عدن اون لاين/ استطلاع/ شفيع العبد لا يختلف اثنان داخل الحراك الجنوبي السلمي على أن أوضاعه التنظيمية لا تسر أحد، وان التباينات والاختلافات في الآراء والرؤى قد جعل منها "البعض" مدخلاً لنشوب الخلافات وتعزيزها، وسد الأبواب والمنافذ أمام "الآخر" المختلف. وسط هذه الحالة غير الصحية، يدور سؤال في أذهان الجميع عن الطريق الذي يسير فيه الحراك، بدورنا في "وفاق" حملنا هذا التساؤل المشروع وطرحناه على طاولة عدد من القيادات والناشطين والإعلاميين. كشميم: صوت عال يصر على فرض مشروعه! الزميل "عوض كشميم" يرى أن مستقبل الحراك الجنوبي ، وليس القضية الجنوبية يشوبه نوع من التشظي، ويرجع ذلك إلى "استمرار التجاذبات داخل جسم الحراك من قبل مراكز النفوذ والمال الجنوبي المصحوب بخطاب إعلامي تعبوي قائم على لغة التحريض لا التوجيه وروح المبادرة، و ظاهرة الفرز بين تيارات الحراك أضعفت إلى حد كبير مؤثرات الجذب وضاعفت من حالة التذمر عند قواعد الحراك الجنوبي". "كشميم" يؤكد أن المشهد الجنوبي القائم لا يبشر بوجود تناغم بشي من التوافق الجنوبي - الجنوبي عدا مؤشرات صوت عال يصر على فرض مشروعه ويقاوم كل من يختلف معه بخلفيات إقصائية ربما يغذيه قصر عمر التجربة وحركة الاندفاع المتهور لدى أدواته الشعبية في الشارع الجنوبي. يضيف مختتماً ل:وفاق": " كل ما نريده هو ترشيد الخطاب الثوري لمشهد الفعل الثوري مع التوجيه حفاظاً على تماسك مشروع النضال السلمي بهدف الوصول إلى تحقيق الهدف وانجاز الغايات التي سقط من اجلها خيرة شباب الجنوب". محمد فضل: قيادة غير صادقة! "محمد فضل علي" نائب رئيس مجلس الحراك السلمي بمحافظة الضالع، اشار في مستهل حديثه الى ان الحراك منذ انطلاقته في 2007 هادفاً الى استعادة جمهورية اليمن الديمقراطية بماقدمها من تضحيات قد واجه بعض العراقيل التي تسببت في تأخير تحقيق التحرر. من بين هذه العراقيل كما يرى: " تسخير نظام الاحتلال كل الإمكانات المادية والعسكرية والاستخباراتية والإعلامية لضرب وتشويه الحراك وزرع الفتنة بين أبناء الجنوب، وثانياً وجود التباينات بين بعض قيادات الحراك وظهور بعض الانتهازيين في الحراك كل هدفهم هو حب الذات ووصولهم إلى موقع القيادة، ومنهم من وصل ومنهم من لازال يبذل المحاولات بطرق غير مؤسسية، لهذا فهم لا يولون قضية الجنوب اهتماماً مثلما يوليه كل منهم للكيفية التي ينتصر بها على الآخر". ويختتم بالقول: " أصبحت لدينا قيادة مفككة غير صادقة وليس لديهم ثقة في بعضهم البعض، يُظهرون خلافاتهم بكل فعالية يكونون ملزمين بإنجاحها، كل شخص يريد تلميع نفسه فقط عبر وسائل الإعلام او غيرها من اجل يظهر وكأنه الدينمو المحرك وصاحب الكلمة المستجابة للقيادة في الخارج، ولكن شعب الجنوب الذي خرج للشارع يهتف بإسم الجنوب سوف يواصل مسيرته واستعادة دولته دون الرجوع إلى هذه القيادة مهما حصل". بن يحيى: حراك حبيس نفسه لأكثر من خمس سنوات الزميل "علي سالم بن يحيى" اعتبر السؤال كبيراً كبر القضية الجنوبية وحاملها (الحراك)، مؤكداً انه – أي السؤال- يتردد في ذهنه ليل نهار، خاصة مع ظهور شوائب كثيرة نخرت في جسد الحراك وعطلته عن مساره الجميل. حد وصفه. "بن يحيى" قال: " اختلف مع من يرى الحراك (بعشرة رؤوس) فهو بدأ برأس جميل الكل أقبل عليه، ولكنه تحول فيما بعد- بعد أن كثر (الطباخون) ليفسدون مرقه- إلى جسد بلا رأس". يضيف: "الحراك جاء من الفعل حرّك..