في ظل الحرب يخلو المشهد السياسي في اليمن من النساء وتغيب المرأة اليمنية عن جهود إحلال السلام في البلد، رغم المحاولات التي تسعى من خلالها النساء للانخراط في العمل السياسي. وتتهم ناشطات يمنيات الأطراف المتصارعة بتغييب النساء عن المشاركة في السياسة ومفاوضات إحلال السلام. في حين ترجع أخريات هذا الغياب إلى عدم وجود جهود للمرأة اليمنية الناشطة، في الدفع نحو عملية إحلال السلام، نتيجة عدم وجود مظلة جامعة لعملهن في ذلك. ويجمعن على أن هناك الكثير من المعوقات التي تحول دون بروز دور النساء وتعزيز مشاركتهن في إحلال السلام، وعلى رأسها ذكورية المجتمع المتسيد كل مجالات الحياة. لمعرفة العوائق التي تحول دون تعزيز مشاركة المرأة بالسياسة في اليمن حاورت شبكة إعلام السام مجموعة من الناشطات، وقدمت التقرير التالي: عوائق عديدة وفي هذا الصدد قالت الناشطة فاطمة الأغبري: "إن الأطراف المتصارعة في اليمن هي السبب وراء عدم بروز المرأة في مفاوضات إحلال السلام، والدليل عندما تم إرسال 7 نساء إلى مفاوضات الكويت تم تشويه مشاركتهن وكذلك الإساءة لهن بكل الطرق" وتضيف: "مشكلتنا في اليمن أننا نفهم السلام بطريقة لا تضمن حق الضحية، وهذا بحد ذاته يقف حاجزا أمام الدعوات والمبادرات الداعية للسلام.. كما أننا نرى الهجوم المنظم الذي يتبعه الكثير ضد أي دعوات للسلام خصوصا عندما تصدر من ناشطات". وحول كيف يمكن تعزيز وجود المرأة في العمل السياسي وجهود إحلال السلام، تقول الأغبري أنه يمكن تحقيق ذلك بالضغط الجدي والفعال على الأطراف بضرورة إشراك المرأة كونها أكثر المتضررين من الحرب الدائرة في اليمن. مؤكدة انه إن وجد مبادرات داعية للسلام في اليمن، فلا بد أن يكون الجميع فيها مشترك، ويجب أن تكون المبادرة مكونة من النخب التي يمكن أن تؤثر ولها مكانة اجتماعية. غياب مظلة جامعة في المقابل تقول المحامية منى الصبري، ناشطة وعضو اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات 2011 أنه "لا توجد جهود للمرأة اليمنية الناشطة، في الدفع نحو عملية إحلال السلام". مشيرة إلى أن المعوقات تتمثل "في عدم وجود مظلة يعمل في إطارها جميع الناشطات اليمنيات، مما أدى إلى تشتت الجهود وضياع الأصوات". وحد تلخيصها للصعوبات، أكدت الصبري بأن الصعوبات المتمثلة في عدم وجود تلك المظلة وسياسة العنف الحالية أدى إلى جمود التوجهات في هذا السياق. "وهذا بحد ذاته كان سبب في عدم التفكير باللجوء إلى إيجاد وسائل للعمل في مجال إحلال السلام، والجمود": تضيف منى. وعن الجهود الجمعية قالت الصبري: "هناك جهود، لكن لا تخلو من خلفية حزبية أو مصالح شخصية، ولذلك عدم وجود دعم جامع لصوت النساء المستقلات إضافة إلى غياب منبر نسائي لتوصيل أفكار الناشطات، كل هذا كان السبب في عدم فاعلية المرأة اليمنية في محاولات جهود إحلال السلام". الكتابة للتعبير عن السلام أما ليلى السيد، وهي كاتبة صحفية وناشطة في مجال حقوق الإنسان، تقول عن الجهود التي تبذلها كناشطة يمنية في الدفع نحو عملية إحلال السلام في اليمن: "أقوم بعمل مواد صحفية تحث على السلام، وتوصيل صوت اليمنيين الذين سئموا الحرب