الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    صادم.. لن تصدق ماذا فعل رجال القبائل بمارب بالطائرة الأمريكية التي سقطت في مناطقهم! (شاهد الفيديو)    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    مليشيا الحوثي تنظم رحلات لطلاب المراكز الصيفية إلى مواقع عسكرية    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    أسماء من العيار الثقيل.. استقطاب اللاعبين بالدوري السعودي ترفض طلبات للأندية للتوقيع مع لاعبين لهذا السبب!    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    ظلام دامس يلف وادي حضرموت: خروج توربين بترومسيلة للصيانة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    بعد أيام فقط من غرق أربع فتيات .. وفاة طفل غرقا بأحد الآبار اليدوية في مفرق حبيش بمحافظة إب    أمطار رعدية على عدد من المحافظات اليمنية.. وتحذيرات من الصواعق    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العيد ومعانآة الشعب..
منغصات وأزمات أفسدت طقوس المناسبة وقطعت الأوصال بين الأقارب والعائلات
نشر في أخبار اليوم يوم 01 - 08 - 2014

بكثير من الأتراح والبؤس, استقبل اليمنيون عيد الفطر المبارك هذا العام, وسط ظروف معقدة وسيئة للغاية, يمر بها البلد, على مختلف الأصعدة والنواحي.. لتلقي بظلالها الكئيبة على حياة 24 مليون مواطن يمني..
فأحالت أجواء الفرحة والبهجة, وطقوسها المميزة, التي يقضيها اليمنيون بهذه المناسبة الدينية, إلى كابوس مرير.. ولحظاتها الجميلة إلى "أوقاتٍ عصيبة يشوبها العديد من مشقات الحياة اليومية"- حد إشفاق دبلوماسي غربي..
والأكثر أن الحالة الاستثنائية, التي رافقت عيد الفطر هذا العام, أضافت قائمة أخرى من المنغصات, بين أزمة مشتقات نفطية, وانقطاع للتيار الكهربائي, وأزمة مياه, وغيرها أزمات, ما عاد ل" آنستنا يا عيد" معها شجوها الجميل, ولصوت الفنان/ علي الآنسي إيقاعه المغاير..
كوابيس العيد
أزمات سياسية, اقتصادية, أمنية,...و..., تعددت دون أن تقف عند أثقال متطلبات المناسبة المرهقة, أو كابوس أعبائها, التي زاد من حدتها جنون الأسعار وظروف المعيشة المتردية,.. بل امتدت إلى مآسي الاحتراب والقتل, وصراع الساسة, ووضع البلد الاقتصادي المنهار..
أمام القائمة الطويلة من المتطلبات والتجهيزات والمشتريات لاستقبال العيد تحولت الفرحة إلى كابوس مرير, في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها الناس..
كما كان للمواطن في التنقل من وإلى مسقط الرأس قبيل إجازة العيد, المرهونة بأهواء وأمزجة سائقي الباصات والبيجوهات الذين يقومون بفرض أجرة كبيرة يرضخ المسافرون للقبول بها أمراً محتوماً, هما آخر..
أتى هذا الارتفاع في أجرة وسائل النقل في ظل صمت مطبق من قبل مكاتب النقل تتحول معها الظاهرة, التي يربطها كثيرون هذا العام بأزمة المشتقات النفطية, إلى مصيدة سنوية لجيوب المسافرين على الخطوط الطويلة بين المحافظات المختلفة..
احتفال استثنائي
ويؤكد كثيرون أن عيد الفطر المبارك استقبله اليمنيون وسط ظروف استثنائية تعيشها البلد, من شأنه مفاقمة معاناة المواطنين التن تعد مسألة الفقر من أهم المشاكل التي تعصف باليمن..
السفير الأميركي في اليمن/ ماثيو تولر قال إن اليمنيين سيحتفلون بعيد الفطر المبارك في ظل أوقاتٍ عصيبة يشوبها العديد من مشقات الحياة اليومية.
