استشهد الإمام الحسين بن على بن أبى طالب في سنة 61 هجرية، وهو سيد شباب أهل الجنة، وحفيد النبي محمد عليه الصلاة والسلام، فما الذى يقوله التراث الإسلامي في مكانته وفضله؟. يقول كتاب البداية والنهاية ل الحافظ ابن كثير تحت عنوان "قصة الحسين بن على وسبب خروجه من مكة فى طلب الإمارة وكيفية مقتله": ولنبدأ قبل ذلك بشيء من ترجمته ثم نتبع الجميع بذكر مناقبه وفضائله. هو الحسين بن على بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم، أبو عبد الله، القرشي الهاشمي، السبط الشهيد بكربلاء ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة الزهراء، وريحانته من الدنيا. ولد بعد أخيه الحسن، وكان مولد الحسن فى سنة ثلاث من الهجرة. وقال بعضهم: إنما كان بينهما طهر واحد ومدة الحمل، وولد لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع. وقال قتادة: ولد الحسين لست سنين وخمسة أشهر ونصف من التاريخ. وقتل يوم الجمعة، يوم عاشوراء في المحرم سنة إحدى وستين، وله أربع وخمسون سنة وستة أشهر ونصف رضى الله عنه. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حنكه ودعا له وسماه حسينا، وقد كان سماه أبوه قبل ذلك حربا. وقيل: جعفرا. وقيل: إنما سماه يوم سابعه وعق عنه. وقال جماعة: عن إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن على رضى الله عنه قال: الحسن أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه به ما بين أسفل من ذلك. وقال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن الضحاك الحزامي. قال: كان وجه الحسن يشبه وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان جسد الحسين يشبه جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وروى محمد بن سيرين، وأخته حفصة، عن أنس. قال: كنت عند ابن زياد فجيء برأس الحسين، فجعل يقول بقضيب في أنفه ويقول: ما رأيت مثل هذا حسنا. فقلت له: إنه كان من أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال سفيان: قلت لعبيد الله بن أبى زياد: رأيت الحسين؟ قال: نعم، أسود الرأس واللحية، إلا شعرات ههنا في مقدم لحيته، فلا أدرى أخضب وترك ذلك المكان تشبها برسول الله صلى الله عليه وسلم ، أولم يكن شاب منه غير ذلك؟. وقال ابن جريج: سمعت عمر بن عطاء قال: رأيت الحسين بن على يصبغ بالوشمة، أما هو فكان ابن ستين سنة، وكان رأسه ولحيته شديدى السواد. فأما الحديث الذي روى من طريقين ضعيفين أن فاطمة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض الموت أن يَنْحَل ولديها شيئا فقال: «أما الحسن فله هيبتي وسؤددي، وأما الحسين فله جُرأتي وجودي» فليس بصحيح، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب المعتبرة. وقد أدرك الحسين من حياة النبي صلى الله عليه وسلم خمس سنين أو نحوها، وروى عنه أحاديث. وقال مسلم بن الحجاج: له رؤية من النبي صلى الله عليه وسلم . وقد روى صالح بن أحمد بن حنبل، عن أبيه أنه قال في الحسن بن علي: إنه تابعي ثقة، وهذا غريب فلأن يقول فى الحسين إنه تابعى بطريق الأولى. وسنذكر ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرمهما به، وما كان يظهر من محبتهما والحنو عليهما. والمقصود: أن الحسين عاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه إلى أن توفى وهو عنه راضٍ، ولكنه كان صغيرا. ثم كان الصديق يكرمه ويعظمه، وكذلك عمر وعثمان، وصحب أباه وروى عنه، وكان معه فى مغازيه كلها، في الجمل وصفين، وكان معظما موقرا، ولم يزل فى طاعة أبيه حتى قتل. فلما آلت الخلافة إلى أخيه وأراد أن يصالح شق ذلك عليه ولم يسدد رأى أخيه في ذلك، بل حثّه على قتل أهل الشام. فقال له أخوه: والله لقد هممت أن أسجنك فى بيتٍ وأطبق عليك بابه حتى أفرغ من هذا الشأن ثم أخرجك، فلما رأى الحسين ذلك سكت وسلم. ولما توفى الحسن كان الحسين يفد إلى معاوية فى كل عام فيعطيه ويكرمه، وقد كان في الجيش الذين غزوا القسطنطينية مع ابن معاوية يزيد، في سنة إحدى وخمسين. ولما أخذت البيعة ليزيد فى حياة معاوية كان الحسين ممن امتنع من مبايعته، هو وابن الزبير، وعبد الرحمن بن أبى بكر، وابن عمر، وابن عباس، ثم مات ابن أبى بكر وهو مصمم على ذلك.