في اليمن بات الوضع الإنساني أسوأ من أيّ وقت سابق، بحسب تحذيرات التقارير والمنظمات الدولية، إذ ارتفع عدد من يحتاجون إلى المساعدة من 20 مليون نسمة إلى 22.2 مليوناً، في الأشهر الثلاثة الماضية. وتصنف الأممالمتحدة الأزمة في اليمن- البلد الذي يعيش حرباً متواصلة منذ منتصف عام 2015، شلت كافة مرافق الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وتسببت في زيادة معاناة الشعب- بصفتها أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. ويصنف اليمن ضمن أفقر ست دول عالميا، وفقاً لتقرير الجوع العالمي 2016، الصادر عن المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية. وجاء اليمن في المركز 160 من بين 188 دولة، وفقاً لتقرير التنمية البشرية 2015. وتقدر حاجة 17 مليون يمني للغذاء، يعاني 7 ملايين منهم خطر المجاعة، فضلا عن وباء الكوليرا الذي قتل أكثر من 2000 شخص. وارتفعت معدلات البطالة، وزاد معدل الفقر بين المواطنين، كما اجتاحت الأمراض أجساد اليمنيين، خاصة الأطفال، ظهرت الكوليرا وغيرها مهددة حياة كثيرين، وتفاقمت الأزمات في ظل الحصار الأخير. ويعاني اليمن من مشكلة غذائية مزمنة متمثلة في انخفاض وعجز الإنتاج المحلي عن الوفاء بحاجة الاستهلاك المحلي وانخفاض متوسط نصيب الفرد، “حيث يستورد اليمن نحو 90 بالمائة من الغذاء، فيما تأثرت عملية استيراد ونقل وتوزيع المواد الغذائية بسبب الصراع والحرب الدائرة في البلاد”. مشكلة غذائية مزمنة ونبه تقرير اقتصادي حديث من أن نسبة انعدام الأمن الغذائي باليمن تجاوزت 70%، وتدهور الوضع الإنساني إلى مستويات غير مسبوقة. وأشار التقرير الصادر عن مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية أن اليمن يعاني من مشكلة غذائية مزمنة متمثلة في انخفاض وعجز الإنتاج المحلي عن الوفاء بحاجة الاستهلاك المحلي وانخفاض متوسط نصيب الفرد. وأكد مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية (منظمة غير حكومية) أن 1.8 مليون طفل يمني يعانون سوء التغذية الحاد، منهم 385 ألفا يعانون سوء التغذية “الحاد الشديد”. وبحسب التقرير- حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه- تستورد اليمن نحو 90% من الغذاء، وتأثرت عملية استيراد ونقل وتوزيع المواد الغذائية بسبب الصراع والحرب الدائر، وان البلد يواجه تحديات ومعضلات اقتصادية واجتماعية وسياسية متعددة أبرزها الفقر وانعدام الأمن الغذائي والبطالة وعجز موارد الطاقة والمياه وتدهور البيئة الاستثمارية. وأضاف المركز، في تقرير بعنوان “الأمن الغذائي والحالة الإنسانية في اليمن”، أن سوء التغذية أصبح خطراً يهدد حياة الأطفال في اليمن. “فأكثر من 1.8 مليون طفل يمني يعانون من سوء التغذية الحاد، منهم حوالي 385 ألفا يعانون سوء التغذية الحاد الشديد”، مشيرا إلى أن معدل سوء التغذية الحاد (الهزال) في ثلاث محافظات هي حضرموت وأبين والحديدة تجاوز عتبة الطوارئ. وذكر التقرير أن نسبة انعدام الأمن الغذائي بلغت نحو 60 بالمائة عام 2017، فيما تباينت النسبة ما بين 48 بالمائة للريف و26 بالمائة في الحضر، لافتا إلى أن الحرب تسببت في نزوح وتشريد أكثر من 15-20 بالمائة من اليمنيين من مناطقهم. وأوضح أن معدل سوء التغذية المزمن (التقزم) بلغ في 12 محافظة يمنية أكثر من 40 بالمائة، وهو ما يؤثر على نمو الأطفال وقدراتهم العقلية، “وتزداد احتمالات وفاة الأطفال بازدياد سوء التغذية، فالأطفال الذين يعانون سوء التغذية المعتدل يحتمل