تصاعدت احتجاجات المتقاعدين العسكريين الجنوبيين المطالبين بصرف رواتبهم المنقطعة منذ أشهر. وشهدت الأيام الماضية عمليات إحراق إطارات ووضع أحجار وبقايا أخشاب من قبل المتقاعدين، لإغلاق الطرقات في عدن. تصعيد يترافق ودعوات للتظاهر يطلقها نشطاء مدنيون في المدينة، يطالبون بتوفير المشتقات النفطية وتحسين خدمات الكهرباء. أحد المتقاعدين العسكريين، وهو العقيد عبد الحكيم صالح، يروي ل"العربي" بعضاً من وجوه معاناته. يقول "(إنني) كُسرت شاباً في حرب صيف 94م. قبلها بعام واحد فقط كنت قد تخرجت من كلية القوى الجوية والدفاع الجوي برتبة ملازم أول. بعد الحرب تم تسريح الجيش الجنوبي وكنت وزملائي من الخريجين الجدد من المسرحين قسراً. ما زادني معاناة أنني أصبت في حرب 94 بشظية في مطار عدن الدولي مقر عملي، أدت إلى كسر مضاعف في الساق". ويضيف "(أنني) حاولت وعدداً من ضباط القوى الجوية تجاوز صعاب آثار الحرب، وقررنا الذهاب إلى صنعاء لترتيب أوضاعنا، وهناك كانت المعاملة الدونية سبباً في عودتنا إلى منازلنا مرة أخرى، والقعود في انتظار راتب تقاعدي نتسلّمه من البريد نهاية كل شهر. وسار الحال كذلك حتى اندلاع الحراك الجنوبي السلمي الذي أشعل شرارته الأولى المتقاعدون العسكريون... فحذاري من إغضابهم". ويذكر صالح أن "من قوّض وزلزل الأرض من تحت صالح هم المتقاعدون العسكريون الجنوبيون"، مؤكداً أن "صبرهم نعم طويل، وهم يستنفدون كافة الخيارات كي لا يتركوا مجالاً للتراجع". وعد الحالمي المحتجين بتوصيل مطالبهم للجهات المعنية حديث العقيد صالح جاء على هامش تجمّع احتجاجي نظمه عدد من المتقاعدين العسكريين الجنوبيين في عدن قبل أيام، بسبب عدم تسلمهم رواتبهم التقاعدية منذ 5 أشهر. العميد ياسين صالح كان من بين المحتجين. يعمل صالح حالياً في سوق القات بعدن، على الرغم من أنه متخصص في سلاح الصواريخ. السبب: راتبه التقاعدي لا يكفي لإعالة أسرته الكبيرة. المقدم حسين، ضابط بحري وقائد زورق حربي، يحضر هو الآخر في الاحتجاجات. يقول إنه "من المعيب أن تتعمد الحكومة إذلال المتقاعدين العسكريين، وتلجئهم إلى قطع الطريق للتعبير عن مظلوميتهم، بعد أن ساءت حالتهم المادية التي هي متردّية في الأصل، فكيف سيكون حالهم بعد قطع الرواتب عنهم لشهور تجاوزت ال5؟"؛ فيما يعتبر العقيد سيف، خبير في سلاح المدفعية 130، وخريج جمهورية يوغسلافيا، أن "ما يعانيه المتقاعدون العسكريون هو إذلال بكل ما تعنيه الكلمة من معنى"، مؤكداً "تلقيه دعوات عديدة من قبل (أنصار الله) لتدريب الجنود على المدفعية 130 في صنعاء مقابل مبالغ مجزية"، مضيفاً أنه "لم يستجب لطلبهم على الرغم من قطع راتبه ولجوئه إلى الصيد بسنارة لساعات طويلة، يقضيها في انتظار ما يجود به البحر ليقوم ببيعه وفي كثير من الأيام لا يتمكّن من ذلك". وإزاء تلك المطالبات يعتقد العميد محمد حسين السوادي، العضو في لجنة صرف المرتبات، ب"أنها مسألة وقت نتيجة الإرباك الذي حدث عقب نقل البنك من صنعاء إلى عدن، حيث كان الآلاف من المتقاعدين العسكريين الجنوبيين يتسلمون رواتبهم من صنعاء عبر البريد، وعندما نقل البنك الى عدن لم يتسلم البنك في عدن كشوفات رواتب المتقاعدين العسكريين"، متوقّعاً أن "يتسلموا رواتبهم خلال الأيام القليلة القادمة عقب إرسال الحكومة رواتب الموظفين إلى صنعاء وتنتهي المشكلة". ونفى السوادي علمه بما إذا كان سيتم صرف رواتب الشهور الخمسة الماضية للمتقاعدين أم أنهم سيتسلمون راتب شهر واحد فقط. وكان وزير النقل في حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، مراد الحالمي، تمكّن، مطلع هذا الأسبوع، من إقناع محتجين من الجيش الجنوبي بفتح طريق رئيس في عدن كانوا قد قاموا بقطعه بالأحجار والإطارات المشتعلة، للمطالبة بصرف رواتبهم المتوقفة منذ شهور. واتهم المحتجون الحكومة "الشرعية" بتجاهل معاناتهم، فيما وعدهم الحالمي بتبنيه متابعة الجهات المعنية، طالباً مهلة قصيرة للقيام بذلك.