كانت المعاناة التي جمعت بين ثلاثية التشرد والقهر والحرمان في وجه محمود (35 عاماً)، وهو نازح من أبناء تعز في مدينة مأرب، تبدو واضحة رغم محاولته إخفاء تلك المعالم الناتجة عن رحلة طويلة مع النزوح والبحث عن حياة بأقل متطلباتها والحصول على مأوى آمن. لقد كان الجفينة، المخيم الذي يقع في أطراف المدينة جنوبًا، ملجأً لآلاف الأسر النازحة بعد أن ضاقت بها إيجارات الشقق السكنية المرتفعة ذرعاً - وفقاً لنازحين في المخيم الذين قالوا ل"المصدر أونلاين" انهم يواجهون كثيراً من من مصاعب الحياة في مخيم يفتقد للحد الأدنى مما يلبي حياة بسيطة لنازح. يُجمع نازحو المخيم على أن أكثر المشكلات التي تواجههم هي غياب شبكات الصرف الصحي والذي ساهم غيابها في طفح المجاري وأدى إلى انتشار البعوض ونتج عنها أوبئة وأمراض مختلفة، وكذا عدم توفر مياه شرب نظيفة، والكهرباء، إضافة إلى عدم وجود مواصلات عامة من وإلى المدينة القريبة من المخيم. لعل أكثر المشكلات التي تؤرق وتهدد حياة الآلاف الأسر النازحة في المخيم، هي أنه - طبقاً للنازحين - يقع بمحاذاة وفي مرمى سائلة لسيول جارفة تمر بها في حال حدوث أمطار حتى لو لم تكن غزيرة؛ فالسيول بكل الاحوال تشكل تهديدًا لآلاف من مساكن النازحين، وهو ما حدث أكثر من مرة سابقًا وكانت نتائجها كارثية. للحديث عن ذلك، يقول مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في محافظة مأرب الأستاذ سيف مثنى ل"المصدر أونلاين" إن الوحدة التنفيذية تمكنت من وضع حل لتلك المشكلة بإقامة حاجز يمنع دخول السيول إلى المخيم نفذته الهجرة الدولية وأشغال المحافظة، لكنه - وفقاً للنازحين - لا يشكل حلاً جذرياً للقضاء على المشكلة إذا ما كانت السيول أكثر شدة. بحسب مثنى، فالوحدة التنفيذية في ظل عدم وجود دعم كافٍ تعتمد على التطوع والجهود الذاتية وتعمل جاهدة على رفع الضرر أقصى ما يمكن عن النازحين ليس في الجفينة، فحسب وإنما في كل مخيمات النزوح بالمحافظة، مشيرًا إلى أن إمكانات التغلب على كل تلك المشاكل تفوق قدرة الوحدة التنفيذية والسلطة المحلية هي الأخرى. عن دور المنظمات الدولية العاملة في مجال الإغاثة والنشاط الإنساني، يقول مثنى، رغم ما تقدم من مساعدات إلا أنه لا يزال هناك قصور في المساهمة وتقديم المساعدة أكثر لانتشال النازحين من واقع مأساوي يعيشونه في مختلف المخيمات البالغ عددها في المحافظة 130 مخيماً وتستوعب 28503 أسرة نازحة، ما يمثل نحو 9% من إجمالي الأسر النازحة في المحافظة. تفتقد المخيمات للخدمات الأساسية الضرورية في واقع يزداد بؤساً خصوصاً مع استمرار حرب الميليشيا وانعدام المؤشرات على توقف تلك الحرب.