عدن أونلاين/اليوم السعودية بتوقيع المبادرة الخليجية في الرياض، بشأن اليمن، أول من أمس، نعتقد بأن هذا البلد الشقيق يمكنه تجاوز المحنة الطاحنة التي استنزفته في السنوات الأخيرة، وأعادته للخلف عشرات السنين، وأدخلته دوامة تشبه الحرب الأهلية.
صحيح، أن توقيع هذه المبادرة تأخر كثيراً، لأنها تعتبر "أنسب" الحلول لتجاوز المحنة، ولكن يبقى الأمل في آلية التنفيذ، وحسن النوايا التي يجب أن تحكمها باعتبارها فرصة حقيقية لإعادة الاستقرار والأمن لليمن الشقيق. وإذا كانت كل الجهود الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الجهود السعودية نجحت في تجاوز العديد من العقبات، إلا أن الأمل متعلق بقدرة اليمنيين أنفسهم على تجاوز الأزمة، دون القفز على المعطيات التي أفرزتها الأحداث المتلاحقة، وتأكيد تحقيق الانتقال السلمي للسلطة بما يحقق آمال الشعب اليمني، بكافة تياراته وأطيافه وشرائحه، وبما يحفظ سيادته وحقوق الجميع على أرضه. التحدي الأكبر أمام اليمنيين في المرحلة المقبلة، هو الاعتبار من دروس ما مضى، والاستفادة مما حدث، كيلا يتكرر، سواء بنفس الشكل أو بأشكال أخرى، وهذا التحدي يجعل من بناء الدولة اليمنية الحديثة أولوية قصوى، لا يتفرّد بها شخص أو جهة بعينها، بل يكون الاحتكام للشعب هو المعين الرئيس والهدف الأساسي. وهنا، لا ننسى ما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، في كلمته في حفل التوقيع، من أن الملكة ستبقى الشقية الكبر، والساعد المهم لتحقيق الاستقرار في اليمن، ليس للاعتبار التاريخي أو الجغرافي فقط، ولكن لأن اليمن يمثل العمق الاستراتيجي للمملكة ولدول مجلس التعاون الخليجي، والاستقرار اليمني هو استقرار لكل المنطقة.
الدرس الأهم في مرحلة ما يعرف ب"الربيع العربي" أن الحالة اليمنية بالمبادرة الخليجية، مثلت أولى حالات الحلول العربية للثورات والاحتجاجات القائمة، والتي انتهت بخروج مأساوي لقادة عرب، في تونس ومصر وليبيا، ويمكن اعتبار اليمني الحالة التي تحقق فيها هذا الخروج بحل توافقي حتى لو كان فيه بعض الثمن الدموي، وسوف يذكر التاريخ للرئيس علي عبد الله صالح، قبوله لهذا الحل، وعدم جر البلاد لما يشبه الحالة الليبية، أو السورية. نتمنى لليمن الشقيق الوصول إلى بر الأمان، وتحقيق ما يطمح إليه شعبه وأفراده، ونؤكد أننا هنا في المملكة، سنواصل دعمنا لأشقائنا، ونساعدهم كجزء من الواجب التاريخي الذي نضطلع به، من أجل الاستقرار والرفاهية لكل المنطقة.