أعرفكم على نفسي، أنا شخص أنشر الأخبار السيئه كل يوم.. قتل في هذه البلد..حبس فلان..فيضان هناك..تلوث هنا..هذا هو عملي..أيوه صح ..أنا صحفية. قبل سنه ونصف كنت أشتغل مع الأممالمتحدة..كانت وقتها مهمتي سهله جداً..كل المطلوب مني أن أكون حياديه..أسمع الناس تتكلم في السياسة في مؤتمر وأسكت وما أعبرش عن رأيي إلا بدبلوماسيه شديده.. هندالإرياني صحفية وناشطة سياسية واجتماعية يمنية مقيمة حالياً في بيروت. نشر لها مقالات بالعربية والإنجليزية في عدة صحف منها جريدة "السفير" اللبنانية و"يمن تايمز" وصحيفة "الجمهورية" اليمنية و"المصدر أونلاين". ممنوع أتكلم عن الثورات وانحاز لها ..ممنوع أكتب أو أطلع في التلفزيون أتكلم عن السياسة إلا اذا كان في نطاق المسموح، وكان في قيود كثير رغم إن منصبي لم يكن كبير وكنت مجرد موظفه في أول سنين عملها.. وقتها كنت أحس إني مخنوقه وإني أريد أن أعبر عن شعوري..وإني محبسوه في قفص ذهبي..وفعلا..بعد سنه ونصف عمل مع الأممالمتحدة خرجت من القفص وأصبحت صحفية... أصحى الصبح أفتح التلفون أشوف التويتر على أمل يكون في خبر مفرح.. أدعو الله إن صباحي الجميل ما يتحولش إلى مآسٍ عن شرقنا المتوسط الجديد.. قتل هنا وطائفية هناك، وانقطاع كهربائي في اليمن لأن واحد من شيوخ القبائل قرر يعبر عن غضبه ويقطع النور، وطفح المجاري في مدينة الحديدة بسبب الإهمال..وطيارات أمريكية وقاعدة ...وأشياء أخرى كثير لا تعدّ ولا تحصى! أقول لنفسي.. لا يا هند لازم تنشري كلام عن الحب يمكن الناس تهدأ شويه..اكتب تغريده في تويتر بكلام شاعري..توصلني تعليقات" إنتي بتكتبي عن الحب والناس بتموت؟" .. أقول خلاص بلاش..الأحسن أكتب انصح الناس يبعدوا عن الطائفيه وأقول لهم إن ديننا دين تسامح..يطلعلي واحد ثاني غضبان" إنتي بأي حق تتكلمي عن الإسلام يا متبرجه!".. أقول خلاص بلاش..أتكلم عن حقوق المرأة..برضوا يعلق شخص.."إنتو النساء تبحثوا عن الشهرة بالحديث عن حقوق المرأة ما تحلميش إن في حد بيجيبلك جائزة".. طيب إذاً خليني أتكلم في موضوع خراب البلد اقتصايا واجتماعياً..أتكلم عن القات، يطلعلي شخص آخر" إنتي بتحفري في البحر، الشعب اليمني مستمر في التخدير إلى أبد الآبدين..اتركينا في حالنا". في آخر اليوم أحس بالإحباط، وإن أنا أريد أهرب من كل هذه المشاكل وأنعزل عن السياسة والأخبار وكل الأشياء التي تجلب التوتر والكراهيه..اقول خلاص مش حشوف الأخبار..طيب وبعدين كيف حكتب ؟هذا شغلي؟ساعتها أتذكر أيام الحيادية والقفص الذهبي . *هند الارياني حاصلة على بكالوريوس في علوم الكمبيوتر من اليمن وماجستير في إدارة الأعمال من بيروت، وتعمل حالياً كمحررة صحفية لشؤون الخليج في صحيفة "لبنان الآن". *المدونة باللغة العامية للاستماع الى ماقالته الصحفية اليمنية عن قصتها مع صحافة القفص الذهبي اضغط على هذا الرابط: