المحرر السياسي كيف لمتمرد خارج عن النظام والقانون مارس الإرهاب وقتل وشرد أن يجنح للسلم ؟! وكيف لدولة كلفتها الحرب آلاف الشهداء والجرحى عشرات المليارات من الريالات ووجدت نفسها أمام فتنة وتآمر طويلين أن تقبل هي الأخرى بالنزول عن شرعيتها لتحاور فئة باغية؟! كيف لمتمرد قتل وسحل ما استطاع إلى ذلك سبيلا ولم يلق بالاً لمبادرة الدولة وشروطها الستة قبل بدء الحرب السادسة أن يرضى بالرضوخ للشروط التي وضعتها الدولة إلا إذا كان قد شارف على النهاية المحتومة؟! وكيف للدولة التي سخرت كل إمكانياتها وحشدت للحرب من التبرعات ما تيسر لها على طول اليمن وعرضه من أجل القضاء على التمرد تقبل الآن بالموافقة على حوار متمرد؟! كيف لدعاة التمرد وممارسي الإرهاب والعمالة والخيانة بدقة أن يقبلوا بالدولة محاورة إلا إذا كان الأمر مناورة؟! وكيف لدولة شرعيتها وقوتها تكمن في تطبيقها القانون والدستور أن ترضى الآن بالتنازل عنهما؟! الأمر حقيقة لا يخلو من مغامرة تصل إلى درجة الانتحار السياسي. . فالحرب ضد التمرد بدأت باسم الشرعية والدستور فيما الآن على ما يبدو مخاوف من ثمة اقتراب من وقف الحرب ولكن خارج الدستور والقانون هذا التلاعب المقيت بما هو حياتي ومصيري يمنح التمرد تمرداً إضافياً، يدعوه إلى المزيد من استرجاع الأنفاس واستراحة متمرد يستهدف الثورة والوحدة. التلاعب بالدستور والقانون واستحضارهما في وقت يختاره التمرد وتقبل به الدولة إنما هو ضرب من اللعب بالبيضة والحجر على الشعب اليمني قاطبة. ما يريده الساسة هنا من حوار يرفضه "الشهيد/ الجريح/ الأرمل/ اليتيم" إنهم جميعاً يريدون القصاص العادل في حق المجرم المتمرد. ما يريده التمرد ويغوي به الدولة أو هكذا يخيل للبعض إنما هو عبثية تصل في مستوياتها إلى أن تكون أشبه "بالسريالية" يلعبها فناً الطرفان المتحاربان، حيث الإجادة في التحاور تشبه الإجادة في التخاطر. بين التحاور والتخاطر في بدء الحرب وإنهائها مؤقتاً تقبع جملة من الرغبات القريبة والبعيدة، يدخل فيها البعد المحلي والخارجي على حدٍ سواء في الإنسان اليمني المرهق من هذا السيناريو الممل لا يعرف كنه المبادرة في حرب باسم حماية الدستور والقانون وإيقافها خارج الدستور والقانون. كأن ثمة استغفال حقيقي للجندي بخوذته الذي يعرف لماذا يحارب ومن أجل ماذا استشهد ولا يعرف أبداً لماذا التوقف عن الضروري استئصال التمرد من جذوره. يسخر الجندي من سلاحه حين يجد التمرد في كنف الحوار هو مظلة سلام للمتمرد، بينما السلاح الذي يريد الحق منتصراً يقع في اشتراطات أخرى لأمور أخرى وانتقال من مفجع إلى أكثر فجائعية من أولويات وطن إلى أولويات أميركا. "أميركا هي الطاعون والطاعون أميركا" تضع مفردات الحرب والسلام على طاولة خياراتها وتريد الكل أن ينضوي فيها لأن ثمة التفاف على قوى في الساحة الوطنية عليها أن تضل مستلبة. كان يمكن لأميركا أن تضرب القاعدة بسهولة ويسر في الصومال فلماذا أرادت الخيار أن يكون اليمن واستطاع الإرهابيون على مرأى من البحرية الأمريكية أن يعبروا ضفتي البحر الأحمر للوصول إلى الوطن؟! كان يمكن لأميركا أن تدفع في الاتجاه لضرب التمرد في صعدة وهو يرفع شعار "الموت لأميركا الموت لإسرائيل" فلماذا انعطفت به في اتجاه القاعدة أولاً وهي من جعل للقاعدة حضوراً ينتقل من أفريقيا الصومال إلى اليمن؟!! كان يمكن لأميركا أن تقهر القاعدة وإرهابي النيجر الذي حاول تفجير الطائرة الأمريكية منذ وقت مبكر، كيف سمحت له أن يدخل إلى اليمن ويتدرب في الصومال ويسافر إلى حيث الطائرة وفي كل موانئها البحرية والبرية والجوية مطلوب هذا الإرهابي؟! كان يمكن لأميركا أن تخوض حرباً عادلة لكنها مجرمة وهي تتغافل عن الضروري في استئصال التمرد والإرهاب أكان الحوثي أو القاعدة لتجعله محصوراً من أجل مزيد من الفتنة في اليمن وصولاً إلى فوضى ما حقة يتم تصديرها إلى الجزيرة والخليج، كالثورة الفارسية. . تدرك أميركا أن مفتاح الهيمنة على السعودية والخليج هو سقوط بغداد البوابة الشرقية واليمن البوابة الجنوبية. نحن إذاً أمام هندسة ملعونة يشترك المهرة من اللاعبين فيما الوطن ينتظر الدستور والقانون مطبقاً. أزمة هذا الوطن أن كل شيء يبدأ بالشرعية وينتهي باللاشرعية، الحرب على التمرد بدأت بهذا المنطق لنجد نهايتها بمنطق عبثي بكوميديا سوداء تعنون ب"عفى الله عما سلف". الدستور والقانون يبدو أنهما قزمان أمام قلاع التمرد التي ما أن توشك أن تتداعى حتى يهب الآخر لنجدتها ويكون الحوار. الحوار الأول الحوار الثاني. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الحوار السادس وما بعد السادس، ما بعد السادس أمور أخرى "إسلاميون وسعودية" وما بعد السعودية ، وحضور الإمارة الحوثية على حدي بلدين. هل نحن أمام متغير؟ هل هي تراجيديا الألم؟ هل نحن نحن؟ أم ماذا بعد؟! ماذا ننتظر؟! أو بالأصح ما الذي ينتظرنا غداً؟!!.