلهم مسلوبي الإرادة كالعبيد، ولم يكتفوا بذلك بل أجبروهم على المبالغة في تبرئة القتلة والمجرمين بطرق غاية في الفجاجة والإسفاف، حتى أن أحدهم لم يجد دليلا يدين به الشيخ حميد الأحمر في قتل شباب الثورة في المظاهرات السلمية سوى القول أن قناة سهيل الفضائية كانت قبل المسيرات تبث أغنية: "وهبناك الدم الغالي.."، وهذا وفق تحليل بلاطجة الإعلام دليل واضح على ضلوع سهيل ومن يملكها- وربما من يشاهدها أيضا- في قتل المتظاهرين، ماذا نسمي هذا الإسفاف الذي يكشف عن انحطاط شامل يدمغ العصابة الباغية ويجردها مما يمكن أن تتستر به من منطق وموضوعية؟ سموه ما شئتم لكنه في نهاية المطاف ليس سوى دليل على أن من يفكر بهذه الطريقة ويسوق جرائمه بهذه اللغة مجرد عصابة استنفدت أغراضها ولم يعد أمامها سوى أن تحمل بلاطجتها من الشوارع وترحل.