أكد د. ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني أن تكتل المشترك نقلة سياسية وثقافية هامة في الحياة السياسية اليمنية، مشيراً إلى أن الحقائق التاريخية لواقع الحياة السياسية والفكرية اليمنية قبل عقدين من الزمان، لم تكن تؤهل حتى لمجرد التفكير في أن يكون قيام مثل هذا التكتل ممكناً. جاء ذلك في ورقته التي قدمها إلى الندوة التي نظمتها أحزاب اللقاء المشترك صباح أمس الأربعاء, بعنوان "تجربة اللقاء المشترك الماضي... الحاضر ... وآفاق المستقبل" إحياءً للذكرى الثامنة لاستشهاد المناضل الوطني الكبير/ جار الله عمر، شهيد الوطن واللقاء المشترك - الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني سابقاً. وفي ورقته تحت عنوان "نشأة المشترك أهميته ومكانته في الحياة السياسية المعاصرة".. أشار د.نعمان إلى عدد من العوامل، أهمها أن الأحزاب السياسية اليمنية تكونت في الأساس على أسس أيديولوجية متنافرة ومتصارعة، وإن كانت قد احتفظت بطابع بنائي تنظيمي متقارب يقوم على الخلية الأساسية في ظروف العمل السري مع ما يفرضه هذا الوضع من تكوينات حلقية أفقدت الأحزاب طابعها الجماهيري ، إلا أن الأساس الإيديولوجي لكل حزب قد جعل التفاهم والتعاون بين هذا الأحزاب مستحيلاً ، حيث حل الصدام والصراع فيما بينها لدرجة المواجهة الدموية بدلاً من التفاهم والتعايش. وقال: لقد طال هذا الأمر جهوداً فكرية وسياسية ضخمة ، فعملية الانتقال لم تكن بالسهولة التي تسمح بإزاحة ركام من الجمود الفكري والسياسي من قبل كافة الأحزاب يوم ذاك، غير أن ما يمكن أن يسجل من إنجاز سياسي خلال هذه المرحلة – حسب نعمان - هو أن القبول السياسي للأحزاب ببعضها البعض والتعايش الفكري صار ممكناً ، على الرغم من حالة التوجس التي كانت تبديها الأحزاب تجاه بعضها في أحيان كثيرة، مشيراً إلى أن ميزان القوى الذي كونته مقومات الدولتين المندمجتين في دولة واحدة قد فتح طريقاً أمام التعددية السياسية حيث اعتبرت الفترة من 1990-1993م من أهم وأخصب الفترات التي شهدت فيها الحياة السياسية حوارات ناضجة بين القوى السياسية، كما شهدت انتخابات برلمانية عام(إبريل 1993م) كانت ولا زالت أكثر الانتخابات شفافية وأكثرها تعبيراً عن طموح اليمنيين في الوصول إلى ديمقراطية تعددية تتجه نحو التداول السلمي للسلطة. إل أن حرب 1994م وما أسفرت عنه من نتائج وأوضاع سياسية مختلة ومأساوية وضعت الديمقراطية على المحك. وأكد أن القاسم المشترك لتنسيق هذه الأحزاب في هذه المرحلة يتمثل في البحث في الوسائل الممكنة للتصدي لإجراءات الحكومة الانقلابية على الديمقراطية ، وكانت هذه المرحلة قد مهدت وعبر الحوارات لطرح أسئلة ذات قيمة سياسية وفكرية فيما يخص القضايا المشتركة بين الأحزاب. وحول محاولات السلطة تفكيك هذا التكتل السياسي, قال أمين عام الاشتراكي: حرصت الحكومة على اختراق هذا التكتل بجملة من الوسائل من ضمنها محاولات الاتفاق مع كل حزب على حدة ، ولم تستطع أن تسحب من التكتل سوى حزب البعث القومي في عام 2005م ، أما الأحزاب الخمسة المتبقية فقد أنجزت خلال ذلك العام أهم وثيقتينهما: برنامج الإصلاح الوطني الشامل ، واللائحة التنظيمية لتكتل اللقاء المشترك. وأكد د. ياسين أن هذا التلاحم الوطني أختبر في انتخابات 2006م عندما قرر اللقاء المشترك الدخول في الانتخابات الرئاسية كمنافس بمرشح للرئاسة، كان الهدف من ذلك كسر حاجز الخوف من منافسة رئيس يحكم البلاد كل هذه الفترة من ناحية ، وتحويل الانتخابات الرئاسية إلى منافسة حقيقية بعد أن كانت عبارة عن عملية شكلية لا معنى لها، وبدأت أنواع مختلفة من الضغوط التي وصلت حد التهديد بحله وحل الأحزاب التي تنتمي إليه، لكن اللقاء المشترك استطاع أن يمتص هذه الضغوط والحصار وغيرها من الممارسات الحكومية التي استهدفته واستهدفت أحزابه حسب قوله. وفي تعقيبه على ورقة د. ياسين أكد "عبده علي عثمان" أن تكوين المشترك مثل إنجازاً هاماً في إنهاء الصراعات السياسية التي عانت منها الحركة الوطنية عبر عقود من الزمن, كما أنه يمثل تحدياً حقيقياً من خلال نضاله السلمي الديمقراطي في مقاومة الظلم وأشكال العنف والاستبداد . وخلال الندوة التي أقيمت بمقر اللجنة التحضيرية للحوار الوطني أشاد المشاركون بالدور الكبير الذي لعبه الشهيد/ جار عمر مهندس اللقاء المشترك في إخراج هذه التجربة الفريدة التي أصبحت نموذجاً رائعاً لتحقيق الرؤى المشتركة للأحزاب السياسية في واقعنا اليمني. وأكد محمد الرباعي أول رئيس للمجلس الأعلى للمشترك - الأمين العام لإتحاد القوى الشعبية اليمنية في كلمة ترحيبية أن طريق اللقاء المشترك لم يكن مفروشاً بالورد وما كان لهذا التحالف التاريخي أن يصل إلى هذه المكانة لولا حرص أطرافه السياسية وحنكة قياداته وصبرهم وتبصرهم، وهي العوامل الأساسية التي حافظت وتحافظ على الدور الوطني للقاء المشترك في مختلف الظروف والتحديات. وأضاف الرباعي : عدا ذلك فإن فكرة المشترك ذاتها دلت على عقلية سياسية جديدة قررت الانفتاح على الآخر والنظر إلى المستقبل بعيون مسؤولة, مفضلة مغادرة أساليبها التقليدية في العمل السياسي والحزبي ومتحملة تبعات اختيارها الجديد وإن كان على حساب المصالح الداخلية لأحزابها. وتابع ساعدها على تحقيق هذه التجربة, النظام الحاكم الذي استفرد بالسلطة وبأدوات القوة والنفوذ, واستضعف المجتمع وقواه السياسية, إذ لم يوفر هذا النظام حزباً أو جماعة إلا ونال منها بمختلف الوسائل غير المشروعة. هذا وتختتم أحزاب اللقاء المشترك اليوم الخميس, برنامج فعاليات الندوة التي ستخرج بعدد من التوصيات الهامة لأعمال أحزاب المشترك خلال المرحلة القادمة.