الامارات العربية تضمّد جراح عدن وتنير ظلامها    تغيير رئيس الحكومة دون تغيير الوزراء: هل هو حل أم استمرارية للفشل؟    ودافة يا بن بريك    إيران تكشف عن حجم الخسائر الأولية لانفجار ميناء رجائي    هل بدأت حرب إقليمية بالمنطقة وما المتوقع من زيارة ترامب المرتقبة؟    بعد ضرب بن غوريون..استعداد جنوبي للتطبيع مع الصهاينة    إسرائيل لا تخفي أهدافها: تفكيك سوريا شرط لنهاية الحرب    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    طيران العدوان الأمريكي يجدد استهداف صنعاء ورأس عيسى    السامعي: استهداف ميناء الحديدة ومصنع اسمنت باجل جرائم لا تسقط بالتقادم    قرار رقم 1 للعولقي بإيقاف فروع مصلحة الأراضي (وثيقة)    أعنف هجوم إسرائيلي على اليمن يدمر ميناء الحديدة    الحذر من استغلال العليمي مبررات (إصلاح الخدمات) في ضرب خصومه وأبرزهم الانتقالي    بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    وسائل اعلام اسرائيلية: هجوم اسرائيلي أمريكي شاركت فيه عشرات المقاتلات ضد اهداف في اليمن    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    قدسية نصوص الشريعة    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل أتاكم نبأ الدولة المفقودة؟! (الجزء الأول)
تحركات رئيس حكومة الشرعية مع قيادات التحالف العربي بعدن.. الدلالات والأبعاد
نشر في أخبار اليوم يوم 05 - 09 - 2017

مؤخراً لوحظ نشاط وتحركات رئيس الحكومة اليمنية الشرعية التي تزايدت وتيرته مع قيادات قوات التحالف العربي المتواجدة في عدن..
وتثير هذه التحركات- التي تتزامن مع مساعي الحكومة لفرض تواجدها في المناطق والمحافظات المحررة وإرساء مداميك الدولة، من خلال تطبيع الحياة وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين- تثير الكثير من علامات الاستفهام، عما يمكن أن تحمله هذه التحركات من أهداف..
تحركات رئيس حكومة الشرعية باتت تجتذب الاهتمام، كما لو أنها تحاول أن توجد لها موطئ قدم لها على الأرض وتسجل حضورا مكثفا في المناطق المحررة، وذلك في سبيل فرض وجودها في طريق تحقيق وجود الدولة المفقودة التي طال انتظارها بعد عامين من التحرير..
منذ عودته من الرياض مع حلول عيد الأضحى المبارك شمل نشاط رئيس الوزراء ثلاثة لقاءات جمعته بقادة دول التحالف في عدن، وعلى مدى ثلاثة أيام متتالية. ففي الأول من سبتمبر الجاري زار رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر مقر قيادة القوات السعودية بالتحالف العربي بعدن حيث كان في استقباله العميد الركن سلطان بن إسلام وعدد من الضباط والجنود.
وثمن رئيس الوزراء خلال زيارته التضحيات الكبيرة التي قدمتها المملكة العربية السعودية وقيادتها الحكيمة ممثله في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان والشعب السعودي الشقيق الذين وقفوا إلى جانب بلادنا دفاعاً وذوداً عن المشروع الوطني والشرعية الدستورية ممثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي واستعادة الدولة وإنهاء الإنقلاب.
كما قام رئيس الوزراء في ذات اليوم بزيارة لمقر قيادة القوات الإماراتية التابعة للتحالف العربي حيث كان في استقباله المقدم راشد الراشدي وعدد من الضباط والجنود.
حيث أشاد رئيس الوزراء بتضحيات وجهود الإمارات بقيادة الشيخ خليقة بن زايد ال نهيان والشيخ محمد بن راشد ال مكتوم والشيخ محمد بن زايد.
مؤكدا أن الشعب اليمني لن ينسى الدور الكبير الذي قامت به الإمارات لإعادة الشرعية وتحرير اليمن من الإنقلابيين كعضو فاعل ضمن دول التحالف العربي.
وفي الثاني من سبتمبر قام رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر في قصر المعاشيق بالعاصمة المؤقتة عدن باستقبال قادة قوات التحالف العربي بعدن العميد أحمد أبو ماجد والعميد الركن سلطان بن إسلام، والمقدم إبراهيم النعيمي، والرائد هشام المبارك وعدد من ضباط التحالف لتهنئته بعيد الأضحى المبارك ومناقشة الأوضاع العسكرية والأمنية في المحافظات المحررة واستكمال تحرير ما تبقى من المناطق التي مازالت تحت سيطرة الانقلابين.
