بعد حوالي 12 عامًا على وصول أول المعتقلين إلى غوانتانامو في 11 كانون الثاني/يناير 2002، لا يزال السجن يضم 154 معتقلاً من أصل 779، وغالبيتهم من دون محاكمة أو اتهامات، وحسب أخر التقارير ما زال يوجد في غوانتانامو معسكر سري يرقم ب”7″، يبعد هذا المعسكر عن الأنظار في مكان ما على التلال القاحلة في غوانتانامو، يضم نحو خمسة عشر معتقلًا يعتبرون على درجة كبيرة من الأهمية، منهم الباكستاني خالد شيخ محمد مدبر اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) والذي أُخضِع 183 مرة لعمليات إيهام بالغرق قبل نقله إلى غوانتانامو. وأيضاً من المعتقلين في هذا المعسكر السري الذي يحمل رقم"7"، اليمني رمزي بن الشيبة الذي شكى مؤخرًا للقاضي العسكري من الضرب ليلًا على جدران زنزانته متهما حراسه بتعمد إحداث ضجة لحرمانه من النوم، ويسجن في المعسكر أيضًا السعودي عبد الرحيم الناشري، الدماغ المدبر المفترض للاعتداء على السفينة الأميركية يو اس اس كول، وأبو زبيدة المشتبه بأنه كان الذراع اليمنى لأسامة بن لادن، حسب تقارير أميركية. وفي 15 آب (أغسطس) 2013 زار المحامي جاي كونيل المعتقل علي عبد العزيز علي المتهم باعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 ، وأوضح المحامي بعد زيارة استمرت اثنتي عشرة ساعة داخل المعسكر بأمر من القاضي العسكري: “كل شيء معد للعيش في عزلة تامة، كل معتقل قابع في زنزانة، أنهم يأكلون في زنزاناتهم، لا يوجد مكان مشترك، لم أرَ مطلقا عزلة كهذه في سجون أخرى”. وكان قد قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما عند توليه مهامه إغلاق المعتقل في يناير/كانون الثاني 2010، إن العام 2014 يجب “أن يكون العام الذي يرفع فيه الكونغرس القيود المتبقية على نقل المعتقلين ومن ثم نغلق غوانتانامو” إلا أن مشارفة العام على المنتصف دون أي تحرك دفع ما يقارب 50 شخصًا يمثلون حوالي 12 منظمة بمطالبة أوباما بالوفاء بوعده بإغلاق معتقل غوانتانامو و إلغاء الاعتقالات غير المحددة زمنيا بحق الأجانب المشتبه بأنهم إرهابيون. وفي الثالث والعشرين من مايو الحالي، قطع النواب الجمهوريون في مجلس النواب الأمريكي الطريق أمام تعديل قانوني يسمح برفع “الحظر” عن إغلاق معتقل غوانتانامو قدمه نواب ديمقراطيون، بالرغم من “تحذيرات” أوباما من إضافة هذا الحظر على القانون العسكري في 2015، حيث رفض مجلس النواب الأمريكي وغالبيته من الجمهوريين إجراءً يسمح لأوباما بإغلاق معتقل غوانتانامو الذي لا يزال يضم 154 معتقلًا من الممكن إطلاق سراح نصفهم. ويخشى الجمهوريون من إطلاق سراح أحد منهم بأمر من قاض معين، ما يشكل تهديدًا للأمن القومي، وعلى الرغم من تحذيرات أوباما، أصر الجمهوريون على إضافة هذا الحظر على القانون العسكري للعام 2015، ورفض 247 نائبًا مقابل 177 تعديلًا ديمقراطيًا على القانون العسكري السنوي الذي يدعمه البيت الأبيض ومن شأنه أن يرفع الحظر عن نقل المعتقلين إلى الولاياتالمتحدة وإغلاق السجن بدءًا من 2017. ووافق مجلس النواب الأمريكي (الكونجرس) من خلال تصويت 179 من أصل 238 عضواً في الأسبوع الثاني من يونيو الجاري، على تعديل مشروع قانون اعتمادات الدفاع لعام 2015 والذي