وفاتهم ثلاثة أمثال الأطفال الأصحاء، والذين يعانون سوء التغذية الحاد تسعة أمثال الأطفال الأصحاء”. وأشار المركز إلى أن نسبة انعدام الأمن الغذائي بلغت 41% في مارس 2014م، وارتفعت إلى 51% يونيو 2016م، ونحو 60% عام 2017م، وبينما كانت نسبة انعدام الأمن الغذائي عام 2003 نحو 22%، وارتفعت إلى 44% عام 2008، ثم انخفضت إلى 32% عام 2009م، وفي سنة 2011 ارتفعت إلى 45%. وأوضح التقرير تباين نسبة انعدام الأمن الغذائي بين الريف والحضر، ففي الريف 48%، بينما في الحضر 26%. وقد دفعت الصراعات والحرب باليمن إلى نزوح وتشرد أكثر من 15-20% من اليمنيين من مناطقهم. مستويات خطيرة وقد أدت الحرب والصراعات القائمة إلى تفاقم الوضع الإنساني إلى مستويات غير مسبوقة، فقد انهار النشاط الاقتصادي في جميع قطاعات، وتدهور الخدمات الاجتماعية بما في ذلك الصحة والتعليم؛ وتدني الإنتاجية في مختلف القطاعات الاقتصادية ومخاطر الانهيار الاقتصادي وتدهور الخدمات الأساسية والبنية التحتية. بالإضافة إلى تفشي الفساد في جميع أجهزة الدولة، وعدم الاستقرار السياسي والأمني، وتصاعد مستمر في الأسعار، وتضخم اقتصادي 30% عام 2016م، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن، وتدهور قيمة العملة الوطنية، ونسبة البطالة تتجاوز ال 50%، وأن حوالي 17 مليون شخص لا يحصلون على الغذاء الكافي. وأوضح التقرير أن سوء التغذية باليمن أصبح خطراً يهدد حياة الأطفال، ويعاني أكثر من 1.8 مليون طفل من سوء التغذية الحاد، منهم حوالي 385,000 طفل يعانون سوء التغذية الحاد الشديد، وقد تجاوز معدل سوء التغذية الحاد (الهزال) في ثلاثة محافظاتحضرموت وأبين والحديدة عتبة الطوارئ 15% حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية، وبلغ معدل سوء التغذية المزمن (التقزم) في 12 محافظة أكثر من 40%، وهو ما يؤثر على نمو الأطفال وقدراتهم العقلية، وتزداد احتمالات وفاة الأطفال بازدياد سوء التغذية، فالأطفال الذين يعانون سوء التغذية المعتدل يحتمل وفاتهم ثلاثة أمثال الأطفال الأصحاء، والذين يعانون سوء التغذية الحاد تسعة أمثال الأطفال الأصحاء. وتصنف اليمن بأنها ضمن أفقر ستة دول من أصل 118 دولة في العالم وفقاً لتقرير الجوع العالمي 2016م، الصادر عن المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، وجاء ترتيب اليمن في المركز 160 من بين 188 دولة، وفقاً لتقرير التنمية البشرية 2015م. وأشار التقرير إلى أن هناك عدة أسباب لارتفاع ظاهرة الفقر، أهمها نقص المياه الذي خفض من الإنتاج الزراعي والغذائي، وتضخم القطاع العام، وسوء إدارة السياسات الاقتصادية، وانتشار البطالة بين الشباب إلى 60%، وانخفاض مستويات التعليم بين الشباب وأمية ما يقرب من نصف الشباب، وافتقار الشاب للمهارات اللازمة لسوق العمل. حاجة ماسة للإغاثة وفي وقت سابق أصدرت أكثر من 110 منظمات إنسانية محلية ودولية تقريرها المشترك “وثيقة الاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام 2018″ وهو التقرير الأكبر الذي تصدره هذه المنظمات سنوياً لمعرفة الاحتياجات الإغاثية في البلاد في إطار التعاون بين الأممالمتحدة والمنظمات. وبحسب التقرير، فإنّ أكثر من عامين ونصف العام منذ تصعيد الصراع، جعل اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فقد “انتشر العنف والهجمات المتعمدة ضد المدنيين والبنى الأساسية المدنية، وانهارت المؤسسات العامة، وازدادت القيود المفروضة على الواردات والوصول إلى الأسواق. وهي