بيان تحذيري من الداخلية    إيران تفكك شبكة تجسس مرتبطة بالولايات المتحدة وإسرائيل    اليوم انطلاق بطولة الشركات تحت شعار "شهداء على طريق القدس"    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    تمرد إخواني في مأرب يضع مجلس القيادة أمام امتحان مصيري    أبين.. الأمن يتهاوى بين فوهات البنادق وصراع الجبايات وصمت السلطات    30 نوفمبر...ثمن لا ينتهي!    حلّ القضية الجنوبية يسهل حلّ المشكلة اليمنية يا عرب    عسل شبوة يغزو معارض الصين التجارية في شنغهاي    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    تغاريد حرة .. انكشاف يكبر واحتقان يتوسع قبل ان يتحول إلى غضب    كلمة الحق هي المغامرة الأكثر خطورة    "فيديو" جسم مجهول قبالة سواحل اليمن يتحدى صاروخ أمريكي ويحدث صدمة في الكونغرس    قاضٍ يوجه رسالة مفتوحة للحوثي مطالباً بالإفراج عن المخفيين قسرياً في صنعاء    قرار جديد في تعز لضبط رسوم المدارس الأهلية وإعفاء أبناء الشهداء والجرحى من الدفع    الجريمة المزدوجة    الهجرة الدولية تعلن استئناف رصد حركة الهجرة في اليمن    مشاريع نوعية تنهض بشبكة الطرق في أمانة العاصمة    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    انتقالي الطلح يقدم كمية من الكتب المدرسية لإدارة مكتب التربية والتعليم بالمديرية    الهيئة النسائية في بني مطر تحيي الذكرى السنوية للشهيد    قبائل تهامة ومستبأ في حجة تؤكد الجاهزية لمواجهة أي تصعيد    قراءة تحليلية لنص "خطوبة وخيبة" ل"أحمد سيف حاشد"    النفط يتجاوز 65 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ 3 نوفمبر    مواطنون يعثرون على جثة مواطن قتيلا في إب بظروف غامضة    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    لملس يبحث مع وفد حكومي هولندي سبل تطوير مؤسسة مياه عدن    وقفة في تعز واعتصام بمأرب.. جرحى الجيش ينددون بالإهمال ويطالبون بمعالجة أوضاعهم    الحرارة المحسوسة تلامس الصفر المئوي والأرصاد يحذر من برودة شديدة على المرتفعات ويتوقع أمطاراً على أجزاء من 5 محافظات    الحديدة أولا    رئيس بوروندي يستقبل قادة الرياضة الأفريقية    الاتصالات تنفي شائعات مصادرة أرصدة المشتركين    مصر تخنق إثيوبيا دبلوماسياً من بوابة جيبوتي    الشاذلي يبحث عن شخصية داعمة لرئاسة نادي الشعلة    جولف السعودية تفتح آفاقاً جديدة لتمكين المرأة في الرياضة والإعلام ببطولة أرامكو – شينزن    القبض على المتهمين بقتل القباطي في تعز    ريال مدريد يقرر بيع فينيسيوس جونيور    نائب وزير الشباب والرياضة يطلع على الترتيبات النهائية لانطلاق بطولة 30 نوفمبر للاتحاد العام لالتقاط الاوتاد على كأس الشهيد الغماري    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    حكاية وادي زبيد (2): الأربعين المَطّارة ونظام "المِدَد" الأعرق    لصوصية طيران اليمنية.. استنزاف دماء المغتربين (وثيقة)    عدن في قلب وذكريات الملكة إليزابيث الثانية: زيارة خلدتها الذاكرة البريطانية والعربية    البروفيسور الترب يحضر مناقشة رسالة الماجستير للدارس مصطفى محمود    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    قراءة تحليلية لنص "خصي العقول" ل"أحمد سيف حاشد"    عالم أزهري يحذر: الطلاق ب"الفرانكو" غير معترف به شرعا    سؤال المعنى ...سؤال الحياة    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    الدوري الاسباني: برشلونة يعود من ملعب سلتا فيغو بانتصار كبير ويقلص الفارق مع ريال مدريد    تيجان المجد    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير حديث يكشف تفاصيل مرعبة عن سجون صالح والحوثي السرية
نشر في أخبار اليوم يوم 12 - 11 - 2017

منذ نشأة جماعة الحوثيين في صعدة، وتمردها عن الدولة خلال ما عرف بالحروب الستة، أنشأت جماعة الحوثيين سجوناً خاصة سرية في محافظة صعدة، وزجت بالعشرات من المواطنين المناهضين لها في تلك السجون، ومع اتساع تمدد المليشيا في الجغرافيا الزيدية اتسع نطاق ممارساتها القمعية، وتبعا لذلك اتسعت جرائم الاختطافات وأنشأت جماعة الحوثيين مراكز احتجاز سرية خاصة.
