- يبدو أن الوقت حان لكي يفكر الشاب بخيارات جديدة تنتقل بالثورة من مرحلة المراوحة في الساحات إلى مرحلة التتويج المتمثل بإسقاط بقايا النظام خصوصا وأن الجميع بات مقتنعا بأنه لا جدوا من العملية السياسية والدبلوماسية التي يجب أن يعترف أصحابها أنها قيدت الثورة ومنحت بقايا النظام فرصة للمناورة واللعب على ورقة الوقت. - ما يزيد على تسعة أشهر مضت على انطلاق الثورة الشبابية الشعبية، حققت في ظلها العديد من الانجازات، وقدمت الكثير من الشهداء والجرحى من خيرة شباب ورجال ونساء اليمن غير أنه ما يزال أمامها مهمة كبيرة ينبغي أن تنجزها مهما كلف الثمن، هذا ما يتطلع إليه الشباب في الساحات، وما ينبغي أن يكون عليه الأمر، وعلى القوى السياسية الثورية أن تدرك أن مرور الوقت لا يخدم الثورة ما لم يكن هناك تحول أو انتقال ثوري جديد، من الأفضل لها أن تقف موقفا إيجابيا وداعما لخيارات الشباب بدلا من أن تجد نفسها في موضع اتهام.
- لا ينكر أحد مدى التعقيدات التي تعاني منها اليمن والتي ساهم النظام في إيجادها لمنع أي تغيير قد يطاله واستخدامها كأوراق لبث الرعب والخوف لدى الداخل والخارج من صوملة البلاد على قاعدة "عليً وعلى أعدائي" من أجل البقاء حاكما بالقوة رغم خطورة بقاءه على مستقبل اليمن وعلاقاته بجيرانه وأمن المنطقة برمتها.. ويرى كثيرون أن تأخر الحسم في ظل تضييق مساحة المناورة أمام النظام مع إصراره على البقاء متشبثا بالحكم سوف يتسبب في تردي الأوضاع وتعقدها أسوأ مما هي عليه كما حدث ويحدث حاليا في عدد من المحافظات وهناك خشية من أن يؤثر ذلك سلبا على مسار الثورة التي منحت السياسة والدبلوماسية فرصة كبيرة وحان الوقت لأن يأخذ الشباب بزمام المبادرة للبحث في خيارات تصعيديه جدية وحاسمة لتغيير الموقف على الأرض ونقل ثورتهم إلى صدارة الفعل القائد لا المنقاد وإخراجها من دائرة الانتظار والمراوحة.
- ثورة الشباب لا تستهدف إسقاط القضية الجنوبية أو الحراك كما يروج البعض بهدف إضعاف تفاعل أبناء الجنوب معها، وسقوط النظام لا يعني بالضرورة حل القضية الجنوبية،إن ثورة الشباب في تصوري تستهدف إسقاط الآلة أو المكينة الضخمة التي أنتجت أسباب نشوء القضية الجنوبية والحراك السلمي بعد اليأس من إصلاحها، وبسقوطها سيظل الحراك موجودا والقضية الجنوبية قائمة لأن الأسباب ستظل موجودة ولن تزول إلا بحل عادل ومنصف ومرض لأبناء الجنوب، وهذا الحل لن تستطيع أن تنجزه إلا قوى جديدة منفتحة ومدنية تقبل بالآخر المختلف وفق منهج الحوار لا القوة وهو ما ستفرزه وستفرضه الثورة الشعبية لأنها الأمل الوحيد لكل اليمنيين في تصوري، وبالتالي فإنه على الأخوة في الحراك تقع مسئولية دعم الثورة لأنها في الأساس امتدادا لنضالهم السلمي وثورتهم الملهمة للربيع العربي، ومن الخطأ بل ومن الغباء تقديم خدمات مجانية لنظام منهار أدمن الخداع طوال سنوات حكمه ولا يمكن أن يقدم شيء إلا بالقدر الذي يساهم في إنقاذه هو وإغراق الآخرين..!! ويبقى على الحراك السلمي أن يضع مشروعه المدني والحضاري وتصوره لحل القضية الجنوبية وتشكيل الحامل الموضوعي لها والاستعداد التام للمرحلة الانتقالية بأفق منفتح وثقافة تنشد البناء. - الشباب أمام مهمة ومسئولية تاريخية لتخليص البلاد من وباء صالح ومن تبقى معه وإزالة جميع العوائق التي تقف أمام إنجاز الثورة لأهدافها، وفي تقديري أن التسعة الأشهر التي مرت كانت كافية لتكوين صورة عن مواضع السلب والإيجاب التي أحاطت بالمشهد الثوري وأثرت على مساره، هذا التقييم و التراكم لا بد وأن يقود إلى خلق وضع جديد وبيئة مغايرة تتحرك فيها الثورة وفق آلية متحررة بعيدا عن أية قيود أو حسابات سياسية وحزبية متشددة تضر بها وقد تدفع إلى ردة فعل تطال من يعتقدون أنهم يمسكون بقرار الثورة ويسيطرون عليها.
- من مصلحة المملكة العربية السعودية ودول الخليج دعم الثورة اليمنية وعدم الوقوف موقفا سلبيا منها وتلبية مطالبها ببناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق الشراكة الوطنية العادلة ودعم إنجاز الضمانات التي تكفل الوصول لذلك لا سيما وأن قوى الثورة وفي المقدمة الشباب منفتحون على مثل هذا الدعم ومستعدون لتقديم ضمانات مستقبلية بالحفاظ على أمن الجوار والمنطقة ورعاية المصالح المشتركة.
- إن الرهان على تراجع الثورة أو إعاقتها عن تحقيق أهدافها أو دفعها للقبول بأنصاف الحلول مسألة غاية في الصعوبة لن تدفع إلا إلى المزيد من التذمر والتشدد، وبالتالي فإن مصلحة الجوار في دعم اكتمال الثورة تبدو أنها الضمانة الوحيدة في تحقيق الأمن والاستقرار، فليس من مصلحة عاقل معاداة شعب من أجل عائلة أو أسرة فاسدة ومارقة، أو من أجل ضمان إحلال قوى بديلة موالية بصورة تتعسف الديمقراطية وتنتقص من الثورة.
- إن مسئولية الشباب كبيرة وتاريخية في إنجاز الفعل الوطني والتمسك بالثورة وشروطها الوطنية المنطقية ومقاومة كل فعل يريد سلقها أو اختزالها ويضر بمشروعها المدني الحضاري.