على غير المعتاد جاءت التهاني بالوحدة اليمنية مبكراً هذه العام. من المملكة العربية السعودية ومن الولاياتالمتحدةالأمريكية اكبر فاعل إقليمي في الشأن اليمني واكبر فاعل دولي. توجه هاتين الدولتين يحدد ملامح أساسية في الوحدة اليمنية . أن تأتي التهنئة في 18/5/2012م قبل موعد 22 مايو بأيام يعطي المحلل السياسي وصانع القرار وكذلك القوي السياسية اليمنية بأطيافها المختلفة رسالة صريحة ان الوحدة اليمنية لم تعد حقيقية تاريخية أو مصلحة يمنية بل منفعة إقليمية ودولية . وعلى كل متطلع إلى تغيير الحقائق التاريخية ومعاكسة المصلحة الوطنية والإقليمية والدولية أن يعيد حساباته. هناك أخطاء مقبولة يقع فيها الساسة والقادة في إطار المناورة في الملعب السياسي وهناك تنافس طبيعي تمارسه كل التيارات عبر التاريخ وفي كل إنحاء العالم لكن الخطيئة غير مقبولة لأنه لاينجم عنها أي مصلحة لا للقادة ولا للشعوب. من السذاجة بمكان أن يأتي من يحنق من سلوك حاكم أو عصابة حكم منحرفة ليعلن أن من حقه تغيير الحقائق التاريخية أو المصالح الراجحة للشعوب. من الغرائب أيضاً على قيم الامم والشعوب الضاربة في أعماق التاريخ أن يأتي من يسلط عدسته على مقطع صغير من تاريخ شعبه ،ان يركز على عقد او عقدين شوههما نظام حكم فاسد ليقول بعدها ان الحل هدم حقائق ومصالح الشعوب ولو كان من حق كل حانق في العالم ان يفعل هذا لما بقيت أمة أو شعب موحد. وإني أعجب كيف يتحول بعض الساسة الى صغار وكأننا في روضة سياسية ، هذا حانق من حاكم وهذا خائف من منافس في المكانة او القيادة وذلك كارها لحزب او جماعة وكأنهم كائنات جاءت من المريخ وليسو من أبناء وطنه. تجد هؤلاء الصغار في غاية التسامح والاستعداد للعيش والتعايش في أي مكان من العالم ولو كان مواطناً من الدرجة الرابعة ،أما أن يقبل بمنافس من وطنه فهذا خط أحمر لا يقبل أن يقترب منه أحد. إن من كوارث الشعوب أن يتصدر لقيادتها صغار الفكر والقيم الذين لا يرون في أوطانهم خيرا إلا إذا كانوا على سدة الحكم اما ان يكونوا مواطنين عاديين فهذه جريمة نكراء تستحق ان يعلنوا تمزيق أوطانهم . ليست العدالة والمواطنة المتساوية هدفهم ،هدفهم ان يكونوا حكاماً وكفى. وكونهم صغار حتى لو صاروا حكاما فلن تجد لهم اثاراً كبيرة تلهج الشعوب بالثناء عليها وتذكرها الاجيال بفخر وحب لصانعيها. ان هؤلاء غايتهم كرسي ولو على مزبلة في قرية نائية ويصعب عليهم أن يكونوا مواطنين شركاء ولو على مستوى الكرة الأرضية لان مجدهم فوق مجد أمتهم.