وفي عهد الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، ازدهرت جرائم الاختطافات والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري على نطاق واسع، في ظل إفلات تام من العقاب، وزادت وتيرتها منذ انقلاب تحالف صالح والحوثيين على السلطة الشرعية في اليمن واجتياح البلاد في سبتمبر 2014.
وعلى مدى قرابة ثلاثة أعوام من سيطرتها على السلطة في اليمن، نسفت ممارسات الحوثيين وحلفائهم كسلطة أمر واقع كل مضامين التشريع الوطني والمواثيق والاتفاقيات الدولية التي يعد اليمن طرفاً فيها وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بحفظ الحق في الحرية والكرامة ومنع السجن التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب.
وهو ما كشفه تقرير حديث أصدرته منظمة صحفيات بلا قيود، وحصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه، ويتحدث كيف أنه في عهد الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، ازدهرت جرائم الاختطافات والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري على نطاق واسع، في ظل إفلات تام من العقاب، وزادت وتيرتها منذ انقلاب تحالف صالح والحوثيين على السلطة الشرعية في اليمن واجتياح البلاد في سبتمبر 2014 ، استنادا إلى موروث تاريخي مثقل بالعنف، ثقافة وممارسة، فالحوثيون بوصفهم امتداد للعهد الإمامي في اليمن، ينطلقون في تعاطيهم مع المحيط الاجتماعي من حولهم بوصفهم «أعداء وكفار» ما لم يؤمنوا بأفضلية مطلقة للهاشميين «آل البيت» وأحقيتهم الحصرية في الحكم، وبالتالي يخضع المجتمع كله لامتحان مدى إيمانه بمزعوم «الاصطفاء السلالي».
وقال التقرير المعنون ب"الانقلاب وسياسة الاعتقال التعسفي"، أنه منذ نشأة جماعة الحوثيين في صعدة، وجولات الحروب الست، أنشأت جماعة الحوثيين سجوناً خاصة سرية في محافظة صعدة، وزجت بالعشرات من المواطنين المناهضين لها في تلك السجون، ومع اتساع تمدد المليشيا اتسع نطاق ممارساتها القمعية، وتبعا لذلك اتسعت جرائم الاختطافات وأنشأت جماعة الحوثيين مراكز احتجاز سرية خاصة، واستمرت بسياسات الاعتقالات التعسفية للمواطنين واحتجازهم في سجون سرية، تكون عادة عبارة عن مدارس أو منشآت استولى عليها المسلحون الحوثيون بالقوة وحولوها إلى ثكنات عسكرية للمليشيات التابعة لهم، وشملت الاعتقالات حتى صحافيين وعاملين في مجال الإغاثة، ولم يفرج عنهم إلا بعد انتقادات واسعة.
وعلى مدى قرابة ثلاثة أعوام من سيطرتها على السلطة في اليمن، نسفت ممارسات الحوثيين وحلفائهم كسلطة أمر واقع كل مضامين التشريع الوطني والمواثيق والاتفاقيات الدولية التي يعد اليمن طرفاً فيها وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بحفظ الحق في الحرية والكرامة ومنع السجن التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب.
وأجمل التقرير أنماط السجون المستخدمة حاليا ابتداء من السجون الرسمية التابعة شكليا لمصلحة السجون والمسماة بالإصلاحيات المركزية، والسجون التابعة للمناطق الأمنية التي تسمى بالسجون الاحتياطية وهي الأخرى تتبع وزارة الداخلية شكليا غير أنها تدار من قبل مشرفين أمنيين تابعين لمليشيا الحوثيين، كما تستخدم المليشيا السجون التابعة لجهازي الأمن القومي وسجن الأمن السياسي، ويقبع فيها حاليا عشرات المختطفين، وسجلت شهادات عن استخدام المصحات النفسية لإخفاء معتقلين مصابين بحالات نفسية أو فاقدي الذاكرة.
