على خلفية الفتوى التي اباحت جواز اعتناق المسلم لأي ديانة والانحراف عن الإسلام إلى أي ديانة أخرى والتي اثارت جدلاً فقهياً واسعاً في جميع الأوساط وشتى الأصعدة في الداخل والخارج على مستوى العالم اعتبر الكثير من العلماء ان هذه الفتوى دعوة واضحة إلى تكريس العلمانية وفصل الدين عن الدولة تخدم المتلاعبين بالدين وطريقة سيئة للتشكيك فيه تنبئ عن ضعف وانهزامية امام الضغط الغربي على ثقافتنا وديننا الإسلامي. ففي هذا السياق اعتبر فضيلة الشيخ محمد بن محمد المهدي -رئيس جمعية الحكمة اليمانية الخيرية فرع إب ان الدعوة إلى الردة والخروج من الإسلام والتفتيت لها دعوة وطريقة يهودية كان يستخدمها اليهود في بداية الدعوة الإسلامية والرسالة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام حين كانوا يشككون في الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في مكة عندما يستفتيهم العرب الجاهلون الأميون لكونهم أهل الكتاب كانوا يجيبون انهم اهدى سبيلاً من النبي صلى الله عليه وسلم. وفي قراءته لفتوى الدكتور علي جمعة مفتي مصر قال الشيخ المهدي ليس عجيباً ان تصدر مثل هذه الفتاوى وسواًءً جاءتنا من علي جمعة أو من الترابي أو غيرهم والتي تتعلق في الكلام على الشريعة الاسلامية وأحكامها ومن ذلك حكم الردة الذي هو ثابت في الشريعة الاسلامية وفي صحيح الكتاب والسنة قال تعالى «ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت اعمالهم في الدنيا وهو في الآخرة من الخاسرين» وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا يحل دم امرئ مسلم إلا باحدى ثلاثة وذكر منها التارك لدينه المفارق للجماعة». وأوضح المهدي انه يجب علينا ان نفرق بين مسألة ارغام الناس على الدخول في الاسلام ابتداءً والخروج منه ردة وفي تفسير قوله تعالى «لا إكراه في الدين» لا يتضح لنا ذلك في انه لا يكره الانسان على الدخول في الاسلام بالقوة وانما يعرض عليه وهذا هو الغالب في التاريخ الاسلامي ان الناس جميعهم دخلوا في دين الله افواجا بالحكمة والموعظة الحسنة والحوار والجدال بالتي هي أحسن ولا ريب ان كانت حدثت فتوحات إسلامية في التاريخ لكن القتال كان فيها للطغاة الذين وقفوا في وجوه الدعاة إلى دين الحق الذين حالوا بينهم وبين عامة الناس في دعوتهم إلى دين الله عز وجل. وأضاف الشيخ المهدي في تصريح ل«أخبار اليوم» ان حكم الردة ومع ثبوته شرعاً فقد طبق هذا الحكم في التاريخ فقد قتل من الزنادقة والمرتدين الكثير والكثير فعندما ادعى الحلاج الألوهية قتلته الامة بالفتوى وعندما جيء بعبد الكريم بن ابي العوجاء حيث قال كذبت على النبي صلى الله عليه وسلم في أربعة آلاف حديث قتل على إثر ذلك، مضيفاً انه عندما انتشر دين الحق اخذ اليهود والكثير من الزنادقة والمجوس واضرابهم بعد ان سقطت الدولة الفارسية على عواتقهم اعلان الحرب على الإسلام بطريقة أو بأخرى حيث كانوا يدخلون في الدين ثم يخرجون منه وقد اخبر الله عنهم بقوله «وقالت طائفة من أهل الكتاب امنوا بالذي انزل على الذين امنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون»، وأكد ان كل هذا يندرج ضمن الحرب الصليبية القائمة ضد الشريعة الاسلامية وعلى احكامها السمحة، مذكراً بحقيقة الصراع بين الحق والباطل وسقوط الكثير من الدويلات والحضارات التي قامت على حرب الاسلام والمسلمين، وختم هذا التصريح بقوله تعالى «فأما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض». ومن جهته قال فضيلة الشيخ عبدالوهاب الحميقاني- امين عام مؤسسة الرشد ومندوب منظمة الكرامة لحقوق الإنسان ان حكم الردة مقطوع به في الاسلام ولا يجهله احد عنده ذرة من فقه الشريعة وان ما يثار هنا وهناك حول بعض الاحكام الشرعية انما هو ناتج عن انهزامية وضعف وخور امام الضغط الغربي على ثقافتنا وديننا الإسلامي. وفي حديثه ل«أخبار اليوم» حول تعليقه على فتوى د. علي جمعة مفتي مصر اتفق الشيخ الحميقاني مع الشيخ المهدي في ان الاسلام فرق بين الكافر الأصلي والكافر الطارئ، فالكفر الاصلي لا إكراه فيه لأي يهودي أو نصراني على ان يعتنق دين الاسلام لكن من دخل في الإسلام عن قناعة ورضا أو ولد لأبوين مسلمين ثم خرج أو ارتد فهذا ما يذكره العلماء في انه الردة أو الكفر الطارئ وهذا لا خلاف فيه بين علماء المسلمين، مضيفاً ان النصوص في هذا كثيرة ومقطوع بها مثل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث علي بن ابي طالب «من بدل دينه فأقتلوه» وهو في الصحيح وكذلك اجماع الصحابة على قتال المرتدين، واضاف انه لا يجوز مخالفة النظام العام للدين الاسلامي كما هو معمول به في الانظمة والقوانين الوضعية في ان النظام العام لأي دولة لا يسمح بتجاوزه ولا التمرد عليه. الجدير ذكره ان الفتوى التي اصدرها المفتي العام في مصر جاءت على خلفية الدعوى القضائية التي اقامها نحو «400» مسيحي مصري في محكمة القضاء الاداري ضد قرار وزير الداخلية المصري عدم اثبات هوياتهم الدينية المسيحية في البطاقات الشخصية وحكمت المحكمة بعدم جواز استخراج البطاقات واعتبرتهم مرتدين عن الإسلام.