ويقول نائب رئيس الدائرة الاقتصادية والمالية بالأمانة العامة برئاسة الوزراء/ عبد الإله الخامري إن العيد هذا العام جاء والبلد تعيش حالة استثنائية من الأوضاع الاقتصادية والأمنية.. إذ لا يوجد سيولة ولا تغطية للعملة, التي يحتمل إصدارها. موضحاً أنه ولذلك فالصرف محدود ومقتصر على المرتبات وما حولها لكن في المقابل هناك من يزيد الأمر سوءاً ويضاعف من نسبة الفساد ويصرف بغير حدود دونما رقابة..
ويضيف الخامري:" ميزانية الأسرة لم تتعرض لضغوط فحسب وإنما تعرضت للتآكل الكامل في شهر رمضان, والمشكلة أن التوقيت بعد رمضان يصادف عيد الفطر ومتطلباته من كسوة العيد ومصروفات مرتبطة بالمناسبة, كما أنه بعد ذلك يأتي موسم المدارس والجامعات وهي بحاجة لصرفيات.. وكل هذا يفاقم من المشكلة"..
وأشارت دراسة- أجراها مركز اليمن للدراسات والإعلام- إلى تراجع مستوى دخل 74 % من الأسر اليمنية خلال السنة الحالية، مقارنة بمستوى دخلها العام الماضي, في حجم الإنفاق الاستهلاكي لليمنيين خلال رمضان.
وبينت أن 82 % من الأسر اليمنية لا تغطي إيراداتها نفقاتها الشهرية، في حين أن 85 % من موظفي القطاع الحكومي لا تغطي إيراداتهم الشهرية نفقاتهم، في مقابل 78 % من موظفي القطاع الخاص.
منغص الفرحة الأكبر
كان لأزمة المشتقات النفطية وطأتها الكبرى التي نغصت فرحة اليمنيين بالعيد.. فلم يعش معظمهم فرحة المناسبة، وأدى الكثير منهم صلاة عيد الفطر- حد تعبير صحفي- في محطات الوقود، بسبب الأزمة التي يعانيها اليمن في المشتقات النفطية منذ خمسة أشهر.
ورغم أن مسئولا في وزارة النفط اليمنية، أفاد- في تصريح صحفي- أفاد بضخ الوزارة كميات كبيرة من البنزين إلى السوق في أول أيام عيد الفطر للتخفيف من الأزمة، مشيراً إلى أن خوف المواطنين من رفع الدعم هو من يفاقم شدة الأزمة ويطيل أمدها, إلا أن طوابير طويلة شوهدت أيام العيد تصطف أمام محطات الوقود في العاصمة وبقية المحافظات، بعضها كانت منذ أيام سبقت العيد دون حصول المواطنين على الكمية المطلوبة.
وأوضح الخبير الاقتصادي/ ياسين التميمي، أن ندرة المشتقات النفطية، أفرزت ظاهرة استمرار الطوابير الطويلة أمام محطات الوقود في العاصمة اليمنية، مشيراً إلى أنها ظاهرة غير مألوفة في المجتمع اليمني ما قبل عام 2011.
ولا يخفي التميمي، في تصريحات ل"العربي الجديد" أن استمرار ندرة الوقود تركت أثراً عميقاً على الصعيد الاجتماعي وأفسدت جانباً مهما من طقوس العيد الدينية والاجتماعية المعتادة، وساهمت إلى جانب تدني مستوى المعيشة، في تقطيع الأوصال بين الأقارب والعائلات.