ولفت الدكتور بن دغر إلى الظروف الصعبة التي يعيشها اليمن جراء الانقلاب الذي تسبب بآثار وتدمير في البنى التحتية وطال النسيج الاجتماعي..
مشيراً إلى ما تقوم به الحكومة من جهود في تذليل الصعاب وتفعيل مؤسسات الدولة وصرف المرتبات وتوفير الخدمات الأساسية بالرغم من شحة الموارد وقله الإمكانيات.
وأضاف: "إن صرف مرتبات العسكريين والأمنيين والمدنيين بانتظام يوفر مزيداً من الاستقرار في حياة المواطن ويوفر بيئة رافضة للإرهاب الذي يستدعيه العوز والفقر".
وأكد أن عاصفة الحزم ستظل نقطة تحول في تاريخ الأمة العربية كونها وحدت العرب وجمعت كلمتهم وحافظت على الأمن العربي والإقليمي والدولي، وأوقفت الخطر والتمدد الإيراني في المنطقة، وسيتذكر اليمنيون بكل فخر واعتزاز الهبة العربية والتاريخية لأشقائهم العرب والوقوف إلى جانبهم في سبيل استعادة الدولة وأنها الانقلاب والمضي قدماً في تنفيذ ما اتفق عليه اليمنيون في مؤتمر مخرجات الحوار الوطني الشامل.
كما تطرق إلى المهام التي تقوم بها قوات التحالف العربي الداعمة للشرعية مستعرضاً الخطط العسكرية للمرحلة القادمة.
مشيراً إلى المعنويات العالية التي يتمتع بها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية المسنودين بقوات التحالف العربي في تحقيق النصر وتأسيس اليمن الاتحادي الذي يتطلع إليه اليمنيين.
وفي الثالث من سبتمبر استقبل رئيس الوزراء في قصر المعاشيق بالعاصمة المؤقتة عدن قائد القوات السعودية وعدد من الضباب والجنود السعوديين بحضور عدد من القادة العسكريين والأمنيين لتبادل التهاني والتبريكات بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك ومناقشة الأوضاع الأمنية في عدن والمناطق المحررة، بحسب ما أوردته وسائل إعلام عن مصادر خاصة في رئاسة الوزراء.
تحركات تجتذب الاهتمام
تحركات تتوازى مع تحركات على الأرض تقوم بها الحكومة الشرعية لتطبيع الحياة العامة في المناطق المحررة، في محاولة لفرض وجود الدولة وإحياء دور وعمل المؤسسات الحكومية لتقوم بوظائفها المناطة بها.
وفي اعتقاد متابعين فإن تحركات رئيس الحكومة اليمنية- الدكتور أحمد عبيد بن دغر مؤخراً، خصوصاً منذ مطلع شهر أغسطس، باتت تجتذب الاهتمام.
وبدأت تحركات رئيس الحكومة بن دغر، في المناطق المحررة، كما لو كانت تجيب عن أسئلة عديدة، ظلت لفترة طويلة، تشغل بال المتابعين، والمراقبين، والشعب عموما.
وهي أسئلة يصفها الناشط السياسي باسم الشعبي ب"الهامة"، على اعتبار أنها متعلقة بالتنمية، والخدمات، والأمن، وتطبيع الأوضاع، ومستقبل اليمن الاتحادي القادم.
ويقول الشعبي إن هذه التحركات الحكومية، تجيب عن جزء هام من هذه الأسئلة، وتعيد بناء جدار الأمل عند الناس من جديد، وترمم الشروخ التي صنعتها الحرب الظالمة، وأنتجها الصراع العدمي، الذي لايلقي بالا لحاجات الناس، واهتماماتهم اليومية، والمستقبلية.
ويضيف: "من قاعدة العند، إلي أبين، مرورا بعدن، ولحج، سجل الدكتور بن دغر في شهر أغسطس حضورا مكثفا خلال أسابيع في الذهنية الشعبية، والوطنية، التواقة لعمل وطني حقيقي، يلامس همومها، وتطلعاتها الصادقة، في وطن امن، ومستقر، ومتطور، يتعايش فيه اليمنيين، وفق منظومة قيمية خلاقة، من مواطنة حقه، إلى تعايش، وتنوع مضطرد، إلى شراكة، إلى حرية بناءه، إلى تنمية عصرية، في مختلف المجالات".
