جددت أحزاب اللقاء المشترك تمسكها باتفاق 23 فبراير نصاً وروحاً، وليس قفزاً على البنود، متهمة السلطة بانتقاء البنود التي تناسبها من الاتفاق، وأن اتفاق فبراير ينص على غير ذلك والخلاف فيه ليس من جانبهم وإنما من جانب الطرف الآخر وهو الحزب الحاكم، ويكمن في بندين أو نقطتين، وهما تهيئة الأجواء السياسية، وإشراك جميع الأطراف والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في الحوار، وهما البندان اللذان نصا عليهما اتفاق فبراير. وكشفت أحزاب اللقاء المشترك عن أسباب تعثر الاتفاق الأخير مع الحزب الحاكم للوصول إلى آلية لبدأ الحوار الوطني، والتي أرجعته إلى تحفظ السلطة على بندين هامين اشترطهما المشترك لبدء الحوار وهما "حيادية وسائل الإعلام" والإفراج عن المعتقلين لأسباب سياسية"، وقال المشترك إنه من المتوقع أن يجري لقاء بين قادة أحزاب المشترك ورئيس الجمهورية لبحث آلية الإفراج عن المعتقلين. وفي مؤتمر صحفي لأحزاب المشترك واللجنة التحضيرية للحوار الوطني صباح أمس الاثنين بالعاصمة صنعاء، جدد الطرفان (المشترك ولجنة الحوار) رغبتهما في السير مع السلطة إلى مرحلة الحوار الوطني الشامل. وأكد الدكتور/ عبدالوهاب محمود - رئيس المجلس الأعلى للقاء المشترك - أن المشترك لا يزال حريصا على إجراء الحوار وإزالة وترميم كل العقبات التي تقف أمامه. وفي معرض رده على أسئلة الصحفيين أشار محمود إلى أن الاتفاق مع الحزب الحاكم لم يتم بعد حتى يتحدث البعض عن توقفه، قائلاً انه كلما وصل الاتفاق مع الحزب الحاكم على الحوار إلى المرحلة الأخيرة، نفاجأ بالعودة بالمفاوضات إلى نقطة البداية، متهماً الحزب الحاكم برفض تهيئة الأجواء السياسية للحوار وحمله مسئولية عدم تنفيذ اتفاق فبراير، واستغرب التناقض في التصريحات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وقيادات الحزب الحاكم، مشيراً إلى أن ذلك يدل على وجود تناقض بين أطراف السلطة. وفيما يتعلق برواية وزارة الداخلية حول حادثة إطلاق النار على سيارته قال محمود: كنا نعلم أن الأجهزة الأمنية لن تعترف بجريمتها، لكن لم نكن نتوقع أن تخرج بهذا التبرير المفضوح والكذب الواضح، لافتاً إلى أن السيارة التي قالت الداخلية إنها ليست سيارته التي تعرضت لإطلاق النار هي السيارة التي أتى بها إلى هذا المؤتمر الصحفي ، داعياً الصحفيين إلى التأكد من وجود الفتحات التي أحدثتها الأعيرة النارية في مقدمة سيارته. وأكد محمود أن الادعاء الآخر للمصدر الأمني بأن الحادثة ليست أكثر من مرورية يدل على أن السلطة متورطة في هذا الاعتداء الذي قال إنه لن يثنيه وكل قيادات المشترك عن المضي قدماً في طريق النضال السلمي لتحقيق التغيير المنشود في البلد، وقال: رسالة السلطة من وراء هذه الحادثة وصلت لكنها لم تثنينا عن الطريق الذي اخترناه والذي سنسير عليه. وعن الدعوة التي وجهتها السلطة للمشترك لتسليمها 50 مطلوباً أمنياً في المحافظات الجنوبية قال د. عبدالوهاب محمود إن مثل هذا الطلب لا يأتي من سلطة تمتلك أجهزة أمنية معنية بذلك، أما في حال عجزها فعليها تقديم استقالتها. من جانبه انتقد الدكتور/ ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني وعضو المجلس الأعلى خطاب السلطة وحزبها الحاكم الذي قال إنه يكرر نفس المصطلحات في كل أحاديثه وإنه بذلك يسعى إلى استهلاك الوقت. وعن إصرار الحزب الحاكم على إجراء الحوار تحت قبة مجلسي الشورى أو النواب قال ياسين أن لا حساسية لدى المشترك تجاه البرلمان أو الشورى، مستدركاً بأن الحزب الحاكم يتعامل مع المؤسسات الرسمية كما لو كانت ملكاً خاصاً به. وأضاف أنه في الوقت الذي اقترحت فيه أحزاب المشترك إقامة أول جلسة للحوار بينها والحزب الحاكم في المجلس الثقافي أصر الحاكم على إجراءها في كلية الشرطة، وقال: السلطة تفضل الشرطة على الثقافة و أي شيء آخر. بدوره أكد عبدالوهاب الآنسي - الأمين العام للتجمع اليمني للإصلاح عضو المجلس الأعلى للقاء المشترك - أن الحزب الحاكم لا يوقع اتفاقيات من اجل إخراج البلد من الأزمات التي تحيط به، وأنه يعمل على افتعال الأزمات لإعاقة توقيع الاتفاق عندما يكون الجميع قاب قوسين على توقيعه، دون إبداء الأسباب التي تجعله يقدم على هذه الممارسات. وأكد الآنسي مضي المشترك ولجنة لحوار الوطني ومعهما كل القوى الوطنية والخيرة في البلد بتنفيذ اتفاق فبراير من جانب واحد، باعتبار أن كل أزمات اليمن ومشكلاته لن تحل بغير الحوار. وكان المؤتمر الصحفي قد بدأ بقراءة البيان الصحفي الصادر عن تكتل اللقاء