روائع جمعتها من بطون الكتب سقت لك بعضها كما هي وشذبت وهذبت بعضها وعلقت على بعضها وهي روائع متنوعة ستخلب لب القارئ وتدهشه وتفيده فإلى الروائع : لم يلق المسلمون حرباً مثلها كادت الردة تقضي على الإسلام وتبيد المسلمين لولا الصديق رضي الله عنه والصحابة الكرام فبعد أن كادت المدينة تسقط في يد أهل الردة وبعد أن قام خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبوبكر رضي الله عنه بفك الحصار عنها بمعارك طاحنة أرسل 11جيشا لتطهير الجزيرة العربية من المرتدين وأدعياء النبوة ومن تلك الجيوش جيش خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى بني حنيفة ( فلما بلغ مسيلمة الكذاب دنو خالد بن الوليد ضرب عسكره بعقرباء، وخرج إليه الناس وخرج مجاعة بن مرارة في سرية يطلب ثأراً لهم في بني عامر، فأخذه المسلمون وأصحابه، فقتلهم خالد واستبقاه لشرفه في بني حنيفة، وكانوا ما بين أربعين إلى ستين. وترك مسيلمة الأموال وراء ظهره، فقال شرحبيل بن مسيلمة: يا بني حنيفة قاتلوا فإن اليوم يوم الغيرة، فإن انهزمتم تستردف النساء سبيات، وينكحن غير خطيبات؛ فقاتلوا عن أحسابكم وامنعوا نساءكم. فاقتتلوا بعقرباء وكانت راية المهاجرين مع سالم مولى أبي حذيفة، وكانت قبله مع عبد الله بن حفص بن غانم، فقتل، فقالوا: أتخشى أن نؤتى من قبلك ؟ فقال: بئس حامل القرآن أنا إذاً! وكانت راية الأنصار مع ثابت بن قيس بن شماس، وكانت العرب على راياتهم، والتقى الناس، وكان أول من لقي المسلمين نهارٌ الرجال بن عنفوة فقتل، قتله زيد بن الخطاب، واشتد القتال، ولم يلق المسلمون حرباً مثلها قط، وانهزم المسلمون، وخلص بنو حنيفة إلى مجاعة وإلى خالد، فزال خالد عن الفسطاط ودخلوا إلى مجاعة وهو عند امرأة خالد، وكان سلمه إليها، فأرادوا قتلها، فنهاهم مجاعة عن قتلها وقال: أنا لها جار، فتركوها، وقال لهم: عليكم بالرجال، فقطعوا الفسطاط. ثم إن المسلمين تداعوا، فقال ثابت بن قيس: بئس ما عودتم أنفسكم يا معشر المسلمين! اللهم إني أبرأ إليك مما يصنع هؤلاء، يعني أهل اليمامة، وأعتذر إليك مما يصنع هؤلاء، يعني المسلمين، ثم قاتل حتى قتل. وقال زيد بن الخطاب: والله لا أتكلم اليوم حتى نهزمهم أو أقتل فأكلمه بحجتي. غضوا أبصاركم وعضوا على أضراسكم أيها الناس، واضربوا في عدوكم وامضوا قدماً. وقال أبو حذيفة: يا أهل القرآن زينوا القرآن بالفعال. وحمل خالد في الناس حتى ردوهم إلى أبعد مما كانوا، واشتد القتال وتذامرت بنو حنيفة وقاتلت قتالاً شديداً، وكانت الحرب يومئذ تارة للمسلمين وتارة للكافرين، وقتل سالم وأبو حذيفة وزيد بن الخطاب وغيرهم من أولي البصائر. فلم يبرز إليه أحدٌ إلا قتله فلما رأى خالد بن الوليد ما الناس فيه قال: امتازوا أيها الناس لنعلم بلاء كل حي ولنعلم من أين نؤتى. فامتازوا، وكان أهل البوادي قد جنبوا المهاجرين والأنصار وجنبهم المهاجرون والأنصار. فلما امتازوا قال بعضهم لبعض: اليوم يستحى من الفرار، فما رئيس يوم كان أعظم نكاية من ذلك اليوم، ولم يدر أي الفريقين