تساؤلات كثيرة تدور حول الأسباب التي قد تجعل من المرأة ثائرة غاضبة تنادي بحمل السلاح دون خوف من ملاقاة الموت وهي التي وصفت دوماً بالرقة والضعف والرحمة والحنان، لكن لا عجب مما قد يصدر من المرأة، لأنها مخلوق عجيب مزدوج الصفات، فهي القوة والضعف والقسوة والرحمة معاً في آن واحد وهي من تنجب الفارس المغوار وتنجب الفتاة الرقيقة الحانية وعندما تستدعيها الحاجة تتحول إلى بركان ثائر، كما فعلت خولة بنت الأزور في عهد مضى وها نحن اليوم نسمع بمثل ذلك في زماننا من نساء أبين حين صرخن "سنحمل السلاح" للدفاع عن أرضنا إذا عجز الرجال. فهل يا ترى تستطيع المرأة حمل السلاح فعلاً؟ وما الذي يدفعها لتكون تواقة لحمل السلاح؟ هل لأن الرجال غابوا، أم لأنهم وهنوا وعجزوا عن حماية الأوطان؟. "أخبار اليوم" إلتقت عدداً من النازحين رجالاً ونساءً وتحققت من إمكانية حمل نساء أبين للسلاح ومواجهة العدو لتحرير أراضيهن إذا تطلب الأمر وخرجت بالسطور التالية. في اجتماع للنازحين عقدته الهيئة الإدارية لجمعية أبناء أبين الخميس الماضي، دعت فيه إلى العمل السريع والجاد لإخراج أبين من محنتها، وكان للنساء حضور في ذلك الاجتماع عندما صرخن في وجوه الرجال قائلات: عار عليكم أيها الرجال أن تشردكم عصابات قليلة العدد والخبرة، فنحن نريد العودة إلى منازلنا فقد أرهقنا التشرد وحول حياتنا جحيم، فإن كنتم أيها الرجال عاجزون عن تحرير أبين فاعطونا السلاح نحن النساء وسنواجه الجماعات المسلحة بالعزيمة التي افتقدتموها والتي جعلت قواكم تخور إلى هذا الحد. * إذا وجدت العزيمة: أم وعد قالت: "نعم من أجل وطننا وأرضنا سنعمل المستحيل وقد قدمنا شهداء من قبل وبالأمس استشهد خالي ولن تكون حياتي أغلى من حياتهم ونحن على استعداد لحمل السلاح والتدرب عليه وليس بالأمر الصعب إذا وجدت الإرادة والعزيمة، ثم إن الموت حق وخير لي أن أموت شهيدة أدافع عن أرضي وعرضي بدلاً من حياة التشرد والهوان فلو توفر لدينا السلاح سنقاتل، وهذا الكلام ليس تفاخراً بل اضطراراً، لكن المشكلة الآن هي الطيران والقصف المدفعي هو الذي يدمر وهذا لا يمكن مواجهته بالسلاح العادي. * لم نهرب: * أم وعد: الموت خير لي من حياة التشرد والهوان وسنصنع المستحيل من أجل وطننا: * حامد عبدالله: لا توجد عندنا نساء يحملن السلاح وقصف الطيران فرض علينا النزوح * أم حسن: نفضل الموت على الذل وأرض لا نحميها لا نستحق العيش عليها * أم حسين: على الدولة أن تحمينا وتحمي ديارنا وحمل السلاح مهمة صعبة * جمال محمد: النساء أمهات الرجال وقادرات على صناعة المستحيل * أم عابد: لن نستطيع إسقاط طائرة أو تفجير دبابة إن حملنا السلاح وعلى الدولة حمايتنا الأخ/ حامد علي عبدالله أحد نازحي أبين تحدث قائلاً: نحن لم نهرب من أبين خوفاً من الجماعات المسلحة، لكننا نزحنا بسبب قصف الطيران والمدفعية لمنازلنا بعد أن تم بيع المحافظة وفر كبار المسؤولين منها وأصبحنا لا يوجد أمامنا عدو محدد حتى نستطيع مواجهته، لذلك نزحنا خوفاً على أطفالنا، أما فيما يتعلق بحمل المرأة للسلاح فهذا مبالغ فيه، فنحن لا توجد عندنا نساء يحملن السلاح، بل عندنا نساء يطبخن ويهتمين بأولادهن. * سنقاتل بحجارة: من جانبها قالت أم حسن: نحن على استعداد لحمل الحجر إن لم يتوفر السلاح، لأنه إذا عجز الرجال عن الدفاع عنا وعن أرضنا فعلنا ذلك نحن ولأنه لم يتبق لنا شيء، فالبيوت دمرت والرواتب صودرت وأصبحنا جياعاً نتسول بسبب لعبة سياسة