هل يعقل أن ترتبط صورة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بصورة شخص كتب عن الحب والخمر أكثر مما كتب عن الدين، هل يعقل ذلك؟ تابعوا معي لتعرفوا سر دهشتي: دجى الدهر ومازلنا على فلك الهوى نسري ونحمل راية العشاق من عصر الى عصر ومن قطب الى قطب ومن قطر الى قطر دعاة الحب في الدنيا وفي الأخرى وفي الحشر سكارى منذ أن كنّا بلا كأس ولاخمر أتتنا نشوة الصهباء قبل القطف والعصر سرى تأثيرها في الروح مثل النور في الفجر أبيات الشعر السابقة تعود بذاكرتنا الأدبية إلى خمريات أبي نواس، لكنها بعيدة عن أبي نواس بقدر ما هي قريبة من أسلوبة، هذه الأبيات والمئات غيرها هي بيت القصيد الذي سنحاول من خلالها العبور الخاطف عبر الزمن لنصل معا إلى منتصف القرن الثامن الهجري، إلى مدينة شيراز في بلاد فارس، لكن ما ذا وراء تلك الأبيات المترجمة عن الفارسية، وهل تمكن العشق والهوى من قلب الإمام الحسين يوما ما وهو الذي ما فتئ يصرخ "هيهات منا الذلة" وهل نحن أمام أقوى حالات الاعتباط التي يمارس من خلالها مراجع الشيعة طقوس الدجل على العديد من أتباعهم. تابعوا معي مجددا. يخطئ الشيعة في أمور كثيرة، وهناك من الأخطاء ما يقدح في عدالتهم وينسف الكثير من معتقداتهم، ومن ذلك تعمدهم القيام بتجسيد صور الملائكة والأنبياء والأئمة، وذلك في مختلف المناسبات العلمية والأدبية والفنية. ومن أبرز الأخطاء التي يرتكبها الشيعة اليوم في حق الإمام الحسين، قيامهم عن سابق إصرار وترصد بتجسيد صورة متخيلة له، في صورة رجل وسيم الملامح رائع القسمات، تلك الصورة التي يتم تداولها على مواقع الإنترنت وبعض الصحف والمجلات الإيرانية وكذلك القيام بتعليقها في الحسينيات والحوزات المختلفة. لكن الغريب والمثير للدهشة أن تلك الصورة المزعومة ماهي إلا نسخة مقلدة تم إعادة رسمها بحرفية شديدة وتطابق بليد، والتساؤل الذي يفرض حضوره على وقع هذه المفاجأة التي لا يتمنى "خامنئي" ومن معه انتشارها على هذا النحو، هي أن تلك الصورة تكاد تتطابق على نحو يزيل الشك لدى من يحاول أن يتحذلق بالكلام قائلاً أن الله يخلق من الشبه أربعين، ذلك التطابق يشترك مع صورة مغمورة يعلم الصفويون -إيران حالياً- جيداً أنها لشاعر فارسي أشهر من نار على علم. إنه الشاعر حافظ الشيرازي المشهور بفال خواجه شمس الدين المولود ما بين سنتي (727-792 هجري) ذلك الشاعر الذي ملأ الدنيا ضجيجا بأشعاره وحكمه ومواعظه التي لا يخلو منها بيت في إيران، ولكن أبرز ما اشتهر به هو أشعاره الغزلية المصحوبة بإشارات واضحة نحو الخمر كنوع من أنواع الهروب من ضيق الدنيا وهو ذات السبيل الذي سلكه الشاعر العربي المشهور أبو نواس. وبالعودة إلى العديد من المراجع الفارسية سنجد أن صورة ذلك الشاعر قد رسمت على العديد من أغلفة الكتب التي حوت مؤلفاته سواء ما ارتبط منها بالشعر أو الفلسفة، وبإمكان أي شخص البحث على الإنترنت عن عبارة "زندگينامه حافظ شيرازي" والتي تعني بالعربية "سيرة حافظ" وسيجد صورة "فال خواجه شمس الدين" أو "حافظ الشيرازي". ولكن ماذا لو بحثنا أيضا عن الصورة المتخيلة للإمام الحسين عليه السلام، وقمنا بمطابقتها مع صورة "حافظ الشيرازي" على الحاسوب بواسطة أصغر برنامج تحرير صور، ماذا سنشاهد للوهلة الأولى؟. أعتقد أن ذلك لن يروق لمن يقدسون صورة الإمام الحسين الذي هو في الأصل تقديس في غير محله على اعتبار أن تلك الصورة مسروقة من صاحبها ومنسوبة لمن لا تليق به، فالإمام الحسين لا تكفي مثل تلك الصورة لتعكس بهاء وجهه ورونق طلعته، وما هو وراء تلك الصورة أجل وأسمى من أن يشير إليها أحد المتشيعين عن جهل وتعصب بوصفها صورة الإمام الحسين عليه السلام. وكان الأجدر بمراجع الشيعة وعلمائهم الكف عن تجسيد الأنبياء والأئمة في صور اتضح أن بعضها مسروق. هذا رابط لموسوعة إيرانية على الإنترنت وفيه شرح مفصل عن الشاعر حافظ الشيرازي: http://www.irania.eu/Farsi/Gedichte/hafez.html