الرئاسة والخارجية والأمن القومي في أوسع تحرك يمني لردم أوكار التآمر الاثنين, 17-أغسطس-2009 شهدت ال48 ساعة الماضية تحركات سياسية وأمنية وعسكرية يمنية، تعد الأوسع من نوعها منذ ما يناهز ال16 عاماً، في استنفار فريد تعتزم من خلاله صنعاء إسقاط رهانات تآمرية دولية على أمنها القومي، وحسم كل الملفات المؤجلة التي مثلت تحديات الفترة الماضية، في غضون الأيام القليلة القادمة، وربما الساعات القادمة- طبقاً لتأكيد مصادر مطلعة ل"نبأ نيوز". التحركات اليمنية دشنها اللواء علي الآنسي- رئيس جهاز الأمن القومي اليمني- أمس الأول السبت بزيارة "طارئة" الى المملكة العربية السعودية، عقد خلالها- وعلى مدى يومين- اجتماعات متواصلة مع كبار المسئولين الأمنيين السعوديين.
وقد جاءت هذه الزيارة في إطار تحرك يمني عاجل أعقب أنباء، نفتها صنعاء ووصفتها ب"مفبركة"، بثتها إذاعة طهران الرسمية، تدعي وجود تدخل جوي عسكري سعودي في صعدة.. وتزامنت أيضاً مع تصريحات لمسئولين عراقيين قالوا أنهم بحثوا على مستوى رفيع فتح مكتب للحوثي في بغداد، الأمر الذي تعاظمت في ظله المخاوف الاقليمية عموماً من هذه البوادر الخطيرة التي تؤكد تقارير صنعاء حول الدعم الايراني للمتمردين الحوثيين، وتلقي بشكوكها حول إمكانية تبلور تحالف إقليمي "شيعي"- ايراني عراقي- يسعى لمد نفوذه إلى دول المنطقة. وفي الوقت الذي كان اللواء الآنسي يبحث هذه المستجدات مع المملكة العربية السعودية، فإن السفير السعودي بصنعاء علي بن محمد الحمدان سلم الرئيس صالح أمس الأحد رسالة من خادم الحرمين الشرفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، تتعلق بالشأن ذاته. ومن المتوقع أن يقوم الرئيس صالح بزيارة الى الرياض مطلع شهر سبتمبر القادم. وعلى صعيد آخر، فإن وفداً كبيراً من الكونجرس الأمريكي برئاسة السيناتور "جون ماكين" وصل صنعاء في زيارة لمدة يومين، انتهت اليوم الاثنين، بعد اجتماع مع الرئيس علي عبد الله صالح، توج به سلسلة اجتماعاته مع كبار المسئولين اليمنيين. وبجانب ما تناوله الوفد من قضايا متصلة بعلاقات الولاياتالمتحدة مع اليمن ودول المنطقة في ضوء التوجه الجديد لإدارة أوباما، فإن ثمة أنباء بأن الوفد الأمريكي ناقش قضايا سياسية وأمنية "عالقة" بين صنعاء وبغداد، حيث أنه قدم الى صنعاء بعد زيارة العراق أولاً. وفي نفس يوم وصول الوفد الأمريكي، الأحد، عقد وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي لقاءً مع السفير البريطاني بصنعاء "تيم تورلو".. كما عقد اليوم الاثنين اللواء الركن مطهر رشاد المصري لقاءً مع السفير البريطاني. غير أن اليوم الاثنين، كان يوماً حافلاً باللقاءات.. فقد عقد وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر احمد لقاءً مع نائب السفير الروسي بصنعاء "اوليغ ليفين"، والملحق العسكري الروسي العقيد "فاليري كوتشينكوف"، تم خلاله مناقشة موضوعات تتعلق بتسليح الجيش اليمني، ولا تستبعد المصادر أن صنعاء تسعى لتعويض ترسانتها الحربية التي فقدت جزءً كبيراً منها في حرب صعدة.
وزارة الخارجية اليمنية كان لها النصيب الأعظم من لقاءات اليوم. فقد عقد وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي لقائه الأول مع سفير سلطنة عمانبصنعاء السيد عبد الله بن حمد البادي.. واللقاء الثاني مع السفير الايراني بصنعاء السيد محمود حسن زاده.. والثالث مع مبعوث رئيس الوزراء الفرنسي السفير "كريستين روبيتشن"، وبحضور السفير الفرنسي بصنعاء "جوزيف سيلفا"، والقائم باعمال السفارة الفرنسية "باتريك بوردو".. فيما عقد وكيل وزارة الخارجية للشؤون العربية والإفريقية والآسيوية علي محمد العياشي لقاءً مع سفير جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية "وري هيوك تشول" غير المقيم لدى اليمن. اللقاءات التي شهدتها ال48 ساعة الماضية كانت حبلى بالمواقف والتنسيقات، وقد شهدت أيضاً تبادلاً للرسائل والاتصالات بين القيادات اليمنية والعديد من القادة الخليجيين. وكذلك حضيت خلالها صنعاء بدعم سياسي كبير من قبل الاوروبيين لموقفها من الأحداث الدائرة على ساحتها، وتعهد بممارسة الضغوط على الجهات التي تتهمها صنعاء بدعم التمرد الحوثي في الشمال، وأعمال التخريب في الجنوب، بجانب تعهد روسي بتوسيع التعاون العسكري وتعويض الترسانة الحربية اليمنية.. في نفس الوقت الذي سلمت صنعاء رسالة شديدة اللهجة إلى إيران، حذرتها فيها من مغبة الدور الذي تلعبه في المنطقة عبر بوابة صعدة، وأعربت عن استيائها البالغ من الأنباء التي بثها إعلامها الرسمي، والمقاصد الخفية من ورائه. أما على المستوى الخليجي، فتفيد المصادر أن تنسيقاً عالياً يجري حالياً بين دول المنظومة الخليجية واليمن، وأن هذا التنسيق سيشمل إجراءات أمنية واسعة بحق الخلايا "المعادية" الموجودة على أراضي بعض دولها، والتي تتهمها صنعاء بالوقوف بشكل مباشر وغير مباشر وراء الكثير من الاختلالات الأمنية التي شهدتها ساحتها خلال الفترة الماضية، والتي لطالما كانت تلك الخلايا موضوعاً للجدل، غير أن التطورات الأخيرة المرتبطة بايران وتصريحات بعض المسئولين العراقيين عززت قناعات الجميع بأهمية حسم جميع الملفات "القديمة" العالقة. وفيما يسير النشاط الدبلوماسي اليمني على قدم وساق بمهارة عالية، ويتحرك المبعوثون في كل اتجاه على مستوى العالم، وتشهد الكواليس الكثير من التنسيقات السرية، فإن آخر التقارير الميدانية الواردة من صعدة تؤكد احراز القوات الحكومية، والقوى الشعبية التي التحمت معها منذ فجر اليوم الاثنين، انتصارات ساحقة على المتمردين الحوثيين، وأنها اصبحت قاب قوسين أو أدنى من ساعة الحسم، التي تتوقع مصادر "نبأ نيوز" الاعلان عنها في غضون أقل من يوم.