بقلم: مصطفى حس المرير للوهلة الأولى وعندما تلتقط الأسماع كلمة الرياضة أو يتم قراءتها يتذوق العارفون معان جمة لها تندرج تحت مواصفات ومزايا تعني الكثير للواقع الإنساني حتى باتت كلمة (الروح الرياضية) متداولة في أي مجتمع وفي كل جوانب حياتنا اليومية في إشارة واضحة وجلية بالإيمان الأكيد والراسخ لدى عامة الناس وخاصتهم لمدلولات هذا المسمى العظيم الذي وحد العالم قاطبة بلغة واحدة وقانون تكاملي لم شمل الجميع تحت منظومة راقية قل أن نجد لها مثيلا في أي مجال آخر.
ومن هذا المنطلق تبذل الدول بسخاء منقطع النظير بغية الحصول على مكان لها على خارطة الإنجازات الرياضية ، بل أن هناك دولا بلغت شهرتها عنان السماء وأقطاب الأرض نتيجة لما تمتلكه من سجل حافل اكتسبته من مضمار هذا المجال وعلى سبيل المثال لا الحصر (البرازيل والأرجنتين ) حيث أنه وبمجرد ذكر اسميهما إلا وينساب معهما عظمة وعنفوان الإبداع الكروي المرتبط ارتباطا أزليا مع إبداع هذين البلدين حتى بات نجوم الكرة لديهم يمثلون ثروة قومية . الرياضة أضحت لدى الجميع مدرسة عالمية تقدم الفنون في قالب تنافسي مثير يبرز الجمال الإنساني في التغلب على الصعاب وقهر الظروف وتحدي المتاعب وصولا إلى تسطير الأسماء بأحرف من نور وكلمات من ذهب ، ومن ثم دخول التاريخ من أوسع الأبواب . إنها حمامة السلام، وبساط التنافس الشريف، وملتقى الأصدقاء ومرتع الأحباء، والمعين الدائم الذي ينهل منه الرياضيون فيجمعهم على الحب والصفاء ونقاء السريرة ، فيتعلمون منها أسس التعايش الإنساني وصد كل الحواجز والحدود المصطنعة بعيدا عن لغة العنف المنبوذ بكل صوره وأشكاله . ولكم كانت الرياضة حاضرة وسيدة الموقف في كثير من مناحي الحياة منتصرة على الصراعات والتحديات الداعية إلى الفرقة وسلاح القوة والحروب بين الشعوب، حيث كانت على الدوام سباقة إلى تقريب وجهات النظر وإعادة بيارق الأمل ولحظات التفاؤل بأن الآتي حتما سيكون أجمل لهذا العالم الذي يصارع نفسه ويحشرها في انقسامات لا سبيل في الخروج منها إلا في التسامح والتصالح الذي تفرزه الرياضة دونا عن غيرها وما حادثة بريطانيا العظمى والأرجنتين إبان حرب ( جزر الفوكلاند ) إلا شاهدا على العصر ، وفي بلدنا الحبيب سبقت الرياضة مختلف الأطر قبل إعلان الوحدة المباركة فوحدت بذلك شباب الوطن وجمعت كلمتهم على سواء المودة والوئام . ومن هنا يجدر بنا ووفق هذه المعطيات أن تتغير رؤيتنا ورؤانا ومفاهيمنا لهذه المساحة الخصبة التي تعنى بشبابنا كي نقدم لهم هذه الخدمات بروح وطنية مسئولة من شأنها أن تشحذ هممهم وتخلق الأفكار النيرة في عقولهم وتجمع أبناء الوطن الواحد تحت سقف الألفة والمودة وصدق النوايا الحسنة التي تنعكس إيجابا على الواقع المعاش فتفرز مجتمعا متحابا يسوده الترابط والتلاحم . ويكفي ما يحاول به البعض من دس سمومه بيننا بتحوير الرياضة عن مفاهيمها الراقية والسامية فتتحول في الاتجاه المعاكس تماما من خلال تسييس الرياضة أو التعصب الممقوت بمختلف أشكاله وألوانه ، فنحن الآن وأكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى تحكيم العقل والمنطق ونبذ التفرق والتمييز للألوان والتي شتت شبابنا وأودت بهم إلى أحضان أرباب الغلو وبراثن التطرف الذي أ طل برأسه القبيح ومخالبه الدامية فأوجد ثقافة الحقد والكراهية التي ينبذها ديننا الإسلامي الحنيف وكافة الأديان السماوية وتخرج عن ثوابت ومعاني الإنسانية . وطالما أن هناك أنظمة ولوائح وقوانين سواء محلية أو دولية متفق عليها وهي التي من شأنها أن تسير كافة الأنشطة والمسابقات وهي أولا وأخيرا المرجع لذلك ، فلنترك الفرصة لأرباب العمل والقائمين على تحريك وتيرتها دون تدخل أو إملاءات لصالح جهة ما على حساب أخرى من شأن ذلك تضييع حقوق أو مخالفة بند من البنود أو مسوغات قانونية ثابتة ، لأن ذلك كله هو من يعرقل مسار المسابقات ويوجه نتائجها (حسب الطلب) بعيدا عن الخط المرسوم وحسابات التنافس الميداني الشريف وبالتالي تستمر عقدة التمييز وينتج عنها صراعات ومهاترات لا تنتهي بسهولة كما يتراءى للبعض بل أنها تنمو وتكبر حتى لا يمكن بعدها نجاح أي عمليات للترميم ومحاولات إصلاح ذات البين . إن المسألة برمتها في غاية الأهمية ولا ينبغي الوقوف أمامها موقف الكرام بل أنها تحتاج إلى وقفة جادة ومسئولة تجعل لغة النظام هي السائدة بعيدا عن العبثية الحاصلة في بعض الأحيان والتي أحرقت الأعصاب قبل اللوائح واغتالت الأنظمة في مقتل وشتت الجهود وأوقفتنا مكاننا لا نتحرك منه قيد أنملة لكي نتسابق ونحاول أن نلحق بركب الآخرين لأنه ورغم ما تبذله الدولة والداعمون في هذا المجال إلا أن معظم ذلك يذهب أدراج الرياح .
وعليه فالأمل يحدو الجميع هذه المرة في تطبيق هذا النظام وبسط هيمنته على الجميع وتوحيد مختلف الشرائح لأجل إحداث نقلة نوعية طال انتظارها ولعل الفرصة الآن مواتية لرمي حجر في المياه الراكدة من خلال بدء عملية الانتخابات للأندية والاتحادات والتي يجب أن تسير وفق آلية المصلحة العليا نحو التغيير الجذري لما هو كائن ووضع كل رجل في مكانه المناسب دون محاباة أو مجاملة أو تمييز أو تربيطات مشبوهة ، شريطة أن يكون هؤلاء القوم المزمع انتخابهم لقيادة الدفة القادمة من ذوي المفهومية والخبرة والدراية مع ضرورة منحهم الفرصة الحقيقية الجادة حتى نستطيع من خلالهم خلق الأرضية المناسبة في رقعتنا المحلية أولا ومن ثم التفكير في المنافسات الخارجية وهو لا محالة قادم إن استطعنا بسط هذا النظام المقونن والمبني على سيادته فوق الجميع والذي يحمي اللوائح وينتصر لها من خلال التعامل بكل شفافية وبروح وطنية مسئولة هدفها الأول والأخير هذا الشباب المتعطش لإبراز مواهبه وإبداعاته شأنه شأن أي شباب آخر على وجه المعمورة !!!!!!
همسة .... إلى كل من تم توكيله لوضع ورقة الانتخاب في صندوق الاقتراع ( اتق الله وأعط صوتك لمن يستحقه والله الشاهد على اختيارك ) واعلم أنك لا تنتخب لشخصك بل لقطاع واسع يمثل السواد الأعظم لمستقبل الوطن، هذا إن ارتأينا رياضة نزيهة وشريفة مبنية على وفق ما هو متعارف عليه ؟؟؟ والله من وراء القصد 0