لم يكن الإعلان عن ضبط سفينة محملة أسلحة مصدرها إيران في المياه الإقليمية اليمنية، سوى تأكيدٍ إضافي آخر إلى تدخل إيران في النزاعات الدائرة داخل اليمن. ينطوي هذا الحدث على خطورة بالغة سواء بالنسبة إلى بلدٍ يخوض حرباً على تنظيم "القاعدة" وحروباً أخرى ضد حركات انفصالية في الشمال والجنوب، أو بالنسبة إلى منطقة خليجية تمثل أهمية قصوى للمصالح الغربية ولا سيما الأمريكية. طبعاً هذه ليست الشحنة الإيرانية الأولى من الأسلحة إلى اليمن، لكنها تكتشف في توقيتٍ دقيق للغاية. فمن جهة تتواصل الجهود لتفعيل العملية السياسية والبدء بحوارٍ وطني، في ما تتصاعد مطالبة الجنوبيين بالانفصال، ويستمر الحوثيون في الشمال في وضعية التمرد على حكومة صنعاء. من جهة أخرى يزداد الصراع الخليجي الأمريكي الإيراني سخونة على خلفية أزمتي سوريا والبرنامج النووي الإيراني، فضلاً عن اندفاع إيران إلى مد نفوذها في المنطقة وسط معلومات متضاربة عن قرب حصول مفاوضاتٍ أمريكية إيرانية مباشرة. كانت دلائل كثيرة التقطت سابقاً وأكدت للمعنيين وجود تسليح إيراني لجهاتٍ في اليمن، إلى أن الأمريكيين والخليجيين فضّلوا عدم تسليط الأضواء على هذا التدخل لأنهم سيضطرون في هذه الحال إلى الرد، وبالتالي إلى إدخال المنطقة في صراعٍ علني مفتوح، وهو ما سعت وتسعى إليه إيران. لكن هذه المرة نجد أن وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا يتهم إيران بالعمل على زعزعة استقرار الشرق الأوسط، بل يتحدث عن صواريخ متطورة مضادة للطائرات من نوع " مان بادس" وُجدت في الشحنة الموجهة إلى اليمن. أما السفير الأمريكي في طهران فأشار إلى أن الإيرانيين يشجعون الحوثيين والجنوبيين على الانفصال. في حين أكدت مصادر صنعاء أن وتيرة تسليح الجنوبيين الموالين للرئيس السابق علي سالم البيض زادت أخيراً وباتت تشكل تهديداً مباشراً للعملية السياسية. لكن رغم إدراك المخاطر الماثلة بقيت ردود الفعل منضبطة، فالجانب الأمريكي يعتقد أن إيران تفتعل الاستفزاز عشية المفاوضات معها، لكنه مصرّ على استبعاد أي تصعيد قد يتخذ طابعاً عسكرياً.