وصلت رحلة التهويل لخطاب موجه للمسلمين إلى نهايتها, وسمعنا جميعاً في البث الحي والمباشر وما تبعها من تعليقات وتلميع منهم من هو مع ومنهم من هو ضد. وفي نهاية المطاف الحقيقة هي واحدة لا يمكن لها أن تظهر إلا في الواقع العملي وليس بالخطب البراقة والوعود السخية وما أكثرها صدرت عن مسؤولين بمقامه وموقعه على مر العقود. لقد تحدث أوباما برؤوس أقلام وعلى ما يبدو كان قاصداً ذلك وبوعي تام مدروس , مشكوراً عندما يقر بدور الإسلام التاريخي وبروح التسامح والسلام التي تملأ كل نصوصه تقريباً , مشكوراً عندما يستنهض ملايين المسلمين للشراكة وعلى أسس الاحترام المتبادل , مشكوراً أوباما عندما يختار الدبلوماسية مكان قعقعة السلاح واستبدل مفهوم الإرهاب بمفهوم التشدد والعنف ويلغي مفهوم النضال من أجل التحرر . ولكي أكون موضوعياً أقول أن الخطبة العصماء لا تحمل ببنائها العام الجديد, باستثناء مرحلة بوش كانت جميع الخطب لرؤساء أمريكا تحمل شيئاً مما قاله أوباما أما الذي نود التركيز عليه وما يهمنا من الخطبة ما يلي: 1- العلاقة بإسرائيل رابطة لا تكسر ونحن نفهم ذلك لا نحتاج لترجمة فالتاريخ علمنا الكثير, وبالمقابل لم يشر لحق الطرف الآخر لا برابطة تعصر أو تكسر ولا بغير ذلك؟. 2- يغالط التاريخ عندما يربط حق اسرائيل بالعيش وبالوجود لاعتبارات تاريخية ويذكر "بالمحرقة" التي لا علاقة لنا بها, ويؤكد أن الحل يجب أن يكون على حسابنا أي الاعتراف بالوجود. وعلى العرب الاعتراف بإسرائيل ولا يطرح ما يجب على اسرائيل تقديمه بالمقابل؟ نحن تواقون للسلام العادل والحقيقي ولا نريد عموميات. 3- يتحدث عن دولة فلسطينية والأهم أن تكون الدولة خارج القرارات الدولية كما تريدها الرابطة التي لا تكسر عبر تأكيده على دولة تضمنها خارطة الطريق التي رسمها شارون الميت سريرياً . أمريكا تغزو في كل الاتجاهات وسلاحها الدائم إرادة المجتمع الدولي وقرارات الأممالمتحدة, ما عدا ما يخص اسرائيل, والتحفة الكبرى أنه لم نسمع إشارة واحدة عن الاحتلال وإذا سامحناه بأراضي الدول المجاورة فهل نسامحه باحتلال دولة فلسطين الموعودة؟. 4- معاناة اليهود في كل أنحاء العالم ماثلة في ذاكرته بما فيها مرحلة إبراهيم عليه السلام , ولم يتوانى عن التذكير بها على مسامع العرب, ولكنه نسي بشكل متعمد الفسفور الأبيض واليورانيون المنضب والأسلحة المحرمة دولياً التي أبخرتها لا زالت تزكم الأنوف ولم تبرد بعد في سماء غزة يا للعجب وشر البلية ما يضحك ؟؟. 5- يطالب بعيش مشترك لثلاثة أديان في القدس وهذا جميل "وهنا نشتم رائحة تدويل القدس", وحق العودة خارج نطاق التغطية في خطبة السيد أوباما وهذا ليس عبثاً. الحديث عن رفض المستوطنات لا يكفي نحن نطالبه بالحديث عن زوال الاحتلال ومظاهره بما فيها المستوطنات كنتيجة وليست سبباً. 6- الكذبة الكبرى تتعدى المعقول عندما تحاكي سلاحاً نووياً غير موجوداً لدى إيران, ويتناسى وجوده الفعلي في اسرائيل وخطره على المنطقة برمتها,والجديد إقراره بامتلاك الطاقة النووية السلمية لكل من يمتثل لإرادة أمريكا غمزاً ولمزاً. 7- نتمنى ألا تصاب وعود أوباما كسابقتها بسرعة الانسحاب من العراق وإغلاق غونتانامو .