في ظل الظروف المعيشية الصعبة, لغالبية المواطنين, التي خلفتها ظروف البلد الاقتصادية وبالمقابل ارتفاع الأسعار.. بدا عيد الفطر المبارك هذا العام ضيفاً ثقيلاً, على كثير من اليمنيين, تفرض عليهم المناسبة الدينية العظيمة تحمل أعباء متطلبات تستلزمها المناسبة من ملابس وجعالة وألعاب,...و...,
فاتورة ثقيلة ثمنها بسمة عيد
مناسبة دينية أتت وكثير من المواطنين اليمنيين يعيشون ظروفاً اقتصادية صعبة, في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمتطلبات المعيشية, ووضع البلد الاقتصادي.. ورغم تلك الأوضاع والظروف الاقتصادية التي يعيشها أغلب اليمنيين تظل الابتسامة وفرحة الأبناء بالعيد هي الهم الأكبر لدى الأسر..
إذ يحرص الآباء والأمهات على أن لا تغيب ابتسامة أبنائهم وبناتهم في هذه المناسبة الدينية العظيمة التي تعودنا فيها على شراء الملابس الجديدة والتزين كما حثنا ديننا الإسلامي الحنيف على ذلك..
شكوى
قبيل العيد تكتظ الأسواق بالمتسوقين.. تمتلئ محلاتها وشوارعها بآلاف الأطنان من البضائع المختلفة والمتنوعة الخاصة بالعيد.. والتي جرت العادة على تداولها في هذه المناسبة كالملابس والعطور والمأكولات والألعاب والحلويات وجعالة العيد وغيرها من السلع والمنتجات العيدية..
غير أن الشكوى تبرز من جنون الأسعار.. يقول مواطنون ل" أخبار اليوم" إنهم فوجئوا بارتفاع أسعار السلع والمنتجات العيدية على رأسها الملابس.. والتي ارتفعت هذا العام إلى أرقام ونسب كبيرة عن الأعوام الماضية- حد مراقبين- أكدوا أن حالة من الركود والكساد خيمت على الأسواق وأن أغلب المتسوقين هذا العام على كثرتهم هم زائرون للأسواق فقط وليسوا مشترين.. وأرجعوا حالة العزوف عن الشراء إلى الارتفاع الكبير في الأسعار من قبل تجار الجملة المستوردين لأغلب المواد والمنتجات المعروضة للعيد..
ورغم ذلك يسعى كل عائل إلى توفير قيمة الملابس الجديدة لأبنائهم ورسم فرحة العيد على شفاههم حتى.. ولو لزمهم اللجوء إلى الدين أو الاستغناء عن شراء اللوازم وبعض المواد الغذائية الأخرى وتوفير قيمتها لشراء الملابس للأولاد.. كل ذلك حتى لا تغيب فرحة العيد عن أبنائهم..
هم
ثقل اقتصادي يلقى بظلاله على أولياء أمور يتحملون أعباء اقتصادية كبيرة في ظل ارتفاع أسعار الملابس والسلع العيدية.. فإلى جانب همّ كسوة العيد هناك أعباء اقتصادية أخرى يتحملها أولياء الأمور في العيد..
كتوفير قيمة جعالة العيد وألعاب الأطفال التي من ضمنها «القريح» والعسب والمواصلات والعصائر والحلويات... الخ.. فضلاً عن الأعباء العادية التي يتحملها كل شهر كفاتورة الإيجار والكهرباء والماء وتوفير ما تحتاجه الأسرة من مواد غذائية..
ووفق اقتصاديين فإن أعباء العيد تتضاعف على ولي الأمر إلى 250% مقارنة بالتكاليف التي يتحملها خلال الأشهر العادية وذلك كون فاتورة العيد تأتي بالتزامات جديدة وقيمة مضاعفة حسب الوضع الاقتصادي الراهن..
عبء
يقدّر اقتصاديون المتوسط السنوي لإنفاق اليمنيين على متطلبات العيد بما فيها مستلزمات الأطفال العيدية من ملابس وحلويات وألعاب، خلال الأعوام الماضية مليارات الريالات اليمني سنويا..
لكن الأوضاع الإنسانية والاقتصادية التي تعيشها البلاد ستؤدي إلى تراجع في الإنفاق بنسب تقترب من النصف، وفق خبراء اقتصاد يرون أن ذلك يعد ذا بعد اقتصادي وبعد نقدي أيضا، إلا أنها في السنوات الأخيرة التي يعيش معظم المجتمع اليمني ظروفا معيشية صعبة أصبحت عبئاً كبيراً على الكثيرون ممن لديهم أبناء كثيرون مما يسبب لهم حرجاً.
