استغرب أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء الدكتور/ فؤاد الصلاحي, من نشر تهاني ومباركات الأجهزة العسكرية وقيادات المناطق العسكرية، لوثيقة المخرجات والحلول للقضية الجنوبية والتي تعرف بوثيقة بن عمر. وأثارت الوثيقة المقدمة من المبعوث الأممي إلى اليمن/ جمال بن عمر, استياء أوساط السياسيين ومكونات يمنية عديدة, معتبرينها حدوث مضامين تهدد وحدة البلاد.. وقال الصلاحي في تصريح ل"أخبار اليوم" إنه يجب النأي بالجيش عن السياسة حتى تتضح الصورة كاملة. وأشار إلى أن وثيقة بن عمر، وثيقة جزئية أخذت بمقترح أحد المكونات من الحوار دون اهتمامها بالمكونات الأخرى. وأشار إلى أن هذه الوثيقة، أولية وليست ملزمة، منوهاً إلى أنه كان مخطط الإعلان عن كافة مخرجات الحوار، من خلال وثيقة سياسية تشمل قضايا الدولة وتصنيفها وطبيعتها وحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، مستغرباً من تعمد الدولة تكبير حجم وثيقة بن عمر. ولفت الصلاحي إلى أن وثيقة بن عمر مستعجلة, لم تبن على دراسات علمية جادة حول طبيعة الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في اليمن، عدا أنها مجرد تخمينات ومقترحات أولية يمكن تغييرها. وأضاف بأن هناك كثيراً من الناس يريدون تغييراً من تركيبة النظام السياسي بشكل فيدرالي أو غيره، لكن في هذه العملية تتم وفق دراسات جادة لمعنى الفيدرالية والترتيبات لكيفية إخراج الفكرة على أرض الواقع وأكد أن الفيدرالية تطلب دولة قوية، بحيث يكون هناك تثبت ودعم لمؤسسات الدولة الفيدرالية، وأن تكون دولة قوية وكبيرة بمؤسساتها وآليتها ومن ثم التحول إلى بناء الترتيبات الأخرى دون استعجال، لافتاً إلى أن بن عمر استعجل بوثيقته تلك حتى يقال إنه نجح بمهمته وهذا شأن يخصه فيما الإعلان عن هذه الوثيقة أثار مشكلات كبيرة داخل الساحة اليمنية. من جانبه اعتبر رئيس المجلس الأهلي بمحافظة تعز الدكتور/ عبد الله الذيفاني, وثيقة بن عمر تتناقض مع مبدأ المواطنة المتساوية، وقال إنها وضعت حلولاً للقضية الجنوبية بمعاقبة أبناء الشمال. وأضاف بأن الاستعجال في طبخة الوثيقة، يثير التساؤل والملاحظات، حيث تعاملت الوثيقة مع الناس وكأنهم يترقبون تعجيل تقسيم البلاد على 6 أقاليم أو إقليمين وكأن كل مشكلاتنا منذ عقود محصورة في الجغرافيا في الوحدة، مشيراً إلى أن الدولة لم تكن حاضرة خلال العقود الماضية كلها ولم تجرب اليمن نظاماً إدارياً يقدر الشعب على محاسبته، كما أن الوحدة لم يتم تطبيقها حتى نقول عنها فشلت. وقال- خلال حديثه للصحيفة- إنه كان يفترض أن تأتي المعالجات بناءً على دراسات دقيقة تجرى من قبل أطراف سياسيين وتقديم رؤى علمية جادة، حتى لا تسبب التشظي في أي نوع كان. وذكر الذيفاني بأن المجتمع الدولي والعهود الدولية لا يمكن أن يكونوا مرجعية للمخرجات بل ينبغي أن تكون المرجعية منبثقة من خصوصية اليمن وطبيعة البلاد نفسها. وأشار إلى أن وثيقة العهد والاتفاق كانت أكثر دقة من وثيقة بن عمر في تحديد الدولة التي نريدها والمؤسسات التي ينشدها اليمنيون.. ولفت بأن وثيقة بن عمر لا تتواءم مع مبدأ المواطنة المتساوية ولم تفرق بين حاكم أساء للجنوب ومواطن يمني في المحافظات الشمالية عانى من الظلم بقدر لا ينقص عن المعاناة في الجنوب. ووصف وثيقة بن عمر بأنها لم تكن متوازنة في وقت يتطلب التوازن. وقال إن وثيقة بن عمر عالجت القضية الجنوبية بمعاقبة المواطنين الشماليين، متسائلاً: هل على بقية المواطنين الذين تجاهلتهم الوثيقة أن يخرجوا يطالبوا بالانفصال، والتشظي ويفتعلوا المشاكل حتى تعالج قضيتهم؟ وقال إن تقسيم البلاد إلى أقاليم جاء وفق صيغة عجيبة لتجزئة وتشظي اليمن، إذ أن ذلك ينذر بأن الجنوب لن يعود جنوباً ولا الشمال شمالاً، حيث يمكن أن تكون الأقاليم قائمة على المذهبية والقبلية والعرق، الأمر الذي يشير إلى إعادة تشكيل اليمن عن النحو الذي شكلت فيه العراق وبعض الدول في الوقت الذي لا يحتاج اليمن لمثل هكذا معالجات حسب تعبيره. واستغرب في تطرق الوثيقة إلى ضمانات عدم تكرار الانتهاكات في الجنوب في وقت قد أصبح للناس هناك إقليمهم الخاص. واعتبر ما طرح عن "دولة موحدة اتحادية" بأنه طرح مخيط بصميل حسب تعبيره، لافتاً إلى أن الوحدة تتعرض للعقاب في وقت لم يشهدها الناس منذ إعلانها. وقال إن الوثيقة فيها فجوات كبيرة ينبغي الوقوف عليها، معتبراً موقف التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، في هذه الوثيقة كان مسؤولاً ولا سيما فيما يخص الهوية اليمنية وجعلها هويتين. وقال إنه إن كان لابد من الأقاليم فلتكن أقاليم مرتبة بدلاً من وضع براميل من نوع آخر للتمييز بين الناس، وحذّر من أن البراميل النفسية للتشطير أخطر من براميل التشطير السابقة على الأرض والتي كانت تفصل بين الجنوب والشمال. ونوه إلى ما ستكرسه الوثيقة من تمييز بين الناس، مؤكداً أن المواطنة المتساوية لم تترجم بشكل صحيح في الوثيقة. وطالب الذيفاني بإعادة النظر في هذه الوثيقة التي تحوي عدداً من الفجوات في مضامينها، محذراً من أن المجتمع الدولي سبب التصدعات والانهيارات في عدد من الدول، داعياً إلى عدم التعويل على الخارج، مضيفا: الخارج لن يحمي البلاد مالم يحميها أهلها.