ومعه تحركت مياه الجنوب تجاه بحر قضيتهم العادلة، عدالة السماء والأرض، ومعها تزايدت الأعداد وهتفت الحناجر، واستقبلت مقابر الحرية المئات والآلاف من أنصارها، وشبابها". بعد تلك التضحيات هناك مهام كان يجب القيام بها وأولويات تستحق العمل من اجلها من وجهة نظره تتمثل في: " كان لزاماً على الجميع القفز فوق الأنانية وحب التسلط، لتوحيد الجهود ورص الصفوف، كي يكون صدى الحراك كبيراً ومسموعاً..وإجبار الطرف الأخر للخضوع والخنوع لتلك المطالب، والجلوس على طاولة الحوار، بل لو أن الصوت واحداً فان نخب الشمال هي من ستهرول للقبول للحوار والتنازل عن كبرياء الوحدة المدعومة بالدم، الخلل في الحراك وأصحابه تنافروا شذر مذر، كلاً ينفخ في بالونه وقربته، ومعها بعدت علامات النصر وتلاشت". يرى أن الحراك فقد الكثير من سموه، وعظمته لارتهانه لأصوات تعيش خارج الزمن، ترى إنها الوصية على الجنوب وشعبه، وبسببها خسرت القضية الشيء الكثير. يتساءل: "لو يجلس عاقلاً ويفتش دفاتره منذ 2007م وحتى اليوم ويسأل سؤالاً كبيراً: ماذا تحقق للجنوب؟!". وبدوره يجيب قبل أن نلتقط أنفاسنا: "نعم كبرت كرة الثلج وتدحرجت محدثة ضجيجاً وصداعاً، لكن تظل الكرة تدور حول نفسها ولم تقفز للأمام! لازال المجتمع الدولي والإقليمي يتوجسان خيفة، لم يستطع حاملي الكرة إقناعهم بعدالة القضية، كل ما نراه هنا وهناك عبارة عن مهدئات، لم نسمع من الزعامات الإقليمية والدولية ما يثلج الصدر..بل دعوات من مناصرين، للتوحد، والبحث عن فريق واحد يتحدث باسم الجنوب". في ختام حديثه يقدم نصيحة للحراك الجنوبي إذا ما أراد تقييم مسيرته: "الحراك الجنوبي إذا أراد السير الى الأمام فعليه مراجعة حساباته حساباً عسيراً، ثورات عربية قضت على الحكام في غضون أسابيع وأشهر، وحراك حبيس نفسه طوال خمس سنوات ونيف، هناك خلل كبير جداً، عليه العودة الى ضميره وتنقيته من الشوائب الدخيلة عليه وتشويهه، ببعض المهووسين المخربين، وثالثة الأثافي ما أطلق على نفسه بالحراك المسلح، ولم تزجره الأصوات العاقلة التي اختفت بكل أسف وتركت الملعب لزعامات أصابها الخرف والزهايمر، وزعامات مطعونة في نبلها ونضالها، وأفراد يحبون الظهور عبر الشاشات، فوق هامات وجثث الحراكيين قولاً وفعلا..ولا زالت الكرة في ميدان الحراك". محسن عبد: لا يستطيع أي طرف بمفرده انجاز المهمة الوطنية "محسن عبد سعيد" رئيس الدائرة السياسية في مجلس الحراك السلمي محافظة أبين استهل حديثه لنا بالقول: "إن شاء الله يسير إلى تحقيق هدفه العادل المتمثل في استعادة دولة الجنوب، لأنه مَثّل ميلاد الثورة الشعبية الجنوبية السلمية التي عبّرت عن ضمير ووجدان شعب حي لا يقبل الظلم والاستعمار وسلب الكرامة ونهب الحقوق وطمس الهوية والتاريخ"، ويرى