الرزامي يكشف عن فساد محسن في هيئة المواصفات بصنعاء    صحيفة امريكية: البنتاغون في حالة اضطراب    الاستخبارات العسكرية الأوكرانية تحذر من اختفاء أوكرانيا كدولة    حملات ضبط الأسعار في العاصمة عدن.. جهود تُنعش آمال المواطن لتحسن معيشته    في السياسة القرار الصحيح لاينجح الا بالتوقيت الصحيح    قادةٌ خذلوا الجنوبَ (1)    مشكلات هامة ندعو للفت الانتباه اليها في القطاع الصحي بعدن!!    الرئيس الزُبيدي يوجّه بسرعة فتح محاكم العاصمة عدن وحل مطالب نادي القضاة وفقا للقانون    أحزاب حضرموت تطالب بهيكلة السلطة المحلية وتحذر من انزلاق المحافظة نحو الفوضى    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة نذير محمد مناع    إغلاق محال الجملة المخالفة لقرار خفض أسعار السلع بالمنصورة    لهذا السبب؟ .. شرطة المرور تستثني "الخوذ" من مخالفات الدراجات النارية    منع سيارات القات من دخول المكلا والخسائر بالمليارات    مناقشة قضايا حقوق الطفولة باليمن    موقع بريطاني: قدراتُ اليمن البحرية تكشف هشاشة الردع الغربي    الرئيس الزُبيدي يقود معركة إنقاذ الاقتصاد وتحسين قيمة العملة    عشرات الحقوقيين المغاربة يضربون عن الطعام احتجاجاً على التجويع الصهيوني لغزة    تكريمًا لتضحياته.. الرئيس الزُبيدي يزيح الستار عن النصب التذكاري للشهيد القائد منير "أبو اليمامة" بالعاصمة عدن    لاعب المنتخب اليمني حمزة الريمي ينضم لنادي القوة الجوية العراقي    رئيس الوزراء من وزارة الصناعة بعدن: لن نترك المواطن وحيداً وسنواجه جشع التجار بكل حزم    هيئة مكافحة الفساد تتسلم اقرار نائب وزير التربية والتعليم والبحث العلمي    عدن.. تحسن جديد لقيمة الريال اليمني مقابل العملات الاجنبية    اجتماع بالحديدة يناقش آليات دعم ورش النجارة وتشجيع المنتج المحلي    "القسام" تدك تحشيدات العدو الصهيوني جنوب خان يونس    تدشين فعاليات المولد النبوي بمديريات المربع الشمالي في الحديدة    المشايخ في مناطق الحوثيين.. انتهاكات بالجملة وتصفيات بدم بارد    الاتحاد الدولي للمواي تاي يفرض عقوبة على "إسرائيل" بعد إعدامها لاعب فلسطيني    استشهاد 22 فلسطيني برصاص وقصف الاحتلال أنحاء متفرقة من قطاع غز    خبير في الطقس: موجة أمطار قادمة من الشرق نحو غرب اليمن    أمواج البحر تجرف سبعة شبان أثناء السباحة في عدن    سون يعلن الرحيل عن توتنهام    وفاة وإصابة 470 مواطنا جراء حوادث سير متفرقة خلال يوليو المنصرم    محمد العولقي... النبيل الأخير في زمن السقوط    بتهمة الاغتصاب.. حكيمي أمام المحكمة الجنائية    لابورتا: برشلونة منفتح على «دورية أمريكا»    ماريت تفاجئ مولي.. وكيت تنتزع ذهبية 200    طفل هندي في الثانية من عمره يعض كوبرا حتى الموت ... ويُبصر العالم بحالة نادرة    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    تقرير حكومي يكشف عن فساد وتجاوزات مدير التعليم الفني بتعز "الحوبان"    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    ذمار.. سيول جارفة تؤدي لانهيارات صخرية ووفاة امرأة وإصابة آخرين    وعاد الجوع… وعاد الزمان… وضاع الوطن    مأرب.. مسؤول أمني رفيع يختطف تاجراً يمنياً ويخفيه في زنزانة لسنوات بعد نزاع على أموال مشبوهة    لاعب السيتي الشاب مصمّم على اختيار روما    أولمو: برشلونة عزز صفوفه بشكل أفضل من ريال مدريد    تعز .. الحصبة تفتك بالاطفال والاصابات تتجاوز 1400 حالة خلال سبعة أشهر    من أين لك هذا المال؟!    