تحركات بن دغر توحي بان الحكومة اليمنية بدأت فعلا بإعادة ترتيب منظومة الأولويات لديها، بعد نصائح، وأفكار، عديدة قدمها رجال، وشباب مخلصون، لوطنهم، يرون أن وظيفة الحكومة الأساسية في هذه المرحلة المعقدة، هي التنمية، والخدمات، بدرجة رئيسية، لاستعادة ثقة الشعب بالدولة، وخلق أجواء مشجعة، ومحفزة، تساعد السياسة من تحقيق أهدافها، والمعركة العسكرية من بلوغ مراميها.
يعلق باسم الشعبي بقوله أن العمل في إطار الدولة، لا يسجل حضورا قويا، إلا عندما يكون منظومة متكاملة، لها أولويات، وأهداف، وأدوات، ووسائل، وغايات، وفي المقدمة من ذلك العمل مع الناس، مع الشعب، فهم أصحاب المصلحة العليا في التغيير، الذي قدمت من اجله تضحيات كبيرة،ودماء غزيرة.
أحداث دراماتيكية بين مغادرة وعودة
في الخامس والعشرين من مايو كانت طائرة الحكومة الشرعية هبطت في مطار عدن الدولي، بعد سلسلة أحداث دراماتيكية شهدتها المدينة.. عاد رئيس الحكومة اليمنية إلى عاصمتها المؤقتة، برفقة عدد من المسؤولين، أبرزهم محافظ عدن الجديد، عبد العزيز المفلحي، بالإضافة إلى أعضاء في مجلس الوزراء. وكان بن دغر غادر عدن، مطلع إبريل/ نيسان الماضي، إلى السعودية.
وأكدت مصادر محلية في عدن حينها، أن الحكومة الشرعية، التي يترأسها أحمد عبيد بن دغر، اختارت افتتاح تشغيل المحطة الكهربائية الممولة من قطر، كأول خطوة لها مع العودة، بعد أزمة خانقة عاشتها عدن، بسبب الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، في المدينة التي تعد الكهرباء إحدى حاجاتها الأساسية مع ارتفاع درجات الحرارة خلال فترة الصيف.
وكانت المحطة الكهربائية التي مولت قطر إنشاءها، بقوة 60 ميغاوات، محط اهتمام الرأي العام خلال الفترة الماضية.
ومنذ 27 إبريل، كانت دخلت عدن في سلسلة من الأحداث والتطورات، جعلت العاصمة المؤقتة، كما لو أنها قد خرجت عن سيطرة الحكومة. وتأتي أهمية التطور من كونه جاء ليثبت أن عدن لا تزال ساحة، بدرجة أو أخرى، لتحركات الحكومة الشرعية.
خلال تواجدها في عدن دشنت الحكومة السلطة المحلية بمحافظة عدن عدداً من المشاريع التنموية، غير أن بقاءها لم يدم لأكثر من شهرين ونصف.
ففي الثاني عشر من أغسطس المنفرط كان رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر، غادر العاصمة المؤقتة عدن، إلى جانب المحافظ عبدالعزيز المفلحي، متوجهاً إلى السعودية، التي يوجد فيها الرئيس عبدربه منصور هادي، وغالبية قيادات الحكومة الشرعية، وذلك بالتزامن مع تصاعد وتيرة الجهود الدولية لإحياء مسار الحل السلمي في البلاد.
وأشار بن دغر في تصريحات صحافية لدى مغادرته، نقلتها وكالة الأنباء اليمنية بنسختها التابعة للشرعية، إلى أن المغادرة تأتي تنفيذاً لتوجيهات رئاسية. غير أن وسائل إعلام أشارت إلى ضغوط مارستها أطراف في قوات التحالف العربي أجبرت حكومة بن دغر وسلطة عدن المحلية على مغادرة عدن..
إخفاق الحكومة وأثره على مكانة الشرعية محلياً ودولياً
لا شك، أن إخفاق أو فشل حكومة الشرعية، يؤثر سلبياً، على المسار السياسي العام، وكذلك المسار العسكري والأمني في البلد، خاصة وان التركيز الدولي، متعلق بأداء الحكومة، ومدى قدرتها على العمل من أجل ترسيخ أساسيات السلام والأمن وهما العاملين اللذين لا يمكن تحقيقهما، إلا من خلال استقرار أجهزة الدولة، وعودتها للعمل، وتوفير أساسيات الحياة والخدمات للشعب.