واستحدثت المليشيا مباني خاصة، بينها مبان حكومية، لسجن وإخفاء البعض من المعتقلين، كما حولت بعض المساجد وملحقاتها إلى سجون.
وكشفت تقارير حقوقية واستقصائية عن معلومات مرعبة لوضع السجون التي تديرها مليشيات الحوثيين وصالح، وصلت حد التعذيب حتى الوفاة، ووثقت شهادات بتعرض سجناء للتعذيب بالشوي والاعتداءات الجنسية والسجن في حاويات ملطخة بالفضلات الآدمية والصعق بالكهرباء في أماكن حساسة من الجسم وتعليق أوزان ثقيلة في الأعضاء التناسلية وتغطية العينيين طوال مدة الاحتجاز وتقييد اليدين أطول وقت ممكن ورفع أو خفض درجة الحرارة بطريقة تضر بالجسم وتسبب الأذى.
وتعتمد مليشيا الحوثي وقوات صالح على عدة طرق في تنفيذ عمليات الاعتقال، فيما يعد نظام الرهائن أحد الأنماط التي تستخدمها مليشيات الحوثيين، حيث تعمد مليشيا الحوثيين وحليفهم صالح إلى استخدام نظام الرهائن في سياق سياسات الاعتقال، للمقايضة مع ذوي الضحايا مقابل الحصول على أموال، لتتحول عملية الاختطاف سوقاً رائجة لما يمكن أن يشكل صورة من صور الاتجار بالبشر، حيث تنشط عناصر قيادية بالجماعة في العمل كسماسرة للمتاجرة بحريات الضحايا، ومساومة أقارب المعتقلين، للحصول على مبالغ مالية باهظة كفدية مقابل إطلاق سراح ذويهم.
ومن غير المستبعد أن يكون ثمة دور محوري في تفشي ظاهرة المتاجرة بحريات الضحايا للثقافة الاستعلائية التي تتغذى منها جماعة الحوثيين، على أساس الانتماء السلالي، وتمارس بشأنها التعبئة الفكرية
لعناصرها.
وبالنظر إلى طبيعة الضحايا الذين تستهدفهم مليشيا الحوثيين وصالح في سياساتها الممنهجة في الاعتقالات، يبرز الناشطون السياسيون والإعلاميون كهدف رئيسي، بالإضافة إلى عامة الشعب ممن يناهضون المليشيا أو يرفضون سياساتهم، حيث تنظر جماعة الحوثي إلى الناشطين المدنيين والصحافيين كخصوم مفترضين، وتتعامل معهم بوحشية مفرطة، في سياق سياسة ممنهجة ومتعمدة، كشفت عنها خطابات زعيم الجماعة نفسه عبدالملك الحوثي.
وتتفشى ظاهرة التعذيب بوتيرة ممنهجة في السجون الواقعة تحت سيطرة قوات الحوثيين وصالح في اليمن، حيث تحدث العديد من الناشطين اليمنيين المفرج عنهم بمرارة عن ما لاقوه من معاملة سيئة خلال احتجازهم وتعرضوا للتعذيب، وخرج عشرات المعتقلين جثثا هامدة أو بحاجة إلى علاج طويل المدى ويحمل بعضهم إعاقات لا علاج لها.
سجون سرية
منذ نشأة جماعة الحوثيين في صعدة، وتمردها عن الدولة خلال ما عرف بالحروب الستة، أنشأت جماعة الحوثيين سجوناً خاصة سرية في محافظة صعدة، وزجت بالعشرات من المواطنين المناهضين لها في تلك السجون، ومع اتساع تمدد المليشيا في الجغرافيا الزيدية اتسع نطاق ممارساتها القمعية، وتبعا لذلك اتسعت جرائم الاختطافات وأنشأت جماعة الحوثيين مراكز احتجاز سرية خاصة، وتقول منى الخالد، وهي ناشطة حوثية سابقة إنها تعرضت للسجن والتعذيب في سجون الحوثيين بصعدة طوال خمس سنوات.
استمرت مليشيا الحوثيين بسياسات الاعتقالات التعسفية للمواطنين واحتجازهم في سجون سرية، تكون عادة عبارة عن مدارس أو منشآت استولى عليها المسلحون الحوثيون بالقوة وحولوها إلى ثكنات عسكرية للمليشيات التابعة لهم، وشملت الاعتقالات حتى صحافيين وعاملين في مجال الإغاثة، ولم يفرج عنهم إلا بعد انتقادات واسعة.
