عندما يتحدث الكثير عن القضية الجنوبية باعتبارها قضية عادلة لا يمكن تجاهلها ولا يمكن القفز عليها فهذه الأصوات تنادي بالحفاظ على اليمن ككل جنوباً وشمالاً لأنهم يدركون أن حل القضية الجنوبية هي مفتاح الحل لكل القضايا وتؤسس لمستقبل واعد للجنوبيين والشماليين. ويأمل الجميع من الحكومة الجديدة ومن كل القوى جنوبا وشمالا الوقوف بجدية وبدون تعصّب لحل هذه القضية العادلة، وأن التكتم أو المؤامرة عليها لا يؤدي إلا إلى تراكم الأحقاد والضغائن وستظهر في أي لحظة كما لاحظنا من عام 1994م إلى يومنا هذا وما جرى من محاولات لإصلاح الوضع ولكن الطرف الأقوى تكبّر على الطرف الاخر باعتباره المنتصر وكانت نتيجة ذلك قيام الحركات المناهضة لهذا التصرف بالجنوب حتى تكوّن الحراك الجنوبي الشعبي السلمي حاملا لهذه القضية عام 2007م. ويعتقد الكثير أن عدم الاعتراف بهذه القضية واللعب على التناقضات لن يفيد إلا المتنفذين لفترة من الزمن، لنهب ما تبقى من الثروة وتدمير ما تبقى من مؤسسات الدولة، لأننا لاحظنا في الفترة الأخيرة أن هناك من يعمل على تغذية الخلاف بين الحراك الجنوبي وعناصر الإصلاح في مناطق الجنوب ومحاولة توسيع الاختلاف بين فصائل الحراك الجنوبي نفسها ودس من يفتعل المشاكل بين جميع أبناء الجنوب وهذا سيؤثر على البلد بشكل عام جنوبا وشمالا. فإذا استمرت الحكومة الجديدة بإدارة ظهرها للقضية الجنوبية والتكتم على هذه القضية سيستمر الجنوب بحراكه السلمي وبوتيرة أكثر من ذي قبل على اعتبار أن هناك من كان يعوّل على شباب الثورة والحكومة الجديدة وهناك فئة صامته تراقب الوضع وسينخرطون جميعهم بالحراك السلمي إذا تبيّن لهم بأن القضية الجنوبية تستخدم للابتزاز والمتاجرة والتسلّق إلى السلطة وبالتالي إعادة إنتاج الوضع السابق وعدنا إلى المربع الأول. نحن سمعنا قبل أيام بأن نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي حفظه الله أثناء اجتماعه باللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام قال بأن قرار مجلس الأمن رقم 2014 قد ألغى القرارات السابقة المتعلقة بالجنوب، وهذا الكلام يرسل رسائل لأبناء الجنوب مفادها بأن لا بوادر للحل في الأفق , وأنا أعتقد أن نائب الرئيس عبد ربه منصور رجل المرحلة وأكبر ممن يتحدثون عنه لا ينظر إلى القضية الجنوبية بهذه الطريقة. وسمعت قبل أيام في برنامج ساعة حرة من قناة الحرة جمع الدكتور محمد علي السقاف والصحفي منير الماوري وعبد المجيد القباطي وماثيو داس من مركز التقدّم الأمريكي للدراسات من واشنطن وكان القباطي يتحدث باسم الجنوبيين نحن الجنوبيين نحن الجنوبيين في الوقت الذي كان يردد هو بأن لا وصي على الجنوب غير شعب الجنوب فكيف سمح لنفسه أن يتحدث باسم أبناء الجنوب، والطامة الكبرى أنه هدد بانفصال عدن إذا أختار أبناء الجنوب إعادة البراميل وقال نحن أبناء عدن سننفصل وأتهم أبناء حضرموت أنهم يعدّون لانفصال مماثل. وكذلك قرأنا حديث الأستاذ محمد علي أبو لحوم عندما التقى بممثلي الشباب المساعد لثورة اليمن في بريطاني وتحدّث عن القضية الجنوبية بكل شفافية ووضوح وقال ما لا يقوله بعض الجنوبيين تجاه القضية الجنوبية وهو من الهامات الوطنية وهذه المواقف الوطنية تحسب له و طرح رأيه بكل القضايا بما فيها القضية الجنوبية وأيّد والفيدرالية بين إقليمين جنوبي وشمالي ورأيه يُحترَم من الجميع . ويعتقد الكثير أن الاستفتاء حق مشروع للجنوبيين وقد يختار أبناء الجنوب الوحدة لأنهم وحدويون أكثر من غيرهم ولكن من وجهة نظري عندما نسمع مشروع الاستفتاء ويرفضه البعض يولّد حساسية لدى الجنوبيين حتى ممن يريدون بقاء الوحدة ويتساءلون في أنفسهم لماذا يرفضون حقنا في الاستفتاء؟! فيضطرون إلى المناداة بالاستفتاء على اعتبار أنه حق من حقوقهم. عندما يقولون الجنوبيين نريد الاستفتاء وعندما يؤيدهم البعض ليس معناه فك الارتباط أو الانفصال كما يسميه البعض بقدر ما هو حق من حقوق الشعب الجنوبي ونوع من أنواع الديمقراطية. وعلى جميع السياسيين والإعلاميين أن يعوا ما يقولون قضية عادلة وليس عناد بين فصائل أو جماعات أو تراشق تهم عبر وسائل الإعلام. وبالختام أتمنى الخير لليمن جنوباَ وشمالاً وأن يعود اليمن سعيداً كما كان.