لا ضوء في تعز ينير العتمة لأهالي هذه المدينة العالقين في جوف الحرب والحصار منذ أربعة أعوام. حيث كان للصراع المستعر في البلاد منذ أوائل 2015 تأثير مدمر على البنية التحتية. فتعز والتي تعتبر من أكبر مدن اليمن من حيث عدد السكان، ظلت تعيش بالكامل بدون شبكة كهرباء. وفي واقع الأمر، كانت ست مدن من كل 10 مدن تم مسحها في منتصف 2017 من قبل البنك الدولي، في إطار المرحلة الثانية من تقرير تقييم الأضرار والاحتياجات في اليمن، لا يمكنها الحصول على الكهرباء العامة، بينما في المدن الأربع الباقية لا يتوفر التيار الكهربي إلا بضع ساعات يوميا. وفي الوقت الذي كان يفترض فيه أن تنجح محاولات إعادة التيار الكهربائي لمدينة تعز، وبمساعدة المعنيين في الحكومة، وبالتنسيق والدعم من قبل الصندوق السعودي للإعمار، إلا أن ذلك لم يتم. كهرباء تجارية بدلا عن كهرباء الدولة اليوم- ومنذ شهر بدأت في تعز مرحلة تدشين كهرباء تجارية- عبر شركات خاصة، تقوم منذ أسابيع بعملية إيصال التيار الكهربائي لبعض سكان المدينة، وبأسعار باهظة، وقد بدأت تلك الشركات ذلك في كل من شارع جمال وفي التحرير، وفي بيرباشا، وتقول مصادر مطلعة في تعز ل أخبار اليوم، إن المرحلة ستتوسع لتشمل كل أرجاء المدينة، وأن المولدات التي قد بدأت العمل هي أربعة مولدات ومن المتوقع أن تصل خلال الأشهر القادمة إلى 8 مولدات. وثائق بتسخير إمكانات الدولة لصالح التجار وفي حين أكدت مصادر مطلعة ل أخبار اليوم، أن مؤسسة الكهرباء في تعز سمحت لهذه الشركات العمل، أشارت إلى أنها اشترطت عليهم تشغيل إنارة بعض الشوارع التي تعمل في محيطها هذه الشركات، وشارعي جمال والتحرير ضمن الاتفاق المبدئي هذا. ولكن الموضوع الذي أثار جدلاً واسعاً، هو أن مدير عام مؤسسة الكهرباء وجّه بتسخير كوادر وفنيي المؤسسة الذين يتقاضون رواتب من الدولة ووضعهم تحت تصرف الشركة التجارية تحت مبرر إضاءة شارع جمال. أخبار اليوم، حصلت على بعض الوثائق التي تثبت توجيه مدير الكهرباء بتوفير خمسة فنيين بدلاً عن أربعة طلبتهم شركة "إلكو" التي تبيع الكيلو الوات الواحد بثلاثمائة وخمسين ريالاً أكثر من عشرة أضعاف قيمته الرسمية وبقدرات وكوادر المؤسسة الحكومية. وهذه قال عنها بعض المعنيين والمهتمين بقطاع الكهرباء تعز، إنها " جريمة يعاقب عليها القانون". القصة كاملة للعرقلة مصادر مطلعة في تعز، تفيد أنه "عندما تحرك ملف كهرباء تعز واستعداد الصندوق السعودي للإعمار بتشغيل كهرباء تعز طلبت الوزارة من إدارة مؤسسة كهرباء تعز، تقييم أضرار ومتطلبات تشغيل محطات عصيفرة وبير باشا والنسيرية، فقدم المدير تقريراً بمتطلبات بقيمة مليار ريال رفضته عدن، وكلفت لجنة مركزية وصلت تعز لتقييم الأضرار والتي بلغت ثلاثمائة وخمسين مليون ريال فقط". وطبقا للمصادر، "تم استيراد قطع غيار إصلاح المحطات ووصلت القطع الميناء، وعندها تذرعت ادارة المؤسسة بتعز بعدم إمكانية تشغيل محطة عصيفرة لأنها في خطر وسط خط نار". وتمت عرقلة إصلاح المحطة بهذا المبرر رغم وصول قطع غيارها، ورغم توفر قطع الغيار ولفات الكيبلات التالفة ضغط عالي ..