أن الحراك الجنوبي استطاع الإمساك بزمام المبادرة والريادة في النضال السلمي لنصرة قضية شعبه العادلة والمشروعة، وقدم التضحيات الجسام قوافل من الشهداء والجرحى والمعتقلين على مذبحة الحرية والكرامة من اجل استعادة حقه المغتصب من قبل قوى الاحتلال الغاشمة التي استباحت الجنوب في حرب 1994م واستطاع الثبات والصمود من خلال السنوات الماضية أمام التحديات الكبيرة وشتى أنواع التآمر لاختراقه وإضعافه والقضاء عليه وتجاوز كل المخاطر بنجاح وتوسعة قاعدته الجماهيرية وشعبيته ومؤيديه في كافة مديريات ومدن ومحافظات الجنوب. ويضيف: " كان جيل الشباب هو الرافد المتدفق بطاقاته المختلفة للحركة الشعبية السلمية وضمانتها الأكيدة في الاستمرار وتحقيق الانتصارات في مسارها السلمي والسياسي على طريق تحقيق الهدف الاستراتيجي لشعب الجنوب باستعادة دولته المستقلة". هذا العمل لاشك رافقته جملة من الصعوبات والنواقص والأخطاء أبرزها من وجهة نظره: " ظهور الانقسامات بين العديد من القوى والمكونات والتحالفات التي شكلت انقسام حقيقي داخل الحراك وانعكست على الوسط الشعبي بأثر سلبي وأوجدت حالة من النفور والتخوين وعدم القبول بالآخر وعلى الرقم من الجهود التي بذلها الخيرين والعقلاء المستوعبين لجسامة المهمة الوطنية باتجاه وحدة الطيف السياسي والاجتماعي الجنوبي المؤمن بعدالة ومشروعية القضية الجنوبية في كيان واحد وقيادة واحدة وبرنامج واحد حيث توحدت اغلب مكونات الحراك في إطار المجلس الأعلى لتحرير الجنوب في مايو 2009م بزنجبار". لكنه هنا عبّر عن أسفه لرفض بعض من اسماهم ب"المجموعات" داخل بعض المكونات التي توحدت، واصفاً إياها ب"المتمردة" على قياداتها لأنها بحسب وجهة نظره: " أبقت على مسميات سابقة كظاهرة صوتية بدون قاعدة شعبية تروّج للانقسام بسبب النزعات الذاتية وهوس الزعامات لدى البعض وبكل أسف انتقلت عدوى الخلافات لاحقاً إلى داخل المجلس الأعلى للحراك الموحد وأصبح في واقع الأمر عدة مجالس داخل واحد والحقائق الدالة على ذلك كثيرة وواضحة للرأي العام وتحل الانقسام بوضوح في الحراك في الداخل والخارج على السواء". "محسن" يرى أن استمرار هذا الوضع وتمترس كل طرف على موقفه يشكل مخاطر حقيقية على وضع الحراك والقضية الجنوبية، ويهدد بتفتيت التلاحم الشعبي الواسع وإضعاف فعالياته. ويؤكد انه لا يستطيع أي طرف في الحراك بمفرده انجاز المهمة الوطنية ولا يمتلك شرعية التمثيل للجنوب ولن يلاقي القبول المحلي والإقليمي والدولي، مضيفاً في هذا الاتجاه:" الأمر يتطلب من مكونات الحراك والقوى المؤمنة بمشروعيته وعدالة القضية الجنوبية انتهاج الحوار الوطني المسئول والتوافق على الشكل المناسب الذي يساعد على وحدة الصف الجنوبي وإنتاج قيادة موحدة للحراك تمنحها الإرادة الشعبية شرعية تمثيل الجنوب في الداخل والخارج وإقرار الجميع بحق شعب الجنوب في تقريره مصيره بإرادته دون وصاية فرد او جماعة او فصيل بعينه". لم يخف تفاؤله بأن تفضي المشاورات والحوارات التي تجري هذه الأيام بين القوى الجنوبية المختلفة إلى التوافق على صيغة تضمن