وفي ديسمبر 2011 نقلت العديد من الصحف ووسائل الإعلام عن النائب البرلماني الشيخ صغير بن عزيز قوله: «منذ ثماني سنوات والحوثي في صعدة وسفيان وبعض مديريات الجوف وحجة يعتقل الناس على الهوية المذهبية والطائفية ويمارس عمليات التطهير الجسدي لكل المخالفين له، لافتاً – حينها – إلى اختطاف المليشيا 17 شخصاً في منطقة سفيان وحدها، لا يعلم عنهم شيء، مشيراً إلى أنهم رهائن لدى الحوثيين في سجون لا يسمح لأحد بزيارتها والاطلاع على أوضاع نزلائها».
ووفقاً للبرلماني عزيز، فإن «السجون الحوثية موجودة في مناطق نائية في الجبال وفي كهوف بعيدة عن التجمعات السكانية في سفيان وصعدة، وفيها من وسائل التعذيب ما لا يخطر على البال، ونقل عن بعض الذين تمكنوا من الإفلات من أيدي الحوثيين عن معاناة إنسانية بالغة يعيشها نزلاء هذه السجون السرية التي لا يسمح الحوثي لمنظمات حقوق الإنسان اليمنية أو الدولية بزيارتها، في الوقت الذي حول الحوثي صعدة إلى سجن كبير».
وكان عدد من الوجهاء القبليين وبرلمانيين وشخصيات اجتماعية من محافظتي صعدة وعمران، كشفوا أواخر ديسمبر 2011 ، عن وجود «سجون سرية» يديرها الحوثيون يحتجزون فيها مخالفيهم في الرأي والمذهب دون أي محاكمات أو توجيه اتهام.
وأفاد شهود العيان بأن هناك معتقلين في سجون سرية لا يعرف عن حالتهم الصحية شيء، نظرًا لأن هذه السجون لا يسمح لأحد بزيارتها أو الوصول إليها.
وعلى مدى قرابة ثلاثة أعوام من سيطرتها على السلطة في اليمن، نسفت ممارسات الحوثيين وحلفائهم كسلطة أمر واقع كل مضامين التشريع الوطني وفي مقدمته الدستور، والحقوق المكفولة بموجبه أو بموجب المواثيق والاتفاقيات الدولية التي يعد اليمن طرفاً فيها، وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بحفظ الحق في الحرية والكرامة ومنع السجن التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب.
ويمكن إجمال أنماط السجون المستخدمة حاليا ابتداء من السجون الرسمية التابعة شكليا لمصلحة السجون والمسماة بالإصلاحيات المركزية، وهي من حيث الأصل منشآت عقابية يفترض أن لا تقبل سوى الأشخاص المحكوم عليهم بقضاء مدة سجن كعقوبة أو بأمر من النيابة العامة في بعض الأحوال، لكنها تستخدم حاليا لسجن نشطاء سياسيين أو تجار أو غيرهم من أصناف المعتقلين، أضف إليها السجون التابعة للمناطق الأمنية التي تسمى بالسجون الاحتياطية وهي الأخرى تتبع وزارة الداخلية شكليا، غير أنها تدار من قبل مشرفين أمنيين تابعين لمليشيا الحوثيين، ويعد السجن التابع للمنطقة الخامسة المسمى بسجن هبرة واحدا من أسوأ مواقع الاعتقال حيث يعيش فيه المختطفون في ظروف مأساوية ويعانون من طفح المجاري التي تتلف ملابسهم وفراشهم، ويتسبب هذا الوضع بانتشار الأمراض الجلدية وتدهور حالة المختطفين الصحية، وهناك سجون يمكن اعتبارها أقساماً منفصلة داخل السجون الرسمية لا يتدخل فيها ضباط الأمن التابعين لوزارة الداخلية، ولا يمكنهم معرفة ما يدور فيها، ومن ضمنها السجن المسمى «المخفي» وهو مبنى داخل إدارة البحث الجنائي بأمانة العاصمة، وهو السجن الذي تعرض فيه وليد الإبي للتعذيب والقتل بعد أيام من اختطافه، وقال المحامي محمد المسوري– محامي علي عبدالله صالح- في صفحته على الفيسبوك إن تكاليف بناء هذا السجن اثنين مليون دولار.
