البعض لا يزال ينظر الى ما يسمى بالجماعات الاسلامية وينظر اليها على انها هي بوابة الحل للخروج من الازمات التي تعصف بالامة في كثير من البقاع، ولكن القليل من يلاحظ ان ما يسمى الجماعات الاسلامية هي التي نقلت الامة من الوحدة الى التجزئة، ومن الالفة الى التباغض، ومن السلم الى الصراع... ان ما يسمى بالجماعات الاسلامية قضت على كيان الامة الواحد تحت مسميات وايدلوجيات متباينة ومتقاربة في بعض الاحيان، فعملت على تفكيك المجتمع المسلم الواحد الى كيانات متعددة تحت مسمى العمل من اجل الاسلام ، ولا نشك ان ذلك كان بحسن قصد وسلامة سريرة، غير ان حسن النية وسلامة القصد لا يكفيان لخدمة هذه الامة مالم يكن هناك مرعاة للمصالح والمفاسد والنظر في المآلات، وان الوقع والمستقبل ينبئان بان وجود هذه الكيانات المتعددة في جسم واحد ادى الى انقسام شديد في جسم الامة لايمكن ان ينجبر بسهولة، ولا يمكن ان يرتتق هذا الشرخ الكبير الذي سببتة هذه الكيانات المتعددة والمختلفة الا اذا عاد دعاة التجزئة الى رشدهم وعملوا على اصلاح ما فسدوه من خلاله خطاباتهم وكتاباتهم وتنظيماتهم التي كرست معاني الفرقة بكل اسبابها والياتها، وان يعودوا الى رشدهم؟، وان يعوا ان الامة لا يمكنها ان تنتصر في ظل وجود هذه التجزئة المتمثلة بما يسمى بالجماعات الاسلامية، وذلك لسبب بسيط وهو ان كل جماعة لها كيانها ونظامها وادارتها واتباعها وقياداتها، وهذا يعني ان كل جماعة تعتبر امة في ذاتها فكيف يمكن لهذه الكيانات ان تكون سببا في اعادة وحدة الامة، لا اظن ان عاقلا يقول بهذا، لان معطيات الواقع تقول ان الامة كلما زادت فيها الجماعات والكيانات، كلما ابتعدت اكثر من الوحدة، وهذا ثابت شرعا وعقلا. اضف الى ذلك ان هذه الجماعات متصارعة مع بعضها البعض وكل جماعة تحصر الحق في نفسها وتضلل الاخرى بحق او بغير حق،ولو اضفت الى هذه الاشكالات حب التسلط فانك لن تالو جهدا في ان تجد احيانا جماعة وحدة ذات منهج واحد انقسمت الى جماعتين وكل جماعة صنعت لها كيانا واسما وشعارا، وهذا الانقسام يظهر الى العلن على انه انقسام منهجي، وفي الحقيقة اختلف الزعماء على بعض المصالح، فذهب كل واحد بشطر واسس جماعة اخرى وحزب اخر، وغرضهم في ذلك نصر الامة، واصبحت الامة هي العنوان التي يتناوله الجميع في اطروحاتهم ومؤتمراتهم وكتاباتهم، واذا نزلت الى واقع هذه الكيانات فانك تدرك تماما ان الامة التي يقصدونها هي كياناتهم الانشطارية وجماعتهم فحسب. انها جماعات انشطارية تتشظى وراء المصالح ولا تجد عوزا في ايجاد المبررات والمسوغات في هذه الانشطارات المؤذية لجسم الامة المسلمة، فالعمل للاسلام والانتصار للامة هي القنطرة الوحيدة التي يعبر عليها الجميع للوصول الى اغراضهم ومصالحهم. ان الامة المسلمة لا تحتاج الى هذه الكيانات التي مزقتها واوهنت من قوتها، واصبحت معول هدم من الداخل بحجج قد يكون اصحبها ذوي نيات سليمة ومقاصد حسنة، غير انهم لم ينظروا في ما آلت الية هذه التجزئة والتي جعلت من الامة جسما مهترئا طمع فيه الطامعون وتكالب عليه الاعداء من الداخل و الخارج، وبدلا من تكون ما يسمى بالجماعات الاسلامية جزء من الحل، كانت هي في حقيقة الامر جزء كبير من المشكلة، لان الامة تشظت الى كيانات صغيرة تحت مسميات ما انزل الله بها من سلطان وشعارات جوفاء لا تقدم ولا تؤخر . ان قادة هذه الجماعات يدركون هذا العوز التي تمر به الامة بسببهم ، لكن يحار الانسان من تماديهم في البقاء على ما هم عليه من انقسام وفصام شديدين يعصف بالجميع، وهم لا يزالون يضربون صفحا عن المعطيات المعززة بالوقائع اليومية والتي تقول: اذا استمر الامر على ما هو عليه فانه ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، ولذا فانه يتحتم علينا ديانة ان ندعوا هؤلاء ان يصححوا الاوضاع وذلك بالتضحبة بمصالحهم من اجل مصلحة الامة، والتي تكمن في وحدة نسيجها الاجتماعي الانساني تحت مظلة الاسلام فقط لا غير. فالتضحوا يا اهل الجماعات الاسلامية اذا كنتم حقا تريدون خدمة الامة ووحدتها، فلتضحوا بشعارتكم وكياناتكم وايدلوجياتكم التي هي من افكار البشر لتندمجوا جميعا في سواد الامة الاعظم، وليكن خطابكم خطاب الامة الواحدة، وان تعيشوا للامة وليس للجماعة والحزب، لان امة الاسلام هي السواد الاعظم من المسلمين، وليست جماعاتكم وكياناتكم ومشاريعكم. يا زعماء ما يسمى بالجماعات الاسلامية، الاتعوا ان السواد الاعظم من المسلمين هم الذين قادوا التغيير في بعض البلدان العربية واسقطوا اعتى الديكتاتوريات في العالم، في حين ان هذا الامر لم يكن يخطر على بالكم، ولم يكن يوما في مضمار حساباتكم؟ الا تعوا انكم حينما ركبتم موجة الثورات وحاولتم السيطرة عليها كل على حسب اهدافه وايدلوجيته لتصلوا من خلال ذلك الى اعلى مناصب الدولة، فذهبتم تؤسسون الاحزاب وتكرسون معاني الانقسام في جسم الامة من خلال تجييش الناس كل على حسب مشربه ومذهبه متناسيين انكم في هذ مصدر اوعاج كبير لوجدة الامة وتماسكها، ففشلت الثورات بسببكم لانكم تعاطيتم مع الواقع الجديد ليس بناء على الامة الواجدة، ولكن بناء على الجماعة الواحدة، في حين انكم لو تماهيتم في جسد الامة الواحدة وانصهرتم في نسيج الامة دون اي تميز لكانت الامة انتصرت، وكان نصرها نصر لكم . اليس هذه ادلة كافية لان تعودوا الى رشدكم وان تعملوا جاهدين على صهر هذه الكيانات المتشظية التي انشطرت من جسد الامة الى امم كثيرة كل امة تدعى بشعارها وفكرها وامامها، واعادتها الى قالب الامة الواحدة، كما فعلتم جاهدين في نقل الامة من حالة الوحدة الى حالة التجزئة، فعملوا الان من فضلكم يا سادة على تحصيح خطئكم الفج، بنقل الامة من حالة التجزئة الى حالة الوحدة كما كانت سابقا..