هي اسرة متواضعة.. عائلها يمتهن حرفة الصيد.. ينتزع رزقه من فم امواج البحر الهادر، مثل كل الصيادين الذين يخاطرون بحياتهم من اجل العيش بكرامه في هذا الزمن الذي يقاس فيه الانسان بما يملك من حطام الدنيا لا بمايمتلك من صفات واخلاقيات رفيعة مثل: الصدق والوفاء والامانة والصلاح، التي مازالت بارزة في حياة هؤلاء الصيادين الذين يكابدون اهوال البحر ، وخطر الغرق في سبيل اطعام افواها فاغرة لاطفال وحرائر ينتظرون ما يجلبه عائلهم من اسماك يسد باثمانها تلك الافواه الجائعة. انها مهنة الصيد المحفوفة بمخاطر لاتنتهي ، ولكن من تابى نفسه ان يتكفف الناس عليه ان يركب الصعب حتى يغير الله الحال. انهم صيادون يمتهنون الصيد ولايلتفتون الى السياسة ، ولا علاقة لهم بما يدور في اروقتها المظلمة.. ومع ذلك طالهم من السياسة كل مايؤذي ويدمي القلوب ، ويجرح الاحساس المشاعر. نعم هي احدى الاسر التي وقعت ضحية الحرب على الارهاب بلا ثمن.. حين سيطر على مدينتهم الاغراب فجلبوا لهم الموت والخراب.. تغشاهم الحصار لأشهر متتالية، وطالهم القصف العشوائي فكانوا على موعد مع الموت .. فالتهم عددا من ابناء تلك المدينة المسالمة..ومنهم السيدة صالحة حسن المغوري ومعها طفلتها ذات الخمسة اعوام..وحتى تكون القصة اكثر وضوحا واللغة اوضح تعبيرا ، نستمع الى ابنة الشهيدة الكبرى ذات العشرة اعوام وهي تسرد لنا تفاصيل الحادث المأساوي حين ضرب منزلهم صاروخ من طائرة حربية أخطأت هدفها- كما قالوا- فقتلت الابرياء تقول ريم: لم نشعر بقدوم الصاروخ .. لكننا افقنا على انفجار هائل في بيتنا حتى ان اختي سقطت من يدي دون ان ادري ، تلمست ارجاء المنزل فوجدتها مرمية على الارض فحملتها فاذا هي تنزف دما.. ولاشعوريا هرولت هاربة بها خارج المنزل وانا اصرخ بهستيريا ، يا الله يالله .. واذا بالرجال يحيطون بنا بعد برهة من الوقت ويأخذون اختي من يدي الى السيارة ضمن مجموعة من المصابين لنقلهم الى عدن للعلاج ، فعدت ادراجي الى المنزل بعد ان انقشع الغبار وفوجدت امي مسجاة على الارض ، واردت ان ارفعها فدخلت يدي في صدرها لانه مشقوق من القذيفة فسحبت يدي واذا هي ملطخة بدماء امي فصعقت لهول المنظر وغاب عني الوعي ولم استفق الا وانا بين يدي ابي يحملني بذهول وصمت لم اعهده فيه من قبل ..صرخت في وجهه هل ماتت امي ؟ فقال بتلقائية : لاحول ولاقوة الا بالله نعم لقد ماتت.. وسقطت منه دمعة حرى على خدي ، حينها احسست ان الدنيا اظلمت في وجهي لاني لن ارى امي الى الابد..اختي الصغيرة فارقت الحياة وهي تسال الرجال عن امي حتى هيجت مشاعرهم وكادوا ان يجهشوا بالبكاء. انفض الغبار الهائل .. وتجمع الناس حولنا واذا بهم يفجعون بمقتل ست نساء واربعة اطفال وثنين من الرجال ، جميعهم لايعلمون ياي ذنب قتلوا. يقول الشيخ محسن حسن صالح (شقيق الشهيدة) : لا استطيع ان اعبرعما في صدري من الحزن والألم على شقيقتي وابنتها التي قتلت بلا ذنب.. انها مأساة حقيقية ان يصبح الابرياء ضحايا سهلة في الحرب على الارهاب .. وما يحز في النفس ان ابناء شقرة الذين قتلوا بالقصف العشوائي –ومنهم شقيقتي- قد اهملتهم السلطات التي يفترض فيها القيام بسؤلياتها تجاه هؤلاء الضحايا وامثالهم. واضاف: قد يقول قائل ان الكثير من الضحيا الابرياء ازهقت ارواحهم في هذه الحرب اللعينة ولستم وحدكم .. واقول: ان يقتل من تحب بلا ذنب فتلك مصيبة ، ولكن ان تتجاهل السلطات مصيرا سرهم حتى في المواساة فالمصيبة اعظم . ويتساءل بعفوية: هل يحق لنا مقاضاة الطيار الذي استهدف الاهالي واعرض عن عناصر القاعدة؟!