إلى ذلك تستخدم المليشيا السجون التابعة لجهازي الأمن القومي وهو الجهاز الذي أخفي فيه الدكتور عبدالقادر الجنيد وسجن الأمن السياسي، ويقبع فيه حاليا عشرات المختطفين يسمح لأهاليهم بزيارتهم مرة واحدة في الأسبوع لا تتجاوز مدة الزيارة 15 دقيقة في الغالب، وتلغى مواعيد الزيارة دون إنذار مسبق في أحيان كثيرة، وهذان السجنان غير شرعيين من حيث الأساس، لكنهما كانا يستخدمان- بالمخالفة للقانون- في سجن المشتبه بانتمائهم إلى تنظيمات إرهابية، كما استخدما من قبل في سجن متهمين بالانتماء لجماعة الحوثي، وسجن فيهما ضباط سابقون في الأجهزة الأمنية نفسها، إضافة إلى سجناء من جنسيات أجنبية في قضايا غامضة، وتستخدم حاليا لسجن الناشطين السياسيين، وسجلت شهادات عن استخدام المصحات النفسية لإخفاء معتقلين مصابين بحالات نفسية أو فاقدي الذاكرة، وقال نجل أحمد معروف أنه عثر على والده في سجن تابع للأمن السياسي بصنعاء، وحصل على وعود باستلامه من المصحة النفسية في الحديدة لكن الضابط أحمد العريج وهو المعني بالقضية تعرض للاغتيال قبل أيام من موعد تسليم معروف لأسرته، وكانت أسرة مخفي آخر قد تمكنت من استلام مسن مريض تعتقد أنه والدها، لكن وسائل إعلامية قالت إن نتائج تحليل الحمض النووي خيبت أملها.
واستحدثت المليشيا مبانيَ خاصة لسجن وإخفاء بعض المعتقلين كمباني مدينة الصالح في تعز، كما حولت بعض المساجد وملحقاتها إلى سجون منها -على سبيل المثال- مسجد زين العابدين بمنطقة حزيز جنوب صنعاء. ومن بين السجون المستحدثة، مبنى كلية المجتمع في ذمار، ومباني مدينة الصالح في مفرق ماوية بمحافظة تعز، إضافة إلى المدارس التي تقع في مناطق سيطرة الحوثيين في مدينة تعز، والمباني الكبيرة التي تحتوي على طوابق أرضية.
أنماط الاعتقال
وتعتمد المليشيا على عدة طرق في تنفيذ عمليات الاعتقال، منها الاعتقال بالمداهمة ومثاله اعتقال نشطاء مسيرة الماء ويشكل أغلب الأساليب اتباعا، ثم الاعتقال بالاستدعاء أو الاستدراج ومثاله اختطاف أمين الرجوي، ثم الاعتقال في نقاط التفتيش التقليدية ومثاله حسام الوصابي الذي اختطف من طريق رداع البيضاء في النقطة المعروفة باسم نقطة أبو هاشم، وهي واحدة من أهم النقاط المثيرة للرعب على مستوى المواطنين العاديين، فضلا عن الناشطين السياسيين، إضافة إلى ذلك تأتي نقاط التفتيش التي تأخذ شكل الكمائن، حيث تنصب نقطة تفتيش مؤقتة في منطقة مرور الشخص المستهدف، ويتم اعتقاله أثناء مروره من النقطة ومثال هذا النمط اعتقال صالح البشري، وبالطبع فليس للإجراءات القانونية حضور ولو حتى على المستوى الشكلي، إلا أن عدداً من المعتقلين في صنعاء أحيلوا مؤخرا إلى المحكمة الجزائية المتخصصة، دون أن يعني ذلك أي ضمان لحقوقهم كسجناء أو تحسنا في ظروف سجنهم.
ومنذ بدء سيطرتهم على محافظة صعدة، وقبل الاجتياح الشامل للمدن اليمنية بالتحالف مع قوات المخلوع صالح، أقدم الحوثيون في أثناء طقوسهم واحتفالاتهم، على اعتقال العديد من الشباب من تيارات مختلفة، بمن فيهم المنتمون إلى حزب الإصلاح، بالإضافة إلى مواطنين عاديين، وذلك بحجة إجراءات أمنية، وفي احتفالهم بيوم القدس العالمي يختطف الحوثيون العديد من أبناء المحافظة بشكل تعسفي، ويحتجزونهم في سجون خاصة، قبل أن يطلقوا سراحهم لاحقا.
