سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالرغم من مرور أسبوع على وقوعها صنفت بالأولى وأثارت الرأي العام وملابسها أضحت ملاذاً لدموع والدها ..الطفلة نسيبة.. خطف واغتصاب وسرقة وخنق وتهميش للرأس والرمي من مكان شاهق
لم يكد أذان العشاء يعلو مساجد حارة بلال في مديرية المظفر بمحافظة تعز إلا وكان الشيطان في موعد آخر مع بني البشر يستغل ما تبقى له من أيام الدهر قبل أن يصفد في شهر الرحمة والعتق من النار. . فعلها الشيطان وكانت الجريمة التي لم يتوقعها أحد من الناس وربما الشيطان نفسه حين يقدم شاب لم يكتمل عوده على فعل يشيب الولدان لهولهوهو يغتصب طفلة ربما تصغر عمر الزهور بسنين ويأتي على جسدها الطاهر من كلا الجانبين قبل أن يزهق روحها بجريمة بشعة أهتزت لها حارة بلال وضواحي تعز واليمن بأسرها وكل العالم. . عصر الجمعة قبل الماضية كعادتها نسيبة ابنة الخمسة أعوام وخمسة أشهر تلهوا مع أقرانها من الأطفال في أزقة الحارة، تغرد بصوتها الملائكي وابتسامة البراءة تعلو محياها وهي تحلق بمن حوليها من الأطفال كما الحمامة تنثر السلام وتبدأ بالسلام إلى عالمها الذي نسج بما يتناسب مع مخيلتها الصغيرة أن الدنيا بأمان وليس للأشرار مكان إلا في مسلسلات كرتون الأطفال التي تنتهي بانتصار الخير على الشر مهما طال الزمان. . تركض نسيبة هنا وتستريح هناك وقهقهة ضحكاتها تصدح بالمكان ونسمات شعبان تداعب خصلات شعرها مع عقارب الساعة في وداع أخير حتى بدأ الليل يرخي سدوله وهو يهيم ليتخطف ما تبقى من نور النهار قبل أن يخيم بظلامه الدامس على جثة هامدة مضجرة بالدماء مرمية من فوق عمارة تتكون من أربع طوابق. ولأنه الظلام ووقوف الكهرباء إلى جانبه فقد كاد الجمع يعتبر الحادثة قضاء الله وقدره إلا أن الروح الطاهرة أبت أن تصعد إلى بارئها حتى تكتسح الظلام في أوج سواده وتبرهن للعالم أجمع كيف فارقت جسدها. . قبيل المغرب بلحظات وبينما الجباه تتهيأ للسجود لبارئها وهي تستجيب لنداء الفلاح كان أكرم والنفس الأمارة بالسوء على موعد آخر وهو تجيب نداء غريزتها في استدراجه لنسيبة التي تربطها مع أخته الصغرى صداقة حميمة قبل أن يستقر بهما المطاف على سطح عمارة الدور الرابع مجتازا بذلك كل درجات السلالم وتكمن فيها شقتهم المستأجرة وفيه خيمة مهجورة كشر فيه الذئب الذي لم يكمل عامه السادس عشر عن أنيابه وبدأ بالانقضاض على فريسته التي صدته وقاومته بكل ما أوتيت من قوة في جسدها الصغير الذي أبى إلا أن يموت بكرامة على أن يعيش بدونها ليتسنى لعدوها إتيانها من رحمها والدبر في أسوأ جريمة اغتصاب تشهدها تعز ليكمل فعله الشنيع برميها من سطح العمارة ظناً منه أن الظلام سيستر فعلته دون أن يدرك أنه كان السبب في الإرشاد إليه بعدما أخفى عنه الكثير من ملامح الجريمة التي حاول جاهدا إخفاءها. . يقول نادر أحمد اللغوبي والد الطفلة إنه وعندما وجد طفلته تأخرت عن موعدها في العودة إلى البيت ساوره القلق وبدأ بالبحث عنها وعندما لم يفلح بحثه بإيجادها تواصل مع إدارة البحث الجنائي وإدارة الأمن بالمديرية وأثناء اتصالاته وردته مكالمة أن فلذة كبده وجدت وقد سقطت من العمارة