قال الدكتور عبد الرحمن عمر السقاف إنه لمعرفة الحالة الوطنية الراهنة لنا أن نستعين بالتوصيفات السياسية التي تطلق على اليمن في التناولات السياسية والفكرية السياسية لعدد لا بأس به من حيث الكم من الباحثين والدراسين والمراقبين السياسيين الأجانب أو المحليين من الكتاب والصحف بين ذوي الإهتمامات السياسية يضاف إلى هؤلاء الآراء المختلفة والمتنوعة التي يمكن الاطلاع عليها في صفحات المواقع الإليكترونية الإجتماعية وهي آراء تمثل في جزء منها إهتمامات الرأي العام المحلي والمهتم بالشان العام. واعطى الدكتور السقاف توصيفات للحالة اليمنية الراهنة في محاضرة له أمام شباب الثورة في الندوة السياسية التي نظمها ملتقى قوى الحداثة بساحة التغيير بصنعاء على النحو التالي:- 1-المجموعة : ترى في اليمن اليوم بلاداً تعاني من إنقسامات جهوية بين شمال وجنوب ومن إنقسامات مذهبية ومن حالة تشظي قبلي. 2-المجموعة الثانية: ترى في اليمن بلادا تعاني من المجاعة التي يتأثر بها إلى حد كبير سكان الريف ويتعرض فيها ملايين الأطفال للموت وخاصة في سنوات الطفولة الأولى، ولإنتشار الأمراض والأوبئة ونقص المناعة لضعف الرعاية الصحية وإلى ذلك هناك تفاوت طبيعي في التركيب الإجتماعي للبلاد تغيب فيه الطبقة الوسطى وتعيش فيها ما يزيد عن 60% من السكان تحت خط الفقر وتعاني اليمن كذلك من حالة عدم الإستقرار السياسي وإنحسار سلطة الدولة وضعف الأمن وتزايد الجماعات الخارجة عن القانون وتمردات مناطقية تتخذ صورة الإبتعاد عن الدولة ووادارة شؤونها بنفسها وإنهيار البنية التحتية خاصة في الكهرباء والعجز المتفاقم في سلطة الدولة في مجابهتهم أو وضع حد لأعمالهم التخريبية والإجرامية وعدم تمكن الشرعية السياسية الجديدة من وضع يدها على الأجهزة العسكرية والأمنية إلى جانب جملة الحقائق التي تظهرها الأبعاد السابقة تشير تلك الدراسات والكتابات و الآراء إلى أن اليمن تشهد بالمقابل نهوضا معنويا يعكس حساً وطنياً وثقافياً ومعرفياً جديد باليمن كوطن وكيف يجب له أن يعيش وفقاً لحقائق الحياة الإنسانية في العالم كما بدا من بعد إنهيار الحرب الباردة وبروز مظاهر وظواهر العولمة تمثل ذلك في الثورة الشبابية الشعبية ومطالبها والتي عمت نحو ما يزيد عن 20 محافظة من محافظات الجمهورية تماهت فيها وخلالها الخطوط القديمة الفاصلة التي كانت تؤطر للوعي المتعارض والملتبس في البلاد مابين القبائل والمناطق والجهات وكانت سببا في انهيار البنية التحتية المادية والفكرية الثقافية والسياسية للسلطة القديمة ونقلت حقائق الصراع السياسي للسلطة القديمة ونقلت حقائق الصراع السياسي الذي كان قائما من قبلها من الصراع من أجل السلطة محصورا في الطبقة السياسية النخبوية التقليدية وتوابعها من الأحزاب الى الصراع من أجل التغيير نحو يمن جديد بآفاق وطنية مستقبلية وتركت باب السياسة مفتوحا لدخول مزيد من القوى السياسية والشعبية لممارسة السياسة. 3-ويظهر اليمن اليوم كدولة على المستوى العالمي بإعتباره منطقة جيوسياسية ذات أهمية حيوية راهنة فيما يتعلق بالأمن الدولي من ناحية بحكم موقعه الجغرافي وكذلك في سياق الإستقطابات في الصراعات السياسية والتنافسية في الدول الإقليمية المتنفذة وإهتمامات الدول والقوى العظمى والكبرى بشأن الخارطة السياسية التي تتولد حاليا في منطقة الشرق الأوسط وتحديدا بتأثيرات ثورات الربيع العربي ونتائجه ويزيد الأمر حساسية على هذا الصعيد أن اليمن بلاد مفتوحة بحكم نفوذ القوى الإجتماعية ما دون الدولة فيها وتأثيراتها العملية على التوجهات السياسية وبما لها من علاقات سياسية إقليمية إضافة الى حمولتها الأيديولوجية التي تشكل خطراً على سياسات