يقول ع خ 30 سنة، من مدينة صعدة اعتقله الحوثيون في يوم القدس العالمي لعام 2011 ، إن الحوثيين اقتحموا منزل أسرته الساعة الثامنة صباحًا، الضحية هو من فتح لهم الباب، كان عدد مسلحي الحوثيين الذين هاجموا المنزل خمسة، بقي اثنان خارج المنزل لم يتمكن من معرفة اسميهما، بينما دخل ثلاثة منهم إلى المنزل يعرفهم بالاسم.
كان في الغرفة إلى جانب الشاهد ثلاثة أشقائه والرابع ابن عمه، جميعهم كانوا لا يزالون نياماً، بدأ المسلحون بمصادرة هواتفهم واحداً تلو الآخر، قبل أن يصطحبوه معهم، ويقتادوه على متن سيارة لاند كروزر إلى مدرسة الوحدة في حارة المواصلات، بعد أن أعطوه تطمينات بأن هذه الإجراءات «أمنيات » كما يسمونها، احتجز لمدة 24 ساعة، من دون أن يسمح له بأي اتصال بالعالم الخارجي، ولم يعيدوا له هاتفه وهواتف أقاربه إلا بعد يومين من الإفراج عنه.
يضيف الشاهد أنه لدى وصوله مدرسة الوحدة تفاجأ بوجود أحد جيرانه محتجزا في نفس المكان، لم تمض سوى دقائق حتى جمعوا إلى جانبهما تسعة أشخاص آخرين اعتقلوا بنفس الطريقة، قبل أن يأخذوهم بسيارة مكشوفة برفقة مسلحين إلى حبس آخر في منطقة رحبان خارج صعدة، ظلوا هناك حتى قبيل الفجر أي بعد قرابة 20 ساعة، قام خلالها أحد مسلحي الحوثي بالتقاط صور المحتجزين وتدوين معلوماتهم الشخصية، الاسم والعمر والحالة الاجتماعية وعدد أفراد الأسرة، قبل أن يطلق سراحهم.
///////////
من هم الضحايا؟
ارتبطت السجون ارتباطا وثيقا بانتشار مليشيا الحوثي؛ فمع كل توسع لمناطق جديدة كانت السجون رديفا أساسيا لسلطتها، وبطبيعة الحال توسع استخدام السجون مع اتساع الرقعة الجغرافية التي تسيطر عليها الجماعة، وكانت عمليات الاعتقال والاختطاف في المراحل السابقة مقتصرة على نشطاء الحركة المنشقين عنها أو النشطاء المناوئين لها من سكان المناطق الداخلة في نطاق سيطرتهم، بغرض الحد من تأثيرهم، أو التنكيل بهم لإرهاب مجتمعاتهم المحلية، إضافة إلى أسرى ومختطفين من أفراد وضباط الجيش، تعرضوا للأسر في مواجهات أو اختطفوا في ظروف مختلفة خارج المواجهات.
وكانت عمليات الاعتقال والاختطاف تتم بعيدا عن الإعلام وبدون أي سند قانوني وفي بيوت معزولة أو كهوف، بيد أن الأمر قد اختلف نوعا ما بعد سيطرة الجماعة على صنعاء وتحالفها مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح، فقد توسعت عمليات الاعتقال لتطال شرائح أخرى من المجتمع كالتجار والصرافين وبعض موظفي الدولة، في الجهاز الإداري، وقيادات وكوادر حزبية.
وبدأت الجماعة في استخدام السجون الرسمية التابعة لمصلحة السجون ومراكز الاحتجاز المؤقتة التابعة لوزارة الداخلية والسجون التابعة للأجهزة الأمنية، لاحتجاز أو إخفاء ضحاياها، كما بدأت في نطاق محدود باستخدام النيابة العامة لإصدار أوامر اعتقال ولو في أوقات لاحقة لعملية الاعتقال بالفعل.
وتعتمد في بعض عمليات الاعتقال مؤخرا على أجهزة الأمن التقليدية لكنها تستخدم أقسام الشرطة منذ وقت مبكر لاحتجاز المختطفين قبل أن تفرج عنهم أو تنقلهم إلى مراكز احتجاز كالمناطق الأمنية والسجون المستحدثة.
