أوضح الدكتور/ محمد صالح القباطي أستاذ علم الاجتماع بجامعة عدن أن إعلان الحزب الحاكم إيقاف الحوار الوطني من طرف واحد والمضي منفرداً لإجراء الانتخابات النيابية في أبريل 2011م ، قد قوض كل ما تم إنجازه للتهيئة والإعداد للحوار، بما في ذلك الإطاحة بلجنتي المائتين وكل اللجان المنبثقة عنها ، مجهضاً بصيص الأمل الذي تم المراهنة عليه للخروج من أتون الأزمات التي ترزح في ظلها اليمن. وأشار في ختام الندوة التي أقامها اللقاء المشترك لإحياء الذكرى الثامنة للشهيد/ جار الله عمر تحت عنوان ( تجربة اللقاء المشترك الماضي .. الحاضر ... آفاق المستقبل) إلى أن السلطة وحزبها عادا إلى ذات الإجراءات العبثية الانفعالية في مجلس النواب، دافعة بكتلتها البرلمانية تحت التهديد إلى التصويت على مشروع التعديلات على قانون الانتخابات ، بإجراءات مخالفة للقانون واللائحة الداخلية للمجلس ، مع إضافة مواد جديدة ، تعتمد السجل الانتخابي القائم ، المثقل بالتزوير والمخالفات والفاقد للثقة، ملغية بذلك المرحلة الأولى للانتخابات(القيد والتسجيل) وحارمة قطاعات واسعة من المواطنين من حقهم الدستوري في الانتخابات في مخالفة دستورية وقانونية سافرة ، كما قامت بتشكيل لجنة الانتخابات من طرف واحد ومن القضاة في مخالفة دستورية وقانونية ولائحية صارخة أيضاً.. لتشكل كل هذه الإجراءات في مجموعها مهزلة انقلابية جديدة ، تفتقد إلى أدنى شروط الشرعية والمشروعية السياسية أو القانونية أو الدستورية أو التوافقية ، الأمر الذي سيسري على كل الإجراءات الانتخابية اللاحقة ، بما في ذلك نتائج الانتخابات وستفقدها مشروعيتها ، وستغدو بالضرورة إجراءات ونتائج باطلة وغير دستورية. وأكد في ورقته المعنونة (ملامح التطور في أداء المشترك ) أن ذلك ليس أكثر من اغتصاب للسلطة بوسائل غير مشروعة ، وستطال بالتالي الترتيبات التي تعول عليها السلطة بشأن الانتخابات الرئاسية عام 2013م، والتي ستنتهي فيها الفترة الدستورية لبقاء الرئيس في السلطة ، وأن أية إجراءات مخالفة لذلك، سواء بالتمديد أو التوريثن ستغدو إجراءات باطلة وغير مشروعة ومرفوضة على كل المستويات وبكل المقاييس. فيما أوضح الدكتور/ محمد السعدي الأمين المساعد للإصلاح أن تكتل اللقاء المشترك مثل تجربة رائدة على مستوى المنطقة ، وأصبح الأمل المنشود والبديل المحتمل ورائد التغيير والتطوير لدى جميع القوى السياسية وفئات المجتمع المختلفة، خاصة بعد نجاحه خلال سنوات عشر من تكوين سمعة ممتازة كنموذج للتحالفات والأعمال المشتركة. وأشار السعدي في ورقته المقدمة لندوة "تجربة المشترك" المعنونة ب" قراءة استشرافية للآفاق المستقبلية لتجربة المشترك " إلى أنه منذ تفرد المؤتمر الشعبي العام بالسلطة والتي مكنته من السيطرة على الثروات والبلاد، اتسعت وزادت الأزمات وتنوعت وساءت سمعة البلاد واقتصادها تدهور وأمنها اختل، كما أن بنيتها الاجتماعية تشظت، متهماً السلطة وحزبها الحاكم بإذكاء النعرات العصبية والمناطقية والمذهبية، بعد أن كان الشعب قد تجاوزها وسادت فيه الروح الوطنية وتوحدت الشعائر الدينية، لافتاً إلى تصاعد الأوضاع في المحافظات الجنوبية بشكل وصفه ب"المخيف" وتحول مطالب سياسية وحقوقة سلمية إلى عنف يتنامي ويتسع يوماً عن يوم. واستعرض السعدي في ورقته ما أنجزه المشترك خلال عقد من الزمن ، بدءاً بمرحلة التنسيق في القضايا الوطنية ، مروراً بمرحلة التحالف الوطني وانتهاءً بمرحلة الشراكة السياسية التي توجت بالنزول بمرشح وبرنامج انتخابي موحد في الانتخابات الرئاسية والمحلية في 2006م. وقال السعدي إن المشترك راهن وحقق تجربة لم يسبق لها مثيل على المستوى الإقليمي والعربي والإسلامي، حيث تقاربت وتحالفت وتوحدت رؤية عدد من الأحزاب القادمة من مدارس مختلفة وانصهرت في مدرسة وطنية شاملة تقدم مصلحة الوطن على مصالح الأحزاب والشأن العام على الخاص والجماعية على الفردية. وعن الآفاق المستقبلية للقاء المشترك أكد السعدي أن هذا التكتل قد تجاوز اختبار وتحديات السلطة، حيث فشلت السلطة فشلاً ذريعاً في محاولاتها تفكيك المشترك ، بل إن ما وصفه ب"ممارساتها وحماقاتها" قد دفعت المشترك إلى المزيد من التراص والتماسك والسير معاً وفق أهداف وطنية مشتركة تتجاوز ردود الأفعال إلى العمل الإستراتيجي المشترك. واعتبر الأمين