قال معهد أمريكي «أن المناورات العسكرية للحوثيين، بما في ذلك الهجوم الكبير الأخير في مأرب والضربات ضد أبو ظبي، تسحب الإمارات العربية المتحدةوالولاياتالمتحدة مرة أخرى إلى تدخل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن بعد أن حاول كلاهما خفض مستوى مشاركتهما». وأشار معهد «The Newlines» للسياسات والاستراتيجيات، في تقرير «ان ديناميكيات الحرب الأهلية ستحفز الولاياتالمتحدة وشركائها في التحالف على التركيز على أهداف ضيقة لإفشال استراتيجية الحوثي العسكرية أولاً، لا سيما من خلال دعم العمل العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية والذي يدفع بالخطوط الأمامية للحوثي إلى الوراء». ولفت التقرير: «لكن سوء التقدير في هذا التراجع يمكن أن يشجع السلوك اليمني والخليجي الذي يفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن بينما لن يفعل الكثير لمعالجة قدرات المتمردين الحوثيين المتزايدة على ضرب أهداف الخليج العربي». الولاياتالمتحدة تحاول إعادة ضبط سياستها تجاه اليمن عندما تولت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مهامها في كانون الثاني (يناير) 2021، تعهدت بتحسين الوضع الإنساني في اليمن، من خلال قطع المساعدات العسكرية لحلفاء دول الخليج العربية لتقليص دورهم العسكري هناك، وتحسين العلاقات مع دول الخليج، ومحاولة إقناع جماعة الحوثي بالتفاوض لإنهاء الحرب الأهلية. ولهذه الغاية، تراجعت الإدارة عن تصنيف إدارة ترامب للحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية في فبراير 2021، وبعد أسابيع بدأ مقاتلو الحوثي هجومًا كبيرًا للسيطرة على محافظة مأرب في وسط اليمن، وهو موقع استراتيجي يستضيف احتياطيا رئيسا للطاقة ومليون لاجئ، لقد أدى الهجوم بشكل أساسي إلى تجميد العملية الدبلوماسية. وأشار الهجوم في مأرب إلى أن الضغط على التحالف الذي تقوده السعودية وحده لن يكون كافياً في نهاية المطاف لإجراء محادثات سلام، بينما أشارت الولاياتالمتحدة إلى أنها ستستأنف دعمها للسعوديين على الرغم من تعهدات حملة بايدن الانتخابية بمعاقبة الرياض على سجلها في مجال حقوق الإنسان، حيث شعر التحالف بالجرأة للرد على متمردي الحوثي. وفي كانون الثاني (يناير) 2022، استولت القوات المدعومة من الإمارات، الوية العمالقة على محافظة شبوة على الجانب الجنوبيلمأرب، مما أضعف بشكل كبير موقع الحوثيين على طول خط المواجهة، رد الحوثيون بضربات ضد أبو ظبي في 17 يناير و24 يناير، قتل الأول ثلاثة عمال أجانب، ونشط الثاني الدفاعات الأمريكية في قاعدة الظفرة الجوية، وكسرت الهجمات الهدوء الطويل الذي كانت تتمتع به الإمارات العربية المتحدة على الرغم من سنوات من التدخل العسكري الإقليمي، وخلقت تهديدًا جديدًا صريحًا للغربيين في الخليج. ووفق المعهد الأمريكي «لقد أدى ذلك إلى اقتراب الولاياتالمتحدة من الأهداف العسكرية للسعوديين في اليمن، مما مهد الطريق لاستعادة جزئية على الأقل للدعم الأمريكي للضغط العسكري على المتمردين الحوثيين، ففي 25 يناير، وعد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان نظيريه الإماراتي والسعودي بمحاسبة المتمردين الحوثيين على أفعالهم». المسارات المستقبلية على المدى القريب، من المرجح أن يقوم الإماراتيون والأمريكيون بتجزئة الهجوم عسكريًا ودبلوماسيًا، بحيث يقتصر على الصراع اليمني فقط بدلاً من توسيع ردهم ليشمل حليف الحوثيين، إيران، على الرغم من احتمال قيام إيران بتزويد الحوثي بكل من التكنولوجيا والتوجيه العسكري لتنفيذه. لا تهتم الإمارات ولا الولاياتالمتحدة بالتصعيد مع إيران بشكل مباشر، خاصة في وقت لا تزال الولاياتالمتحدة تتفاوض بشأن برنامج إيران النووي، بينما تحرص