في الذكرى الثالثة والعشرين لتحقيق الوحدة اليمنية، لا يستطيع عاقل أو متابع أو مراقب لتاريخ اليمن والمنطقة العربية، أن ينكر بالحجج والبراهين التاريخية السياسية، أن الشعب اليمني في الجنوب والشمال، قدم الكثير من الدماء والتنازلات، في سبيل تحقيق الوحدة اليمنية المباركة، في الثاني والعشرين من ايار/مايو عام 1990، والدليل على ذلك أنه كان لليمن زعيمان قبل الوحدة، الرئيس السابق علي عبد الله صالح في الشمال، وعلي سالم البيض في الجنوب اليمني؛ وكانت الأوضاع السياسية والاجتماعية برمتها معقدة آنذاك، قبل اتفاق الوحدة بين الشطرين، الشمالي والجنوبي، حيثُ كان لا يستطيع أهل الشمال أو المحافظات الشمالية في اليمن، كالعاصمة صنعاء وذمار وعمران ومأرب وصعدة..الخ، العبور براً إلى المحافظات الجنوبية، كعدن وأبين والضالع ويافع .. الخ، ومديرياتها، إلا بهوياتٍ صادرة من حكومة الجنوب العربي اليمنية في عدن أو بقية المحافظات الجنوبية، والعكس صحيح أيضاً. ونجد لزاماً علينا كمواطنين يمنيين، وقبل أن نكون صحافيين، أن نذكر بحقوق إخواننا الجنوبيين، الذين سلبت منازلهم وأراضيهم، منذ قرابة عقدين من الزمان، من قبل الحكومة المركزية في صنعاء، ونظام الرئيس السابق صالح، إضافة لمئات الآلاف من أبناء الجنوب المحرومين من الوظائف الحكومية، وهم من ذوي المؤهلات العلمية الجامعية العليا، ولكن في المقابل هنالك الكثير من أمثالهم من الخريجين والجامعيين، يقفون على رصيف البطالة في مدن الشمال اليمني، حتى نكون منصفين. وحسناً فعل الرئيس اليمني المشير عبد ربه منصور هادي، حينما شكل لجنة خاصة لمتابعة وإعادة حقوق أهلنا في الجنوب اليمني، وبدأت تعطي أكُلها في حل قضية إخوتنا في الجنوب، في إعطائهم تعويضات مالية فورية وعاجلة خلال الأيام القليلة الماضية، وأراض بدلاً من أراضيهم المسلوبة، وأصداره قراراً يقضي بعودة العسكريين والقادة الجنوبيين إلى وظائفهم، المسرحين قسراً منها، ويتجاوز عددهم 10آلاف عسكري تقريباً، منذ حرب الانفصال في صيف عام 1994، وحل معظم إن لم نقل جميع مظالم اليمنيين، في كل من عدن والضالع وأبين وحضرموت وشبوة وجميع محافظات الجنوب اليمني، وليس وعودا كاذبة وحبرا على ورق لذر الرماد في العيون، مثلما كان الحال مع اللجنة التي شكلت للنظر في قضايا الجنوب في عهد الرئيس المتنحي صالح. نظام الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح عانى من مشكلات، اقتصادية ، واجتماعية وسياسية داخلية كثيرة، مقترنة مع فساد متنام في جميع مفاصل الدولة والحكومة اليمنية، وفراغ أمني، والاقتصاد اليمني حسب مراقبين اقتصاديين متذبذب، منذ أكثر عشر سنوات، ومعدلات البطالة والفقر ترتفع بنسبٍ مخيفة سنويا،ً ولذلك كان الله في عون الرئيس التوافقي المنتخب المشير هادي على كل تلك التركة الثقيلة.. والمتراكمة. نصيحتنا للرئيس عبد ربه منصور هادي، وما أكثر الضغوط الملقاة على عاتقه هذه الأيام، ولا نستطيع أن نتكهن بكل الإنجازات التي سيحققها، خصوصاً في فترة حكمه القصيرة' عامين' التي يحكم بها البلاد بصورة مؤقتة حتى2014 ، وحتى لو تم التمديد له بضعة أشهر، كما تحدثت بعض المصادر الصحافية اليمنية.. بأن يستمر بمتابعة الحلول بنفسه