يقولون إنهم منهم... فلما إذاً حياتهم لا تشبه حياة شعوبهم؟.. يقولون إنهم يمثلون البسطاء فلما إذاً منازلهم لا تشبه مساكن الفقراء؟.. يقولون أيضاً إنهم يمثلون بلدتهم فلما إذاً تركوها تتعفن ولا منقذ لها أو لهم؟. إنه لمشهد مؤلم حقاً وأنت تشاهد حين تمر في (حي الشولة) بمنطقة القاهرةبعدن أكوام القمامة وهي مفترشة الشارع ، لتلتقي مع مياه المجاري الطافحة الملتصقة بأبواب المنازل ونوافذها، وقد دنست طهارتها ولا تزال، ليكون ذلك ثمناً يدفعه أهل الحي، جرعتهم مرارته مجالس محلية هم من اختاروا أعضائها. "أخبار اليوم" زارت حي الشولة بقاهرة عدن والتقت ساكنيه ونقلت معاناتهم وخرجت بالحصيلة التالية: لو تذكرت السلطة المحلية بمديرية المنصورة أنها ما كانت يوماً تصل إلى ما وصلت إليه لولا أصوات الفقراء.. ولو تذكر أعضاؤها أنهم في يوم ما قطعوا على أنفسهم عهداً بأن قلوبهم ستكون دوماً ديواناً مفتوحاً يلتجئ إليه البسطاء، لو تذكروا ذلك .. لما استطابوا عيش الثراء ولما تنعموا بالملذات وتركوا منطقة القاهرة مدينة مستسلمة لشبح الوباء الجائر وهو جاثم على أنفاسها في حالة محال لمثلها حتى تحلم بأن تقوم ، فالمجاري محيطة بالمباني التي تآكلت جدرانها من الرطوبة والروائح الكريهة المنبعثة، منها مخترقة المنازل، والبعوض يطوف بحرية ينتقي ما شاء من الأجساد ، والحشرات السامة والثعابين اتخذت لها من القمامة مسكناً بعد أن تمددت القاذورات في الشارع وبين أزقة الحي على الأرض سئمت التوجع ولا مجيب. حالة الناس بلهجة توحي بكثير من السخط على من وضع أهل حي الشولة فيهم ثقتهم ليمثلوهم في المجالس المحلية يتحدث إلينا العم/ صالح محمود زيد، متحسراً، ممتلئاً غيظاً وهو يشير إلي بأماكن تجمع القمامة والمجاري الطافحة وهو يقول: هذه المشاهد ليست من الآثار السبئية، بل هي من مخلفات مجالسنا المحلية الذين اخترناهم، فتركونا نعيش وسط القمامة وبين أحضان المجاري. وأضاف: إن الذين أصيبوا بالأمراض وماتوا بسبب هذه البيئة كثير، غير الذين لدغتهم الأفاعي والعقارب المسمومة، وقد لا تصدقوني لكنها الحقيقة، كما هي الحقيقة أننا في مدينة عدن العاصمة الاقتصادية (قالها بنبرة ساخرة)، مناشداً جهات الاختصاص بتدارك الوضع قبل أن يتحول غضب المواطنين إلى أعمال شغب قد لا تحمد عقباها. كوم أسئلة أما الوالد/ علي زيد حزام ، اندفع نحوي وهو يصرخ في وجهي، حتى خشيت على نفسي من بطشه وشعرت وكأنني أنا المذنب وبدأت العبارات تخرج منه وكأنها شرر.. متسائلاً: إلى متى تتجاهلنا السلطة المحلية ونحن نعاني من هذه الويلات؟ وهل نحن بشر لنا أحاسيس ومشاعر أم لا؟ وهل خلقنا لهذه المعاناة التي ندفع ثمنها من صحتنا وصحة أولادنا؟: ويستمر الوالد حزام في الصراخ متسائلاً مرة أخرى: لماذا إذاً تخصم البلدية "75%" من رواتبنا ؟ مجيباً على نفسه: من أجل الملاريا – والتيفود – الذي يفتك بنا!! لا ميزانية للخدمات أكد لنا الأخوان صالح مهدي سالم ومحمد إبراهيم أن حيهما بلا خدمات ابتداءً من سفلتة الشوارع والإنارة وشبكات الصرف الصحي وغياب النظافة، حتى براميل القمامة استكثرتها البلدية على حيهم. وأضاف: ليس هناك شيء يلمسه المواطن العادي الذي أعطى صوته للأشخاص الذين يمثلونه وأن أبناء الحي قد رفعوا معاناتهم أكثر من مرة للجهات المختصة وللمجالس المحلية، لكن الرد أنه لا توجد حالياً موازنة معتمدة لهذا الحي.. متسائلاً: لماذا ؟ ومن أين نحن؟ ألسنا أبناء البلد؟. يخدمون أنفسهم فقط: أكد أهل حي الشولة أن أعضاء المجالس المحلية القريبين من حيهم، قدموا الكثير للأماكن التي فيها منازلهم. وقال صالح عبد الله: نحن ليس في حينا عضو في المجلس المحلي، لذا نحن نعيش في هذه الحالة المزرية بين المجاري والقمامة والأوبئة والأمراض التي تقتل الأبرياء، مضيفاً أنهم لا يطلبون من الجهات المختصة أي مشاريع وكل ما يحتاجونه برميل قمامة وعربة شفط المجاري وليس هذا بكثير حسب تعبيره.
حلمنا ب" برميل قمامة". هل سمعتم يوماً أن مواطناً يحلم بأن يحصل على برميل قمامة ثم لا يتحقق حلمه؟ هل قرأتم عن مدينة كل رجاءات أهلها وأمنياتهم في الحياة هو أن تزال المجاري الطافحة من شوارعها؟..هل حدثكم أحدٌ ما عن سياسة استطاعت أن تغير مفهوم الأحلام والأمنيات؟ كل ذلك تجدونه مرسوماً على صفحات أعمال مجالسنا المحلية التي استطاعت أن تجعل المواطن يفني عمره كله باحثاً عن مطالب يسيرة طالما غيبها ضمير الوجود المعدوم. 1