وتشكل الأعياد موسما حقيقيا لتحريك النشاط الاقتصادي والتجاري في اليمن, حيث يخيم الركود والكساد على الأسواق بقية شهور السنة لأسباب معيشية واقتصادية محلية ودولية.
وتقدر مصادر حكومية حجم إنفاق اليمنيين خلال مثل هذه المناسبات الدينية بنحو 200 مليار ريال يمني (مليار دولار تقريبا), فمستوى إنفاق الأسر على مختلف مستويات دخولها يتضاعف ثلاث مرات عما عليه في بقية أشهر السنة وذلك نتيجة استهلاك أنماط عديدة من السلع والمنتجات المرتبطة عادة بالعيد.
قبيل العيد تشهد الأسواق اليمنية والمراكز التجارية ازدحاماً غير مسبوق. رغم وجود عشرات المعارض التجارية التي تنظمها شركات ومصانع محلية وعربية لتوفير احتياجات المستهلك.. ويجمع متسوقون على ارتفاع الأسعار بشكل واضح مقارنة بالأعوام الماضية, ويرون أن الإعلان عن تخفيضات في المعارض التجارية لا يعدو كونه آلية لجذب أكبر عدد من المستهلكين.
مع قدوم المناسبات التي يزيد فيها استهلاك المواطنين للسلع الغذائية, كالأعياد تبدأ موجة عرض السلع المغشوشة في السوق اليمنية بقوة في واحدة من أكبر الممارسات البشعة التي ينفذها تجار محترفون, مستغلين التخفيضات الوهمية التي يضعونها على تلك السلع وحاجة الناس لها..
عيد بطعم الموت
تتفشى ظاهرة السلع المهربة والمغشوشة والمخالفة للمواصفات وتداولها بين المستهلكين وخاصة تلك السلع التي يزيد الإقبال عليها في المواسم كالأعياد.. وتبرز هذه التجارة في الشوارع الرئيسية والأسواق الشعبية وتنفذ عن طريق سيارات نقل وعربيات وبسطات متنوعة مدعومة بوجود كم هائل من البضائع المهربة في غش واضح للزبائن متجاهلين أنها خطر يهدد حياة الناس وأطفالهم خصوصا وأنها غير مطابقة للمواصفات ولم يتم تخزينها وحفظها بطرق صحية معتمدة.
استغلال مُبرر
يستغل تجار وجود التهريب لإدخال بضائع كثيرة من عدة طرق.. وفيما تؤكد الحكومة أنها تكثف جهودها لضبط الأسواق من هذه الظاهرة التي باتت "موسمية".. تظل الجهات المعنية التي كثيراً ما تلقي بفشلها على المواطن متهمة المستهلك بضعف الوعي الذي نادرا ما يبلغها بشكواه عن وجود مخالفات..
ويؤكد مستهلكون أنهم يلمسون وجود بضائع قاربت فترة صلاحيتها على الانتهاء وأخرى مقلدة, وانه لا ضابط لهذه الحالات ولا يتم التعامل الجدي مع هذه القضايا فالبلد يعيش في فراغ قانوني ولن يلتفت إلى أحد.
قبلة الغش
لقد غدت اليمن قبلة مفضلة لمهربي المنتجات المغشوشة, ووجهة تجارية فريدة, حيث تؤم بلدان شرق آسيا شطر سلعها الرديئة والمقلدة باتجاه السوق اليمني الذي لا يغلق بابه في وجه احد من زائريه. أما جمعية حماية المستهلك فإن دورها انحصر في التحذيرات والبيانات..