من شأنه حظر نقل أي من معتقلي غوانتانامو إلى اليمن كون التعديل يشمل حظر استخدام أي أموال لنقل أو لإطلاق سراح المعتقلين، وجاء ذلك عقب مناقشة دامت ثمان دقائق، واعتبر النائب الجمهوري "جاكي والورسكي" إطلاق سراح معتقلي غوانتانامو وإرسالهم إلى اليمن يهدد الأمن القومي للولايات المتحدةالأمريكية. وأوضح الكونجرس أن أمر الإفراج عن خمسة من طالبان يعد تذكرة قوية للشعب والكونجرس الأمريكي بالمخاطر التي ينطوي عليها قرار نقل المعتقلين إلى اليمن، كما أن الوضع الأمني في اليمن هش وقد تطور من السيئ إلى الأسوأ، وأن القرار يجعل أمريكا في مأمن من الإرهاب والإرهابيين. وبحسب موقع "ديجيتال جورنال"، في مايو من العام الماضي، أعلن الرئيس باراك أوباما أنه سيرفع الحظر عن معتقلي غوانتانامو ولكنه لم يفعل، وطالب العديد من المحتجون اليمنيون بالإفراج عن المعتقلين ووقف هجمات الطائرات الأمريكية بدون طيار. وقالت صحيفة نيويورك تايمز أن الإدارة الأميركية تواجه صعوبات مالية لإغلاق معتقل غوانتانامو حيث لم تتمكن من توفير الأموال اللازمة لشراء سجن بديل في ولاية ايلينوي الأميركية، وتقدر تكاليف شراء السجن ب150 مليون دولار، حيث لا تتوفر هذه الأموال لدى دائرة السجون الفيدرالية. وأفاد خبراء بان تجهيز السجن في حال شرائه سيحتاج إلى بعض الوقت، حيث أن تجهيز السجن بالمتطلبات الأمنية اللازمة من بناء أبراج وأسوار وكاميرات مراقبة قد يستغرق مدة تقارب العشرة أشهر، ومن هنا كانت أسباب التأخير في إغلاق معتقل غوانتانامو. وقالت الصحيفة الأميركية أن هناك مساع في الكونغرس لإضافة 200 مليون دولار إلى ميزانية الدفاع الأميركية لكي يتم إنفاقها على عملية شراء وتجهيز السجن، وتشكل عملية نقل معتقلي غوانتانامو إلى الأراضي الأميركية نقطة تجاذب بين الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، حيث أن هناك معارضة في العديد من الأوساط السياسية لنقل "إرهابيين" إلى داخل الأراضي الأميركية. وكانت واشنطن قد أعادت مؤخرا 12 من معتقلي غوانتانامو إلى اليمن والصومال وأفغانستان في خطوة على طريق إغلاق هذا السجن، ومن أصل 198 معتقلا ما زالوا موجودين في غوانتانامو، سيتم الإفراج عن حوالي مئة أو تسليمهم إلى بلدانهم الأصلية أو إلى دول أخرى، أما الباقون فسينقلون إلى الولاياتالمتحدة لمحاكمتهم على أراضيها أو سجنهم، وكانت الإدارة الأميركية قد أشارت في نوفمبر/تشرين الثاني بأنها لن تتمكن من إغلاق المعتقل في الموعد المحدد. وذكرت صحيفة بريطانية في تقرير ألقت به الضوء على معاناة المعتقلين في غوانتانامو ويبلغ عددهم 154 سجينًا، أنه طبقاً لشكوى قضائية تقدم بها مجموعة من السجناء ضد إدارة السجن، فإن قوات الأمن بالسجن تفرض الأكل عنوة على السجناء المضربين عن الطعام عن طريق إدخال أنبوب صغير يمر بأنفهم ويتم إدخال الطعام به إلى المعدة. وأوضحت الصحيفة أن عددًا من السجناء كانوا قد بدأوا هذا الإضراب عن الطعام اعتراضًا على ”الظروف غير الإنسانية بالسجن” وعلى ”تعذيبهم بطرق متعددة”، إلا أن القوات المسؤولة عن تأمين السجن قامت بإطعام المضربين عن الطعام رغمًا عنهم، ”بل قامت بتصوير قواتها أثناء فعل ذلك أيضًا”، حسبما أفادت