أزمات شتى تمر بها البلاد رغم تباينها وإمدادها المتقطع وتوغلها بذات الاستشراء المتوحد في الاعتقاد إلا أنه لا يمكن فصلها عن أزمة القضاء، فزخم الأزمات في اليمن ما كان ليظهر لو كان جهاز القضاء صحيحاً معافى فهناك تقارير صحفية تؤكد أن 70% من الفساد المالي سببه فساد القضاء.. ما أشرنا أليه آنفاً تطرق إليه المشاركون في الحلقة النقاشية التي نظمتها اللجنة العليا للتشاور الوطني أمس الأحد في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني بأمانة العاصمة تحت عنوان "أزمة القضاء ومستقبل العدالة" حيث طرح المناقشون أن الأزمة السياسية والاقتصادية وأزمة الحقوق والحريات وقضايا حروب الجنوب والشمال وأزمة التعليم الجامعي وقضايا المرأة كان فساد القضاء وراء ظهورها. الأخ صالح البخيتي في ورقته المقدمة " ثلاثون عاماً من التدخل في أعمال القضاء" شدد على ضرورة إلغاء المحاكم والاستثنائية المتخصصة "محاكم أمن الدولة" التي وصفها بمحاكم شكلية لم تقدم من 96م إلى الآن مسئولاً فاسداً للمحاكمة لانشغالها بسفاسف القضايا، مشيراً إلى أنها أنشئت بالمخالفة لنصوص الدستور وأنه لابد من جعل تعيين منصب رئيس مجلس القضاء بيد القضاة أنفسهم لا من يرأس هرم السلطة التنفيذية في البلد. وأعتبر البخيتي في ورقته تلك استقلال القضاء مؤشراً أول على قوة الدولة ووضعها، كون فترات الازدهار والانحطاط في الدولة تتأثر بحال النظام القضائي التي تزامن ضعفه مع فترات تملؤها الأزمات. وأشار إلى أن قضايا الثأر والحروب الجماعات المسلحة هي في الأساس وليدة إهمال القضاء لما وصلت المشاكل إلى حد قيام مجاميع من المواطنين بهدم منزل يعتقدون مخالفته للقيم الإسلامية وحدث ذلك في العاصمة صنعاء أمام مرأى الجميع وأجهزة الدولة فلو وجدت الثقة في القضاء لما وجد مواطن يحمل البندقية ليأخذ بثأره أو يواجه، أحداً إلا حين يفتقد العدل والإنصاف والإحساس بالمواطنة المتساوية. وصنف البخيتي أزمة القضاء على أنها قائمة على ثلاثة أوجه تتمثل في أزمة التدخل في أعمال القضاء وأزمة النصوص القانونية وأزمة ضعف القضاء وعدم تنفيذ أحكامه مستنتجاً أنه ما لم يتم العمل على إصلاح الخلل والأزمة القضائية فأن اليمن مرشحة للمزيد من المشاكل والأزمات والانفلات الأمني والفوضى العارمة التي ستجرف الجميع إلى مصير مجهول. من جانبه الأستاذ والمحامي خالد صالح الآنسي في ورقته " استقلال القضاء ما بين الدستور والتشريعات خلص إلى القول؛ أنه قد ترتب على عدم تواؤم تشريعات السلطة القضائية، وأضاف أن الجهاز القضائي بوضعه الحالي يصبح غير قادر على القيام بالوظيفة الحديثة التي يفترض أن تقوم بها أي سلطة قضائية بشأن حماية الحقوق والحريات والدفاع عن المشروعية الدستورية والقانونية وحماية التعددية السياسية أو حتى التقليدية بشأن الفصل بين الخصومات وحماية الملكية العامة والخاصة وحماية الاستثمار المحلي أو الأجنبي ، مما أدى إلى فقدان الثقة فيه ودفع ذوي الشأن للبحث عن بدائل محلية أو دولية لحماية حقوقهم ومصالحهم تعدت اللجوء للمحاكم الأجنبية وللقبيلة إلى اقتضاء الحقوق بالقوة والعنف أو بالاستقواء بقوى الفساد. وقال أصبح الحزب الحاكم وفقا لنصوص قانون السلطة القضائية، ناهيكم عن الممارسة، خصما وحكما في القضايا التشريعية والسياسة والإدارية بحكم السلطة الإدارية والمالية والتنظيمية والقضائية التي منحت لرئيس الجمهورية ووزير العدل على القضاة والقضاء وفي الوقت الذي تقتضي التعددية السياسية والانتخابات وحرية التعبير وجود قضاء حديث ومستقل ومحايد يمكن للناس اللجوء إليه للفصل في المنازعات السياسية والانتخابية والإدارية.