اطلعت قبل يومين على مضامين الوثيقة الفكرية الزيدية التي جرى التوقيع عليها من الأخ عبدالملك الحوثي وعدد من أبرز علماء الزيدية.. الحق أنني لم استمزج ما ورد في الوثيقة كلية، فهي تقدم أصحابها باعتبارهم جماعة من الاحتكاريين والمصطفين الذين يلحون في طلب الماضي واستحياء تجارب باتت في ذمة التاريخ... لأن الوثيقة تستعيد روحية السقيفة وصفين, إذ تقطع باصطفائية آل البيت وترقى بهذه الاصطفائية الى مستوى عقيدي, ما يثير تساؤلات عديدة حول وجهة الحركة الحوثية في المرحلة المقبلة وأولوياتها, فضلا على ما قد يترتب على هذا الخطاب من تعظيم لأسباب الفرقة داخل الجماعة الوطنية اليمنية خصوصا وأن هنالك, في الضفة المذهبية الأخرى, من يتفانى في التحريض ضد آل البيت, ويذهب بعيدا في عدائه لهم ولمذهبهم حد إعادة تعريفهم وفق تصوراته الخاصة المتطرفة. إن المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية تحتم علي' أن اشهر موقفي هذا, وأعلم أن هناك آخرون يشاطرونني هذا الموقف, وهؤلاء الآخرون, مثلي أنا, لم يتورطوا يومًا في خطاب طائفي أو مناطقي, وكانوا على الدوام في صف المظلومين والضحايا, وخصوصا في فترات الحروب الظالمة على صعدة بدءا من 2004, دون من أو مبالغة, فالمبالغة لغة الشيطان كما يقال. وأحسب أن هذه الوثيقة لها حركيتها في الواقع بالضرورة، لأنها تضم طرفا فاعلا في السياسة, ظهر مؤخرًا أنه يخوض غمارها بأكبر قدر من المرونة واصلا إلى مناطق شائكة في الخارطة الوطنية والاجتماعية. ولا ضير في اقتحام الحوثيين أو أي جماعة عقائدية يمنية حقل السياسة وما تقتضيه من اتصالات وتحالفات وتكتيكات, فهذا يصب في خدمة المجتمع اليمني, ويمنع أي مخطط لتفجير صراع مذهبي أو عنصري في اليمن, لكن الخطر كله يكمن في ما تشي به هذه الوثيقة من عزم جماعة ما على احتكار تمثيل الزيدية في اليمن. فاليمنيون دفعوا خلال العقود الماضية ضريبة فادحة جراء سلسلة من المقامرات من أجل احتكار السلطة واحتكار الوطنية واحتكار التمثيل لمناطق وقضايا ومؤسسات, وليس من مصلحة ضحايا هذه المقامرات التماهي بجلاديهم. *من صفحة الكاتب على الفسبوك.