المشترك واللجنة التحضيرية للحوار الوطني والذي أوضح أن انعقاد المؤتمر الصحفي جاء نتيجة لتطورات الأوضاع في البلد والمتمثلة بانحدار مستوى أداء السلطة وسعيها نحو إنتاج مزيد من المشكلات والأزمات، وأن هناك مرحلة جديدة في الأزمة الوطنية تقتضي توضيح المواقف بشأنها وإزالة اللبس والرد على وسائل التضليل والدعايات الكاذبة التي تروج لها السلطة بخطابها السياسي والإعلامي ليلاً ونهاراً. وقال البيان إن السلطة تجاوزت حدود المعقول بإصرارها على السير بالطريق الخاطئ مقدمة كل يوم العديد من الشواهد على وجود نوايا شريرة ومبيتة تستهدف خرق الدستور ومخالفة القانون ومصادرة حقوق المواطنين اليمنيين في التعبير عن آرائهم بالوسائل السلمية، وأنها تسعى جاهدة إلى التنصل عن اتفاق فبراير 2009م وتعلن في الوقت نفسه عن فشلها في أداء واجباتها تجاه حماية أمن المواطنين وكرامتهم. ولفت البيان إلى أفعال اعتبرها تأكيداً على مخطط إجرامي يستهدف القيادات السياسية المعارضة، مشيراً إلى إطلاق النار ليلاً على فعالية نقابية ورياضية في منطقة جدر كان يشارك بها البرلماني المعارض الأستاذ / زيد الشامي وعلى مرأى ومسمع من أطقم الأمن، وما حدث من عبث بسيارة الناطق الرسمي للقاء المشترك الأستاذ / محمد صالح النعيمي استهدافاً لحياته وأسرته، وما تعرض له الأخ/ نائف القانص الناطق الرسمي السابق للمشترك من اختطاف واعتداء ولم تقم السلطة بأي إجراء حيال ذلك. كما اعتبر البيان الحملة الإعلامية والسياسية التي وصفها بالمسعورة التي تشنها السلطة والحكومة في وسائل إعلام الدولة ضد قيادة اللجنة التحضيرية وفي مقدمتهم الأستاذ / محمد سالم باسندوة رئيس اللجنة والشيخ / حميد الأحمر الأمين العام، وما تعرض له الأستاذ / عبدالملك المخلافي عضو اللجنة التحضيرية من تهديدات وقذف وقدح لتكشف عن أن السلطة بخطابها وإعلامها تسير وفق برنامج معد له مسبقاً تستهدف فيه أمن وحياة المعارضين السياسيين وقيادات الحوار الوطني واللقاء المشترك وهيئاته ومقراته وفعالياته. ونبهت أحزاب المشترك وتحضيرية الحوار الوطني السلطة وأعوانها بأن الأفعال الجنائية والانتهاكات التي ترتكبها بحق المعارضين السياسيين والتنصت على مكالماتهم التلفونية وما يرتكب بحق الصحف والصحفيين والقادة السياسيين والناشطين - جرائم حقوق وحجز للحريات لا تسقط بالتقادم مما يتيح لشعبنا ملاحقة فاعليها مهما طال الزمن حتى وإن غادرتهم مناصبهم أو غادروها. وأكد المشترك على السير في حوار من أجل إنقاذ الوطن وإخراجه من براثن الأزمة الخطيرة وأنه أدرك خطورة المشاريع الصغيرة في السلطة وخارجها وحذر منها، ودعا إلى حوار وطني واجتماعي شامل من وقت مبكر، وقد قطعت مسيرة الحوار الوطني شوطاً كبيراً في التواصل مع أطراف الأزمة الوطنية بهدف الوصول إلى اتفاقات هامة، كان في مقدمتها الاتفاق مع مجلس التضامن الوطني على المشاركة في اللجنة التحضيرية للحوار الوطني والتوقيع على محضر اتفاق مع الحوثيين ينص على نبذ العنف واعتماد النضال السياسي السلمي ومؤتمر الحوار الوطني ووثيقة الإنقاذ طريقاً لحل قضية صعدة وتداعياتها وآثارها والتمسك بالتسامح والتعدد والمواطنة المتساوية والوحدة الوطنية والدستور والقانون. كما جددت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني واللقاء والمشترك العزم على السير في طريق الحوار الذي يُراهن عليه كل اليمنيين للخروج بالوطن من أزمته وتجاوز حافة الهاوية التي أوصلته إليه السلطة. وأكدتا على إدانة كل الانتهاكات التي ترتكبها السلطة للدستور والقانون بكل أشكالها وأنواعها ويحذران من مغبة الاستمرار في هذا الطريق المفضي إلى مزيد من الأزمات والاختلالات والفتن. كما دعا البيان إلى استمرار الفعاليات السلمية في المحافظات والمديريات بنفس الثبات والصمود في مواجهة الإجراءات القمعية واللادستورية، ودعا الحكومة إلى رفع أجور ومرتبات موظفي الدولة والقطاعين العام والمختلط والقوات المسلحة والأمن في مواجهة غلاء المعيشة الناتج عن فشل السياسات الاقتصادية. كما دعا البيان السلطة إلى سرعة إطلاق كافة المعتقلين السياسيين وأصحاب الرأي وكل من اعتقل خلافاً للدستور والقانون بمن فيهم من صدرت بحقهم أحكام من محاكم استثنائية غير دستورية وإلغاء هذه المحاكم والأحكام الصادرة عنها. وحذر السلطة من التوسع في استخدام العنف، داعياً إلى سرعة تطبيع الأوضاع في محافظة صعدة والبدء بإعادة الإعمار والمعالجات الجذرية لآثار وتداعيات الحروب والصراعات السابقة في إطار وطني وضمان عدم تجدد الحرب.