وبالنظر إلى طبيعة الضحايا الذين تستهدفهم مليشيا الحوثيين وصالح في سياساتها الممنهجة في الاعتقالات، يبرز الناشطون السياسيون والإعلاميون كهدف رئيسي، بالإضافة إلى عامة الشعب ممن يناهضون المليشيا أو يرفضون سياساتهم، حيث تنظر جماعة الحوثي إلى الناشطين المدنيين والصحافيين كخصوم مفترضين، وتتعامل معهم بوحشية مفرطة، في سياق سياسة ممنهجة ومتعمدة، كشفت عنها خطابات زعيم الجماعة نفسه عبدالملك الحوثي، الذي لطالما شن هجوماً شديداً على الإعلاميين والصحافيين المناهضين لجماعته، واصفاً إياهم ب«المرتزقة والعملاء والخونة»، وتوعد بقتلهم، كما اعتبرهم «أكثر خطراً على هذا البلد من الخونة والمرتزقة الأمنيين المقاتلين».
ولذلك، يواجه الصحفيون والناشطون المدنيون والمدافعون عن حقوق الإنسان في اليمن حملات قمع غير مسبوقة، وتتسم بالعمل الممنهج، بالتوازي مع حملات تحريض وتخوين واتهام بالعمالة تستهدف أي صوت يحاول الوصول إلى الحقيقة أو انتقاد السياسات القمعية التي تتبعها سلطات الأمر الواقع في البلاد، وهو الأمر الذي تبدو معه أداوت النضال السلمي المدني متعذرة ومحفوفة بالمخاطر، وتشبه السير في حقل ألغام.
وتشير مصادر حقوقية إلى أن قوات الحوثي وصالح تعتقل أكثر من 10 آلاف مختطف منذ أكثر من ثلاث سنوات، ولا تزال عمليات الاختطافات والاعتقالات الحوثية لمعارضيهم السياسيين ومنتقديهم وسجناء الرأي متواصلة وفقًا للتقارير الحقوقية التي تصدرها المنظمات المحلية، وأعلن وفاة عدد من السجناء تحت وطأة التعذيب، بحسب التقرير الأخير للجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن.
واعترفت قيادات سياسية في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه صالح، شريك الحوثيين في الانقلاب على الشرعية اليمنية، بوجود آلاف المعتقلين في سجون سرية وغير قانونية استحدثتها الميليشيات الحوثية في العاصمة صنعاء بعيدا عن الأجهزة الأمنية وسلطات القضاء.
وقال عبد الرحمن الأكوع صهر صالح وأحد المقربين منه خلال جلسة للبرلمان، بتأريخ 6 ديسمبر 2016 ، عقدها نواب جناح صالح في المؤتمر بشكل غير قانوني، إن أمانة العاصمة فيها أعداد كبيرة من المعتقلين في سجون غير قانونية وإن غالبيتهم ليس عليهم تهم أو إدانات قضائية ويجب على ميليشيات الحوثي إطلاق سراحهم فورا.
هذا الجانب وأن هناك بيوتًا تم تحويلها إلى سجون ودون علم أو إدارة من قبل القضاء مطالبا إياه بتولي هذا الملف لأنه من صميم اختصاصه.
ويخضع % 70 من المعتقلين للإجبار على الإدلاء باعترافات أمام كاميرات فيديو، واستخدمت قناة المسيرة بعض هذه التسجيلات في فلم بعنوان «الوجه الآخر لحزب الإصلاح».
وأثناء سجنهم وقبيل الإفراج عنهم يرغم المعتقلون على التوقيع على أوراق تعرض حياتهم أو حياة أحد أقاربهم للخطر في حال إفصاحهم عما جرى لهم من تعذيب أو تحقيق أو مكان اختطافهم أو المتسببين بالاعتقال أو التحدث لوسائل الإعلام أو المنظمات الحقوقية.
التعذيب في سجون الانقلابيين
تتفشى ظاهرة التعذيب بوتيرة ممنهجة في السجون الواقعة تحت سيطرة قوات الحوثيين وصالح في اليمن، حيث تحدث العديد من الناشطين اليمنيين المفرج عنهم بمرارة عن ما لاقوه من معاملة سيئة خلال احتجازهم وتعرضوا للتعذيب، وخرج عشرات المعتقلين جثثا هامدة أو بحاجة إلى علاج طويل المدى ويحمل بعضهم إعاقات لا علاج لها.