الصحيفة. وفي أبريل الماضي، كشفت طبيبة نفسية تتابع حالة مواطن بريطاني من أصل سعودي يدعى شاكر عامر (46 عامًا) ويقضي 12 عامًا في سجن غوانتانامو، إن حالته الصحية تدهورت بشكل مأساوي نتيجة فترات التعذيب وسوء المعاملة التي تعرض لها. وبحسب تقرير للدكتورة إميلي كيرام، نشرته صحيفة “الجارديان” البريطانية، فإن شاكر الذي برأه القضاء الأمريكي من التهم المنسوبة له منذ سبع سنوات دون الإفراج عنه، في حاجة ماسة لعلاج نفسي وبرنامج لإعادة دمجه مرة أخرى مع عائلته والمجتمع، وذكرت الطبيبة أن عامر يعاني من اضطرابات ما بعد الصدمة و لديه خلل في الوظائف العقلية، نتيجة الضغط النفسي الشديد الذي تعرض له، ما يجعل حالته العقلية والنفسية تشكل خطرًا محتملا على حياته. كما يوضح تقرير الطبيبة المكون من 20 صفحة أن هناك تدهورًا في حالته البدنية؛ حيث يعاني من طنين في الرأس وصداع مزمن وربو وآلام في الأذن وعدم وضوح في الرؤية وآلام في الكلى، حسب الطبيبة، وأضاف التقرير أن: “ال12 عامًا التي أمضاها شاكر في معتقل غوانتانامو أثرت في وظائفه العقلية، وبدا عليه فقدان في القدرة على التركيز فيما يقال له، ويلجأ للغناء بشكل مفاجئ وبصوت عالٍ أثناء جلساتها معه”. وتعد التغذية القسرية في غوانتانامو من أخطر ما يعانيه الآن المعتقلون، وبحسب وثائق مسربة من داخل المعتقل نشرتها قناة “الجزيرة” في وقت سابق، فإن مجموعة من حراس السجن يقومون بتثبيت المعتقل على كرسي طبي ثابت، وتوثيق يديه وقدميه ورأسه بأغلال جلدية حتى لا يتمكن من الحركة، ليأتي دور الفريق الطبي الذي يقوم بإدخال أنبوب بلاستيكي بطول 61 سم داخل التجويف الأنفي للمعتقل حتى يصل معدته، ومن ثم دفق السائل المغذي داخل جسمه. وتوضح الوثائق التي احتوت على تعليمات وتوجيهات الطرق التي يجب اتباعها من قبل الفريق الطبي داخل المعتقل. أن الإجراء يستغرق قرابة الساعتين، بعدها يتم حبس المتهم في زنزانة خالية من الماء، ومراقبته لمدة ساعة كاملة، حتى إذا ما حاول التقيؤ تتم إعادة الجلسة من جديد. وفيما تقارير كثيرة تشير إلى استعمال وسائل عقابية عنيفة من أجل الحد من انتشار الإضرابات في السجن، تحاول إدارة سجن غوانتانامو تدمير أرشيف صور يظهر الطرق التي يلجأ إليها أفراد الأمن من أجل كسر الإضرابات عن الطعام التي أعلنها بعض المعتقلين. وتظهر تسجيلات عددًا من الجنود يحملون بالقوة مضربين عن الطعام إلى ما يسمى ب”كرسي الإطعام”، حيث يتم حقنهم ببروتينات وفيتامينات في محاولة لوقف إضرابهم عن الطعام، ويعمل معتقلو غوانتانامو على إصدار إنذار قضائي فدرالي لسلطات سجن غوانتانامو من أجل إيقاف إتلافها لأرشيف الصور والفيديوهات، الذي يتضمن طرقًا عنيفة وقاسية ل”كسر” الإضرابات. وكانت تحقيقات لمنظمة “ريبريف” الحقوقية قد أظهرت للمرة الأولى صوراً وفيديوهات تبين الطرق التي تلجأ إليها سلطات السجن من أجل إيقاف الإضرابات، كما أصدرت “ريبريف” أمراً عاجلًا بضرورة الحفاظ على هذه التسجيلات وعدم إتلافها بأمر عسكري، ويؤكد الناشط في المنظمة جو أيسنبرغ أن “ريبريف” طلبت من المحكمة الفدرالية بواشنطن إصدار أمر قضائي يمنع إتلاف التسجيلات بأمر عسكري نظرًا للأهمية التي تتضمنها أشرطة الفيديو.