القوى الدولية الكبرى, لذلك يرى البعض بأن الملف اليمني لا يستبعد في أن يكون ذو صلة بملفات إقليمية ودولية ,ويرى البعض بأن الإهتمام الجيوسياسي باليمن لا يعود وحسب على الأبعاد الأمنية والصراعات الدولية الإقليمية التنافسية على هذا الصعيد بل ثمة سبب آخر يتمثل في أن اليمن بلد واعد جدا من الناحية الإقتصادية يقوم على ثلاث ركائز أساسية هي: أ – وجود مخزونات نفطية وغازية كبيرة في أراضيه. ب – موقع عدن الإستراتيجي على المستويات العسكرية والأمنية والتجارة الدولية والنقل البحري الدولي. ج – الموارد البشرية في اليمن وقابليتها للتأهيل والتطوير من ناحية والثقل السكاني كقوة شرائية مستقبلية بحيث تتحول سوق للبضائع التجارية الغربية. والمؤشرات إلى ذلك عديدة أهمها: - تمسك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في البقاء في اليمن. -التواجد العسكري الأمريكي الذي يتزايد بهدؤ تحت مظلة محاربة النشاطات الإرهابية,وهذا التواجد للقوات الأجنبية ولقوى الإرهاب ما يلفت النظر فيه أنه يقع في المحافظات اليمنية الإستراتيجية الواعدة بالنفط والغاز من ناحية والمطلة كذلك على السواحل بمحاذاة الطريق الدولي لنقل النفط والغاز وطريق التجارة العالمية مع ملاحظة التنافس الخليجي-الخليجي كما جرى بين الكويت والإمارات لإدارة وتشغيل ميناء عدن ومحاولات قطر للتواجد السياسي في البلاد عبر قوى محلية لا شك في أنه سياسي.المبررات والنفوذ السعودي في اليمن والطابع السياسي الذي إتخذه جدلا إنعقاد خليجي عشرين في عدن. وأضاف الدكتور عبد الرحمن عمر"إذا تأملتم جيدا في ساحة التغيير لوجدتم أنفسكم /او امامكم تجسيدات إستقطابية للشباب تتراوح بين اهتمامات غربية (الإتحاد الأوربي بسفاراته والسفارة الأمريكية)وأخرى خليجية أبرزها قطرية في سياق برامج أو خطط سياسية مرحلية،ولا يخفى عليكم كذلك عدداً من المؤتمرات التي عقدت في عواصم إقليمية كان فيها لإيران وحلفائها في المنطقة حضور بشكل ما,وهذا يعني ان الثورة الشبابية الشعبية جرى الاحساس الخارجي بها جيواستراتيجياً , ولان هذا الاهتمام السياسي الدولي والاقليمي بالأوضاع السياسية المستمرة في اليمن كان ينظر في سياقاتها الى ان الثورة الشبابية الشعبية خطراً على سياسات اقليمية وأخرى دولية راسخة ومستقرة في اليمن حيث كانت الثورة الشبابية الشعبية في توجهاتها وشعاراتها ونتائجها العملية تشكل خطرا حقيقيا على الركائز الحقيقية للسياسات الدولية والإقليمية في اليمن وسعى كل من هؤلاء الى إنقاذ حلفائه المحليين ولا يزال الأمر جارٍ حتى اللحظة لكنه يسري على قاعدة التخفيف من الخسائر بحد أقصى والعمل في السياق على بناء تحالف جديدة بقوى أخرى لأن ما جرى في اليمن في العام 2011م كان هو السياسة عندما تأتي تحولاتها في فضاء تاريخي بعيدا عن مشاغل السياسة العادية المألوفة. وأشار الدكتور السقاف إلى أن التحولات السياسية التاريخية كلها في هذه المرة جاءت محمولة بروح الشباب بالمعنيين الكياني والزمني,فتحية واجبة إلى روح الشهداء الشباب في الحراك السلمي في الجنوب والثورة الشبابية الشعبية التي عمت البلاد وعلى الشهداء الذين رافقوا هاتين المرحلتين المضيئتين من تاريخ اليمنيين من بعد تاريخ 22 مايو 1990م. وخاطب السقاف شباب الثورة بالقول" نستخلص مما ورد سابقاً في هذا الجزء أن اليمن يعاني من تصدعات وطنية وإجتماعية وفيه خلل عظيم فيما يتعلق بالتوزيع العادل للثروة الوطنية حيث تستأثر فئة صغيرة بمقدرات الإقتصاد الوطني،ومستوى المعيشة للمواطنين متدهورة جداً حد المجاعة والبطالة الواسعة الى جانب إنحسار سلطة الدولة.