قذرة ونحن نفضل الموت على الذل والهوان وإذا لم نحم أرضنا لا نستحق العيش عليها. * أخت الشهيد: أم حسين إبراهيم أخت الشهيد تقول: لا أعتقد أنه باستطاعتنا حمل السلاح، لأن هذه مهمة صعبة وهي من مهام الرجال والدولة والجيش التي أصبحت قذائفها اليوم تدمر بدلاً من أن تحمينا وتحمي ديارنا وقد استشهد أخي في حصن شداد بعد أن أصيب بشظايا قذائف الطيران. * أمهات الرجال: جمال محمد عثمان في حديثه أشار إلى أن المرأة قادرة على حمل السلاح إذا تطلب الأمر قائلاً: هذا ليس مستحيلاً عليهن، فهن أمهات الرجال وقادرات على صناعة المستحيل. وأضاف: نحن طالبنا الدولة بالكفاح المسلح، لكن قيادة المحافظة رفضت طلبنا واليوم نحن نعاني وأنا خسرت أخاً لي استشهد في زنجبار ولن تكون حياتي أغلى من حياته إذا ما دعينا للدفاع عن أرضنا، فنحن اليوم في شتات وبؤس والموت ربما أفضل لنا. * أحمل هم أسرة أم عابد أجابتنا بكل صراحة قائلة: أنا لا أستطيع حمل السلاح فأنا خلقت لأحمل هم أسرة وتربية الأبناء، صحيح أن منازلنا دمرت وتشردنا وحالتنا جحيم، لكن الدفاع عن الأرض هي مهمة الدولة. وتابعت أم عابد: حتى وإن حملنا السلاح هل سنستطيع أن نسقط به طائرة أو نفجر دبابة؟.. لتجيب: هذا مستحيل. أما محمد التوم فقال: المشكلة في أيبن أننا لا نعرف عدونا وإذا ما عرفناه وكانت هناك إمكانيات ودعم أنا برأيي أن المرأة قادرة على حمل السلاح، لكننا اليوم تائهون بعد أن بيعت أرضنا وشردونا منها ولن تكون حياة الذل أفضل من الموت في سبيل الكرامة. * التشرد موت بطيء: أم أحمد معلمة تقول: نعم على المرأة أن تشارك الرجل في كل مهامه مع الاحتفاظ بالخصوصيات ولو توفر لدينا السلاح لن نتردد في حمله للدفاع عن أرضنا ولن نخاف من الموت، لأنه بيد الله وهو بأجل معلوم، أما أن نرضى الهوان والذل والتشرد فهذا موت قبل الموت نفسه. * في ذمة الدولة: سالم شعبان محمد يقول: في الوقت الحالي لا أعتقد أن باستطاعة المرأة حمل السلاح وحتى الرجل، لأنه لا يوجد عدو محدد، فنحن نسمع عن القاعدة ولا نراها وكل ما نعرفه هو طائرات ومدفعية، فكيف يمكن مواجهة ذلك بسلاح خفيف وكل ما يجري لنا في ذمة الدولة والجيش. * من عدونا؟: عائشة درويش قالت: نحن ورجالنا لو توفرت لدينا الإمكانيات والعدة نستطيع أن ندافع عن بلدنا، لكننا اليوم بين نارين، قذائف لا ندري من أين تأتينا وشحة إمكانيات، بالإضافة إلى أننا لا نعرف من عدونا. أما نجاة صالح فترى أن حمل السلاح بالنسبة للمرأة ليس أمراً صعباً، لكن الحالة في أبين غير واضحة، وقالت: على أبناء أبين نساءً ورجالاً أن يعرفوا عدوهم أولاً ثم يقفوا يداً واحدة ويدافعوا عن أرضهم. وأضافت: بيتي تدمر بعد أن دهستها دبابة ونحن نريد أن نعرف من عدونا؟ هل هي الدولة أم القاعدة؟ لكننا نعلنها للجميع أننا سنقاوم عدونا أياً كان لكي نستعيد أرضنا فنحن بدونها عدم. وتابعت: نزحنا بسبب الطيران والمدفعية ولولاهما لاستطعنا أن نحمي أرضنا نساءً ورجال، لكننا نواجه طيران ومدافع وهذا لا يمكن التصدي له بسلاح خفيف ونحن نزحنا خوفاً على أسرنا وليس على أنفسنا فالموت أرحم من الشتات والمذلة. * وأخيراً: هي الأرض إذاً التي منحتهم شرف الانتماء إليها، فعرفوا وجهتهم بدقة وسط هذه المصيدة وبدأت شرارة الكرامة والوهوية تطلق لهبها وتطغى على كل شيء لتبزغ مشاعل الحرية في أفق سماء محافظتهم، ليقولوا لمن أرادها وأرادهم بسوء رغم الشتات والبؤس: "لن تكون عاصمتنا هدفاً سهل المنال".