وأسعفت إلى أحد المستشفيات الخاصة القريبة من حيهم. . يردف نادر بصوت حزين عندما ذهب للمستشفى لرؤية ابنته ومحاولة الأطباء اطمئنانه شاهد رجال البحث وعندئذ خارت قواه وعرف أن نسيبة لم يعد لها مكان في حضنه. . وهنا يصمت الأب الشاب برهة من الزمان. . وهو يتجه نحو دولاب ابنته البكر ليبعثر ما تبقى من ملابسها وهو يستنشقهم تارة وأخرى يضمهم إلى صدره. . نسيبة كانت أمله في الحياة فهي أولى بناته وهي من كانت تتلقاه عند عودته من العمل في القطاع الخاص وهي تمسح بيديها الصغيرتين على وجنتيه وتنسيه همومه وأتعابه، رحلت نسيبة عنه وهي لم تقطف زهرتها السادسة وتحقق حلمها بدخول المدرسة وهي تلبس زيها الجديد مع دفتر وباقة ألوان تزين فيها الحياة مثلما زينت غرفتها بألعابها المختلفة ودبها الذي مازال يقبع في مكانه بانتظار عودتها. . رحلت نسيبة دون أن تعفي نفسها من شرطها لأمها بصوم نصف نهار رمضان ولم تقول لأبيها كلمة الوادع، معتقدة أن الدهر سينسيهم إياها ولكن هيهات على والدها وقد أستبدل اسم نسمة ابنة ال 3 أشهر بنسيبة وهو يحتضنها إلى صدره وعلى فخذيه تجلس نهلة 3 سنوات وهو يؤكد أن ابنته التي ترقد في ثلاجة مستشفى الثورة لن تواري الثرى قبل أن يدفن قاتلها الذي خطط وأختطف وأغتصب وقتل ثم رماها. . أقطاب ( وزغ ) وبقعة دماء على جدار العمارة أسفل من مكان رميها وآثار الدماء في مسرح الجريمة وعلى ملابس الجاني وتلعثمه في الكلام وغيرها من الأدلة هي التي قادت رجال البحث الجنائي إلى التعرف على القاتل بعد جهود بذلوها حتى ساعات الفجر الأولى وكانت محل شكر الجميع من قبل أهالي الحارة الذين استنكروا الجريمة التي لم يكن يتوقعها أحد خاصة وأن أسرة الجاني مشهود لها بالالتزام الأخلاقي والديني وذلك ما يؤكده الأخ الأكبر للجاني بأن ما قام به شقيقه لم يكن يتوقعه ولطالما عرف بالتزامه خاصة بعد إنهاءه اختبار الشهادة الأساسية لهذا العام. الجريمة التي مضى عليها أسبوع ما تزال حدثت الشارع في تعز وما يزال منزل نادر يعج بالزائرين والمؤزرين له في محنته من جيرانه وزملاء العمل وأقاربه وجميعهم أبدو حزنهم العميق مما لحق بوالد الفتاة الذي عرف بتواضعه وحبه للجميع ما جعل الكل يتعاطف معه بما في ذلك أقرباء الجاني. . يوصف أحد زملاء نادر في المصنع الجريمة بالنوعية والبشعة ولم يحصل من قبل اختطاف واغتصاب ثم سرقة الحلق من فوق الأذن ثم خنق وتهميش الرأس ورميها من رابع دور، معتبرا أن الجريمة ربما لم تقم بها الوحوش التي تكتفي بافتراس ضحيتها وتركها في مكانها. . يواصل الرجل أن التضامن مع زميلهم من أقوى ما يكون من عمال المصنع والجيران وأهالي الحارة وحتى رجال البحث الجنائي الذين قاموا بدورهم المطلوب مطالبا بذات الوقت بالقصاص العادل من القاتل وتعزيره أمام الناس على فعلته، مؤكدا أن أهالي الحارة أصبحوا لا يؤمنون على أطفالهم بالمكوث خارج المنازل نتيجة الرعب الذي أكتنف كثيراًمن الأسر بفعل الجريمة. . الأخ الغير الشقيق لوالد الفتاة وعم الفتاة هو بدوره يصنف الجريمة بالمؤثرة والبشعة لا يمكن لأي أحد القيام بها آملا في ختام حديثه أن يأخذ القضاء مجراه ويقتص من المجرم.