ويؤكد مراقبين، أن الرئيس هادي، يبذل جهودا كبيرة، للتغلب على القصور داخل الشرعية، من خلال تعيين قيادات جديدة، في المحافظات المحررة، لتتولى زمام الأمور.
ويرى المراقبون، أن على الحكومة الشرعية، القيام بخطوات جريئة، للتخلص من مظاهر الإخفاق، ووضع النقاط على الحروف، بعيدا عن الاستقطاب الفاشل، أو المحاباة للأحزاب السياسية، كون المرحلة تتطلب عملا جدياً، في مثل هذه المرحلة الاستثنائية، التي تحتاج إلى عمل ميداني لمعالجة ما ألحقته الحرب، وليس لتصريحات إعلامية من الحكومة، قد مل الشعب من سماعها ردحا من الزمن.
وبحسب المراقبين فإنه ما لم يتم تدارك الأمر، سيزداد انسحاب إخفاقات حكومة الشرعية، على المسارات السياسية والعسكرية، في ظروف معقدة، وطرق حل غير موجودة، بالتزامن مع أفق سياسي منسد تماماً، دون أن يكون هناك بديل أمام المجتمع الدولي، إلا التمسك بالانقلابيين، كجهة موازية للشرعية. وهو الأمر الخطير على ستقبل الشرعية والرئيس هادي.
وفي مثل ظروف كالتي تعيشها اليمن، يتوجب على الحكومة، تعزيز الشرعية عملياً، وصنع النجاحات ولو كانت مستحيلة، من أجل قطع أي فرصة أمام الانقلابيين، لتسويق أنفسهم، للمجتمع الدولي بأنهم جزءاً من الحل، وان بقاءهم ضروري.
ويرى الكثيرون، أن ظهور حكومة الشرعية كحكومة فاشلة، يعزز من تواجد الانقلابيين في مناطق نفوذهم التي يسيطرون عليها، بمقابل تضعضع موقف الشرعية في تلك المناطق.
حيث أن الحكومة العاجزة عن تقديم أي نجاح، في المحافظات المحررة يجعل فشلها رفيقا لأي تحرك ميداني لتخليص المحافظات المتبقية من سيطرة الانقلابيين، مما يؤثر على سياق المعارك، ويجعل الناس في المحافظات الغير محررة، غير مستعدين للتعاون مع الشرعية في طرد الانقلابيين.
ويشير الكثير من المتابعين والسياسيين، أن باستطاعة الحكومة تعزيز موقفها ونجاحاتها، في المحافظات المحررة، وهذا ما لن يكون إلا باختيار القدرات النظيفة والكوادر القيادية القادرة على العمل وتحسين صورة الشرعية، والتي لا شك أنها ستنعكس على المسار السياسي، ونظرة المجتمع الدولي صوب الشرعية التي تمتلك كل الحق الشرعي والقانوني المحلي والدولي.
ولا يمكن بأي حال من الأحوال، أن ينظر المجتمع الدولي إلى ضعف الشرعية، التي يدعمها بقراراته الباتة والنافذة، ما لم يكن هناك ضعف داخل الشرعية ذاتها، وخاصة فيما يتعلق بالأداء الحكومي، والقدرة على التعامل في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلد.
اتهام بالفشل والفساد المالي
في الوقت الذي تواصل حكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر جهودها في تطبيع الحياة بالمناطق المحررة، تنفيذا لتوجيهات فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي. وبالرغم من النجاحات التي يشيد بها البعض واقعيا للحكومة، ما يزال كثيرون يتهمون حكومة بن دغر بتسجيل رقماً قياسيا في الفشل، في تاريخ الحكومات اليمنية.
مشيرين إلى فشلها في معالجة الملفات الهامة التي تتطلب حلا عاجلاً للتخفيف من وطأة الظروف على المواطن والتي تثقل كاهله وتجعله في معاناة مستمرة.
وبحسب محللين فقد سبب الفراغ الذي تركته الوزارات في الحكومة، وضعاً خطير جدا على واقع المواطنين ومعيشتهم وقضاء حوائجهم، حيث تخلت غالبية وزارات الحكومة عن عملها، وظل وزراءها مشغولين بالسفريات واللقاءات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
ويأمل مواطنون أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها بالشكل المطلوب، وتقوم بتفعيل عمل مؤسسات الدولة الإنتاجية لكي ترفد البنك المركزي بالسيولة النقدية المطلوبة التي تستطيع منها توفير مرتبات الموظفين وميزانية الدولة.