كنز صانته النيران ووقف على حراسته كلب وفي!    دراسة تكشف الأصل الحقيقي للسعال المزمن    ما أقبحَ هذا الصمت…    لمن لايعرف ملابسات اغتيال الفنان علي السمه    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    وداعاً زياد الرحباني    اكتشاف فصيلة دم جديدة وغير معروفة عالميا لدى امرأة هندية    7 علامات تدل على نقص معدن مهم في الجسم.. تعرف عليها    تسجيل صهاريج عدن في قائمة التراث العربي    العلامة مفتاح يؤكد أهمية أن يكون الاحتفال بالمولد النبوي هذا العام أكبر من الأعوام السابقة    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لمن يشتري الخليج اسلحته؟
نشر في البيضاء برس يوم 23 - 09 - 2010

كشفت صحيفة ال'فايننشال تايمز' البريطانية المعروفة عن عزم اربع دول خليجية، هي المملكة العربية السعودية، والامارات العربية المتحدة، والكويت وسلطنة عمان، على انفاق 123 مليار دولار لشراء اسلحة ومعدات عسكرية من الولايات المتحدة الامريكية استعدادا لاي حرب محتملة يمكن ان تشنها اسرائيل وامريكا ضد ايران بسبب طموحاتها النووية.
المملكة العربية السعودية وحدها ستنفق نصف هذا المبلغ (67 مليار دولار) لشراء 85 طائرة مقاتلة من طراز (اف 15)، وتحديث 70 طائرة اخرى من النوع نفسه، علاوة على سفن حربية واجهزة رادار.
صفقات الاسلحة الخليجية تقابل دائما بموجة من الشكوك وعلامات الاستفهام، خاصة من قبل المواطنين السعوديين، حيث ينظر هؤلاء اليها على انها تهدف دائما الى انقاذ صناعة الاسلحة الامريكية، وتوفير وظائف للعاطلين عن العمل الامريكيين ، علاوة على كونها وسيلة لتبديد الثروات، وذريعة لتحقيق اكبر قدر من العمولات تذهب لبعض الامراء الكبار في الدولة.
هذه الشكوك تنطوي على الكثير من الصحة، فصناعة الاسلحة الامريكية انخفضت مبيعاتها في العام الماضي الى اقل من 22 مليار دولار، اي نصف ما كانت عليه في العام الذي قبله، حيث وصلت الى ما قيمته 38 مليار دولار، ولهذا فان اقدام دول خليجية على رصد هذه المبالغ الضخمة دفعة واحدة، هو كرم حاتمي، سيُخرج هذه الصناعة الامريكية من عثراتها وسيقودها الى بر الامان.
ولا يستطيع احد ان يشكك في العلاقة العضوية الوثيقة بين صفقات الاسلحة والعمولات، فهذه العلاقة مثبتة بالوثائق الدامغة. فثلث المبالغ المدفوعة في صفقة اليمامة التي اشترتها المملكة السعودية من بريطانيا في مطلع الثمانينات ذهب عمولات الى جيوب امراء كبار (قيمة الصفقة 76 مليار دولار) وبلغ نصيب احد الامراء ملياري دولار فقط، واضطر توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الى التدخل شخصيا لمنع مواصلة التحقيقات في هذه العمولات تحت ذريعة حماية الامن القومي البريطاني.
صحيح ان العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز اوقف العديد من الصفقات، بسبب ما علق بها من شبهات فساد وعمولات منذ ان تولى الحكم رسميا عام 2005، لكن الشكوك في اذهان المواطنين السعوديين حولها لم تتبدد كليا.
ولا نكشف سرا اذا قلنا ان العاهل السعودي 'جمد' لفترة صفقة شراء طائرات يوروفايتر (تايفون) البريطانية المتقدمة بقيمة ثمانية مليارات دولار قبل بضع سنوات، بعدما اشتكى اليه توني بلير نفسه من ضخامة نسبة العمولات، وقيل انها زادت عن 25'، وطالبه بالتدخل لوقف هذه 'المهزلة'، لما يمكن ان يلحقه ذلك من ضرر بالبلدين.