المساعد للإصلاح وحدة مطالب المشترك وما يتمتع به من سمعة طيبة لدى الداخل والخارج والتزامه بإقامة علاقات خارجية متوازنة تقوم على المصالح المشتركة تبشر بمستقبل واعد للمشترك. وأضاف أن توسيع دائرة الشراكة الوطنية التي يقدمها المشترك تعتبر فكرة جاذبة لاستقبال القوى السياسية من خلال رسم السياسات وأدوات التنفيذ والمشاركة الفاعلة لجميع القوى السياسية وكذا أبناء الوطن وفق مواطنة متساوية تسودها العدالة والتحاكم للقانون. فيما تناول الدكتور/ محمد الظاهري أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء جوانب الضعف لدى المشترك والتي تمثلت في ضعف التواصل بين قيادة المشترك وجماهير الشعب، وعدم تهيئة المشترك نفسه لأن يكون بديلاً حقيقياً لهذا النظام الذي ثبت فشله، مؤكداً أن تجربة المشترك تعد تجربة رائدة في الحياة السياسية اليمنية ، ويعلق عليها الشعب آمالاً في قيادة التغيير بالبلد، داعياً المشترك لان يكون عند مستوى المسئولية في تحقيق تطلعات وآمال الشعب ، وألا يفقد الثقة به كما فقد الثقة بالسلطة الحاكم. من جانب آخر أوضح/ محمد يحي الصبري الناطق الرسمي للجنة التحضيرية للحوار الوطني أن اليمن أصبحت في العام 2010ملف متداول مثير للقلق والصداع والخوف لدى صناع القرار في هذا البلد. مشيراً في ورقته (على طريق بناء الكتلة التاريخية للتغيير اللجنة التحضرية للحوار الوطني ابرز مظاهر التور في تجربة اللقاء المشترك) إلى ما قامت به أحزاب اللقاء المشترك في سياق الجهد والاستنفار المبكر منذ العام 2007 وحتى اليوم في مواجهة الأزمة الوطنية ومن خلال بناء إطار وطني مهمته البحث عن مخارج آمنة وأدوات ممكنة وقادرة على وقف تداعيات الأزمة وأضاف إلى أن السلطة والحزب الحاكم أعلنت الانسحاب من التحضير للحوار الشامل والسير بانفراد نحو الاستيلاء على الانتخابات في اليوم التالي لأزمة الطرود المشبوهة في 29 أكتوبر 2010م وهو توقيت يؤكد مرة أخرى صلة قرابة ورحم بين السلطة وملف الإرهاب وتداعياته وهذا هو التحدي الأول الذي يفرض نفسه أمام رغبة الإجماع الوطني. وأكد الصبري أن عوصم العالم الفاعلة المهتمة بالأزمة اليمنية ستفرض خلال المستقبل القريب خياراتها عبر الرياض ولندن وواشنطن، حيث أن هذه العواصم لن تقبل الانتظار واختيار موقف الفرجة من بلد تزحف منه التهديدات الأمنية نحو النفط. والملاحة الدولية شمالاً وجنوباً، منوهاً بأن ما يدور قي أروقة هذه العواصم وما كشفته مؤخراً وثائق ويكليكس تشير إلى تحدٍ ثانٍ أمام المشروع الوطني وجهود اليمنيين لإنقاذ بلادهم وفرض مطالبهم وخياراتهم. وذكر أن اليمن أمام فرصة تاريخية فيما يخص الانتقال بالأزمة الوطنية من حيز التشخيص والبحث عن إجماع حول الدعوة للحوار إلى حيز السير بالحوار الوطني نحو غايته المنشودة، مشيراً إلى أنه إذا لم تستجب السلطة لهذا النداء فان حق الأحزاب والتنظيمات السياسية أصيل في روح الدستور ونصه أن ترفع الشعار المعبر عن تعارضها مع عقيدة السلطة في الحكم وإدارة البلاد وليس مخالفتها كما يروج البعض طلباً للسلامة. من جانب آخر أشار الدكتور/ عبد الله عوبل أستاذ علم الاجتماع بجامعة عدن الأمين العام للتجمع الوحدوي الناصري أن إعلام السلطة مازال يثير التناقضات بين الأحزاب ولو لم تكن هذه الأحزاب تحت سقف واحد لنجحت في زرع بذور الصراع داخل المعارضة بما يبعدها عن الالتفات إلى وظائفها الأساسية في مقارعة الاستبداد والفساد والعبث بالثروة وسوء استخدام السلطة وأكد أن انجازات المشترك جعلته شريكاً فاعلاً في المجال السياسي ومعترفاً به محلياً ودولياً، مما فرض على الحاكم أن يتعامل معه رغم ضيقه من هذا الهامش المحدود الذي يتحرك في نطاقه المشترك، منوهاً إلى أن تكوين ثقافة سياسية جديدة عبر الممارسة السياسية اليومية لأحزاب اللقاء المشترك هي الايجابية الأهم في تكوينه ومساره السياسي. وأضاف عوبل ( أن التقدم في انجاز برنامج إنقاذ وطني قائم على الفيدرالية التي تضمن التوزيع الأفضل للسلطة والثروة والدولة المؤسسية القائمة على العدل والقانون والمواطنة المتساوية، يمكن أن يكون قاسماً مشتركاً وتوفيقاً بين مصالح القوى الاجتماعية اليمنية المختلفة وبالتوازي مع هذا التوفيق بين المصالح الوطنية والدولية، ممكن أن يشكل بديلاً للتصورات الإيديولوجية القديمة