واليمن كدولة يشارك على غير مقدرة في صراعات الآخرين بإعتباره ساحة جيوسياسية تدور حوله منافسات عديدة وإن إتخذت في الشكل والمضمون أساليب الصراع الناعم وهو إلى ذلك يعيش حالة ثورية أبقتها في حالة سيولة قلة الخبرة السياسية لدى الشباب ومطالب الخارج في المعطيات الجيوسياسية للموقع الإستراتيجي لليمن ومحددات تركيبته السياسية الإجتماعية الداخلية المرتبطة بالمصالح الإقليمية والدولية في سياقاتها الصراعية الإستراتيجية وقد جعلت منه بلداً مفتوحاً أمام الخبرات التقليدية لنخبه السياسية". وأكد الدكتور عبد الرحمن عمر أن الثورة الشبابية جاءت أكبر من قدراتها الإستراتيجية والتكتيكية إلى جانب إنشدادها إلى مصالحها الذاتية والأنانية، موضحاً أن جملة تلك الظروف والعوامل التي أحاطت بالثورة الشبابية الشعبية تحكمت الى حد كبير في تحديد مخرجاتها على النحو الذي تضمنته من أبعاد سياسية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المبينة في قرار مجلس الأمن 2014 لعام 2011م وإشترطت أن تكون دينامياتها أو فواعلها ومحركاتها كالتالي: 1– النقل التدريجي للسلطة وكان هذا الأسلوب تتحكم به طبيعة توازن القوة الداخلي والذي يميل من الناحية العسكرية لصالح السلطة القديمة مع الأخذ في الاعتبار لإمكانية التصرف من هذا الطرف بانفعالية لا تعطي وزناً ولا تحسب حساباً لأية عواقب وخيمة او كارثية على البلاد وتم التعاطي في هذا المستوى مع السياسة بأسلوب الصفقة او المقايضة حيث كانت مؤشرات كثيرة تدل على أن النقل السريع وبشكل حاسم للسلطة يتضمن من المخاطر ما يصل مستوى يرتبط فيه اسقاط السلطة بأنهيار الدولة ، والنظر في هذه ما يعنيه انهيار دولة في بلد جيوسياسي واستراتيجي مهم وفي منطقة عظيمة الاستراتيجية على الصعيد العالمي. 2- ان اللاعبين الدوليين لا يرغبون ان تسقط البلاد في يد قوى ايديولوجية اسلاموية او يسارية متطرفة ولذلك فان الاجراءات العملية وما يتخللها من صراعات في نقل السلطة سارت ولا تزال تسير بطريقة متعرجة , ولكن في تصاعد بطئ وكل ذلك بهدف الوصول الى مستوى التأثير الحاسم في نقل السلطة بأسلوب مراكمة التسويات بين جميع الاطراف الفاعلة على هذا الصعيد مدعوما بوحدة الارادة الدولية والممثلة بمجلس الامن الدولي والعمل في سياق هذه الإرادة بالتعاون مع دول الاقليم على اضعاف قدرة السلطة القديمة وحرمانها من اللعب بالتناقضات الخارجية لتفعيل التناقضات الداخلية وإيجاد عملية سياسية نقيضة لما افرزته المبادرة الخليجية وقرار مجلس الامن 2014 من عملية سياسية جامعة. 3- وإذ جاءت المبادرة الخليجية على خلفية وضع حد للصراع على السلطة في اليمن لم تستطع ان تخفي حقيقتين انحازت لهما دول مجلس التعاون الخليجي وهما اتمام الصفقة السياسية لصالح الطرف التقليدي الذي اصطف الى جانب الثورة الثورة الشبابية الشعبية ضدا على الطرف الآخر الممثل بالرئيس السابق مع اغفال تام للحقائق الجديدة والمطالب التي جاءت بها الثورة الشبابية الشعبية وإهمال قضايا رئيسية ومحورية في الصراع السياسي الراهن ولذلك صلة وثيقة بنوع المستقبل اليمني وهي القضية الجنوبية , فان قرار مجلس الامن 2014 تبنى مطالب الشباب واعترف بالحالة الثورية وما تمثله من شرعية ثورية في البلاد , كما افسح في المجال مكانا للقضية الجنوبية وتم بهذا القرار تجاوز الفجوة الكبيرة في المبادرة الخليجية التي ارادت التأسيس لعملية سياسية جديدة تقوم على توازن القوة , بينما أدى قرار مجلس الامن 2014 الى إقامة العملية السياسية على قاعدة جديدة هي توازن المصالح وكان ذلك الاهتمام الدولي بتغيير المعادلة السياسية من معادلة تقوم على توازن القوة ,الى معادلة تقوم على توازن المصالح بفضل المسيرات والاحتجاجات وتضحيات الشباب