ويرغبوا بالعيش في كنف الدولة، ليحصلوا على الرعاية الطبية اللازمة، وينعموا بالأمان". وحيال الصعوبات والعوائق التي تواجهها، أكدت ليلى السيد "أن هناك مخاوف كثيرة لدى أغلب الصحفيين من ارتفاع صوتهم ومناداتهم بالسلام في اليمن، لأنهم يتعرضوا للتخوين؛ برغم أن كثير من الذين يقفوا في صف الداعمين للسلام، بالإضافة إلى صعوبة العثور على مواقع تؤيد فكرة السلام في البلاد". وكيف تواجه الصعوبات، ذكرت ليلى بأنها "تحاول أن توصل صوت اليمنيين الذين يرغبون بالسلام عبر إفراد بعض المحاور لهم في وسائل إعلام قدر المتاح وكذلك في شبكات التواصل الاجتماعي". وتلفت السيد إلى أن الوسائل التي تستخدمها لإيصال صوتها "تتعدد من وقت لأخر ومنها كتابة المقالات بالإضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي". وفيما يخص المبادرات النسائية اليمنية الداعية للسلام، قالت ليلى السيد "هناك مبادرات تقوم بها المرأة اليمنية من أجل إحلال السلام، لكنها للأسف غير خالصة لأجل ذلك، فأغلبها يتم توظيفها لصالح طرف ما من أطراف الصراع، فتصبح بعيدة عن مطالب اليمنيين الذين يريدون أن يعيشوا بسلام دون تسييس مطلبهم الذي يعد حقا مشروعا لهم". وذكرت بأن الذي يحول دون بروز دور المرأة اليمنية في مفاوضات إحلال السلام، هو "عدم وجود ثقة كبيرة بالمرأة في مجتمع ذكوري، لكن يمكن اختيار نساء يتمتعن بالكفاءة ليمثلن المرأة اليمنية، وإشراكهن في المفاوضات، ومع الوقت ستتغير نظرتهم حين ينجحن ويعملن جنبا إلى جنب مع شريكهن الرجل". النظرة بعيون العداء في سياق متصل تقول الناشطة وداد البدوي، "للأسف تحول الجميع لأبواق تخدم أطراف الصراع ونحن ندعي الجميع للعقلانية والسلام، غير أن الصوت المسموع حاليا هو صوت المدفعية فقط ولا صوت يعلو فوق صوت الموت والدمار للأسف". وعن الصعوبات والعوائق التي تواجه الناشطات اليمنيات في الانخراط في جهود السلام قالت البدوي" للأسف كل الأطراف تنظر لمن هو مع التوجه نحو السلام على أنه عدواً ضد الوطن، فأطراف الصراع تريد من الجميع ترديد شعارات مواجهة الحرب بالحرب". وتضيف: "حاولت النساء في تعزيز جهود السلام، ولكن ما يحول دون بروز دورهن هو أنهن لا يرتبطن بمصلحة في الحروب وتجارها، ولذا رفض صوتها، ولذلك الحل هو بيد أطراف الصراع وليس بيد المرأة الضحية". المجتمع ذكوري في المقابل تقول الناشطة رشا السلامي، أن ما يحول دون بروز دور المرأة اليمنية في مفاوضات إحلال السلام، هو "ذكورية المجتمع اليمني، حيث الفتاة لا تستطع القفز من فوق الرجل، في هذا المجتمع الذكوري". وكانت مجموعة ناشطات يمنيات في 13 مايو، 2017 قد أطلقن مبادرة نساء اليمن لإيقاف الحرب وإحلال حكومتي (صنعاء) و(عدن) بحكومة نسوية، وقدمتها مجموعة من نساء اليمن، وهي"النساء في السياسة". في حين دشنت مجموعة نساء يمنيات، ناشطات في 23 مايو 2017، برنامج "النساء في السياسة" ونفذته مؤسسة تنمية للقيادات الشابة YLDF بالتعاون مع هيئة الأممالمتحدة للمرأة UN WOMEN، وضمن البرنامج الذي دُشن بصنعاء تم إطلاق شبكة "يمنيات في السياسة"، الهادفة إلى دعم المشاركة السياسية للنساء اليمنيات.