البنك المركزي.. بوصلة مفقودة
تظل السياسة المالية واحدة من أوجه العجز التي تعانيها الحكومة الشرعية، ممثلة بانحسار وظيفة البنك المركزي اليمني في إدارة العوائد الإيرادات المالية المنعدمة أصلاً، وتحول كثير من المؤسسات الإيرادية إلى مؤسسات تستنزف أموال الحكومة، ومنها قطاعات الكهرباء والنفط والمواني والمطار، وذهاب عائدات الضرائب إلى مسار غير وجهته..
وأمام غياب كل هذه الأفق وانعدام مصادر الإيرادات التي سترفد خزينة الدولة بمبالغ ضخمة، ومن شأنها أن تعين الحكومة في إدارة شئونها، عملت الحكومة على طبع الأموال لمواجهة عجزها في صرف مرتبات الموظفين في بعض المناطق المحررة، وإنفاقها في جوانب لا تخدم التنمية والدولة بتاتاً.
يعيب مراقبون على تصرف حكومة بن دغر مع الأموال الواصلة إليها، والتي أنفقتها على جوانب لا علاقة لها بخدمة المواطنين، وبذلك ظلت كل مؤسسات الحكومة ومرافقها سواء المركزية أو في المحافظات، عاجزة وفاشلة في تأدية مهامها، وغير قادرة على النهوض، وفقاً للاتهامات.
وتلقت حكومة بن دغر دفعاً عديدة من الأموال المطبوعة والتي تبلغ نحو 400 مليار ريال يمني، وقد وصلت الدفع التي استلمتها حكومة بن دغر ( 200 مليار ريال ) لم يستفيد منها المواطن شيئاً.
وأكد رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني/ مصطفى نصر أن حكومة بن دغر مؤهلة لإدارة الوضع، لكن منحها أي أموال إضافية لن يشكل إلا حالة فساد جديدة للحكومة.
وكانت الحكومة اليمنية قد طبعت مبالغ ضخمة من العملة اليمنية من دون غطاء مالي من العملات الصعبة وهو الأمر الذي أدى إلى تضخم العملة المحلية في السوق مقابل انعدام للعملة الأجنبية.
وبحسب خبراء اقتصاد فإن الريال اليمني سيواصل تهاويه أمام الدولار الأمريكي والريال السعودي نتيجة المضاربة التي ينتهجها التجار في السوق المالي. إضافة إلى سبب سياسية التمويل بالعجز الذي انتهجته الحكومة الشرعية لمواجهة العجز في النقدية بعد نهب الانقلابيين للاحتياطي النقدي في البنك المركزي بصنعاء قبل أن يتم نقله إلى عدن.
ويعيش الريال اليمني تدهور مستمر غير مسبوق منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول العام 2014، وتوقف تصدير النفط، الذي تشكل إيراداته 70% من دخل البلاد، مع توقف المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية والسياحة.
ومنذ أكثر من عامين تعاني العملة اليمنية تدهوراً كبيراً أمام العملات الأخرى ما سبب بأزمة اقتصادية لا تزال تداعياتها متواصلة على حياة الناس. ويعيش أكثر من مليون موظف حكومي يمني في العاصمة صنعاء، ومناطق الحوثيين بدون رواتب منذ أكثر من عشرة أشهر، ويواجهون ظروفا معيشية صعبة، فيما لا يتجاوز عدد الموظفين بمناطق الحكومة الشرعية 200 ألف موظف يستلمون رواتبهم بانتظام.
ويدعو خبراء اقتصاديون الحكومة اليمنية إلى التدخل وعمل حلول من شانها أن تعيد للريال اليمني عافيته واستقراره أمام العملات الأجنبية، بدلاً من الاستمرار في طباعة المزيد من العملات دون سقف أو غطاء قانوني.
في رؤيته للإصلاحات المالية الضرورية أورد خبير الاقتصاد والنفط اليمني/ محمد الزوبه عدد من الحلول تتمثل في المحافظة على القدرات المالية للبنك المركزي بتوريد كل الإيرادات الحكومية في كل اليمن إلى البنك المركزي، وتحويل كل حوالات المغتربين والتي تصل إلى حوالي أكثر من 12 مليار ريال سعودي أي حوالي أكثر من ثلاثة مليار دولار عن طريق البنك المركزي.