كان أعظم نكاية، غير أن القتل كان في المهاجرين والأنصار وأهل القرى أكثر منه في أهل البوادي. وثبت مسيلمة فدارت رحاهم عليه، فعرف خالدٌ أنها لا تركد إلا بقتل مسيلمة، ولم تحفل بنو حنيفة بمن قتل منهم. ثم برز خالد ودعا إلى البراز ونادى بشعارهم، وكان شعارهم: يا محمداه! فلم يبرز إليه أحدٌ إلا قتله. ودارت رحا المسلمين، ودعا خالد مسيلمة فأجابه، فعرض عليه أشياء مما يشتهي مسيلمة فكان إذا هم بجوابه أعرض ليستشير شيطانه فينهاه أن يقبل. فأعرض بوجهه مرة وركبه خالد وأرهقه، فأدبر وزال أصحابه، وصاح خالد في الناس فركبوهم، فكانت هزيمتهم، وقالوا لمسيلمة: أين ما كنت تعدنا. فقال: قاتلوا عن أحسابكم. ونادى المحكم: يا بني حنيفة الحديقة الحديقة! فدخلوها وأغلقوا عليهم بابها. ألقوني عليهم وكان البراء بن مالك، وهو أخو أسد بن مالك، إذا حضر الحرب أخذته رعدة حتى يقعد عليه الرجال ثم يبول، فإذا بال ثار كما يثور الأسد، فأصابه ذلك، فلما بال وثب وقال: إلي أيها الناس، أنا البراء بن مالك! إلي إلي! وقاتل قتالاً شديداً، فلما دخلت بنو حنيفة الحديقة قال البراء: يا معشر المسلمين ألقوني عليهم في الحديقة. فقالوا: لا نفعل. فقال: والله لتطرحنني عليهم بها! فاحتمل حتى أشرف على الجدار فاقتحمها عليهم وقاتل على الباب وفتحه للمسلمين ودخلوها عليهم فاقتتلوا أشد قتال، وكثر القتلى في الفريقين لاسيما في بني حنيفة، فلم يزالوا كذلك حتى قتل مسيلمة. واشترك في قتله وحشي مولى جبير بن مطعم ورجل من الأنصار، أما وحشي فدفع عليه حربته، وضربه الأنصاري بسيفه، قال ابن عمر: فصرخ رجل: قتله العبد الأسود، فولت بنو حنيفة عند قتله منهزمةً، وأخذهم السيف من كل جانب، وأخبر خالد بقتل مسيلمة، فخرج بمجاعة يرسف في الحديد ليدله على مسيلمة، فجعل يكشف له القتلى حتى مر بمحكم اليمامة، وكان وسيماً، فقال: هذا صاحبكم؟ فقال مجاعة: لا، هذا والله خير منه وأكرم، هذا محكم اليمامة، ثم دخل الحديقة فإذا رويجلٌ أصيفر أخينس، فقال مجاعة: هذا صاحبكم قد فرغتم منه. وقال خالد: هذا الذي فعل بكم ما فعل. ) فهل عرفت ياعبدالله كم عانى الرعيل الأول رضي الله عنهم من أجل نصر الإسلام ونشره ؟ رائعة المراثي والمدائح ! من كان له أخ مثل هذا الأخ ومات فليقراء هذه المرثية الرائعة وليصب الدمع مدرارا !! ومن كان اخوه حيا لكنه لاينفعه فليقرأها أيضا وليتمنى مثل هذا الأخ !! قالوا إنها من روائع المراثي العربية !! ولكني أقول إنها من روائع المراثي والمدائح أيضا !! - لقد هزتني وأسالت الدمع من عيني عندما قرأتها لأنها ذكرتني بأخي الشيخ ذياب رحمه الله تعالى ( وإن كنت لا أنساه ) وبكرمه وجوده وطيب معشره - قالها كعب بن سعد الغنوي - شاعر جاهلي توفى نحو 10 ق ه - والذي قتل أخوان له في معركة ذي قار – قبل الهجرة ب 50عاما – فقال يرثي واحدا فقط !! – اسمه ابو المغوار – ونسي الآخر فلماذا ياترى ؟ إستمع إلى المرثية وستعرف السبب : تقولُ سليمَى ما لجسمكَ شاحبا ... كأنكَ يحميكَ الطعامَ طبيبُ فقلتُ ولم أعْيَ الجوابَ ولم ألحْ ... وللدهرِ في صمِّ السلامِ نصيبُ(1) تتابعُ أحداثٌ تخرمنَ إخوتي ... وشيبنَ رأسي والخطوبُ تشيبُ(2) لعمري لئن كانتْ أصابتْ منيةٌ ... أخِي، والمنايا للرجالِ شعوبُ(3) لقد عجمت مني المنيةُ ماجداً ... عروفاً لريبِ الدهرِ حينَ يريبُ(4) فتى الحربِ إنْ حاربتَ كانَ سمامَها ... وفي السلمِ مفضالُ اليدينِ وهوبُ(5) جموعٌ خلالَ الخيرِ من كلِّ جانب ... إذا جاءَ جياءٌ بهنَّ ذهوبُ فتًى لا يبالي أن يكونَ بجسمهِ ... إذا نال خلاتِ الكرامِ شحوبُ فلو كان ميتٌ يفتدى لفديته ... بما لم تكنْ عنه النفوسُ تطيبُ فإنْ تكنِ الأيامُ أحسنَّ مرةً ... إليَّ فقد عادتْ لهنَّ ذنوبُ أخٌ كان يكفيني وكان يعينني ... على نائباتِ الدهرِ حين تنوبُ عظيمُ رمادِ القدرِ رحبٌ فناؤهُ ... إلى سندٍ لم تحتجبهُ غيوبُ إذا ما تراآهُ الرجالُ تحفظوا ... فلن تنطق العوراءُ وهو قريب أخي ما أخي! لا فاحشٌ عند بيتهِ ... ولا ورعٌ عند اللقاءِ هيوبُ حليفُ الندى يدعو الندى فيجيبهُ ... سريعاً ويدعوهُ الندى فيجيبُ هو العسلُ الماذيُّ ليناً وشيمةً ... وليثٌ إذا يلْقَى العدوَّ غضوبُ(6) هوتْ أمُّه ما يَبْعَثُ الصبحُ غادياً ... وماذا يردُّ الليلُ حين يئوبُ(7) كعاليةِ الرمحِ الردينِي لم يكنْ ... إذا ابتدرَ الخيرَ الرجالُ يخيبُ(8) أخُو شتواتِ يعلمُ الحيُّ انه ... سيكثرُ ما في قدرهِ ويطيبُ ليبككَ عانٍ لم يجدْ من يعينه ... وطاوِي الحشا نائي المزارِ غريبُ كأنَّ أبا المغوارِ لم يوفِ مرقباً ... إذا ربأَ القومَ الكرامَ رقيبُ(9) ولم يدعُ فتياناً كراماً لميسرٍ ... إذا اشتدَّ من ريحِ الشتاءِ هبوبُ يبيتُ الندَى يا أمَّ عمرٍو ضجيعه ... إذا لم يكنْ في المنقياتِ حلوبُ إذا شهدَ الأيسارُ أو غاب بعضهم ... كفى ذاكَ وضاحُ الجبينِ أريبُ وداعٍ دعا يا منْ يجيبُ إلى الندى ... فلم يستجبهُ عندَ ذاكَ مجيبُ فقلتُ ادعُ أخرى وارفعِ الصوتَ دعوةً ... لعلَّ أبا المغوارِ منكَ قريبُ يجبكَ كما قدْ كان يفعلُ إنهُ ... نجيبٌ، لأبوابِ العلاءِ طلوبُ وإني لباكيهِ وإني لصادِقٌ ... عليه، وبعضُ القائلينَ كذوبُ فتى أريحيٌّ كانَ يهتزُّ للندى ... كما اهتزَّ ماضي الشفرتينِ قضيبُ فواللّه لا أنْساه ماذَرَّ شارِقٌ ... وما اهتزّ في فَرْع الأراك قَضِيب الهامش (1) يقال: ألاحَ من الشيء: إذا أشفق منه والسلامُ: الحجارة، واحدها سلمة. (2)يقال: تخرمته المنون: إذا ذهبتْ به. (3)شعوب: اسم من أسماءِ المنية. يقال شعبتهم شعوب: فرقتهم. وشعوب في الأصل: نعتٌ، ثم سمي به. وهو في البيت نكرة. (4)عجمتْ: عضتْ. عجمتُ العودَ أعجمه. (5)السمام: جمع سم، وإن كان قولهم سموم أكثر على ألسنة الناس. وهذا مما اتفق فيه فعول وفعال (6)الماذي: أجودُ العسلِ وأصفاهُ. (7) قوله: هَوَت أمّه. وهبِلته أمُّه. يدعون عليه، وهم يريدون الحمدَ له. ونحوُه: قاتَله اللّه، وأَخْزاه اللّه، إذا أحسن (8)كعالية الرمح: يريدُ كالرمحِ طولاً، كما قال: الواطئين على صدور نعالهم. (9)المرقب: المكان العالي. الربيئة: الطليعة، والرقيب [email protected]