سيادة النمط الاستهلاكي في الدول العربية بشكل عام, واليمن على وجه الخصوص جعلها في مقدمة المتضررين من هذه المنتجات الرديئة، ولهذه النوعية من المنتجات خطورة بالغة على المستهلك فهي تهدر ماله وتهدد صحته.
اعتقاد
كان استطلاع للرأي العام أشار إلى أن 48.5% من المستهلكين يهتمون أحيانا بمعاينة تاريخ انتهاء السلع، فيما يحرص على معاينتها دائما 29.5% ، مقابل 22% لا يهتمون مطلقا بتاريخ الإنتاج والانتهاء.. كما تبين أن 48.5 % من الأسر اليمنية لا يعرفون أن المنتجات والمعلبات التي تباع على الأرصفة هل هي مضرة بالصحة أم لا، مقابل 44% قالوا إنها مضرة بالصحة، و0.7% فقط يعتقدون أنها صحية.
يؤكد الاستطلاع- الذي نفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في مديريات أمانة العاصمة -أن 80.5% من المواطنين يلجؤون إلى الشراء من الأرصفة بحثا عن رخص ثمن المنتجات والسلع.
في حين تستقطب تجارة الرصيف 10.5% من الأسر لاحتوائه على منتجات نادرة، لم يحصلوا عليها في أماكن أخرى، وتجتذب طريقة عرض السلعة 8% من المستهلكين.. ويظهر الاستطلاع أن هناك اهتماماً متزايداً لدى الأسر اليمنية بما تعلنه الشركات والمؤسسات من عروض وتخفيضات, إلا أن نسبة كبيرة غير مقتنعة بمصداقية تلك العروض.
من أمام كومة ملابس يقف شاب في الثلاثين من عمره.. بملء صوته يصرخ:" يا حراجاه يا رواجاه.. واللي ما يشتري يتفرج".. بينما المتسوقون من أصحاب الدخول المحدودة يقبلون على بضاعته من الملابس المستعملة, المعروفة ب" ملابس الحراج", بشكل ملفت..
فقراء يتسوقون البلوى
مع دنو العيد تشهد أسواق الملابس المستعملة إقبالاً متزايداً, وقد يكون الفقر هو العامل الأول الذي يدفع بكثير من الأسر إلى اقتناء هذه الملابس التي تشهد رواجاً, خصوصاً مواسم الأعياد.. ولا يجد من اضطرتهم الظروف، للتعامل مع هذه الأسواق، أي حرج في الذهاب لأسوق الحراج، وشراء ملابس مستعملة، قد تهز صورتهم الاجتماعية ونظرة الناس، بيد أنهم يرجعون الأمر إلى ارتفاع أسعار الملابس الجديدة بشكل كبير..
وتنتشر في المدن اليمنية أسواق خاصة لبيع الملابس المستعملة المستوردة من أوروبا ودول الخليج والتي تجد رواجا كبيرا عند فئات من الناس لجودتها العالية ورخص ثمنها بشكل كبير جدا..
وهم الفاقة
يقوم "عبد الجبار محمد" بزيارة بعض أسواق الملابس المستعملة لأنه يجد فيها "نوعيات جيدة وعالمية وبأسعار رخيصة جدا وأنيقة وتساير الموضة".- حد تعبيره.. ويؤكد أن أسرته أيضا "حريصة على ذلك وأن هذه الملابس هي أفضل من الملابس الجديدة المستوردة من الصين والتي تفتقد إلى الجودة في أحيان كثيرة.
يقول صاحب محل لبيع الملابس المستعملة إنه يعمل في هذه المهنة "منذ 20 عاما وأنها تطورت بشكل كبير ويوفر ملابس ذات ماركات عالمية وأصلية بأسعار رخيصة, حيث أن الجاكت التي قيمتها 400 دولار يمكن أن تجدها عندنا ب15 دولار كسعر متوسط".
ويضيف "إن أسواق هذه النوعية من الملابس كثرت لزيادة زبائنها والذين يهربون من الملابس الجديدة وهي رخيصة لكنها ليست مقلدة".