لجميع المطالب والمظالم الجنوبية، وكذا خط سير عمل لجنة الجنوب أولا بأول، خطوة خطوة وفي أسرع وقت ممكن، وأين وصلت وتذليل أي معوقات تقف في طريقها، التي ستكون كثيرة من دون شك، وأن لا يصغي لدعاة تقسيم اليمن، وخيارات الفيدرالية والكونفيدرالية، التي لا تصلح لدولة مثل اليمن، وتناسب دولا تتعدد فيها الديانات والانتماءات العرقية، وثبت فشلها حتى مع دول متنوعة الديانات، والعراق الجديد، وإقليم كردستان بشماله، خير مثال على ذلك. ولا يخامرنا شكٌ في أن المشير هادي سيضع النقاط على الحروف، وسيعطي الحقوق من منازل واراض لأصحابها في الجنوب اليمني. وسمعنا من بعض المصادر، قبل حوالي شهرين أن لجنة متابعة أراضي الجنوب، وبتوجيهات من القيادة اليمنية قد بدأت بأعطاء تعويضات مالية لمن نهبت أراضيهم في الجنوب.. وكذلك نصيحتنا للرئيس هادي وهو الذي يقبل النصح، حتى من غير مستشاريه، ألا يدير تلك الملفات والمشكلات المتعلقة بالقضية الجنوبية العادلة، بالقوة المفرطة والسلاح، بل بالحكمة والتعقل والحوار، وتغليب المصلحة الوطنية، والحفاظ على الوحدة الوطنية اليمنية. ونحن على يقين من أن الرئيس هادي هو رئيس يدرك كل خطوة يقدم عليها.. ويتصرف بطريقة توحي بأنه رئيس لكل اليمنيين في الجنوب والشمال، ونحن على ثقة بأنه سيحل القضية الجنوبية ويعطي إخواننا في الجنوب اليمني كل حقوقهم التي سلبت في حقبة سلفه صالح. وليس كما كان يفعل سلفه صالح، وحفنة من الفاسدين ومن دار في فلكهم من القبائل في صنعاء وسنحان مسقط رأسه على وجه الخصوص. فلا نريد وطناً مجزءا، وأن يحدث الانفصال، وتمزيق الوحدة من قبل الجنوب اليمني، ونعود مثل العراق العربي، الذي كان عراقاً قوياً وموحداً في عهد الرئيس الشهيد صدام حسين، تحول الآن إلى عراق جديد دموي وممزق إلى أقاليم وحواجز اسمنتية، وقسم إلى فيدراليات طائفية ومذهبية، خارجية وأمريكية، وأعلام وطنية مختلفة في عهد حكومة المالكي الطائفية، الآتية على ظهور الدبابات الأمريكية، وكذلك السودان وانقسام الجنوب السوداني والتنازع الحاصل حالياً على إقليم أبيي بجنوب السودان وحصص الجنوب والشمال السوداني من النفط.. والنتيجة سودان ممزق وأقل قوة عما مضى.. للأسف الشديد. نشعر بالأسى والحزن على السودان والعراق.. ولا نريد أن نصل إلى مآلات أخواننا هناك. فالانفصال لليمن بين الجنوب والشمال اليمني لو حدث، لا سمح الله، سيحول اليمنيون إلى ألوان وأطياف مختلفة، ومدنهم إلى كانتونات صغيرة ، ويثير النزعات المناطقية والطائفية، وكذلك الفيدرالية أو الكونفيدرالية، ستغذي الصراع على الثروات والموارد اليمنية الشحيحة أصلاً، وتدعم مقولة اعدن للعدنيين، وشبوة ونفطها للحضرميين..'، وتشعل في اليمن حرباً طائفية وأهلية مناطقية طاحنة، يعلم الله وحده إلى أين سيصل أمدها. من حقنا كيمنيين أن نقلق على وحدتنا ونضع أيدينا على قلوبنا، ونحذر من خطر تقسيم اليمن وتفتيتها إلى أقاليم، وكانتوناتٍ صغيرة، ستلتهم ما تبقى فيها من ثروات وخيرات، وتحولها ربما إلى ما هو أبعد من صومال أخرى، ونرفض في الوقت نفسه أي تدخل غربي، على هذا الأساس أو غيره، الذي رأينا بعض ملامحه في العام الماضي عن طريق مجموعة الأزمات الدولية، ونقف في خندق مغاير