وسيول من دمائهم جرت على درب الاصرار بعدم تمكين القوى الخارجية من حرمانهم من ان يكون لثورتهم حصادا يليق بتضحياتهم والتي رفضت المبادرة الخليجية المجردة من كل حس بالثورة الشبابية الشعبية اليمنية ومطالبها وتضحياتها.. وتلاحظون اليوم الفتور الذي اصاب بعض الدول في مجلس التعاون الخليجي وقد كان حماس إحداهن لا يجارى على صعيد الاعلام والبحث عن مريدين وتلميع آخرين .. وقال: ما أوضحناه في هذه الفقرة من تمايزات كل من المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن الدولي 2014 يكشف ولو إستنتاجا عن عدم التطابق بين وجهتي النظر الإقليمية والدولية بشأن اليمن حاضرة (في خريطة اليمن الداخلية ) ومستقبله (في الدور الاقليمي الذي يمكن أن يقوم به ) وتابع السقاف .. وإضافة لما سبق ذكره لنلق نظرة على العملية السياسية القائمة اليوم في اليمن والتي تتأسس على أن:- •النقل التدريجي للسلطة من الرئيس السابق الى نائبه تم عبر الإنتخابات التوافقية الى الرئيس الجديد لا تربطه أية صلة بمواد الدستور التي تم بموجبها إنتقال السلطة من الرئيس السابق الى نائبه •الإنتخابات الرئاسية التوافقية كانت أهميتها ووظيفتها تكمن في الغاء شرعية سياسية سابقة(وفي هذا إستجابة لإحدى مطالب الشباب) وإرساء شرعية سياسية جديدة مضمونها موافقة الشعب على القطع مع دستورية السلطة القديمة.ومنح شرعية سياسية ووطنية لما تضمنته المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن الدولي 2014 من أبعاد سياسية تأسيسية وما إحتواه البرنامج السياسي للرئيس التوافقي . •هيكلة القوات المسلحة بما يضمن إعادتها الى سلطة الدولة وإعادة بناءها على أسس وطنية بتخليصها من السيطرة الفعلية للعائلة الحاكمة وتحالفاتها العشائرية والمناطقية وتركيبها على أسس علمية وتقنية وإحترافية. •إنشاء الحوار الوطني الشامل على أسس تشاركية وشفافة وذات معنى وتكمن شموليتها في إستيعابها كل القضايا الوطنية الشائكة التي نتجت عنها الإنقسامات الجهوية (القضية الجنوبية )والمذهبية(قضية صعدة )والمناطقية ( المظالم التي تعرضت لها تهامة والمنطقة الوسطى ). •شكل الدولة الذي يضمن حل جملة تلك الموضوعات الوطنية سالفة الذكر على قاعدة العدالة الإجتماعية والمواطنة المتساوية وكفالة الحريات ..الخ,وصياغة الدستور الوطني الجديد بموجب المُخرجات ينبغي أن يتوصل لها الحوار الوطني في حل المشكلات سالفة الذكر وبما يمنع من تكرار حدوثها. •إجراء إنتخابات نيابية ديمقراطية وحرة في ضوء الدستور الجديد والقانون الإنتخابي الجديد. •إجراء انتخابات رئاسية جديدة . وحول الصعوبات التي تقف أمام الحوار الوطني قال الدكتور السقاف أنها تقوم على المعطيات التالية: 1-ضعف التوافق السياسي بين القوى السياسية الإجتماعية منها والحزبية حول الحوار الوطني الشامل . 2-إختلافات كبيرة بين الأحزاب السياسية عموما حول أولويات الحوار الوطني وتوصيف القضية الجنوبية , إلى جانب عدم الوضوح والغموض الذي يكتنف الموقف الرسمي في الدولة (الرئاسة الحكومة)من القضية ومن المقترحات المقدمة لها بشأن تصفية آثار حرب صيف 1994م ,يضاف الى ذلك الفهم الإنتقائي والتأويلات التي تضع تفسيرات التفافية حول قانون العدالة الإنتقالية من قبل قوى مُتنفذة في السلطة القديمة وقوى تقليدية مع أذرعتها الأيديولوجية وهذه كلها مؤشرات غير مطمئنة بأن تكون نتائج الحوار الوطني ذات معنى والخطورة في هذا السياق,فإذا لم تتوصل مجموع هذه القوى إلى رؤى موحدة حتى في الحد الادنى,هل ستؤدي الى زيادة حجم التناقضات فيما بينها بما يؤدي الى إنهيار تحالفات ونشوء تحالفات أخرى وبروز إصطفافات سياسية داخلية تختلط فيها الأوراق.