"حمود " يعمل في هذا المجال منذ 10 سنوات، يقول إنه يقوم بغسل هذه الملابس وتعقيمها قبل عرضها على البيع حتى تكتسب قيمتها الحقيقية"، مضيفا أنه لا يبيع إلا البدلات والجاكتات والفساتين وأن زبائنه من الذكور والإناث.
ويعزو خبراء اقتصاد رواج هذه الملابس في اليمن إلى ضعف القوة الشرائية لدى اليمني. "أسعار هذه المنتجات تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطن" يقول الخبراء، لافتين إلى أن جمهور المستهلكين لهذه الأصناف من الملابس يتزايد في ضوء انخفاض الدخل.
ويشيرون إلى أن العامل الاقتصادي المتركز في رخص هذه الملابس وجودتها جعلها تكتسب ثقة عند المستهلكين خصوصا مع إغراق السوق بالملابس الجديدة المقلدة. وأن المستهلك يجد في هذه الملابس الجودة العالية والأسعار الرخيصة جدا مقارنة بمثيلاتها عند وكلاء وتجار الملابس الجديدة.
مواسم رواج
في الأيام التي تسبق الأعياد تكتظ أسواق بيع الملابس المستعملة بالمتسوقين من ذوي الدخل المحدود في اليمن استعدادا لاستقبال هذه المناسبة الدينية.. وتشير إحصائيات رسمية إلى أن أغلب الملابس المستوردة من السعودية.. وتبلغ القيمة الإجمالية لما تستورد اليمن من الملابس من السعودية ودول أخرى بما يقارب 200مليون ريال.
وكانت الحكومة قد منعت استيراد الملابس المستخدمة بعد أن اكتشفت الجهات الصحية إنها تتسبب بالأمراض الجلدية غير أن القرار لم ينفذ.. يقول عدد من المتسوقين من أصحاب الدخل المحدود ل" أخبار اليوم" إنهم يبحثون عن ملابس مناسبة لهم، في ظل تردي الأوضاع المعيشية والأعباء الأسرية والفقر في اليمن، حيث تتراوح أسعار تلك الملابس المستعملة ما بين 500 إلى 1500 ريال.
ورغم منع استيراد الملابس المستعلمة قبل سنوات، إلا أن محلات بيع الملابس المستوردة من السعودية و أوروبا والصين ، تنتشر بكثرة و تجد رواجا كبيرا عند الكثير ولم يجد القرار طريقة للتنفيذ..
يفيد هاشم محمد- بائع في محل ملابس مستعلمة بالعاصمة صنعاء- بأن الملابس النسائية تشهد إقبالا متزايداّ، نظرا لرخصها ولوجود خامات ضخمة من ماركات علمية مختلفة لا توجد في محلات بيع الملابس الجديدة.. ويوضح بأن مالك المحل يقوم باستيرادها من الأسواق السعودية وبيعها بأسعار مناسبة.
للأزمة الاقتصادية التي تعصف بحياة المواطن اليمني تأثيرها الواضح على فئات عريضة من الفقراء ومحدودي الدخل في بلد يعيش نحو 43 في المائة من سكانه تحت خط الفقر ولا يتجاوز الحد الأدنى للأجور المائة دولار شهريا.
قراءات كئيبة لمشهد عيدي
تأزم سياسي وانفلات أمني يلقيان بظلالهما الكئيبة على الحالة المعيشية للسكان.. قراءات للمشهد العيدي واليمني عموماً تظهر بأن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية تتفاقم بصورة كبيرة بسبب التخريب للخدمات العامة.. وتسيطر مستجدات الوضع الاقتصادي, مؤخرا على اهتمامات النخبة من الخبراء من ذوي التوجه الاقتصادي والتي حذرت من كارثية الوضع القائم على مستقبل البلاد والاقتصاد الوطني.
