روائع جمعتها من بطون الكتب سقت لك بعضها كما هي وشذبت وهذبت بعضها وعلقت على بعضها وهي روائع متنوعة ستخلب لب القارئ وتدهشه وتفيده فإلى الروائع : الذي يكون ستراه استغاث أهل الأندلس بالبطل المجاهد يوسف بن تاشفين رحمه الله تعالى فخرج بجيشه من المغرب إلى الأندلس وبلغ الأذفونش ملك النصارى الخبر وهو بطليطلة، فكتب الأذفونش إلى الأمير يوسف كتاباً يتهدده، وأطال الكتاب، فكتب يوسف الجواب في ظهره: " الذي يكون ستراه " ورده إليه. فلما وقف عليه ارتاع لذلك وقال: هذا رجل عازم.ثم سار الجيشان والتقيا في مكان يقال له الزلاقة من بلد بطليوس وتصافا، وانتصر المسلمون وهرب الأذفونش بعد استئصال عساكره ولم يسلم معه سوى نفر يسير، وذلك سنة 479ه وهذه الواقعة من أشهر الوقائع هناك . يرفض قضاء قضاة الدنيا ( عرض على الفقيه الكبير الورع أبي علي بن خيران - أحد أئمة المذهب الشافعي واسمه الحسين بن صالح بن خيران - منصب القضاء فلم يقبل، فختم الوزير علي بن عيسى على بابه ستة عشر يوما، حتى لم يجد أهله ماء إلا من بيوت الجيران، وهو مع ذلك يمتنع عليهم، ولم يل لهم شيئا. فقال الوزير: إنما أردنا أن نعلم الناس أن ببلدنا وفي مملكتنا من عرض عليه قضاء قضاة الدنيا في المشارق والمغارب فلم يقبل. وقد كانت وفاته رحمه الله تعالى في ذي الحجة من سنة 320 ه .) ليسوا بسادة قال رجل لسلم بن نوفل: ما أرخص السؤدد فيكم فقال سلم: أما نحن فلا نسود إلا من بذل لنا ماله، وأوطأنا عرضه، وامتهن في حاجتنا نفسه. فقال الرجل: إن السؤدد فيكم لغال. ولسلم يقول القائل: يسود أقوام وليسوا بسادة ... بل السيد المعروف سلم بن نوفل بم سدت قومك؟ وقال معاوية رحمه الله لعرابة بن أوس بن قيظي الأنصاري: بم سدت قومك؟ فقال :لست بسيدهم،ولكني رجل منهم، فعزم عليه فقال: أعطيت في نائبهم وحلمت عن سفيههم، وشددت على يدي حليمهم، فمن فعل منهم مثل فعلي فهو مثلي، ومن قصر عنه فأنا أفضل منه، ومن تجاوزه فهو أفضل مني . لاينسى الأحبة حضر بساط الحجاج رجل تعين عليه القتل وحضر أهل القود بحضوره، فلما فرض النطع وسل السيف اتفق أن ملأ عينه في حالة تلك فرأى بريق السيف ولمعان برق فاستنظر ثم أنشد مرتجلاً: تألق البرق من نجد فقلت له ... يا أيها البرق إني عنك مشغول يكفيك ما قد ترى من ثائر حنق ... في كفه كصبيب الماء مسلول فلما رأى الحجاج الثقفي ما كان من حضور ذهنه وجودة شعره قال لحرسه : فكوا قيده وخلوا سبيله فإن من لم ينس أحبته في هذا المقام لجدير أن لا يُقتل. تفضيل العجم على العرب ( قال بديع الزمان الهمذاني كنت عند الصاحب كافي الكفاة أبي القاسم إسماعيل بن عباد يوماً، وقد دخل عليه شاعر من شعراء العجم، فأنشده قصيدةً يفضل فيها قومه على العرب، وهي: غنينا بالطبول عن الطلول ... وعن عنسٍ عذافرةٍ ذمول وأذهلني عقار عن عقارٍ ... ففي است أم القضاة مع العذول فلست بتاركٍ إيوان كسرى ... لتوضح أو لحومل فالدخول وضبٍ بالفلا ساعٍ وذئبٍ ... بها يعوي وليث وسط غيل يسلون السيوف لرأس ضب ... حراشاً بالغداة والأصيل إذا ذبحوا فذلك يوم عيدٍ ... وإن نحروا ففي عرسٍ جليل أما لو لم يكن للفرس إلا ... نجار الصاحب القرم النبيل لكان لهم بذلك خير فخرٍ ... وجيلهم بذلك خير جيل فلما وصل إلى هذا الموضع من إنشاده، قال له الصاحب: قف . تريد على مكارمنا دليلا ثم اشرأب ينظر إلى الزوايا وأهل المجلس - وكنت جالساً في زاوية من البهو فلم يرني - فقال أين أبو الفضل؟ فقمت وقبلت الأرض وقلت: أمرك! قال: أجب عن ثلاثتك، قلت: وما هي؟ قال: أدبك، ونسبك، ومذهبك. فأقبلت على الشاعر فقلت: لا فسحة للقول ولا راحة للطبع إلا السرد كما تسمع ثم أنشأت أقول: أراك على شفا خطرٍ مهول ... بما أودعت لفظك من فضول تريد على مكارمنا دليلا ... متى احتاج النهار إلى دليل! ألسنا الضاربين الجزى عليكم ... وإن الجزي أولى بالذليل متى قرع المنابر فارسي ... متى عرف الأغر من الحجول! متى عرفت وأنت بها زعيم أكف الفرس أعراف الخيول! فخرت بملء ماضغتيك هجراً ... على قحطان والبيت الأصيل وتفخر أن مأكولا ولبساً ... وذلك فخر ربات الحجول ففاخرهن في خد أسيلٍ ... وفرعٍ في مفارقها رسيل وأمجد من أبيك إذا تزيا ... عراة كالليوث على الخيول فلما أتممت إنشادي التفت إليه الصاحب، وقال له: كيف رأيت؟ قال: لو سمعت به ما صدقت. قال: فإذن جائزتك جوازك؛ إن رأيتك بعدها ضربت عنقك. ثم قال: لا أرى أحداً يفضل العجم على العرب إلا وفيه عرق من المجوسية ينزع إليها.) ؟؟؟؟ تولى رعيها الأسد أبو مسلم الخراساني تولى قيادة الدعوة العباسية في خراسان حتى أصبحت دولة وبطش بالعرب وقتل منهم مئات الألآف وكان سفاكا للدماء مجرما لكنه حازما عازما تحدث عن نفسه فقال : أدركت بالحزم والكتمان ما عجزت عنه ملوك بني مروان إذ حشدوا ما زلت أسعى بجهدٍ في دمارهم والقوم في غفلة والناس قد رقدوا حتى ضربتهم بالسيف فانتبهوا من نومةٍ لم ينمها قبلهم أحد ومن رعى غنماً في أرض مسبعةٍ ونام عنها تولى رعيها الأسد لا تُحْسِن الهجاء دخل العجّاجُ(1)على عبدِ الملك بن مروان فقال له: بلغني أنك لا تُحْسِن الهجاء، فقال: يا أمير المؤمنين، مَنْ قَدر على تشييد الأبنية، أمكنه خَرابُ الأخبية، قال: ما يمنعُك من ذلك؟ قال: إنّ لنا عِزّاً يمنعُنَا من أن نُظْلَم، وحِلْماً يمنعنا من أنْ نَظلم، قال: لَكَلِماتُك أحسنُ من شعرك! فما العزُ الذي يمنعك أن تظلم. قال: الأدب البارع، والفهْم الناصع. قال: فما الحِلمُ الذي يمنعُك من أن تظلم؟ قال: الأدب المستطرف، والطبع التالد، قال: لقد أصبحت حكيماً. قال: وما يمنعني من ذلك وأنا نَجِيّ أميرِ المؤمنين؟. طرائف ونوادر 5 ذكر بعض الرواة أن امرأة مسكين الدارمي خاصَمتْه ونسبَتْه إلى البخل، فقيل لها: أليس هو القائل: ناري ونار الجار واحدة وإليه قبلي تُنزل القِدرُ قالت: صدقَ، النار والقدر لجاره، وإليه تُنزل قبله لأنه صاحبُها؛ وهو أيضاً لا يشعل ناراً مخافة أن يراها ضيفٌ فيأتيَها، فعجب كلّ من حضر لتأتِّيها وحسن جوابها. و أصابت وصيف التركي والي الشام للمعتصم، مصيبة فركب إليه محمد بن عبد الملك الزيات فعزاه بأخبار وأشعار وأمثال. ثم أصيب محمد بمصيبة فركب إليه وصيف وقال: يا أبا جعفر، أنا رجل أعجمي لا أدري ما أقول، ولكن انظر ما عزيتني به ذلك اليوم فعز به نفسك الآن. فاستظرف الناس كلامه . من روائع الأقوال 6 وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : لَوْ كُنَّا نَطْلُبُ الْعِلْمَ لِنَبْلُغَ غَايَتَهُ كُنَّا قَدْ بَدَأْنَا الْعِلْمَ بِالنَّقِيصَةِ ، وَلَكِنَّا نَطْلُبُهُ لِنَنْقُصَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْجَهْلِ وَنَزْدَادَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْعِلْمِ . وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : الْمُتَعَمِّقُ فِي الْعِلْمِ كَالسَّابِحِ فِي الْبَحْرِ لَيْسَ يَرَى أَرْضًا ، وَلَا يَعْرِف طُولًا وَلَا عَرْضًا . وَقِيلَ لِحَمَّادٍ الرَّاوِيَةِ : أَمَا تَشْبَعُ مِنْ هَذِهِ الْعُلُومِ ؟ فَقَالَ : اسْتَفْرَغْنَا فِيهَا الْمَجْهُودَ ، فَلَمْ نَبْلُغْ مِنْهَا الْمَحْدُودَ ، فَنَحْنُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ : إذَا قَطَعْنَا عِلْمًا بَدَا عِلْمُ وَأَنْشَدَ الرَّشِيدُ عَنْ الْمَهْدِيِّ بَيْتَيْنِ وَقَالَ أَظُنُّهُمَا لَهُ : يَا نَفْسُ خُوضِي بِحَارَ الْعِلْمِ أَوْ غُوصِي فَالنَّاسُ مَا بَيْنَ مَعْمُومٍ وَمَخْصُوصِ لَا شَيْءَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا نُحِيطُ بِهِ إلَّا إحَاطَةَ مَنْقُوصٍ بِمَنْقُوصِ الهامش: (1)عبد الله بن رؤية بن لبيد بن صخر السعدي التميمي، أبو الشعثاء، العجاج:، راجز مجيد، من الشعراء. ولد في الجاهلية وقال الشعر فيها.ثم أسلم، وعاش إلى أيام الوليد بن عبدالملك، ت نحو 90 ه . [email protected]