تماماً، للسياسيين اليمنيين ممن ينادون بأقلمة اليمن، وتقسيمه إلى عدة أقاليم، أي خمسة أو سبعة أقاليم على وجه التحديد.. وشاهدنا التحريض الطائفي والمناطقي، في أعلى صوره في بعض جلسات مؤتمر الحوار الوطني، الذي عقد في صنعاء، ولا زالت فرقه في انعقاد دائم في مختلف مدن اليمن، ذلك التحريض من قبل بعض الأطراف اليمنية والحزبية التي لا تريد نجاح الحوار رغم مشاركتها فيه، إلا وفق أجنداتها، وتزايد بالقضية الجنوبية العادلة، وهي التي ظلت تتجاهلها وهمشتها لقرابة عقد ونصف العقد. وقد لا نستطيع أن نتكهن كيف ستبدو صورة اليمن غير موحد، لا سمح الله. لكننا على ثقة بأن الوحدة اليمنية باقية، رغم دعوات الفيدرالية والكونفيدرالية لشكل الدولة اليمنية ومن يشرعنون لها، بأنها الخيار الأنسب، مثل الحزب الإشتراكي وقياداته أمثال الدكتور ياسين سعيد نعمان الأمين العام، الذي نحترمه جميعاً، التي صدعت رؤوسنا بأنها مع الوحدة اليمنية، سواء المركزية أو اللامركزية، لكن يجب تصحيح أخطاء سابقة ارتكبت عقب تحقيق الوحدة اليمنية في عام 1990، وحرب الانفصال عام 1994، من قبل الطرف المنتصر (نظام الرئيس السابق صالح وحكومته المركزية في صنعاء).. ولكن الاشتراكيين في اليمن عندما لاحظوا صدق الرئيس هادي والقيادة اليمنية الجديدة في حل القضية الجنوبية حلاُ عادلاً، وبدء تطبيق ذلك على أرض الواقع، راودهم حلم استعادة دولتهم الجنوبية الإشتراكية السابقة في جنوب اليمن، وأن يكون الحزب الإشتراكي حزباً حاكماً هناك، وحكمهم لأقليم حضرموت أو عدن على سبيل المثال لا الحصر عبر الفيدرالية، ودولة الأقاليم الطائفية، إذا لم تفلح جهود القيادة اليمنية في حل القضية الجنوبية حلاً عادلاً على حد وصفهم، وكذلك الحفاظ على الوحدة الوطنية الترابية، بين الشمال اليمني وجنوبه، بعد تجاوز المرحلة الانتقالية، والانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة في العام 2014، إذا لم تؤجل ويتم التمديد للرئيس هادي، لإنجاز بقية المراحل الانتقالية، والوصول إلى توافق. نعود لنقول ان الوحدة اليمنية باقية بدون الرئيس السابق علي صالح وأبنائه وعائلته التي تتحسر حالياً على خروجها من السلطة، وتعمل على زرع الكثير من الالغام واختلاق العديد من المشاكل، في طريق حكومة الوفاق رغم تفرد حزب المؤتمر الشعبي، الذي ينتمون إليه، ب 50بالمئة من الحقائب الوزارية في حكومة الدكتور محمد سالم باسندوة، وإلا من المستفيد بالله عليكم من استهداف أبراج الكهرباء في مأرب شمال شرق البلاد، وإغراق اليمن وعاصمته صنعاء بالظلام لليوم الثالث على التوالي، واستهداف وتدمير سلاح الجو من الداخل عبر خلق ثورة مضادة مدفوع لها ضد قيادة القوات الجوية والدفاع الجوي الجديدة. نعم نقول وللمرة الألف الوحدة اليمنية باقية لأن الشعب اليمني حافظ عليها، وسيضل حارسها الأمين بدمائه وأجساد أبنائه وأرواحهم الطاهرة.. وأقْسمَ ألا يحيد عنها قيد أنملة.. رغم الكثير من المؤامرات والمحاولات الفاشلة لفصم عراها داخلياً وخارجياً، في ظل ثورة التغيير اليمنية الناجحة لا محالة، لأن الشعب اليمني في الجنوب قبل الشمال، لا يريد سواها، وقد عانى من عذابات التقسيم والتشطير سنوات ليست قليلة. * نقلا عن القدس العربي