إن طول أمد الوضع السياسي المحتقن، وانعكاساته على الاقتصاد اليمني ببنيته الهشة أصلا ومؤشرات أدائه المتذبذب، فرض واقعا معيشيا واقتصاديا فوق طاقة الجميع، وجعل الكل يجأر بالشكوى من أعباء حياة لم تعد تحتمل.
ويكاد يجمع اليمنيون، على اختلاف شرائحهم وانتماءاتهم، على أن الأزمة السياسية التي تعيشها بلادهم حاليا، وتداعياتها الاقتصادية الخطيرة، تركت آثارا سلبية لا تخفى على حياتهم المعيشية.
وتتوقع التقارير أن الآثار الاقتصادية السلبية الناتجة عن استمرار ارتفاع الأسعار في اليمن لن تتوقف عند حد معين في حال استمرت نفس السياسات الحكومية القائمة الآن في مواجهة هذه الظاهرة.
وتؤكد أن موجات الغلاء الأخيرة نقلت المواطنين من حالة الفقر والمعاناة إلى حالة الفقر الشديد والحرمان والجوع، إذ أصبح هدف القضاء على حالة الحرمان والجوع بديلا عن هدف القضاء على الفقر وتحسين مستوى معيشة السكان، ولذلك فقد تزايد ارتفاع الأصوات المنادية بإيقاف كوارث الفقر ومواجهة التحديات وأهمها تأمين الطعام.
أزمة اقتصادية تزداد تفاقما مع انشغال الجميع في القضايا السياسية وتردي الأوضاع المعيشية للمواطنين واتساع الفجوة الحاصلة في الفقر والبطالة.. فالأزمة السياسية ضربت الاقتصاد اليمني في مقتل، ولا تقتصر انعكاساتها على الأوضاع المعيشية ومضاعفة معاناة الناس فقط, لقد امتدت إلى ما هو أبعد لتضع الاقتصاد اليمني على شفير الهاوية كما يتبين من خلال جملة من مؤشرات الأداء.
مؤشرات مشوشة
الارتفاع المتفاوت في أسعار بعض المواد والسلع الاستهلاكية.. دفع بكثير مراقبين للتحذير من ذلك.. في حين عده خبراء اقتصاد مقدمة لرفع الدعم عن المشتقات النفطية التي تكلف الحكومة اليمنية الكثير من العملة الصعبة.. يأتي ذلك في الوقت الذي تنظر منظمات دولية للوضع الإنساني في اليمن ببالغ القلق.. نتيجة الظروف المعيشية السيئة للمواطن اليمني.. التي صارت تعصف بالبلد..
وفيما تكشف تقارير رسمية وغير رسمية عن ارتفاع الأسعار القياسية لأسعار المستهلك.. مواطنون وباعة تجزئة أفادوا أنهم تفاجأوا بارتفاع الكثير من مواد وبضائع الاستهلاك الغذائي اليومي.. وقالوا ل"أخبار اليوم" إن الارتفاعات تركزت في السجائر والمواد الغذائية المعلبة, وغيرها من البضائع, مبدين تخوفهم من تفاقم الوضع في حال تم الإعلان فعلا عن الجرعة الجديدة حسب وصفهم.
وسبق لاقتصاديين أن حذروا من خطورة الوضع الاقتصادي المترتب عن استمرار تراجع حصة الحكومة اليمنية من قيمة الصادرات النفطية وارتفاع مؤشرات الدين العام الخارجي، في ظل ما يعانيه اليمن حالياً من أزمة مالية خانقة نتيجة انخفاض الموارد وزيادة الأعباء المالية.
وتعيش اليمن غياب في المشتقات النفطية، أدت إلى تعطيل معظم مناحي الحياة في البلد، ومع ذلك لا توجد إلا معلومات ضئيلة توضح حقيقة هذه الأزمة.. وما زاد الوضع تشويشا استخدام هذه الأزمة كمادة للسجال الإعلامي بين فرقاء العمل السياسي، حيث يرمي كل طرف مسئولية الأزمة على الطرف الأخر, واستثمارها لصالحه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.