الح. وإلى جانب ذلك، تتحدث المصادر عن تخصيص تكاليف الإصلاح والتشغيل وتخصيص كميات الديزل اللازمة لتشغيلها وهذه النقطة الأخرى في ملف الفساد؛ حيث خصصت الحكومة الشرعية كمية خمسة وثلاثين الف طن ديزل، لتشغيل محطات توليد الكهرباء في مدينة تعز لمدة ثلاثة أشهر أسوة بالمحافظات المحررة، ويتجدد المخصص كل ثلاثة اشهر. الالتفاف على مخصصات المحافظة من الوقود اللافت والمثير للشك، بحسب المصادر، أن مدير عام الكهرباء وكما أفاد مصدر من الوزارة، أنه طلب تسليم مخصص المحافظة من الديزل إلى محطات تجارية مقتبل تشغيل الكهرباء للمدينة بأسعار تجارية، وتلك المحطات التجارية بدأت العمل مؤخرا في المدينة (إلكو والنقيب ..الخ) ، وتبيع الكيلو وات الواحد بمبلغ ثلاثمائة وخمسين ريال بسعر تجاري مبالغ فيه ورفضت الوزارة ذلك العرض واشترطت لتسليم المخصص التزام الشركات التجارية ببيع الكيلو الوات الواحد للمواطنين بمبلغ خمسين ريال يوزع مناصفة بين الشركات التجارية والنصف الآخر خمسة وعشرون ريالاً يورد لحساب المؤسسة العامة للكهرباء في البنك المركزي ولكن رفض مدير عام الكهرباء هذا الشرط. ويبدو أن هذا كان هو الغرض الأساسي من عرقلة تشغيل وإصلاح محطات الكهرباء في المدينة. وتتابع المصادر حديثها، وتلفت إلى أنه وعند "عدم استلام المخصص للأشهر الثلاثة الماضية، تم صرف حوالي عشرين الف لتر إلى محطة كهرباء المخا رغم عدم دخولها في الخطة، واعتمادها على الإمارات مباشرة، وتم توزيع الخمسة عشر الف لتر المتبقية على المحافظات المحررة الأخرى، والحصة الأخرى سوف يفرج عنها بداية شهر فبراير؛ أي بعد أيام قليلة، ويبدو أنها سوف تذهب إلى غير مستحقيها، وهم أبناء مدينة تعز". مدير مؤسسة الكهرباء يبرر مدير عام كهرباء تعز، أكد قيامه بتأجير أملاك مؤسسة الكهرباء بالمحافظة للقطاع الخاص. وبرر المدير ذلك بعدم حدوث أي إصلاحات في قطاع الكهرباء منذ أربع سنين، متهما الحكومة بعدم تقديم أي دعم لصيانة محطات وشبكة الكهرباء في المحافظة الذي قال بأنها تحتاج إلى نحو 6 مليارات ريال كتكلفة لصيانتها. وأقر المدير بعدم حدوث أي تقدم في ملف الكهرباء في عهد المحافظ الأسبق/ علي المعمري، مشيراً إلى أن التفاعل الوحيد الذي تم في هذا الملف كان من قبل المحافظ السابق/ أمين محمود الذي قال بأنه نجح في استخراج توجيه من الرئيس بتوفير 30 ميجا. يشار إلى أنه -خلال أعوام الحرب الأربعة في تعز- تعرضت المدينة لتدمير كبير في البنية التحتية كانت الكهرباء أحد أهم القطاعات التي نالت نصيب كبير من هذا التدمير. مصادر مطلعة في تعز، كشفت ل أخبار اليوم، عن أن "مليشيات الحوثي، قامت بنهب المحولات الكهربائية من المناطق التي ما تزال تسيطر عليها، وتحديدا من مناطق الأربعين والستين والحوبان وبعض المناطق الأخرى".