وجه المحرر السياسي في موقع (الإصلاح نت) الناطق عن حزب التجمع اليمني للإصلاح نقدا قويا ضد الدولة بسبب موقفها المتخاذل من الحرب الدائرة في دماج محافظة صعدة , وقال موقع الإصلاح أن دور الدولة بكل أسف اقتصر على دور الوساطة بين الطرفين المتحاربين ونقل الشروط بينهما دون أن يكون له موقف حازم وكلمة مسموعة، وبهذا فقد أظهرت الدولة نفسها في موقف الضعف... النص: في الحرب المستعرة على دمّاج تمارس الدولة- للأسف- دور الوسيط بين طرفي النزاع, مظهرة ضعفا وعجزا غير مبررين, فتذهب لتنقل شروط هذا الطرف إلى الطرف الآخر دون أن تكون لها كلمة مسموعة أو أي تأثير على المتنازعين, متخلية عن دورها كدولة راعية للجميع, من حقها فرض سيادتها وسلطانها على الكافة, ومحاسبة المعتدي وقسّره على كف أذاه وأطّره على الحق أطرّا, واتخاذ التدابير اللازمة التي من شأنها إنهاء الصراع والفصل بين أطرافه وقسرهم على إلقاء أسلحتهم والإذعان لسلطة النظام والقانون واحترام إرادة الدولة ومؤسساتها الشرعية. اليوم وفي ظل هذا الانفلات الأمني, وطغيان موجة العنف الطائفي, وتراجع هيبة الدولة وضعف فاعلية مؤسساتها وأجهزتها الأمنية والعسكرية, تسرح وتمرح العصابات والجماعات المسلحة في طول البلاد وعرضها متحدية الدولة, بل وفارضة نفسها مكانها بالقوة في كثير من الأحيان, جاعلة حياة الكثير من اليمنيين جحيم لا يطاق. وما يحدث في دمّاج أنموذج صارخ لذلك الانفلات والفراغ الأمني, وتقاعس الدولة في الأخذ على أيدي جماعات العنف التي تعمل خارج الأطر القانونية, وتتحدى السلطة والمجتمع وتفرض سيادتها بالقوة على أجزاء من الوطن, وتستخدم سلاح الدولة الذي جرى تسريبه إليها بطرق مختلفة, في قمع المواطنين والتنكيل بهم وفرض توجهاتها الفكرية والمذهبية. ولكي تستعيد الدولة دورها السيادي والسياسي وتتمكن من القيام بواجبها الوطني في بسط ظلها على كافة أراضيها وحماية مواطنيها ورعايتهم يتعين عليها ابتداء استعادة أسلحتها الثقيلة التي جرى تسريبها بتواطؤ أركان النظام السابق إلى أيدي تلك العصابات الإجرامية في مناطق شتى من البلاد لتنفذ أجندة سياسية مفضوحة, هي اليوم أشد ما تكون وضوحاً أمام الرأي العام اليمني. إن المواطن والجندي اليمني يُقتلان اليوم- للأسف الشديد- في أنحاء متفرقة من البلاد بسلاح الدولة الذي تم السطو عليه وفق عمليات نهب منظمة طالت معظم معسكرات الجيش, وفي أحيان أخرى كان يتم تسليمه يدا بيد لعصابات القتل والإرهاب, وآن لهذه المهزلة أن تتوقف وللدولة أن تستعيد زمام المبادرة في التصدي لجماعات العنف المسلحة, التي لطالما عملت على زعزعة استقرار البلد واستباحت دماء اليمنيين, وسعت جاهدة لتقويض سلطة النظام القائم وإعاقة ثورة التغيير. حين تنشأ جماعة ما وفق عقيدة مغلوطة تتوسل العصبية السلالية والطائفية وتتوكأ على ادعاءات باطلة بالتفويض الإلهي والاصطفاء على الناس, المصاحب لامتلاك أدوات القوة والبطش فماذا نتوقع منها حينئذ؟ وكيف يمكن أن تتصرف مثل هذه الجماعة إزاء الآخر؟ لقد برهنت الوقائع تباعا أن أي جماعة منغلقة على نفسها تتشبث بمثل هذا الفكر الاستعلائي الاقصائي لن تكون حاملة لأي مشروع وطني جامع, وستخفق حتما في التعايش مع الآخر والقبول بدولة المواطنة المتساوية ما لم تتخلى عن أفكارها الرجعية تلك, بما فيها فكرة الوصول إلى السلطة خارج العملية الديمقراطية وبعيدا عن صندوق الاقتراع. المؤسف حقا أن يجيء اليوم, وبعد أكثر من خمسين عاما على ثورة سبتمبر, من يحاول أن يشدنا بقوة سلاحه إلى ماضيه المظلم الذي رفضه اليمنيون وثاروا عليه وتحرروا منه, متلفعاً بدعاوى تجاوزها العصر والدين منها براء, إذ يستحيل على عاقل التصديق بأن الإسلام الذي حرر العالم من عبودية الإنسان وحكم الطواغيت يمكن أن يؤسس لحكم الكهنوت وسلطة الفرد المطلقة القائمة على الاصطفاء وفق الجينات الوراثية التي تحملها هذه السلالة البشرية أو تلك!! إنها محاولات بائسة لهدم كفاحنا الوطني وإرثنا النضالي التحرري والاستعاضة عنه بتلفيقات وتهويمات ما أنزل الله بها من سلطان, فيما لم يعد ثمة مجال للحديث عن الحكم وسبل الوصول إليه بمعزل عما صار يعرف اليوم بالدولة المدنية الحديثة دولة المواطنة المتساوية, والتي من مقتضياتها أن الشعب هو صاحب السلطة ومصدرها, ومن يريد الوصول إليها فعليه أن يأخذ تفويضا مباشرا منه عبر الانتخابات الحرة والنزيهة, وما عدا ذلك فلا شرعية له.