يقول مجاهد السلالي- الضالع وهو معتقل سابق وناشط من شباب الثورة، أنه تعرض للتعذيب بالضرب، والكهرباء، والإغراق في بركة باردة طوال الليل، وعندما اشتكى لأحد السجانين من ألم في ركبته بسبب إصابات سابقة تعرض لها أثناء مشاركته في المظاهرات السلمية، أخرجه من البركة، ثم استخدم ركبته لتعذيبه بربطها وهي مثنية ومن ثم رميه مقيد اليدين في غرفة تكييفها بارد.
كما لا يزال الصحفي محمد الواشعي– ذمار، يعاني من آثار تعذيب تدهورت بسببها حالة رجله التي كانت تعاني في الأصل من قصر.
أما الشاب ماجد سنان – حجة، فقد اعتقل في نقطة «أبو هاشم» التي تتخذ من قلعة رداع سجنا لها، ثم نقل إلى صنعاء، وفي السجن المركزي تعرض للتعذيب بمادة الأسيد، ثم نقل للعلاج في قسم الحروق بالمستشىفى الجمهوري، بقي يتلقى العلاج شهرين، قبل أن يتمكن من الهروب، ويكمل علاجه في هيئة مستشفى مأرب.
الناشط اليمني جمال المعمري، لايزال في سجن القومي يعاني آثار تعذيب تسببت له بشلل الأطراف والعجز عن التحكم بعمليات الإخراج، وكشف عن قضيته الدكتور عبدالقادر الجنيد في مقابلة بقناة بلقيس.
والدكتور الجنيد كان معتقلاً وأطلق سراحه، وقد أدلى بشهادته عن جانب مروع مما يعانيه المختطفون في سجون الحوثيين وصالح.
وتتراوح أعمال التعذيب وسوء المعاملة بين الضرب والصعق بالكهرباء، الإحراق بالأسيد والإحراق بأعقاب السجائر، والتعذيب بالإضاءة العالية، وتغيير درجة حرارة الغرفة، والإغراق بالماء، والمنع من العلاج، والحرمان من الطعام الصحي، ومياه الشرب الملوثة، وتفجير مجاري الصرف الصحي، والحرمان من الحمام، وتعرض مختطفون لإطلاق نار توفي بعضهم بسببه ومنهم وليد الإبي، بينما شفي آخرون من آثارها.
ووثق التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، الذي يضم عشر منظمات يمنية تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، عدد 274 حالة تعذيب داخل سجون جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح في 14 محافظة يمنية خلال الفترة من يوليو 2014 م وحتى سبتمبر 2016م، على أن هذه الأرقام لا تمثل كل حالات التعذيب في اليمن وإنما تمثل فقط الحالات التي تم التحقيق فيها من قبل فريق الرصد التابع للتحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان.
بينما لم يتمكن الفريق من الوصول إلى حالات تعذيب كثيرة، نتيجة وقوعها في نطاق سيطرة جماعة الحوثي وقوات صالح التي ترفض السماح بمزاولة أي نشاط حقوقي في نطاق سيطرتها أو بسبب رفض بعض أهالي الضحايا الإدلاء بأي معلومات أو بيانات حول ما تعرض له أبناؤهم خشية تعرضهم لبطش الجهات المنتهكة.
واحتلت محافظة ذمار المرتبة الأولى من حيث عدد حالات التعذيب الموثقة بواقع 26 حالة تلتها محافظة لحج ثم محافظة إب ثم أمانة العاصمة.
وتشير المعلومات المتاحة إلى أن مدينتي ذمار وإب الواقعتين وسط اليمن تمثلان نقطة انطلاق وتمركز لجماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق، وبالتالي فقد استخدمت هاتان المدينتان كسجن كبير من قبل الحوثيين وحليفهم صالح واقتيد إليهما كل المختطفين والمعتقلين من كل المحافظات المجاورة.
حيث تشير آخر الإحصائيات الموثقة إلى أن حالات التعذيب في اليمن بلغت 4698 حالة، داخل 484 سجنا ومركز اعتقال عاما وخاصا تابعة لجماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح موزعة على 17 محافظة يمنية وذلك خلال الفترة من يوليو 2014 ، حتى إبريل 2016.
استفادت جماعة الحوثيين من أدوات المخلوع علي صالح في القمع، وعززت من قبضتها الحديدية على المجتمع ومارست صنوفاً شتى من انتهاكات الحق في الحرية، ما بين اختطافات وإخفاء قسري وتعذيب وسجون سرية ونظام الرهائن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.