يعاني الشعب اليمني من مشكلات متعددة ومتراكمة، وكثيراً ما نحمل غيرنا مسؤولية عجزنا وتقصيرنا وتخلفنا وفقرنا وإهانتنا، وعلينا أن نتيقن بأن مساعدات الآخرين ليست سوى مسكنات مؤقتة وإسعافات أولية، لا تأتي على أسباب الداء، ولا تقضي على المشكلات من أساسها.
نشكو من شح الإمكانات ونطالب المانحين بأن يملأوا خزينتنا بالقروض والمساعدات حتى نتجاوز عجز الموازنة، ونتمكن من تنفيذ مشروعات التنمية، مع أننا لا نحارب الفساد ولا نحسن توظيف مواردنا الذاتية وهي كثيرة وعديدة، فضلاً عن الكساح الذي نبديه في التعامل مع مساعدات المانحين، وعدم القدرة على الاستفادة منها! لدينا اختلالات أمنية، ونجأر بالشكوىٰ ونهدد العالم والدول المجاورة بأن الخطر سينتقل إليهم إذا لم يبادروا بالوقوف معنا ومساعدتنا، وفي إطار الاستسلام للعجز سمح النظام السابق واللاحق للطائرات من دون طيار أن تضرب المواطنين اليمنيين الأبرياء والمشتبه فيهم، فتقتلهم من دون إدانة أو محاكمة، ولأن الخطأ وارد فتضطر الدولة الاعتذار للضحايا وتعويض ذويهم! وعلى الرغم أننا نخصص أكثر من 40% من موازنة الدولة للدفاع والأمن، لكن جزءاً كبيراً من هذا الاعتماد يذهب هدراً أو لحماية متنفذين أو لأسماء وهمية أو مكررة... ولو وظفت الإمكانات والأموال بطريقة صحيحة، وأوقفت الدولة العبث المالي والإداري وتركت المجاملة والمراضاة، وطبقت الدستور والقانون على الكبير قبل الصغير وعلى القوي قبل الضعيف لنَعِمَ جميع اليمنيين بالأمن والاستقرار، وسيأمن غيرنا الشر الذي يُحتَمَل أن يأتي من بلادنا، وحينها فقط يمكن أن تبدأ خطوات التنمية الشاملة التي ننتظرها.. نشكو من تدخل الآخرين في شؤوننا الداخلية. وهل أقحم المجتمع الدولي نفسه في قضايانا وخصوصياتنا إلا حين فشلنا في حل خلافاتنا، وانسدت علينا منافذ الحلول وأبواب الحوار؟! وعلى الرغم أننا احتكمنا مؤخراً للحوار فمازالت أصواتٌ نشاز تدعو للفرقة، وتعزف للشقاق، وتغني للاحتراب: متىٰ يبْلُغُ البنيانُ يوماً تمامَه؟ إذا كنت تبنيه وغيرُك يهدِمُ! بدأت السلطات السعودية ترحيل اليمنيين الذين لم يتمكنوا من تسوية أوضاعهم حسب أنظمة العمل الجديدة، والمتوقع أن يصل عدد العائدين إلى مأتي ألف مغترب، ومع الشعور بالغَبْن وعدم مراعاة حقوق الجوار؛ انصرف تفكيرنا في المطالبة بتحسين ظروف الطرد والترحيل، وإعداد منافذ الاستقبال، وكأن هذا غاية ما نصبوا إليه لحل مشكلة أبنائنا المُرَحّلين! نتحدث اليوم عن اتفاقية الطائف وقد أشبعناها سباً، وأضعناها عندما تم التوقيع مؤخراً على اتفاقية الحدود!! إن المسؤولية تفرض النظر لمشكلة المغتربين من خلال اتجاهين: الأول تبني مشروعات استثمارية مفيدة تستوعب أكبر قدر من القوىٰ العاملة، والثاني إعادة النظر في نظام التعليم والتدريب في بلادنا بحيث نجعل أبناءنا يتعلمون المهن والمهارات التي تمكنهم من منافسة العمالة الأجنبية، وحينها ستزداد الحاجة إليهم في الداخل والخارج، وسيتمكن بعضهم من إقامة مشروعات خاصة بهم، وسنتحول من الاستجداء إلى الاستغناء... لابد أن تتبنى الدولة برنامجاً طويل المدىٰ يستهدف تغيير الصورة عن المواطن اليمني، ليصبح رافعاً رأسه ومُرَحَباً به أينما ذهب، وهذا لن يتأتىٰ بالتغني بالأمجاد التليدة، أو السباحة في الأماني الكاذبة، أو العيش في الأحلام الوردية، بل بالتخطيط طويل المدىٰ، وحسن الاستفادة من الإمكانات المتاحة، وتظل البداية في إقامة دولة المؤسسات القوية الحازمة العادلة والرشيدة. "ويقولون متىٰ هو؟ قل عسىٰ أن يكون قريباً"... [email protected] قيادي في حزب التجمع اليمني للاصلاح