بعض التسريبات الصحافية عن صفقة الاسلحة الضخمة هذه تفيد بان العاهل السعودي عارضها على مدى السنوات الاربع الماضية، لعدم اقتناعه بجدواها، ولكن مساعديه نجحوا في تغيير وجهة نظره هذه، من خلال 'شرح' ابعاد الخطر الايراني، وميل ميزان القوى العسكري والاستراتيجي لصالح طهران في المنطقة بأسرها، خاصة بعد انسحاب القوات الامريكية من العراق نهاية العام المقبل، وتحوله، اي العراق، الى منطقة نفوذ ايرانية بالكامل.
* * *
لا نجادل في حق الدول الخليجية في امتلاك اسباب القوة، والدفاع عن مصالحها، وحماية امنها، ونسج التحالفات التي تحقق لها هذه الطموحات المشروعة، شريطة ان يتم ذلك بناء على تقويمات استراتيجية صحيحة، وفق دراسات مستقلة تضع مصالح دول المنطقة وشعوبها فوق الاعتبارات الامريكية المفروضة.
الشعوب الخليجية باتت على درجة كبيرة من الوعي، حيث يمثل الشباب المتعلم حوالى نصف السكان، وفي ظل ثورة الاتصال العالمية الحالية، بات من الصعب تضليل هؤلاء او اخفاء الحقائق عنهم. فعندما يتساءل مواطنون واساتذة جامعة سعوديون في مدوناتهم على الانترنت (الصحف الرسمية وشبه الرسمية تلتزم فضيلة الصمت) عن مبررات شراء حكومتهم طائرات 'اف 15' الامريكية القديمة وتدفع هذا المبلغ الضخم فيها، وليس شراء طائرات (اف 35) الاكثر حداثة وتطورا (اسرائيل تسلمتها مؤخرا) فان هذا التساؤل الفريد من نوعه، الذي وجد تأييدا كبيرا من القراء، تساؤل مشروع ومبرر يجب ان يتوقف عنده المسؤولون لفهم معانيه وابعاده.
وعندما يشكك سعوديون آخرون، وفي مدونات اخرى، وعلى مواقع 'الفيس بوك'، و'التويتر'، مثلما قالت عبير علام مراسلة ال'فايننشال تايمز' في الرياض (ربما تواجه مشاكل في الايام القريبة) في القدرة على استخدام هذه الاسلحة، واللجوء اليها بفاعلية في حال تعرض البلاد للخطر، فان هذه الشكوك تنطوي على الكثير من المصداقية، فصفقة اليمامة لم تحمِ المملكة عندما تعرضت لخطر صدام حسين، ولم تخرج قواته من مدينة الخفجي التي دخلتها، ولم تحرر الكويت.
والاهم من ذلك، مثلما قالت المراسلة نفسها، ان السعوديين باتوا يطالبون بانفاق هذه الاموال على بناء مدارس ومستشفيات جديدة واصلاح القديمة وتحديثها، وتوفير فرص العمل لأكثر من مليون عاطل عن العمل، حيث تصل نسبة البطالة الى حوالى عشرة في المئة، فايجاد وظائف للشباب السعودي اولى من إبرام صفقات اسلحة توفر فرص عمل للعاطلين الامريكيين.
استخدام الادارات الامريكية لما يسمى بسياسة التخويف Polotics of Fear في منطقة الخليج، من حيث تضخيم اخطار دول بعينها، لدفعها الى شراء صفقات اسلحة ضخمة، والدخول في حروب تنعكس دماراً على امنها ومستقبلها لاحقاً، بات مسرحية مكشوفة. فالاسلوب نفسه الذي استخدم لتحريض دول الخليج وتعبئتها ضد الخطر العراقي، يستخدم حالياً ضد ايران، والمشكلة ان التكرار غير مفيد في هذه الحالة لتبصر النتائج. فالمشهد العراقي بعد اطاحة النظام العراقي معروف للجميع وليس بحاجة الى شرح، ولكن اليس من حقنا ان نسأل كيف سيكون عليه حال المنطقة اذا ما حدث عدوان اسرائيلي امريكي على ايران؟
الحرب العراقية الايرانية افلست الدول الخليجية، والحرب الامريكية العراقية جففت ارصدتها وادخلتها في ازمات اقتصادية حادة، واي تلويح مجرد التلويح بالحرب ضد ايران، سيؤدي الى تجفيف ارصدة الدول الخليجية، وامتصاص فوائضها المالية وافلاس صناديقها السيادية من خلال ابرام صفقات اسلحة والدخول في ترتيبات امنية وعسكرية مع الغرب.
الخطر الأكبر الذي يهدد دول الخليج هذه الايام خطر داخلي اكثر منه خارجيا، فغياب الحريات والمساواة، وضعف البنى التحتية الخدماتية في معظم الدول، والخلل الكبير في التركيبة السكانية، وتصاعد التوتر الطائفي والمذهبي نتيجة ضعف روابط المواطنة والولاء للدولة، بسبب التفرقة بين المواطنين لاسباب مذهبية او عشائرية، كلها عوامل تهديد لا يمكن مواجهتها بطائرات (اف 15) ولا بصواريخ الباتريوت، ومن الصعب رصدها بأجهزة الرادار الامريكية الحديثة.
***
الخطر الايراني اذا كان حقيقياً، لا يتمثل فقط بالصواريخ والزوارق والغواصات البحرية، وانما ايضاً في الخلايا النائمة واليقظة، وتخريب الجبهة الداخلية، وضرب اسس التعايش، وهز الاستقرار والأمن في البلد الواحد. وما نراه حالياً من هجمات أمنية وسياسية وسحب جنسيات، واستقطاب وتوتر طائفي في الكويت والبحرين هو أحد مؤشرات لما يمكن ان يحدث في المستقبل من جراء الاصغاء لعمليات التخويف والتحريض الامريكية، والغاء اسرائيل من خريطة العداء للعرب.
القوات السعودية المدججة باحدث الطائرات من مختلف الانواع والاحجام، مدعومة بدبابات ومدفعية ثقيلة احتاجت الى عدة اشهر للقضاء على التوغل الحوثي في اراضي جنوب المملكة، رغم الفارق الكبير جداً في التسليح والعتاد. فالحوثيون لا يملكون الصواريخ، ومثلهم مثل 'طالبان' لا يعرفون قيادة الدبابات ناهيك عن الطائرات حتى لو وجدت. فكيف سيكون عليه الحال في حال حدوث مواجهات مع الايرانيين او امتداداتهم في المنطقة؟
يروى ان الامريكيين طلبوا من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله السماح لقوات امريكية باستخدام القوة لتحرير الجزر الاماراتية المحتلة، فقال لهم وماذا لو هزمتم وانسحبتم مثلما فعلتم بعد تدخلكم في الصومال؟ كيف سنواجه الايرانيين وحدنا؟ الرجل كان حكيماً متبصراً ولو كتب الله له طول العمر لشاهد الامريكيين وهم يهربون مهزومين من العراق وافغانستان.
لماذا تفترض الدول الخليجية ان البرنامج النووي خطر عليها يجب مواجهته بالقوة العسكرية، ولا ترى تركيا الشيء نفسه مثلاً. وهي التي ذهبت الى ما هو ابعد من ذلك وصوتت في مجلس الامن ضد مشروع امريكي بفرض عقوبات اقتصادية على ايران، ورفضت قبل ذلك السماح للقوات والطائرات الامريكية باستخدام اراضيها وقواعدها لغزو العراق؟ وتغضب بذلك حليفها الامريكي وشريكها في حلف الناتو؟
نخشى على الخليج من امريكا واسرائيل اكثر من خشيتنا عليه وبلدانه وشعوبه من الخطر الايراني. فهذه الدول مشت خلف امريكا وخسرت العراق لصالح ايران، وطائرات (اف 15) التي اشترتها ربما توفر بعض الحماية او الراحة النفسية في حال حدوث انتقام ايراني كرد على ضربات امريكية واسرائيلية، ولكن ماذا ستفعل هذه الطائرات وغيرها اذا نجحت ايران فعلاً في امتلاك اسلحة نووية؟
دول الخليج يجب ان تعود بقوة اكبر الى عمقها العربي، وان لا تنسى الخطر الاسرائيلي في غمرة التحريض الامريكي ضد ايران، ولا بد ان الوفد الكويتي الذي زار سورية بعد 'تحرير' بلاده من القوات العراقية ما زال يذكر قول الرئيس الراحل حافظ الأسد عندما التقى اعضاءه 'نحن الذين حررنا الكويت عندما وقفنا ضد الرئيس صدام حسين وغزوه'.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.