كما طالب الخبير الزوبة بتوقيف بيع أذون الحزانة الوهمية وبدون غطاء سيوله أو مرجعية قيمية، والحد من انتشار ظاهرة الصرافة والمضاربة المالية، وسحب كل الأوراق المالية القديمة التي أخرجتها سلطة صنعاء الانقلابية للتداول وهي في حكم المعدومة والتي تتجاوز مئات المليارات وسببت تضخم مضاعف أدى إلى فقدان الريال لقيمته الشرائية، وأخيراً إعادة السيطرة على الحركة البنكية الخاصة في اليمن وتهدئة الأسواق والتحذير من التعامل غير القانوني في قضية التحويلات أو التعامل خارج سيطرة البنك المركزي.
ويهاجم اقتصاديون بشدة، فشل الحكومة الشرعية في تفعيل وظائف البنك المركزي منذ نقله قبل عام، وإقدامها على خطوة تحرير سعر الصرف بقرار سياسي، في خطوة للفت الانتباه وتدمير ما تبقى من حياة في جسد الاقتصاد المتهالك..
وأوضح مصطفي نصر - رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي بأن قرار التعويم الصادر عن البنك المركزي يعني التخلي عن السعر الرسمي الذي حدده البنك سابقا للدولار (250 ريال مقابل الدولار الواحد) لصالح السعر الجديد الذي سيتحدد من قبل البنك المركزي وفقا لمخزون العملات وتداولات السوق.
وقال أن التحكم في سعر الصرف يمثل صلب السياسة النقدية لكن السؤال الأهم هل البنك المركزي ما يزال لاعبا رئيسيا في السياسة النقدية حتى يتخذ قرار بهذا الحجم؟ وهل يمتلك الأدوات الكافية لذلك في ظل تراجع مصادر النقد الأجنبي لدي الحكومة بل انعدامها؟.
وأشار نصر إلى أنه منذ أن تم نقل البنك المركزي في سبتمبر 2016م إلى عدن أثبتت إدارة البنك المركزي فشلها وعجزها عن تفعيل البنك المركزي للقيام بأدواره المفترضة ابتداء من الرقابة علي البنوك وتفعيل السويفت وانتهاء بالعبث بالعملة المحلية المطبوعة من الريال اليمني وبيعها للصرافين بدلا من استخدامها لتعزيز الثقة بالقطاع المصرفي. ناهيك عن غياب المحافظ ونائبه عن البنك المركزي وتكليف قائم بأعمال لإدارة البنك في أصعب مرحلة يمر بها وعدم انتظام الاجتماعات الدورية لمجلس إدارته.
وفي حين نبه أنه من الواضح أن للقرار انعكاسات سلبية علي كل التعاملات الرسمية التي كانت تعتمد السعر الرسمي ومنها الجمارك حيث سترتفع الجمارك فعليا بنسبة 45٪ وبالتالي ستنعكس تلك الزيادات علي أسعار السلع المستوردة.
حذر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي من أن القرار قد يشكل المسمار الأخير في نعش البنك المركزي اليمني التابع للحكومة الشرعية في حال لم تعترف به حكومة الحوثي وصالح ولم يمتلك الأدوات القادرة علي تحكمه بسعر الصرف في السوق. فقرار التعويم يتطلب إدارة فاعلة للسياسة النقدية تخفف من آثاره السلبية وهو ما تفتقر إليه إدارة البنك المركزي الحالية، حد نصر.
ملفات شائكة
تعاني العاصمة عدن من أزمات عدة أبرزها أزمة المشتقات النفطية والكهرباء والمياه، وطالت الخدمات الأساسية وحياة المواطنين. وفيما ينظر متابعون إلى تلك الأزمات بأنها جزء من فشل الحكومة، يرى آخرون أنها تأتي في إطار محاولات عرقلة سير الحكومة، وإحراجها.
ويصف مراقبون افتعال تلك الأزمات بأنها ممارسات باتت مفضوحة تشي بخدمة أجندات الانقلاب، وإفشال الحكومة داخل الأراضي اليمنية لممارسة مهامها وتقديم خدماتها للمواطنين، والتخفيف عنهم جراء المعاناة التي يذوق ويلاتها كل أبناء الوطن كنتيجة طبيعية للانقلاب على إرادة الشعب وشرعيته.
وتعد قضية الكهرباء، والمصافي والنفط، والميناء، والمطار، والضرائب، من أبرز الملفات الشائكة المطروحة على طاولة حكومة الشرعية، خصوصاً أنها باتت مؤسسات تستنزف أموال الحكومة بدلاً مما هي مؤسسات إيرادية ترفد خزينة الدولة بالمليارات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.