عوامل بارزة قادت جميعها إلى أزمة خطيرة في مجال حماية المدنيين”. يشير التقرير إلى أنّ هذه العوامل أدت إلى تدهور اقتصادي حاد ساعد في تفشي الكوليرا بشكل غير مسبوق ليبدأ في الانتشار مؤخراً مرض الدفتيريا (الخناق) الأكثر خطورة كونه ينتقل عبر الهواء. ويلفت إلى أنّ هذه المشاكل عملت على استنفاد آلية التكيف معها من قبل الناس مما أدى إلى انتشار المجاعة وسوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع. وبموجب التقرير، ما زالت الاحتياجات في جميع أنحاء اليمن هائلة بعدما ارتفع عدد من يحتاجون إلى نوع أو أكثر من المساعدة الإنسانية أو الحماية من 20 مليون نسمة في أغسطس/ آب الماضي إلى 22.2 مليوناً، بنسبة ارتفاع بلغت 11 في المائة. ويشير التقرير إلى أنّ مثل هذا الرقم يحتاج إلى خدمات الحماية نظراً لتفاقم أزمة الحماية التي يواجه فيها الملايين مخاطر على سلامتهم وحقوقهم الأساسية. ويتضمن الرقم 11.3 مليون شخص هم في حاجة ماسة للمساعدات وينبغي تركيز الإغاثة عليهم، بزيادة أكثر من مليون شخص منذ يونيو/ حزيران 2017. ويقف حوالي 8.4 ملايين شخص على عتبة المجاعة ارتفاعاً من 7 ملايين شخص عام 2017. ويوضح التقرير أنّه وحتى 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، أبلغت المرافق الصحية عن 8757 حالة وفاة متصلة بالنزاع، وأصيب أكثر من 50610 مدنيين، وأرغم أكثر من 3.2 ملايين شخص على الفرار من ديارهم. ضغوط هائلة ويبيّن التقرير أنّ الصراع والتشرد والتدهور الاقتصادي تضع ضغوطاً هائلة على الخدمات الأساسية وتسرّع من انهيار المؤسسات التي توفرها، إذ شهد عجز الموازنة العامة توسعاً كبيراً منذ الربع الأخير من عام 2016، مما أدى إلى وقف توفير تكاليف التشغيل لمرافق الخدمات الاجتماعية الأساسية. كذلك، حدثت مخالفات وتعطيلات كبيرة في دفع مرتبات القطاع العام منذ أغسطس/ آب 2016. وبنتيجة ذلك تضطر وكالات الإغاثة الإنسانية الآن إلى سد بعض هذه الثغرات التي تزداد باطراد إلى أبعد من نطاقها الحالي. يقدّر تقرير الاحتياجات الإنسانية احتياج ملايين الناس في اليمن إلى المساعدة الإنسانية لضمان بقائهم على قيد الحياة. وهناك ما يقدر ب 17.8 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و16 مليوناً يفتقرون إلى المياه المأمونة وخدمات الصرف الصحي، و 16.4 مليون شخص يفتقرون إلى الرعاية الصحية الكافية. وقد ازدادت الاحتياجات في جميع أنحاء البلاد حدة منذ يونيو/ حزيران 2017، إذ بلغ 11.3 مليون شخص في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية من أجل البقاء على قيد الحياة وهذا يمثل زيادة بنسبة 15 في المائة خلال الخمسة أشهر الماضية. بطالة وجوع وتفيد الأرقام الصادرة عن الأممالمتحدة، بأن نحو 17 مليون شخصا من أصل 27.5 مليونا هم سكان اليمن، يعانون من الجوع، كما أن نحو 7 ملايين منهم يصنفون في حالة خطرة. وأفاد مسؤولون أمميون بأن من المحتمل أن يموت 50 ألف طفل يمني بسبب الجوع والأمراض بحلول نهاية العام الحالي في حال عدم اتخاذ التدابير اللازمة لمساعدتهم وعلاجهم وحمايتهم. وأدّت الحرب إلى تزايد نسبة البطالة بعد إغلاق آلاف الشركات والمصانع أبوابها، حيث فقد نحو 80 في المائة من الشباب العاملين وظائفهم. وأكد تقرير للأمم المتحدة، صدر منتصف 2017، أنه تم تسريح 70 في المائة من العمال لدى شركات القطاع الخاص، كما تسببت الحرب في ارتفاع نسب الفقر بين المواطنين. وأشار تقرير مؤشرات الاقتصاد اليمني الصادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مؤخراً، إلى أن نسبة الفقر ارتفعت لتشمل نحو 85 في المائة من إجمالي عدد السكان، وتطرق التقرير إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية، بما في ذلك الوقود والديزل والغاز المنزلي، وارتفاع أسعار العملات. وحسب التقرير، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 35 في المائة في النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وبمتوسط بلغ 60 في المائة مقارنة بما قبل يناير/كانون الثاني 2015. وشهدت أسعار المشتقات النفطية ارتفاعاً خلال النصف الأول من العام 2017 بنسبة 19 في المائة مقارنة بالنصف الأول من العام 2016، وبنسبة 158 في المائة مقارنة بما قبل يناير 2015. وفي تقرير أعدته هيئة الإغاثة الإنسانية تحت عنوان “نظرة على الأزمة الإنسانية في اليمن”، تبين أن أكثر من 18.8 مليون شخص بحاجة ملحة للحماية، والمساعدات الإنسانية، وكشف التقرير تجاهل المؤسسات الدولية للنداءات التي وجهتها المنظمات الأهلية لفتح ممر آمن لإيصال المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء إلى المناطق التي يحاصرها الحوثيون. وأفاد التقرير بأن نحو 14 مليون إنسان في اليمن بحاجة للغذاء، ونصف عدد هؤلاء تحت خط الخطر، كما يحتاج 14.4 مليون شخص إلى المياه الصالحة للشرب، ويعاني 14.7 مليون شخص في اليمن من نقص الخدمات الصحية والطبية، كما يوجد نقص حاد في الأدوية والكوادر الطبية. تدهور الوضع الصحي ولا تقف حدود الحرب عند التدمير والخراب فحسب، بل تشمل كافة نواحي الحياة الاجتماعية، إذ يشير تقرير مؤشرات الاقتصاد في اليمن إلى أن من بين 4.5 ملايين شخص في اليمن، بمن فيهم مليونا طفل، يعانون من نقص الخدمات الصحية المتعلقة بالوقاية من سوء التغذية أو معالجتها، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 150 في المائة منذ العام 2014. كذلك يشير تقرير منظمة الصحة العالمية الأخير، إلى أن ما يقارب 2.2 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، و462 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم، فيما تعاني 1.1 مليون امرأة من سوء التغذية، و2.2 مليون امرأة أو فتاة في سن الإنجاب صحتهن معرضة للخطر بسبب سوء التغذية. ومنذ تصاعد الصراع في آذار/مارس 2015، أبلغت المرافق الصحية في اليمن عن وقوع أكثر من 7600 وفاة في المستشفيات، وما يقرب من 42 ألف إصابة، وشهدت الميزانية المخصصة للصحة انخفاضاً كبيراً، ما ترك المرافق الصحية بدون تمويل لتغطية النفقات التشغيلية أو رواتب العاملين منذ سبتمبر/أيلول 2016. ويوضح القائم بأعمال ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن، نيفيو زاغاريا: “مع فقدان أكثر من 14.8 مليون شخص فرص الوصول للخدمات الصحية، فإن غياب التمويل اللازم سيؤدي إلى مزيد من التدهور في الوضع الصحي”. واجتاحت الأمراض المزمنة اليمن، حيث انتشر وباء الكوليرا بين أبناء المحافظات، وبحسب منظمة الصحة العالمية، فقد تم تسجيل أكثر من 2000 حالة وفاة بالمرض في 19 محافظة من بين 22 محافظة يمنية، منذ السابع والعشرين من أبريل/نيسان الماضي، وتقول منظمة أوكسفام الخيرية إن الوباء يقتل شخصاً كل ساعة تقريباً في اليمن. ويعمل في اليمن نحو 45 في المائة من المرافق الصحية بكامل طاقتها، فيما يعمل 38 في المائة منها جزئياً، وتوقف العمل تماماً 17 في المائة من هذه المرافق. وتعرض حوالي 274 مرفقاً صحياً للضرر أو التدمير خلال الصراع الجاري.