السعودية على تجنب التصعيد مع إيران خشية أن تنفر واشنطن مع مراجعتها الاستراتيجية الأمريكية المستمرة للعلاقة الأمريكية السعودية، وتجر المملكة إلى حرب كبرى مع طهران. بدلاً من ذلك، سيركز الإماراتيون على الانتقام داخل اليمن، واستهداف مواقع الإطلاق ومحاولة تهدئة التوترات على الخطوط الأمامية، كما فعلوا عندما سحبوا لواء العمالقة من الأراضي التي تم الاستيلاء عليها في شبوة، وسيحافظون أيضًا على ضغطهم الكبير في واشنطن لإعادة تصنيف الولاياتالمتحدة لمقاتلي الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية، حيث سيحافظ كلا الإجراءين على هدف الإمارات طويل الأجل في جنوباليمن: بناء حلفاء في المجلس الانتقالي الجنوبي ومنع الحوثيين من استعادة المدن الرئيسية، مثل عدن. كما تخدم هجمات أبو ظبي بعض المصالح السعودية، فالرياضوجدة وجازان ومدن سعودية أخرى تعيش تحت تهديد الهجمات من طائرات مسيرة وصواريخ المتمردين الحوثيين، وسيتم تقبل المناشدات السعودية للحصول على الدفاعات الصاروخية والطائرات المسيرة بشكل أفضل في واشنطن الآن بعد أن صعد الحوثيون حملتهم الإقليمية إلى الإمارات. ضوء أخضر أمريكي من المرجح أيضًا أن تحصل المملكة العربية السعودية على ضوء أخضر أمريكي أكثر حرية لشن عمليات جوية ضد المتمردين الحوثيين، فبعد وقت قصير من الهجمات على أبو ظبي في يناير 2022، عادت حملة جوية بقيادة السعودية لتدمير أهداف في صنعاء والمعقل الروحي للحوثيين، صعدة، وحتى مع مقتل العشرات من المدنيين في هذه الضربات، بقيت أصوات الاحتجاج الأمريكية صامتة نسبيًا. في غضون ذلك، تتصارع الولاياتالمتحدة مع حقيقة أن متمردي الحوثي ليسوا بعد في حالة مزاجية مواتية للتفاوض على وقف إطلاق النار، لسوء الحظ بالنسبة لاحتمالات وقف إطلاق النار الفوري، لا يزال الصقور في اللجنة الثورية العليا للمتمردين الحوثيين يقودون السياسات، مما يزيد من المخاطر على القوات الأمريكية وحلفائها في جميع أنحاء المنطقة. ومن المرجح أن تركز الولاياتالمتحدة على ردع الضربات المستقبلية على القوات الإماراتيةوالأمريكية، وتقديم الدعم الاستخباراتي واللوجستي لمهام التحالف ضد مواقع إطلاق الصواريخ الحوثية، وتحسين جهود الحظر لوقف التكنولوجيا الإيرانية المهربة، تحقيقًا لهذه الغاية، أعلنت الولاياتالمتحدة في أوائل فبراير عن نشر طائرات مقاتلة جديدة و»يو إس إس كول» في الإمارات العربية المتحدة. ستحتاج الولاياتالمتحدة أيضًا إلى تجاوز هذا، إذا أرادت إقناع المتمردين الحوثيين بالتخلي عن سياساتهم العسكرية أولاً وردع الضربات المستقبلية على الإمارات، إن الدعم الأمريكي - الدبلوماسي واللوجستي والاستخباراتي - لكسر حصار مأرب يمكن أن يقنع المتمردين الحوثيين بأنه ليس لديهم مسار عسكري قابل للتطبيق مستقبلا، ويشجع الفصائل التي تفضل المفاوضات. وبالإضافة إلى الدعم البحري الأمريكي لاعتراض التهريب الإيراني، لا تحتاج القوات الأمريكية إلى إشراك نفسها بشكل مباشر بما يتجاوز جمع المعلومات الاستخبارية المحدود، مما يقلل من المخاطر التي تتعرض لها القوات الأمريكية، ومع ذلك، إذا تم كسر حصار مأرب، فقد يقرر مقاتلو الحوثي التصعيد بهجوم بسرب آخر على الإمارات، بما في ذلك القوات الأمريكية هناك. إذا حدث ذلك، فقد تحتاج واشنطن إلى إرسال إشارة أقوى للردع العسكري إلى الحوثيين مباشرة، على غرار الضربات الجوية المحدودة المستخدمة ضد الميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا أو الضربات البحرية الأمريكية في أكتوبر 2016 على أهداف المتمردين الحوثيين في اليمن بعد فشل هجوم صاروخي، لن تشير مثل هذه الهجمات عن قصد إلى بداية حملة عسكرية موسعة، على الرغم من أنها تخلق خطر حدوث دورات تصعيد وانتقام.