وحدة الصف الجنوبي. ويرى بأن مستقبل الحراك مرهون بإنجاز هذه الخطوة التاريخية. داعياً كافة قوى الحراك إلى ترشيد الوعي لدى جماهيره وتنظيم صفوفه ومنع الانزلاق إلى مربعات العنف والفوضى ورفض السلوك والممارسات المسيئة بسمعته وأهدافه النبيلة والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة في مدن ومناطق الجنوب وتشكيل اللجان الشعبية في كافة الأحياء السكنية. باحميد: هناك مسؤولية تقع على النخب. الناشط السياسي "هشام باحميد" عضو مجلس الحراك بمحافظة حضرموت، قال:" أن الحراك الجنوبي بشهادة كبار المحللين السياسيين والكتاب والمفكرين العرب يعد منطلق الربيع العربي ومبتدأ الثورات العربية و يكفي أن استشهد هنا بوصف الكاتب المصري عادل الجوجري " الحراك الجنوبي السلمي الذي علّم الثورات العربية فن الحراك السلمي" . ويرى "باحميد" أن الحراك الجنوبي يمر بأكثر مراحل توسعه وانتشاره بعد أن عانى من تجاهل الإعلام العربي والدولي في الفترات السابقة.ومن جهة نظره أن الحراك يعد حاملاً لأعدل قضية في وقتنا الحاضر، قضية شعب عظيم يتعرض لأبشع أنواع القتل و الظلم والانتهاك على أرضه تحت مسمى " وحدة " دخل إليها طوعاً فإذا بها تتحول إلى أبشع صور الاستعمار باعتراف القوى تسببت في وأد تلك الوحدة وحولت أرضنا إلى غنيمة. ويضيف: "ان المتابع لنشؤ وتطور حركة الرفض الشعبي للواقع المفروض على الجنوب بقوة الحرب منذ انطلاقة المظاهرات الاحتجاجية في المكلا عام 97م بقيادة المناضل الجسور" حسن باعوم" ورفاقه مروراً بالعام 2007م بما مثلها من انطلاقة حقيقية للحراك الجنوبي السلمي في عموم الجنوب، يلاحظ أن الحراك ازداد اتساعاً جغرافياً ليدخل في كل المدن والقرى الجنوبية مقدماً آلاف الشهداء والجرحى ،إضافة إلى حضوره في الإعلام العالمي ولهذا يعتبر الحامل للقضية الجنوبية و المعبر عن الشعب". ويستطرد بالقول: "ومع هذا التوسع وبما أنها حركة شعبية بمعنى الكلمة فمن الطبيعي أن تشوبه بعض النواقص وتواجهه بعض المعوقات وتلازمه بعض الأخطاء . وهنا تكمن مسؤولية القيادات والرموز السياسية التي نأمل أن تبذل جهوداً أكبر في التقريب بين كل التفرعات ووضع حلاً للخلافات التي نشأت بين مكوناته وتوظيف كل الوسائل المتاحة لصالح الانتصار لقضية هذا الشعب الجبار وتحقيق هدفه والانتصار لكرامته". ويعتقد "باحميد" ان المسئولية لا تتوقف على قيادات الحراك فحسب، " هناك مسؤولية تقع على النخب والمفكرين والكتاب والمثقفين للمشاركة الايجابية الفاعلة التي من شأنها أن تقرب وتعزز وحده الصف والتنسيق بين الجميع لرسم أروع الصور البطولية التي تمكننا من حق تقرير المصير واستعادة الدولة" . في نهاية حديثه يأمل بان تتم مراجعة تقييم الخطاب الإعلامي الذي يفترض ان يكون خطاباً جاذباً للجميع وباعثاً للطمأنينة لأن زمن الإقصاء قد ولى دون رجعة. و لم يخف تفاؤله : "حقيقة لا اخفي تفاؤلي بأن هذا النضال الشعبي عندما يتوّج بعمل مؤسسي سيكون أكثر تنظيما مبتعدا عن الشخصنة، وسيحقق لنا الانفتاح على الآخر والقبول به وتقبل النقد". نقلا عن صحيفة (وفاق)