طالما اتهمت المعارضة ونشطاء حقوق الانسان في ايران نظام الجمهورية الاسلامية بارتكاب اعمال قتل واعدامات جماعية ضد نشطاء ومنظمات سياسية واقليات عرقية على مدى ثلاثة عقود تقريبا، وطالبوا بتشكيل محاكم دولية لفضح وادانة ما يصفونه بتصفيات جماعية و"جرائم ضد الانسانية" بحق الشعب الايراني.-حسب بعض المصادر-. وبعد انتظار طويل تم بالفعل تحقيق هذا المطلب اذ وقف نظام اية الله الخميني، كما نقلت وكالات الانباء ووسائل الاعلام الدولية، في قفص الاتهام يوم الخميس الماضي في لاهاي امام محكمة دولية غير رسمية تشكلت بمبادرة من اسر ضحايا جرائم ارتكبت في ثمانينات القرن الماضي في اعقاب الثورة الاسلامية سعيا لتسليط الضوء على تصفيات تجاهلها القضاء الدولي، كما يقولون. وشارك قضاة ومحامون شهيرون في جلسات المحكمة، التي لا تمتلك صلاحية قضائية رسمية، من اجل محاكمة المسؤولين المتهمين باعدام عشرات الاف المعارضين السياسيين "على امل ان تحمل هذه المحاكمة الاممالمتحدة على تشكيل لجنة للتحقيق في عمليات تصفية اكثر من عشرين الف شخص لم يعاقب احد عليها منذ اكثر من 25 عاما". وقال جيفري نايس عضو الاتهام في المحكمة من اجل ايران والمدعي العام السابق امام المحكمة الجنائية ليوغوسلافيا السابقة: "ما نريده هو ارغام الاممالمتحدة على تشكيل لجنة تحقيق والقيام بشيء". وقال المدعي العام في المحكمة بايام اخوان ان اكثر من عشرين الف معتقل سياسي من رجال ونساء واولاد قصر اعدموا خلال ثمانينات القرن العشرين في السجون الايرانية بعد تولي اية الله الخميني السلطة في اعقاب الثورة الايرانية عام 1979 التي اسقطت نظام الشاه. وقال اخوان: "في العام 1988 وحده اعدم اكثر من خمسة الاف معتقل سياسي خلال فترة قصيرة جدا في جميع انحاء البلاد. انها سريبرينيتسا ايران". ومن بين الشخصيات الحقوقية الدولية المعروفة التي قامت بتشكيل هذه المحكمة، مقرر الاممالمتحدة لحقوق الانسان في الاراضي المحتلة ريتشارد فولك، واستاذ القانون الدولي اريك ديفيد والمدافعة عن حقوق الانسان عضو اتحاد نساء آسيا والشرق الاوسط الدكتورة نانسي هورماشيا. وجرى قتل واعدام مالا يقل عن 60 الف شخص، حسب احصاءات موثقة للمعارضة ومصادر مستقلة، منذ 79 عام انتصار الثورة وحتى عام 1988 غداة انتهاء الحرب العراقية الايرانية، غالبيتهم من عناصر منظمة مجاهدي خلق ومنظمات يسارية مثل منظمة فدائيي الشعب وطريق العامل وحزب توده وليبراليين بالاضافة الى العديد من ابناء القوميات والشعوب الايرانية كالاكراد والعرب والبلوش والتركمان والاذريين. وقال نايس ان عدم تحرك القضاء الدولي ناجم عن "اعتبارات سياسية" وفي حال ايران تحديدا عن امتلاكها النفط. واوضحت المحكمة انها دعت النظام الايراني لحضور الجلسات غير انه رفض. وان كانت ايران تقر بتنفيذ اعدامات بعد الثورة الاسلامية، الا انها تؤكد انها كانت مشروعة تماما بموجب القانون الدولي. وبعد ثلاثة ايام من الجلسات والاستماع إلى شهادات قدمها 75 من مجموع 100 تقدموا للإدلاء بإفاداتهم، أصدرت المحكمة قراراً بتحميل نظام الجمهورية الإسلامية مسؤولية ما سمّته "جرائم حرب ضد شعبها وضد الإنسانية". وقدمت عدة توصيات، دعت فيها المنظمات الدولية ذات الصلة إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية، ومتابعة ما سمّتها "جرائم النظام في إيران". وفكرة هذه المحكمة مستلهمة من محكمة الشعب الرمزية التي شكلها في ستينات القرن الماضي مدافعو حقوق الانسان ومفكرون كبار من بينهم البريطاني برتراند راسل والفرنسي جان بول سارتر، للنظر في جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الاميركي خلال حرب فيتنام، والتي كان لها، على الرغم من ان قراراتها لم تكن ملزمة، أثر بالغ على الراي العام الاميركي والعالمي. على صعيد آخر، تعكرت اجواء العلاقات بين الجمهورية الاسلامية والاتحاد الاوروبي في الايام القليلة الماضية اكثر بسبب قضايا تتعلق بالحريات العامة وحقوق الانسان. فقد ألغى وفد من البرلمان الاوروبي زيارة الى ايران بعد ان رفض طلبه الاجتماع مع ناشطين سجينين. وقال البرلمان الاوروبي السبت ان القرار جاء بعد أن قال سفير ايران لدى الاتحاد الاوروبي ان من المستحيل ضمان ان يلتقي اعضاء البرلمان الاوروبي بالمحامية المدافعة عن حقوق الإنسان نسرين ستوده والمخرج السينمائي جعفر بناهي القابعين في السجن. ومنح البرلمان الاوروبي السجينين جائزة ساخاروف لحقوق الإنسان وحرية الرأي يوم الجمعة المنصرم. وتوترت العلاقات بين إيران وأوروبا بشكل متزايد في الفترات السابقة بسبب برنامج طهران النووي المثير للجدل وفرض الاتحاد الاوروبي عقوبات اقتصادية عليها. يأتي هذا في وقت تتعرض فيه ايران لضغوط اقتصادية متزايدة وتوقعات بفرض الاتحاد الاوروبي عقوبات اضافية عليها بينما يجري الحديث عن احتمال تبني ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما موقفا اكثر تشددا في حال فوزه بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية الوشيكة.