اشتكى وزير المغتربين إلى مؤتمر الحوار الوطني من أن لا أحد في الحكومة يسمعه وأن مراكز قوى تعبث.. وقال وهو يشكو أمام البرلمان بأن لدى السعودية استعداداً لاستثناء اليمنيين لكن المشكلة في الحكومة التي هو أحد أعضائها. . وعلى خطورة أوضاع المغتربين اليمنيين ممن تم ويتم ترحيلهم عبر منفذ حرض إلا أن شكوى الوزير وأوجاع المغتربين المرحلين لم تجد في الدولة الرخوة آذاناً صاغية. . كل الذي حدث من المواقف أن البرلمان "تبرع" بعشرة ملايين ريال فردّت الحكومة "بالتبرع" بعشرة ملايين ريال مع الإعلان عن خصم راتب يوم على الموظفين والعمال وهو ما اعترض عليه اتحاد العمال لأن الراتب حق شخصي لا يجوز العبث به.. فضلاً عن أن أي تبرعات بدون آلية واضحة تتحول إلى سطر جديد في كتاب الفساد.. . في قضية المغتربين اليمنيين بالسعودية تطغى على مواقف الدولة اليمنية الروح الكئيبة لعبادة الذات، حيث المسئولون اليمنيون -بمختلف أحجامهم الافتراضية- يخجلون من طرح مشاكل المغتربين على الأشقاء وفقاً لأعراف العلاقات والتفاهمات والمصالح بين الدول.. وهو حال غير بريء يمتد حتى في المواقف مما يحدث لليمنيين في أريتريا. . وليس أخطر على أي شعب من حكومة ينشغل مسئولوها بمصالحهم الشخصية عن المصلحة العامة.. حكومة تسير على منهج النعامة في كل الأمور وتعجز عن التعاطي مع المشاكل ولو بردود الأفعال المناسبة وكأنها عباس اليقظ الحساس في القصيدة الساخرة الشهيرة، بدليل هذه المواقف الخائبة تجاه معاناة الناس حتى أن ما كنا نردده من الشكوى في صورة محددة صار يردد بصورة مفتوحة لا أمل فيها ولا رجاء. . نحن أمام حكومة لا تغرق في الفساد والفشل فحسب وإنما تغرق في القناعة الفاسدة بحتمية أن نبقى شعباً يعاني الفقر والجوع ورداءة الخدمات وانفلات الأمن، وفاشلة حتى في التسول بدليل خيبتها أمام المانحين وخيبتها في مجرد استقبال مواطنيها المرحلين في أوضاع إنسانية ملفوفة بقهر لا يكون فيه اليمني لاجئا يتمتع بالوضع القانوني ولا هو مهاجر يعيش وضعاً إنسانياً لائقاً. . والمفارقة أن حكومة هذا هو كل ما تملكه من أسلوب التعاطي مع وظيفتها تجاه مواطنيها مستمرة في فتح البلاد أمام القادمين من جوار الحروب والمجاعات الإفريقية إما بدافع الإقامة أو العبور الذي يتحول إلى إقامة ليصبح المثل (ارحبي يا جنازة) هو أنشودة الصباح والمساء والسهرة. . مزيد من المواطنين العائدين ترحيلاً من الجارة السعودية والمزيد من استقبال الصوماليين والأثيوبيين وغيرهم يعني المزيد من المواطنين اليمنيين الذين يتضورون على هامش الحياة والمزيد من فرص الالتحاق بالجماعات المسلحة..! . ودائماً.. البركة في هؤلاء المثابرين على إزالة الألوان من الصورة.. تاركين أحلام الشعب أمام اللاشيء.. وتاركين صرخاته تضيع في الفراغ الأجدب.