بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    الفريق السامعي: الاتفاق الذي رعته مسقط خطوة نحو فتح آفاق اوسع للحوار وانجاز للدبلوماسية الباحثة عن الحلول    اليمنية تعلق رحلاتها من وإلى مطار صنعاء والمئات يعلقون في الاردن    الخارجية الإيرانية تدين الهجوم الصهيوني على مطار صنعاء    محمد عبدالسلام يكشف حقيقة الاتفاق مع أمريكا    ترامب يعلن عن ايقاف فوري للعمليات العسكرية في اليمن والمشاط يؤكد ان الرد سيكون مزلزل    صنعاء .. وزارة الصحة تصدر احصائية أولية بضحايا الغارات على ثلاث محافظات    إداناتٌ عربية وإسلامية للعدوان "الإسرائيلي" تؤكدُ التضامنَ مع اليمن    تواصل فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة لليوم الثالث    اليمنية تعلن عدد الطائرات التي دمرت في مطار صنعاء    الاضرار التي طالها العدوان في مطار صنعاء وميناء الحديدة    المجلس الانتقالي وتكرار الفرص الضائعة    سحب سوداء تغطي سماء صنعاء وغارات تستهدف محطات الكهرباء    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 52,615 شهيدا و 118,752 مصابا    البدر: استضافة الكويت لاجتماعات اللجان الخليجية وعمومية الآسيوي حدث رياضي مميز    الكهرباء أول اختبار لرئيس الوزراء الجديد وصيف عدن يصب الزيت على النار    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    رئيس مؤسسة الإسمنت يتفقد جرحى جريمة استهداف مصنع باجل بالحديدة    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    إسرائيل تشن غارات على مطار صنعاء وتعلن "تعطيله بالكامل"    سلسلة غارات على صنعاء وعمران    اسعار المشتقات النفطية في اليمن الثلاثاء – 06 مايو/آيار 2025    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    حكومة مودرن    ريال مدريد يقدم عرضا رمزيا لضم نجم ليفربول    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    ودافة يا بن بريك    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    قرار رقم 1 للعولقي بإيقاف فروع مصلحة الأراضي (وثيقة)    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنما الأُمم الأخلاق ! محمد علي محسن
نشر في عدن أون لاين يوم 20 - 08 - 2012


قتل أناس وهم نيام أو يؤدون الصلاة في بيت الله أو مصلى العيد بلا شك أمر مخيف ومفزع للعدو قبل الصديق, فهل هنالك ما هو أقبح وأذم وأوجع وأوزر وأفجع من قتل النفس الإنسانية وبتلك الطريقة الهمجية البشعة الواقعة لحراس مبنى تليفزيون عدن نهار السبت الموافق آخر يوم من رمضان أو جريمة القتل المزهقة لأرواح 7 وجرح 11مصلياً يؤدون صلاة العيد في قعطبة أو ربما صلاة جمعة في صعدة قبل سنوات؟. فحين كنا صغاراً كانت نسوة القرية يتحدثن عن شفقة ورحمة الجندي النصراني الذي لا يطلق نيرانه لظهر إنسان ولو كان ثائراً محارباً! ربما وهن يسردن علينا قصص أولئك الجنود المحتلين الذين لم يصوبوا بنادقهم سوى لمن يقاتلهم وجهاً لوجه؛ لم يكن بخلدهن أنهن يحدثن صغارهن عن مبدأ وعُرف وتشريع أخلاقي وإنساني ودولي ينبغي إرساؤه وتجسيده كقاعدة عامة يجب احترامها في الحروب والنزاعات المسلحة. صحيح أن هذه القاعدة أختلت كثيراً، خاصة مع ظهور الأسلحة الكيميائية والبيولوجية المتطورة, إلا أن ذلك التفوق التكنولوجي والمادي والبشري لوحده لا يمكنه حسم المعركة دون صبغ هذا التفوق باحترام وتبجيل لقواعد أخلاقية متعارف عليها في كافة الصراعات المسلحة. البعض للأسف يظن أن المسألة مجرد بارود ورصاص, قوي وضعيف, مسلح وأعزل, قاتل وقتيل, ظالم ومظلوم, حق وباطل, ليكن حمل السلاح دفاعاً عن وطن مغتصب أو عرض منتهك أو حق مستلب ! ولتكن معركة الإنسان سامية ونبيلة غايتها الحق والعدل والمعتقد والحياة الحرية والكرامة وغيرها من المفاهيم والقناعات التي يستلزمها نضال وتضحية بكل غال ونفيس! ولكن كل هذه المبادئ والمعتقدات الدينية والسياسية والفكرية والكفاحية يستوجبها بالمقابل نضال وتضحية في معركة الأخلاق, فدون موازاة الشعارات والأهداف العادلة بتفوق سلوكي وعملي لكثير من المُثل والقيم النبيلة ؛ يستحيل الانتصار, ففي النهاية قد تكون القوة والعنف والبطش وسيلة محرزة للحسم والغلبة في وغى المعركة العسكرية ولو لبعض الوقت, لكنها وبكل تأكيد لن تحقق انتصاراً دائماً ما بقيت هذه الوسيلة بلا مُثل وقيم أخلاقية محترمة وعادلة. لا أعلم كيف لشخص قتل عشرات الجنود في ميدان السبعين قرباناً لفوزه بالجنة وحورياتها الجميلات؟ كيف لإنسان عاقل ويخشى عاقبة المآل إلى ربه وحسابه تفجير نفسه بكم كيلو ديناميت؛ فيقتل ويصيب أهله وجيرانه وضيوفه؛ بل وكل الحاضرين خيمة العزاء في مدينة جعار في ذينك المساء المشئوم؟. كيف لمسلم يدعي نصرة وتمكين شرع السماء وعدله فيما فعله وحشياً وبربرياً ومنكراً في جل القوانين والأعراف الوضعية والإلهية؟ كيف لجماعة تقتل أناساً عُزّلاً ونياماً في بيت الله, أو تفجر سيارة أو إنسان في سوق, أو تسرق وتسطو على مكاتب البريد, أو تنهب شاحنة عابر سبيل أو تقطع طريقاً عاماً أو تغلق مستشفى أو مدرسة وجامعة؛ ومن ثم تدعي زوراً وزيفاً بأنها صاحبة الحق وهي وحدها فقط من يمثل الفضيلة والنزاهة والعفة؟ كيف لمن يطلق زخات رصاصه نحو جماعة تؤدي صلاة المغرب أو العيد أو يلقي بقنبلة يدوية في حي سكني أو في ساحة مدرسة؛ ومن ثم يعتقد خطأ بأن الجميع خذله وخانه حين تخلى عنه وتركه وما يدعو له ويفعله من أفعال مشينة ومخجلة لا تليق بأصحاب الحق ولا بقضيتهم العادلة. لم أقل إن القضية هنا تتعلق بدم ونفس وضحية مسلمة, فالقتل الأصل فيه الحرمة, ففي كل الشرائع والأديان السماوية والوثنية والبشرية يعد القتل والترهيب والتنكيل والعدوان والإثم جميعها أعمال محرمة منكرة إلا من اضطر غير باغ أو عاد أو قاتل أو ظالم جائر. على هذا الأساس فإنني حين أرفض جرائم القتل المقترفة بحق متظاهرين أو جنود يمنيين؛ فلا يعني أن القضية مقتصرة على حرمة قتل المسلم للمسلم؛ بل القتل -أيضاً كجريمة عظيمة تشمل جميع بني البشر بغض النظر عن دينهم وجنسهم ولغتهم ولونهم أو إيمانهم أو كفرهم أو إلحادهم. فالنفس تبقى لها حق الحياة, وقتلها يعد عدواناً وحشياً وبربرياً ليس على المسلمين فحسب؛ وإنما لكل خلق الله من نصارى ويهود ووثنيون وهندوس ومجوس وغير ذلك من الطوائف والشيع والملل وحتى أولئك الذين هم بلا دين أو معتقد إيماني, فكل هؤلاء يسري عليهم حرمة القتل إلا من اعتدى وبغى وقتل وسفك وانتهك وووالخ من الممارسات المنتهكة لحق الإنسان في الحياة بكرامة وحرية واحترام. لا أعتقد أن القتل في هذه البلاد مجرد بدعة ضالة صاحبها تنظيم إرهابي أو جماعة مارقة, أتحدث هنا عن نهم وشهية للدم القاني المسفوك, ولأشلاء الجثث المتناثرة, ولرائحة البارود, ولصوت الحزن, ولنبأ فاجعة الموت, أتساءل أحياناً: هل شبق الحرمان لجسد حواء يمكنه دفع شاب مراهق للتهلكة بحثاً عن حورية الآخرة؟ من أين ولدت فكرة الخلاص العبثية الأنانية هذه؟ ألا توجد ثمة طريقة محترمة ومشرفة للموت غير الهلاك منتحرأ وبهذه الطريقة الوحشية القاتلة للأبرياء؟. الله بجلالته وقدرته وسلطانه يخاطب نبيه موسى وهارون قائلاً: اذهبا إلى فرعون وقولاً له قولاً لينا) فلم يطلب منهما بقتله وتخليص المؤمنين من طغيانه وجبروته! الله لما بعث نبينا محمد كمتمم وخاتم لرسله وأنبيائه؛ كان قد استودع فيه صفات الصدق والأمانة والخلق العظيم, أليس هو القائل: وإنك لعلى خُلُق عظيم)! ألم يقل نبينا عن ذاته: إنَّما بُعثتُ لأُتمِّم مكارم الأخلاق) و(أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلُقاً، وألطفُهُم بأَهله) الإمام علي – أيضاً – له قول شهير (حُسنُ الخُلُقِ خيرُ قرانٍ). وعليه يجب التأكيد إلى أن الحق - وأياً كان مال أو وطن أو معتقد أو حياة - لا يكفي لإثباته واسترداده لغة القوة والسلاح؛ إنما وقبل السلاح ينبغي إعمال القانون والحكمة والمنطق والأخلاق, فكما الإنسان أحياناً مجبر على حمل السلاح دفاعاً عن دينه ووطنه وكرامته وعرضه ونفسه؛ فإنه بالمقابل لا يمكنه التفريط بعقله وأخلاقه, فربما خسر وهُزم في معركة غير متكافئة العدة والعتاد, لكنه حين يفقد أخلاقه فذاك خسران لكل شيء, نعم فكما قال الشاعر/ أحمد شوقي: وإنَّما الأُمم الأخلاق ما بقيت... فإن هم ذهبت أخلاقُهُم ذهبوا.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.